المصرف المركزي المصري ودوره الاقتصادي والاجتماعي

السبت 16 مايو 2015 06:05 ص

مع إضافة 6 مليار دولار تسلمها المصرف المركزي المصري من السعودية والإمارات والكويت بواقع 2 مليار من كل دولة، ارتفع الاحتياط الأجنبي لديه إلى 21.29 مليار دولار نهاية أبريل/نيسان، وهو أول تطور مهم في تنفيذ أهداف مؤتمر شرم الشيخ الذي عُقد في منتصف مارس/آذار، وأكد على «شراكة خليجية» للنهوض باقتصاد مصر.

وينتظر ان يزداد حجم هذا الاحتياط مع الاستفادة تدريجاً من تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية، بما يمكن «المركزي» من التحرك بقوة في سوق القطع لحماية الجنيه ووضع حد لضعفه، بعدما وصل سعره إلى 7.63 جنيه مقابل الدولار.

وضع مؤتمر شرم الشيخ مصر على خريطة الاستثمار العالمي في الربع الأخير من السنة المالية 2014 - 2015، أي قبل نهاية يونيو/حزيران المقبل، على أن يبدأ في الربعين الأول والثاني من السنة المالية 2015 - 2016، تنفيذ بعض مذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال المؤتمر.

أما حجم الاستثمارات والقروض التي حصدتها مصر فبلغ 60 مليار دولار، موزعة بين استثمارات بموجب عقود بقيمة 36.2 مليار دولار، ومشاريع اتُّفق عليها وممولة بقيمة 18.6 مليار دولار، ويستحق تسديدها على مدى سنوات طويلة، إضافة إلى قروض بقيمة 5.2 مليار دولار من صناديق ومؤسسات دولية وُقِّعت عقودها مع وزارة التعاون الدولي.

وتراهن مصر في المرحلة المقبلة على دخول «عصر النهضة الثالثة» برؤية محددة للمستقبل، عمادها الإنسان المصري الذي يأمل بأن تعبد المشاريع الاستثمارية الطريق إلى غد مشرق للأجيال المقبلة، مع الإشارة إلى ان «النهضة الأولى» كانت في عصر محمد علي، مؤسس الدولة المصرية الحديثة، أما «النهضة الثانية» فتمثلت في المرحلة الناصرية التي جمعت بين نهضة مصر في الداخل وتطلعها لأداء دور عربي وإقليمي تجلى فيه «عرس العروبة وهدف الوحدة».

وتبرز أهمية هذه التطورات الإيجابية المرتقبة، بعد التدهور الكبير الذي شهده الاقتصاد المصري منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، نتيجة هروب استثمارات قدرت بأكثر من 20 مليار دولار، وتراجع احتياط المصرف المركزي من 36 مليارا نهاية 2010 إلى أقل من 15 مليار دولار، ما أدى إلى تدهور قيمة الجنيه مقابل الدولار.

ولوحظ ان معدل النمو على مدى السنوات الثلاث الماضية كان في حدود اثنين في المئة قبل ان يقفز إلى 3.7% في الربع الأخير من السنة المالية 2013 - 2014 التي انتهت نهاية يونيو/حزيران 2014، ثم إلى 4.3% في السنة المالية 2014 - 2015، ويُتوقَّع ان يرتفع إلى ستة في المئة في السنوات المقبلة مع تدفق الاستثمارات ودعم الشراكة الخليجية.

ولكن مقابل ذلك، تبرز سلسلة تحديات مالية واقتصادية واجتماعية، يُتوقَّع ان يساهم المصرف المركزي المصري في معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها، خصوصاً ان أهداف المصارف المركزية بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، لم تعد مقتصرة على تأمين الاستقرار النقدي وحماية النقد الوطني من أخطار التضخم، وسلامة القطاع المصرفي، بل تطورت لتشمل تفعيل طاقات السياسة النقدية لمصلحة تنشيط الحركة الاقتصادية، وتعزيز النمو والعمل على تأمين الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وفي ظل تطورات إقليمية «عالية الأخطار» تؤثر سلباً في الاقتصاد المحلي، ومع تزايد الأعباء المالية على الحكومات، يؤكد البنك الدولي ان للسلطات الرقابية والإشرافية وفي مقدمها المصارف المركزية «دوراً محورياً في تهيئة البيئة المؤسسية الداعمة التي تحقق الشمول المالي لتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية وزيادة فرص العمل ومحاربة الفقر».

