«الكفالة»: معاناة متواصلة للعمالة الوافدة بالكويت

الثلاثاء 14 أبريل 2015 01:04 ص

استبشرت العمالة الوافدة خيرا عندما أعلنت حكومة الكويت منذ العام 2009 أنها تنوي إلغاء نظام الكفيل، بما يحقق حرية الوافد في العمل والتنقل من جهة عمل إلى أخرى بكل حرية دون قيود ولا ابتزاز من الكفيل الذي يمارس دور «السيد» على «العبد» الوافد ويتحكم فيه وفي لقمة عيشه كيفما يشاء. واقترب تحقيق الحلم عندما أعلن وزير الشؤون الاجتماعية و العمل الكويتي عن صدور قرار إلغاء نظام الكفيل بشكل نهائي مع الاحتفال بالعيد الوطني لدولة الكويت في عام 2012، ولكن جاء العيد الوطني وتم الاحتفال دون صدور القرار المنتظر.

وهكذا تضاربت التصريحات التي تصدر من الكويت حول إلغاء نظام الكفيل، فبعد تأكيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتي مطلع الأسبوع الفائت أن بلاده ستلغي نظام الكفالة في عيد تحريرها القادم، حيث أكدت صحيفة الوطن الكويتية أن التصريحات المتتالية لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل «د.محمد العفاسي» داخل وخارج الكويت بشأن التوجه والعمل على إلغاء نظام الكفيل هي فقط من أجل تحسين صورة الكويت في المحافل الدولية، وأمام منظمات حقوق الإنسان وليكون ورقة للتجمل أمامها.

ونقلت الصحيفة حديث وكيل الوزارة المساعد لقطاع العمل «منصور المنصور» لقناة «الجزيرة الفضائية» والذي أكد أنه لا إلغاء لنظام الكفيل، وأن الأمر يتعلق فقط بتسهيل انتقال العامل من كفيل إلى آخر دون قيود مشددة. واعتبرت الصحيفة تصريح «المنصور» خيبة أمل كبيرة للوافدين.

الباحث البحريني الدكتور «عبد الهادي خلف»، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة لوند بالسويد، يكشف لعبة الإعلان عن إلغاء نظام الكفيل بين فترة وأخرى وانتقال هذا الإعلان من دولة خليجية إلى جارتها، حيث يقول: «القاسم المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي في ما يتعلق بسوق العمل هو مراوحتها بين الرغبة في إدامة دور نظام الكفالة كأداة من أدوات الحكم وبين محاولة إرضاء الحلفاء الخارجيين الذين يواجهون بدورهم ضغطاً من منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق العمال المهاجرين، ولهذا تعلن الدول الخليجية، الواحدة تلو الأخرى أنها «تنوي» إلغاء نظام الكفيل ثم تتجاهل إعلانها بعد انتهاء مفعوله الإعلامي، لتُعاود الكرّة مرة أخرى حين تتصاعد الضغوط الخارجية .

ويصف أستاذ علم الاجتماع البحريني نظام الكفيل قائلاً: يشكل نظام «الكفيل» المعمول به في دول الخليج العربية أحد أسوأ أنظمة إدارة سوق العمل، إلا أنه يوفر للحكومات أداة موثوقة وغير مكلفة سياسياً أو إدارياً للتحكم في غالبية سكان المنطقة (وهم العمال الوافدون!)، فنظام الكفالة يجعل من كل كفيل/ صاحب عمل خفيراً ينوب عن السلطة السياسة في مراقبة من يكفلهم، مقابل ذلك يتيح نظام الكفالة للكفيل التحكم في حياة من يكفلهم فيقرر أجورهم وأماكن عملهم وساعات العمل ومحلات السكن، ويستطيع أيضاً إبعاد أيٍ منهم عن البلاد من دون إبداء الأسباب أو بأسباب تسانده فيها السلطات التنفيذية .

مآسي كثيرة وقصص مؤلمة رصدها تحقيق لصحيفة كويتية لوافدين تعرضوا لأبشع صور الاستغلال من كفلائهم بدءا من دفع مبلغ كبير نظير الحصول على تأشيرة للسفر قد يصل إلى 1300 دينار كويتي أي ما يقارب  4000 دولار، هذا بالإضافة إلى دفع مبلغ سنوي نظير تجديد الإقامة يتراوح بين 400 و600 دينار، ومع ضعف الأجور التي يتقاضونها يعجز معظمهم عن السفر سنوياً إلى أوطانهم للاطمئنان على أسرهم وأبنائهم ، وينتظر بعضهم أربع سنوات ليدخر ثمن تذكرة الطائرة ليسافر إلى بلده. 

