قالت وثيقة منسوبة «للدبلوماسية السعودية» نشرها موقع «ويكيليكس» إن مسؤولا مصريا قدم «اقتراحا شخصيا» بأن تتحمل السعودية ودول الخليج الحقوق المالية التي يمكن أن يصدر بها حكم على الرئيس المخلوع «حسني مبارك» لصالح المدعين، مقابل الإفراج عنه وانتقاله إلى إحدى دول الخليج.

الوثيقة، التي لم يتسن لـ«الخليج الجديد» التثبت من صحتها، صادرة عن مكتب وزير الخارجية السعودي، ويبدو أنها موجهة للقيادة السعودية.

ولا تحمل الوثيقة، التي بدت مبتورة، تاريخا محددا، لكن يُرجح، حسب المعلومات الواردة بها، أنها تعود إلى ما قبل الحكم الأول الذي صدر على «مبارك» في 2 يونيو/حزيران 2012 بالسجن المؤبد (25 عاما) في اتهامه بـ«بقتل المتظاهرين» إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

ونقلت الوثيقة عن المسؤول المصري -الذي لم تذكر هويته- أنه بعد صدور حكم المحكمة على مبارك يوم ٢ يونيو/حزيران 2012 «سيكون من الصعوبة بقاء مبارك في المستشفى» التي بقى فيها طول فترة محاكمته بزعم أن وضعه الصحي يتطلب ذلك.

لذلك فإن هذا المسؤول المصري، وفق الوثيقة، قدم «اقتراحا شخصيا مؤداه أن يتم مفاتحة الإخوان المسلمين من قبل المملكة ودول الخليج العربي بأن تتحمل هذه الدول دفع الحقوق المالية التي يمكن أن يصدر بها حكم على الرئيس مبارك لصالح المدعين، وأيضا أن تعرض إحدى دول الخليج انتقال الرئيس مبارك إليها، واستضافته فيها مراعاة لظروفه الصحية».

وأكد المسؤول المصري، وفق الوثيقة ذاتها، على «أهمية أن تقدم المبادرة من قبل المملكة ودول الخليج لتجنيب المجلس العسكري (الذي حكم البلاد منذ تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط 2011 وحتى تولى الرئيس محمد مرسي الحكم في 30 يونيو/حزيران 2012) أي حرج أمام الرأي العام المصري».

وقال كاتب الوثيقة، إنه استفسر من المسؤول المصري: «هل يقبل الشعب والإخوان فكرة الفدية لإطلاق سراح مبارك، وهم من أكثر المتحمسين لسجنه؟»، وكان رد هذا المسؤول إنه «فاتح الإخوان في ذلك وقبلوا الفكرة»، وفق زعمه.

وأضاف أنه أخبر المسؤول المصري بأنه لا يعلم إن كانت قيادة بلاده ستقبل بفكرة الفدية، ولكنه سيرفع ذلك لها، مضيفا «تقديري أن مسألة الفدية ليست بالفكرة الطيبة، ولو دفعت فلن يتمكن الأخوان المسلمين من عمل شيء للإفراج عن الرئيس مبارك، ويبدو أنه ليس هناك خيار إلا أن يدخل السجن وإذا قضى فيه سنتان فإنه يمكن أن تتغير الظروف وربما يكون هناك حل لهذا الموضوع؛ إذ أن رغبة الذين قاموا بالثورة هي ضرورة دخوله السجن، ولن يستطيع الإخوان المسلمين تغييرها».

وكانت صحف مصرية قالت إن موقع «ويكيليكس» نشر وثيقة تقول إن «خيرت الشاطر»، نائب المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، طلب من دول الخليج تزويد مصر بعشرة مليارات دولار مقابل إطلاق سراح «مبارك».

ولم يتسن لـ«الخليج الجديد» العثور على هذه الوثيقة المزعومة رغم بحث دقيق في موقع «ويكيليكس».

وفي تصريحات صحافية أمس الأحد، نفى، «أيمن عبدالغني»، صهر «الشاطر» صحة ما جاء في الوثيقة التي نشرتها الصحف المصرية، وزعمت أنها نقلتها عن موقع «ويكيليكس».

وتساءل «عبدالغني» مستنكرا: «لو كان كلام المسؤول المصري صحيحا في ما نشرته ‫‏ويكليكس فلماذا لم يتم تسليم مبارك وأولاده للسعودية؟»، متابعا: «منذ متى المسؤولون المصريون كلامهم مصدق؟».

وأكد «عبدالغني» أن الرئيس السابق «مرسي» رفض بقوة فكرة الإفراج عن «مبارك»، قائلا إن «مسؤولين ذكروا عدة مرات، رفض الرئاسة (إبام حكم مرسي) لهذا العرض؛ حفاظا على الثورة، ولوجوب القصاص من قاتل المتظاهرين، ومما سبّبه خلال 30 سنة من كوارث لمصر، وكذلك إدراكها أن مثل هذا العرض خدعة لتفجير الجبهة الداخلية».

وشدد على أن «الشاطر كان رأيه الشخصي رافضا لهذه الفكرة، وأنه لم يكن يوما طرفا في هذا الأمر»، مضيفا: «من العجيب أنه لم يتمكن حتى من أن يحصل على أي تأشيرة للعمرة أو الحج طوال فترة ما بعد الثورة، مرورا بسنة حكم الدكتور مرسي، مما يشي بتوتر وتأزم وليس تفاوضا ووساطة».

وكان «الشاطر» قال في شهر مايو/أيار 2012، أي قبل نحو شهرين من وصول «مرسي» إلى الحكم، إنه علم بأمر الصفقة المعروضة على السعوديين، مؤكدا رفض جماعة «الإخوان» لأية صفقة تؤدي للإفراج عن «مبارك».

وفي ذلك الحين، أبدى السفير السعودي في القاهرة «أحمد قطان» غضبه، حيث نفى في مؤتمر صحافي بثته فضائية «العربية» الإخبارية يوم 16 مايو/أيار 2012، ما تحدث به «الشاطر»، كما نفى وجود هذه الصفقة، وهو ما يعني أن الوثيقة التي انكشفت أخيرا تثبت حال صحتها بأن السفير «قطان» كان يكذب، حيث تلقت السعودية عرضا بالإفراج عن «مبارك»، إلا أن صاحب العرض كان «مسؤولا مصريا»، وهذا العرض رفضته كل من جماعة «الإخوان المسلمين»، والحكومة السعودية في آن واحد.

وكانت محكمة جنايات القاهرة عاقبت «مبارك» ووزير داخليه «حبيب العادلي» بالسجن المؤبد في المحاكمة الأولى بعد أن أدانتهما في يونيو/حزيران 2012 بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين.

وألغت محكمة النقض الحكم في يناير/كانون الثاني 2013 وأمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة التي قضت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بألا وجه لإقامة الدعوى على «مبارك» وبراءة «العادلي».

وطعنت النيابة العامة على الحكم الأخير، وهو الطعن الذي قبلته محكمة النقض أوائل الشهر الجاري حيث قضت بإعادة المحاكمة عبر جلسات تبدأ في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسيكون الحكم الصادر من محكمة النقض باتا ونهائيا.