وأكد صندوق النقد العربي أهمية السياسة الاقتصادية الكلية التي تنظم العلاقة بين النقود والنشاط الاقتصادي بهدف تحقيق استقرار الأسعار وخلق مناخ مناسب لممارسة النشاطات الاقتصادية المتنوعة، ما يؤدي إلى دفع عجلة النمو الاقتصادي.

هل يستطيع المصرف المركزي المصري تحقيق كل هذه الأهداف؟

إذا كان يُفترَض في وضع تنموي سليم ان يبلغ معدل النمو الاقتصادي ثلاثة أضعاف معدل زيادة السكان، فإن هذه المعادلة بعيدة عن التحقيق في الاقتصاد المصري، حيث يزيد معدل الزيادة السكانية عن معدل النمو، وما يزيد من خطورة هذا المأزق ان طريقة توزيع النمو تفتقد إلى العدالة، ما يؤدي إلى سوء توزيع في الثروة من جهة، ومن جهة أخرى إلى تهميش شريحة كبيرة من المجتمع المصري، وتراكم أعداد العاطلين عن العمل وكذلك تفاقم الفقر.

يحصل كل ذلك، في وقت يعاني المصرف المركزي من ضعف في احتياطه بالعملات الأجنبية والبالغ حالياً نحو 21.29 مليار دولار (كان 36 مليارا قبل الثورة) وهو مبلغ ضئيل لبلد كبير يصل عدد سكانه إلى نحو 90 مليون شخص، في حين ان لدى المصرف المركزي اللبناني احتياطاً يقدر بـ 50 مليار دولار بين ذهب وعملات أجنبية، ولبنان بلد صغير وعدد سكانه أقل من ستة ملايين شخص، وهو مستهلك ويدفع فاتورة استيراد تزيد عن 22 مليار دولار سنوياً. 

ورغم ذلك أطلق حوافز مالية بين عامي 2013 - 2015 تزيد عن 3.36 مليار دولار، ما ساهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي.

وهكذا يعتمد الاقتصاد اللبناني والقطاع المصرفي إلى حد كبير على التسليفات والحوافز التي يطلقها المصرف المركزي، وهو يواكب تطورات المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية، بعدما تغيرت طبيعة عمل المصارف المركزية في تنفيذ سياساتها النقدية وتعزيز دورها الاقتصادي من خلال مساندة الحكومات من خلال الظروف المناسبة لتحقيق النمو المستدام.

* عدنان كريمة كاتب متخصص بالشؤون الاقتصادية - بيروت

 

  كلمات مفتاحية

مصر الأزمة الاقتصادية المصرف المركزي ودائع الخليج السيسي

وزير اقتصاد تركيا: مصر أحوج إلينا اقتصاديا

مستثمرون مصريون يلجؤون للمحاكم لإسقاط قانون الضرائب على البورصة

خبير اقتصادي: رغم وصول «ودائع الخليج» .. أزمة الدولار ستستمر في مصر

المركزي المصري يفرض حدا أقصى لإيداع الدولار في البنوك في محاولة لضرب تجار العملة

البنك المركزي المصري يرفع سعر الدولار مقابل الجنيه 5 قروش

مصر تقرر إيقاف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة عامين

الحكومة المصرية تستدين 365 مليون دولار يوميا!

إفساد "الطبقة الوسطى" في مصر

مؤسسة بريطانية تتوقع تراجع الجنيه المصري إلى 8.25 أمام الدولار

مصر تعلن سداد 6 مليارات دولار لقطر عام 2015