نشرت منظمة «ويكيليكس» أمس الجمعة أكثر من 60 ألف برقية دبلوماسية مسربة من السعودية، وقالت في موقعها على الإنترنت إنها ستنشر نصف مليون برقية أخرى خلال الأسابيع المقبلة.
وقالت المنظمة التي بدأت تنشر برقيات دبلوماسية أمريكية في عام 2010 إنها حصلت على مراسلات بالبريد الإلكتروني بين وزارة الخارجية السعودية ودول أخرى بالإضافة إلى تقارير سرية من وزارات سعودية أخرى.
وتحوي الوثائق المسربة بحسب موقع «ويكيليكس» أعدادا كبيرة من رسائل البريد الالكتروني المتبادلة بين الخارجية والهيئات الخارجية، وقال الموقع بأن الوثائق سيتم نشرها تباعا خلال الأسابيع المقبلة، فيما يتم نشر 70000 وثيقة كدفعة أولى.
ولم تصدر الخارجية السعودية أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي صحة هذه الوثائق حتى الآن، ولكنها اكتفت بإصدار بيان إلكتروني دعت خلالها مواطنيها إلى عدم تصديق ما ورد في الوثائق الإلكترونية، حيث غردت بالقول: «عزيزي المواطن الواعي، لا نشر أي وثائق مزورة قد تساعد أعداء الوطن في تحقيق غاياتهم».
وحملت الوثائق، التي لم يتسن لـ«الخليج الجديد» التأكد من صحتها، شهادات مؤسسات رسمية سعودية، وبعضها يحمل أختام «سري» أو «عاجل»، وحملت واحدة من هذه الوثائق المنشورة، على الأقل، عنوان السفارة السعودية في واشنطن.
وقال «جوليان أسانج»، ناشر «ويكيليكس»، بأن برقيات السعودية تميط اللثام عن «نظام دكتاتوري» لم يحتفل فقط بقطع رأس 100 شخص هذا العام، بل أيضا أصبح يشكل تهديدا لنفسه وجيرانه، على حد وصف «أسانج».
ورغم الانتقادات الموجهة للملكة في ملف حقوق الإنسان، إلا أنها تعد من الحلفاء المقربين من الولايات المتحدة، ومن بين أكبر الدول التي تملك احتياطيا نفطيا، ومن أكبر منتجي النفط أيضا، مما جعل لها تأثيرا كبيرا في الساحة الدولية بحسب وصف الموقع.
ولم يكشف الموقع عن الطريقة التي تسنى له من خلالها الحصول على هذه الوثائق، ولكنه أشار إلى إقرار وزارة الخارجية في المملكة في مايو/أيار 2015 باختراق شبكات الحواسيب الخاصة بها. وتم تحميل مجموعة تطلق على نفسها اسم «الجيش اليمني الالكتروني» مسؤولية هذا الخرق. ونشرت المجموعة بعد ذلك «عينة» من الوثائق القيمة على مواقع مخصصة لمشاركة الملفات والتي أغلقت بعد ذلك بفعل هجمات إلكترونية تتعلق بالرقابة.
ولم تتكشف بعد بالتأكيد أبرز محتويات هذه الوثائق لكن المسح المبدئي أظهر أن الوثائق تضم مراسلات إلكترونية وجداول بيانات ووثائق نصية تتعلق بالمواقف السعودية من معظم قضايا المنطقة من الداخل الخليجي إلى مصر واليمن وسوريا وغيرها، وسوف تنشر الخليج الجديد لجمهورها تباعا أهم ما سوف تكشفه محتويات هذه الوثائق.
وبحسب الوثائق فإنه على مدى الأربعين عاما الماضية تولى الأمير «سعود الفيصل» وحده إدارة الشؤون الخارجية للمملكة العربية السعودية، ما جعله يحتل الرقم القياسي في تولي منصب وزير الخارجية على مستوى العالم.
وقال موقع «ويكيليكس» بأن الوثائق التي بدأ بنشرها تشير تبين أيضا البيروقراطية والمركزية الشديدة التي كانت تدار بها المملكة العربية السعودية.
ويأتي نشر الوثائق السعودية المسربة بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة للجوء مؤسس موقع «ويكيليكس» إلى سفارة الإكوادور في لندن، طلبا للحماية بعد ملاحقته من قبل القضاء الأمريكي، فيما كشفت شركة «غوغل» بأنها أرغمت على تسليم المزيد من المعلومات إلى الولايات المتحدة من أجل المساعدة في محاكمة موظفي «ويكيليكس» بتهم التجسس ونشر برقيات دبلوماسية للولايات المتحدة.
ويقول مراقبون إن هذه الوثائق، إذا ثبتت صحتها، ستلقي الضوء على آلية عمل مؤسسات الدولة السعودية، وربما على التنافس السعودي الإيراني في المنطقة، ودعم السعودية للمعارضة السورية والجماعات المتمردة فيها أو بعض الجماعات والشخصيات السياسية في العراق، أو الحكومة التي يدعمها الجيش في مصر، فضلا عن معارضة الرياض للاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وتقول «وكالة أسوشييتد برس» أنها فحصت العديد من هذه الوثائق وهي نتاج عمل إداري روتيني، وهي وثائق مرسلة عبر الإيميل أو الفاكس، وإن المتحدث باسم «ويكيليكس»، «كريستن هرافنسن» قال إنه واثق من صحة هذه الوثائق، على الرغم من أن الوكالة لم تتمكن من التحقق من ذلك من مصدر مستقل.