محاولات في إسرائيل لإنتاج النفط الصخري

الأحد 3 مايو 2015 04:05 ص

تحاول شركة أميركية تدعى «مبادرات إسرائيل للطاقة» استكشاف النفط الصخري في إسرائيل. تأسست الشركة عام 2008 وحاولت أولاً الحصول على رخصة برنامج تقييمي في منطقة «بيت شلش» التي تقع في لواء القدس، على بعد 30 كيلومتراً جنوب غربي القدس. لكن هذا الطلب رُفِض في أيلول (سبتمبر) 2014 من «لجنة التخطيط والتشييد الإقليمي للقدس» إضافة إلى مجموعة من منظمات البيئة الإسرائيلية وسكان المنطقة المعنية الذين يعمل معظمهم في زراعة العنب وخدمات السياحة البيئية. وحصل هذا الرفض، على رغم ان رئيس شركة «مبادرات»، هاورد جوناس، صديق حميم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومن المتبرعين الأميركيين الكبار لحملاته الانتخابية. لكن على رغم هذا الرفض للحفر في لواء القدس، منِحت رخصة للشركة نفسها في الشهر نفسه لبدء التنقيب عن النفط الصخري في هضبة الجولان المحتلة، ولا يزال العمل قائماً.

وأخفقت شركة «مبادرات» الحصول على الرخص اللازمة لبدء العمل في لواء القدس، على رغم ادعائها ان طريقة إنتاجها جديدة لا تشمل تكسير الصخر باستخدام المياه الممزوجة بالكيماويات بل بتقنية جديدة غير مستخدمة عالمياً وتشمل استخدام حرارة عالية جداً تحت الأرض لسنوات لفتح مسامات الصخور، وتؤكد «مبادرات» ان محاولتها هذه هي تجربة أولية فقط للتأكد من دقة تقنيتها الحديثة. إلا ان الشركة أخفقت في الحصول على الموافقات اللازمة من سلطات القدس المحلية ومن الوزارات والسلطات الحكومية المعنية إضافة إلى المعارضة الواسعة من منظمات حماية البيئة المحلية، على رغم الدعم الذي حصلت عليه الشركة من نتانياهو. ومن أسباب الرفض ان البرنامج لو كان تجريبياً في بادئ الأمر، سيصعب إيقافه مستقبلاً. وبرز تخوف من تنفيذ التقنية الجديدة، غير المستخدمة في أي دولة أخرى في العالم، خوفاً من تلوث أحواض المياه الواقعة تحت الصخور، خصوصاً لأن هذه المياه تُستخدَم للشرب والزراعة.

وتدعي الشركة ان حوض «شفيلا» في وسط جنوب إسرائيل يحتوي على احتياط نفطي يقدَّر بنحو 150 بليون برميل أي ما يوازي تقريباً احتياط العراق أو إيران. وأثار تحديد هذا الاحتياط المبالغ به حتى قبل بدء الحفر شكوكاً حول جدية أرقام الشركة، ودفع إلى رفض طلبها. وتدعي الشركة ان المنطقة التي لديها رخصة للعمل بها ومساحتها نحو 238 كيلومتراً مربعاً تحتوي احتياطاً بنحو 40 بليون برميل من النفط الخام (ما يوازي احتياط ليبيا). وحاولت الشركة بدء العمل بالقرب من قرية «بيت غفرين» أو «بيت جبرين» العربية الأصل التي تبعد 21 كيلومتراً شمال غربي مدينة الخليل.

وحاول نتانياهو مساعدة الشركة في الحصول على الرخصة اللازمة، إلا ان قرار الرفض من لجـــنة القدس للتخطيط كان بمثابة الضربة القاضية للمشروع الذي تقدمت به الشركــــة قبل ست سنوات تقريباً، على رغم أن تجديده ممكن. وساعــــد الشركة في تقديـــم طلبها المحامي الخاص بنتانياهو، ورئيــــس لجنة مجلس الاقتصاد الوطني في مكتب نتانياهو، وكبير موظفي مكتب نتانياهو سابقاً. ونالـــت الشركة تعويضاً عن خسارة العمل في لواء القدس، بالموافقة على الاستكشاف في هضبة الجولان، إلا ان العمل لا يزال مبكراً هناك. 

