تجري أجهزة الأمن الماليزية تحقيقا مع ثلاثة حراس أمن يعملون في مركز ألعاب ترفيهية، على خلفية مقتل مُبتعث سعودي، عُثر عليه أول أمس، مقتولاً في مركبته إثر تعرضه إلى ضرب «مبرح» على أيدي مجهولين. فيما ترددت أنباء عن أن الضحيّة طُرد من المركز الترفيهي ذاته قبل وفاته.

وتسعى الشرطة الماليزية إلى فكّ خيوط لغز الواقعة، التي راح ضحيتها الطالب «نايف عبدالله عبدالعزيز الخنيني»، الذي وصفته الملحقية الثقافية السعودية في كوالالمبور، بأنه من «المميزين في دراسته ومشهود له بالأخلاق الحميدة».

وفي التفاصيل قالت مصادر أن شرطة منطقة جالان دانج وانجي (وسط كوالالمبور)، تلقت بلاغا من امرأة صباح الثلاثاء، يفيد بمشاهدتها جثمان شخص ملقى على الكرسي الخلفي لمركبة ولا يتحرك، وتغطي جسده كدمات وضربات، على بعد نحو 200 متر من مقر الشرطة.

ورجحت التحقيقات الأولية أن يكون الضحيّة (30 عاماً)، تعرّض إلى الضرب في أنحاء متفرقة من جسده حتى فارق الحياة، وذلك بعد وقوعه في مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة مع أشخاص مجهولين، داخل مركز ألعاب ترفيهية يقع على بعد 100 متر من موقع العثور على الجثة.

وذكر قائد إدارة التحقيقات الجنائية في الشرطة «زين الدين أحمد» في تصريح صحفي أن «التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الضحيّة ذهب إلى ملهى (مركز ترفيهي) في منطقة جالان دوراسامي، ويقع على بعد نحو مئة متر من الموقع الذي عُثر عليه فيه، مع اثنين آخرين من أصدقائه، بعد طرد الحراس أحدهم من المركز الترفيهي، ما تسبب في مشادّة كلامية».

وأوضح «أحمد» أن «الذي تم طرده هو الطالب الذي تعرّض إلى الضرب والقتل على يد عدد من الأشخاص، ما أدى إلى إصابته بجروح في الرأس والذراع والرقبة والصدر ومن ثم وفاته، وتم وضعه في المركبة التي أثبتت التحقيقات أنها مدوّنة باسمه أيضاً.

فيما أكد المسؤول الأمني أنه تم إلقاء القبض على ثلاثة من حراس أمن مركز الألعاب الترفيهية الذي شهد الواقعة. وذكر قائد التحقيقات الجنائية أن المقبوض عليهم، تراوح أعمارهم بين 26 و36 عاماً. ويأتي اعتقالهم من أجل المساعدة في التحقيقات، بعدما كشفت التحقيقات الأولية عن أن الضحية طرد من المركز الترفيهي قبل مقتله. ولفت إلى أنهم يقومون حالياً بمراجعة مقاطع التقطتها كاميرات خاصة في المنطقة ذاتها، للاطلاع على وقائع الجريمة.

بدوره، قال الملحق الثقافي في ماليزيا الدكتور «زايد عجير الحارثي»، في بيانٍ صحفي «إن الطالب نايف عبدالله عبدالعزيز الخنيني، أحد الطلاب الذين يدرسون بجامعة تناقل»، مؤكداً أنه «من المميزين في دراسته ومشهود له بالأخلاق الحميدة»، متقدماً نيابة عن الملحقية الثقافية بـ«أحرّ التعازي والمواساة لأسرته، وللفقيد الرحمة الواسعة، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان».

وأثارت الواقعة موجة من التعليقات في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عبر وسمي «#مقتل_طالب_سعودي_بماليزيا»، و«#مقتل_المبتعث_نايف_الخنيني»، قدم خلالها المغردون العزاء لأسرة الضحية، كما تطرق بعضهم إلي مشاكل المبتعثين وتكرار حوادث مقتلهم في دول مختلفة.

وشارك الداعية الإسلامي الشهير «محمد العريفي» عبر الوسم، وذكر بعضا من الصفات التي لمسها في المبتعث السعودي «نايف الخنيني»، لافتا إلى أنه تعرف على «الخنيني» خلال إلقائه محاضرات للمبتعثين في ماليزيا.

وأضاف أن «الخنيني كان خلوقا مصليا كريما وأنه أدّى مناسك العمرة قبل أقل من ثلاثة أسابيع من مقتله».

للمفارقة فإن واقعة مقتل المبتعث «الخنيني» تتزامن مع تصريحات مدير الإدارة الإعلامية في وزارة الخارجية السعودية السفير «أسامة نقلي» قبل يومين التي أكد فيها أن «ما حدث من قضايا للمبتعثين هو مصدر ألم وحزن للجميع، وإن السفارات تقوم بجهد في التحقيق بالتنسيق مع أنظمة الدول الأخرى، ولا يمكن أن تعتبر استهدافاً للسعوديين بالإحصاءات القليلة التي تصل، ولا تخرج عن دائرة أية حوادث تقع لأي مسافر خارج وطنه».

وأكد «نقلي» أن السعودية هي الأقل بين الدول في نسبة تعرض مواطنيها للجرائم في الخارج، «إذ يعتبر السعودي الأكثر انضباطاً في العالم»، مشيراً إلى أنه متى استشعرت الحكومة الخطر على مواطنها في دولة أخرى، فإنها تبادر إلى منع السفر إليها كما حدث مع تايلاند.

وبلغ عدد الحوادث الموثقة للسعوديين في الخارج 16 قضية وحادثة منذ عام 2009، بخلاف حادثة «الخنيني»، ومعظمها لطلبة سعوديين في الخارج، وأشهرها قضايا اختفاء «حمزة الشريف»، و«محمد الغنام»، و«فارس اليامي». وكانت الحادثة الأكثر إثارة للحزن والأسى تعرض المبتعثة «ناهد المانع» للطعن حتى الموت في بريطانيا، التي لاتزال التحقيقات جارية لمعرفة ملابساتها.