«رأي اليوم»: مظاهرة رفض «عاصفة الحزم» في القاهرة تكشف عن ”أزمة مكبوتة“ في العلاقات

الجمعة 10 أبريل 2015 08:04 ص

تتسم العلاقات السعودية المصرية بحالة من الغموض عززتها غض السلطات المصرية النظر عن مظاهرات ”عفوية“ أمام السفارة السعودية في القاهرة، تطاولت شعاراتها على العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز»، وحمل المشاركون فيها لافتات تعارض ”العدوان“ السعودي على اليمن، وتزامنت هذه المظاهرات مع حملات صحافية وتلفزيونية على المملكة العربية السعودية كان أبرزها تخصيص الصحافي المصري «إبراهيم عيسى»، الذي يعتبر من الإعلاميين المفضلين للرئيس «عبد الفتاح السيسي»، برنامجا خاصا تهجم فيه بشكل غير مسبوق على القيادة السعودية، مما دفع العديد من الكتاب السعوديين للرد عليه بقسوة في عدة صحف سعودية، الأمر الذي دفع المحطة التي تبث برنامجه إلى إيقافه بسرعة.

«السيسي» أيد «عاصفة الحزم»، وأرسل بوارج حربية مصرية إلى باب المندب، وأكد أكثر من مرة أن أمن الخليج من أمن مصر، ولكنه لم يلتزم مطلقا بارسال قوات برية مصرية لقتال تحالف (الحوثي- صالح)، وأرسل وزير دفاعه لإلى باكستان في زيارة مفاجئة، في خطوة قيل إنها للتنسيق، الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام حول ذهاب الوزير إلى إسلام آباد وليس الى الرياض.

هناك من يتحدث في مصر وخارجها عن وجود ”أزمة مكبوتة“ في العلاقات بين السعودية ومصر، ويلخص أسبابها في النقاط التالية:

أولا: هناك تباين في الأولويات بين السعودية ومصر، فبينما ترى السعودية أن الاولوية القصوى يجب أن تتركز على مواجهة إيران وتمددها الإقليمي خاصة في اليمن، فنائها الجنوبي، ترى القيادة المصرية الحالية أن الأولوية يجب أن تعطى لمواجهة الإسلام السياسي المتشدد، وحركة الإخوان المسلمين على وجه التحديد في كل مكان.

ثانيا: وجود حالة من القلق في أوساط القيادة المصرية من الانفتاح السعودي اللافت على المحور التركي القطري، وتزايد وتيرة التقارب بين العاهل السعودي والرئيس «رجب طيب أردوغان»؛ فمصر«السيسي» تعتبر الرئيس «أردوغان» ”عراب“ حركات الاخوان المسلمين، إلى جانب دولة قطر، ويبدو أن الرئيس التركي قد رش أطنان من الملح على الجرح المصري يوم أمس عندما اشترط إطلاق الرئيس المصري المعتقل «محمد مرسي» وجميع المعتقلين الآخرين من حركة الاخوان كشرط أساسي للمصالحة مع مصر «السيسي».

ثالثا: عدم حماس القيادة المصرية للتدخل عسكريا في اليمن، والتجاوب مع الطلب السعودي في هذا الصدد، بسبب العقدة التاريخية التي ما زالت متأصلة في مصر من جراء التدخل في الأزمة اليمنية عام 1962، وخسارة أكثر من 15 ألف جندي في حرب استنزاف استمرت خمس سنوات على الأقل.

الكاتب السعودي «جمال خاشقجي»، المعروف بصلاته القوية مع دائرة صنع القرار في السعودية، كان من أكثر الكتاب السعوديين تعبيرا بصوت عال عن اعتقاده بأن المظاهرات والحملات الإعلامية في صحف ومحطات تلفزة مصرية ضد بلاده لم تكن صدفة، وإنما موحى بها من قبل القيادة المصرية، عندما قال في تغريدة على حسابه على موقع تويتر: «لا يقول لنا أحد إنها حرية رأي، أو أن هؤلاء المتظاهرين إخوان، القاعدة التي تعمل بها الشرطة المصرية: تتظاهر دون إذن تقتل».

كلام الزميل «خاشقجي» ينطوي على الكثير من الصحة، فالشرطة المصرية لم تتسامح مطلقا مع أي مظاهرات غير مصرح بها رسميا، ولم تتردد في إطلاق الرصاص على متظاهرين، وقتلت عددا منهم، واعتقلت العشرات الآخرين، فلماذا لم تفعل الشيء نفسه تجاه المتظاهرين أمام السفارة السعودية، حيث توجد أعداد كبيرة من قوات أمن مصرية تسهر على حمايتها، وتقوم سيارات الشرطة بدوريات حولها.

وما يزيد من غموض هذه المسألة أن المجموعة اليسارية التي تظاهرت أمام السفارة السعودية ونقابة الصحافيين ورددت الهتافات المعادية وتدعى «البديل الثوري» كانت من مؤيدي الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز عام 2013، واقتحام ميدان رابعة العدوية، والإطاحة بحكم الاخوان المسلمين.

هناك عدة احتمالات لهذه الظاهرة الملتبسة في العلاقات المصرية السعودية، تتحدث بعضها عن امكانية وجود جناح في السلطة يريد إحرج «السيسي» لأنها تعارض سياسة التقارب مع دول الخليج، وترفض المشاركة في «عاصفة الحزم»، بينما يقول البعض الآخر إن هذه المظاهرات هي رسالة من «السيسي» إلى السعودية للتعبير عن امتعاضه من تخليها عن سياستها في محاربة الإخون المسلمين، باعتبارها ليست أولوية ملحة، والتقارب مع المحور التركي القطري، على حساب مصر باعتباره الأقوى في حربها ضد إيران والحوثيين وتنظيم «الدولة الإسلامية».

من الصعب ترجيح أي من الاحتمالات هذه، ولكن ما يمكن الجزم به في هذه العجالة وجود سحب رمادية، إن لم تكن السوداء، تخيم على العلاقات المصرية السعودية في الوقت الراهن، ومن المؤكد أن الصورة قد تتضح في الأيام أو الاأسابع القليلة المقبلة.

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية المصرية عاصفة الحزم السيسي الإخوان المسلمون محمد مرسي أردوغان

«ديبكا»: قوات مصرية وسعودية تشتبك مع «الحوثيين» في باب المندب

تظاهر حركة مؤيدة لـ«السيسي» ضد الملك «سلمان» و«عاصفة الحزم» في القاهرة

وقفة رافضة لـ«عاصفة الحزم» أمام سفارة السعودية بمصر .. والأمن يمنع مؤتمر للمعارضة السورية

خاص لـ«الخليج الجديد»: مصر لم تشارك في التجهيز لـ«عاصفة الحزم» و«السيسي» أُبلغ بعد بدء العملية

هل شاركت مصر في «عاصفة الحزم» ”مضطرة“؟!

«القدس العربي»: الأردن حذر «السيسي» من التدخل البري ... والإمارات غير متحمسة

«عاصفة الحزم» والاتفاق النووي

الجالية اليمنية في بريطانيا تنظم مسيرة تأييد لـ«عاصفة الحزم»

بعض حلفاء السعودية أخطر عليها من خصومها !