حاولت إسرائيل منذ خمسينات القرن العشرين اكتشاف النفط الخام في الأراضي البرية، لكن من دون العثور على كميات تجارية. وثمة إنتاج محدود من شركة إسرائيلية، بدأ عام 2010، من بئر «مجد 5» الواقع قرب قرية رنتيس شمال غربي مدينة رام الله في الضفة الغربية بمحاذاة الخط الأخضر. وتقدر مصادر فلسطينية رسمية حجم الإنتاج من الحقل ينحو 800 برميل يومياً فقط. وتشير هذه المصادر إلى ان الدراسات الزلزالية في المنطقة ترجح امتداد الجزء الأكبر من الحقل داخل الضفة الغربية. لكن أخطاراً سياسية تحيق بتطوير الحقل في الضفة الغربية لأن منطقة الامتياز تمتد على مساحة 432 كيلومتراً مربعاً من شمال مدينة قلقيلية إلى غرب مدينة رام الله، وما يتخلل ذلك من مناطق مصنفة كمناطق «ج» وفق اتفاق أوسلو، الأمر الذي يتطلب الحصول على الموافقات الإسرائيلية اللازمة للمضي قدماً في تطوير الحقل على الجانب الفلسطيني ومن شركات غير إسرائيلية.

وهناك الاكتشافات البحرية الغازية التي حققتها شركة «نوبل إنرجي» مع شركائها من شركات إسرائيلية نفطية. لقد اكتُشِفت سبعة حقول في المياه الشمالية، معظمها ذات احتياطات ضئيلة. لكن هناك اكتشافين مهمين، هما حقل «تامار» وحقل «ليفاياثان» حيث الاحتياطات ضخمة. وبدأت الشركات العاملة تدرس إمكانية تزويد السوق الإسرائيلية المحلية إضافة إلى التصدير للأسواق الإقليمية. إلا ان هذه المحاولات قد توقفت بداية هذا العام، نظراً إلى قرار لجنة مكافحة الاحتكارات في إسرائيل، الذي طالب الشركات بالتخلي عن حصصها في الحقلين الضخمين وبيع هذه الحصص إلى شركات بترولية أخرى. ورفضت «نوبل إنرجي» هذا القرار، وعلقت كل أعمالها الاستكشافية والتطويرية والإنتاجية في إسرائيل حتى حل هذه المشكلة المعقدة. وألغت السلطة الفلسطينية وشركة الكهرباء الأردنية والشركات العالمية التي تملك مصانع لتسييل الغاز في مصر، عقودها لاستيراد الغاز الإسرائيلي بسبب الفوضى التي دبت حول ملكية الحقول الضخمة. ويُتوقَّع ان تستمر هذه الخلافات فترة طويلة قبل إيجاد حل قانوني أو سياسي لها. 

بعد عقود من جمود المحاولات الإسرائيلية في مجال الاستكشاف البترولي، ثمة اندفاع وزخم مهمان في هذا المجال. لكن الأمور لا تزال في بداياتها، والنتائج النهائية غير معروفة حتى الآن. وواضح ان إسرائيل ستحاول تدريجاً تحقيق أمن ذاتي على صعيد الطاقة (عدم الاستيراد أو عدم مرور أنابيبها عبر الدول العربية)، كما ستحاول، بمساعدة الولايات المتحدة، المضاربة على قطاع الطاقة العربي الحيوي. وبدأنا نشهد فعلاً محاولات منها لتحقيق هذه الأهداف على رغم محدودية إمكاناتها البترولية. 

* وليد خدوري كاتب عراقي متخصص بشؤون الطاقة

 

  كلمات مفتاحية

إسرائيل النفط الصخري الغاز الطبيعي استكشاف البترول أمن الطاقة

توغل إسرائيلي هائل في اقتصاد الإمارات .. وشركات الأمن يديرها ضباط الموساد

الأردن ينفي توقيع أي اتفاق لاستيراد الغاز الطبيعي من (إسرائيل)

القصة الكاملة لقضية خط أنابيب النفط بين (إسرائيل) وإيران كما ترويها «هآرتس»

شركة مصرية توقع عقدا لاستيراد الغاز من (إسرائيل) بقيمة 1.2 مليار دولار

خلافات تعرقل تطوير صناعة الغاز الإسرائيلية

ناقلة نفط كردستانية تفرغ حمولتها في «إسرائيل» والإقليم يستورد الغاز من إيران

صحيفة عبرية: وزارة الدفاع الإسرائيلية تجري تجارب صاروخية وسط تل أبيب

لأول مرة منذ 40 عاما .. أمريكا تتخطي السعودية وتصبح أكبر منتج للنفط في العالم

(إسرائيل) تقضم النفط والغاز

(إسرائيل) تتوقع تسارع التنقيب عن الغاز شرق المتوسط خلال 6 أشهر