ومن جانبه يقول رئيس مكتب العمالة الوافدة باتحاد عمال الكويت «عبدالرحمن الغانم»: «إن الحل الوحيد لإنهاء معاناة العمالة الوافدة هو الاتجاه الحقيقي والفعلي لإلغاء نظام الكفيل الذي يعد إحدى الانتهاكات الصارخة للعمالة الوافدة في البلاد، فالوافد الذي يعمل في المعمار أو غيره من الأعمال الأخرى يتعرض للابتزاز من الشركات الوهمية التي تتاجر بالبشر».

وأشار الغانم إلى الحياة الصعبة التي تعيشها العمالة الوافدة في مساكن العمال في جليب الشيوخ وخيطان والأحمدي، والتي تتطلب اتخاذ إجراءات لأن هؤلاء بشر لهم حقوق آدمية، وهذا الأمر يتطلب كذلك أن تتجه منظمات حقوق الانسان لنجدتهم من الأوضاع المأساوية التي يعيشونها.

ويؤكد مدير مركز التدريب والتطوير في الجمعية الكويتية لحقوق الانسان المحامي «محمد ذعار العتيبي» أن العمالة المهاجرة في الكويت تتعرض للكثير من الانتهاكات المستمرة والتي زادت وبصورة مبالغ فيها في السنوات الاخيرة لعدم اتخاذ إجراءات صارمة بحق الشركات التي تبيع الوهم لتلك العمالة.

وأوضح «العتيبي» أن الجمعية الكويتية لحقوق الانسان تمكنت من رصد الكثير من الانتهاكات عن طريق الشكاوى التي تتلقاها من الوافدين أو من خلال عمليات البحث وفرق الرصد التابعة للجمعية، ومن بين الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الوافدة الإبعاد الإداري، وكذلك بلاغات التغيب الكيدي وهناك الكثير من الممارسات التي تخالف القوانين الكويتية والمواثيق والمعاهدات الدولية بحق العمالة المهاجرة .

وربما كان التطور الإيجابي الوحيد الذي بادرت به الحكومة الكويتية لتخفيف معاناة العمالة الوافدة  هو ما أعلنه مدير عام الهيئة العامة للقوى العاملة «جمال الدوسري» عن توجه الهيئة لإصدار قرار يتعلق بتعديل قرار تحويل العمالة الوافدة المسجلة على عقود حكومية ليتم السماح بتحويل هذه العمالة من عقد حكومي الى عقد حكومي لدى صاحب عمل آخر، بعد أن كان القرار السابق يقصر التحويل من عقد حكومي إلأى عقد حكومي آخر لدى نفس صاحب العمل.

وأكد أن المرونة في تحويل عمالة العقود الحكومية تأتي في المقام الاول في مصلحة كافة الأطراف المعنية من عمال وأصحاب عمل ومشاريع حكومية تنموية تعتبر العمود الفقري لخطة الدولة التنموية.

  كلمات مفتاحية

الكفالة العمالة الأجنبية في الخليج الكويت العمالة الأجنبية

الخليج .. ضغوط لتغيير نظام «الكفالة»

الدوحة: «قانون دخول وخروج الأجانب» البديل عن «قانون الكفالة» في مراحله النهائية

ضحايا ”المغالطة“ الرأسمالية: معاناة سائقي سيارات الأجرة في الكويت

وزير العمل القطري: قانون وشيك لإلغاء نظام الكفالة

تقرير: على الكويت إنهاء "الكفالة" وتحسين أوضاع عاملات المنازل والبدون

نظام الكفيل .. هل تنتصر دول الخليج لحقوق الإنسان أم تظل وعودا في الهواء؟

قطر ترجئ إصلاحات رامية لحماية أجور العاملين

الدول الجاذبة للعمالة: البحرين الأولى والكويت والسعودية بالمراكز الأخيرة

مصادر: فحوصات طبية للوافدين بالكويت كل 5 سنوات

آلاف العمال الآسيويين يعيشون وضعا مأسويا بعد تسريحهم في السعودية

ارتفاع تكلفة التأمين الصحي إلى 300% على الوافدين وأسرهم بالكويت

اليوم.. مجلس الأمة الكويتي يناقش فرض ضريبة متدرجة على تحويلات الوافدين