«ويكيليكس»: المخابرات المصرية صاحبة عرض «فدية مبارك» والسعودية رفضت

الأربعاء 22 يوليو 2015 04:07 ص

كشفت وثيقة منسوبة «للدبلوماسية السعودية»، سربها موقع «ويكيليكس»، أن المخابرات العامة المصرية هي من سعت في صيف عام 2012 إلى إقناع السعودية وجماعة الإخوان المسلمين بقبول صفقة تقضي بإطلاق سراح الرئيس المصري الأسبق «حسني مبارك»، قبل الحكم عليه في قضية قتل المتظاهرين، مقابل «فدية» مالية تتحملها الرياض ودول الخليج.

كانت الدفعة الأولى من الوثائق السعودية، التي نشرها موقع «ويكيليكس» في 19 يونيو/حزيران الماضي، تضمنت برقية موجهة من السفير السعودي في القاهرة، «أحمد قطان»، إلى وزير الخارجية السعودي، حينها، «سعود الفيصل»، تطلعه على تفاصيل مقترح قدمه «مسؤول مصري»، لم تسمّه البرقية، يقضى بأن تتحمل السعودية ودول الخليج الحقوق المالية التي يمكن أن يصدر بها حكم على «مبارك» لصالح المدعين، مقابل الإفراج عنه وانتقاله إلى إحدى دول الخليج.

وحينها، وفق تلك الوثيقة، زعم المسؤول المصري أنه «فاتح الإخوان في ذلك وقبلوا الفكرة».

غير أن وثيقة جديدة، نشرها موقع «مدى مصر»، اليوم الأربعاء، بموجب اتفاقه مع موقع «ويكيليكس»، وهي عبارة عن مذكرة مرفوعة من «سعود الفيصل» إلى الملك «عبد الله بن عبد العزيز»، تكشف للمرة الأولى أن المسؤول المصري، صاحب عرض الفدية، كان مدير المخابرات العامة، وقتها، «مراد موافي».

ووفق الوثيقة الجديدة، التي لم يتسن لـ«الخليج الجديد» التأكد من صحتها، ادعى «موافي» أنه عرض فكرة «فدية مبارك» على «خيرت الشاطر»، نائب المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، وأن الأخير قبلها.

في بداية المذكرة كتب «الفيصل» للعاهل السعودي: «أتشرف بإحاطة العلم الكريم بالمعلومات التي تلقيتها من سفير مقامكم السامي في القاهرة نقلًا عن رئيس المخابرات المصري بشأن الحكم المتوقع صدوره في محاكمة الرئيس المصري السابق حسنى مبارك وابنيه والأوضاع الحالية في مصر وغيرها».

وأفادت المذكرة بأن «موافي» أخبر «قطان» «أنه متأكد من أن قادة دول الخليج العربية يتطلعون إلى تقديم فدية لإطلاق سراحه (مبارك)  وسفره إلى خارج مصر وأنكم (الملك السعودي) - حفظكم الله - أكثر قادة دول المجلس حرصا على ذلك».

وأضافت أن «موافي» «تحدث مع السيد خيرت الشاطر من الإخوان المسلمين والمرشح لنيل منصب رئيس الوزراء في الفترة القادمة عن صفقة للإفراج عن الرئيس مبارك مقابل مبلغ تدفعه دول الخليج في حدود (10) مليار دولار حيث أن الشعب المصري لن يستفيد من سجنه. وأن هذه الفكرة لافت القبول لدى خيرت الشاطر وأنها ستلقى قبول الشارع المصري وأسر الشهداء ومصابي الثورة خاصة إذا تم الإعلان عن تخصيص مبلغ مليار دولار من هذا المبلغ لهم. وأن هذا الأمر لو تم فسيتم تسويقه من الإخوان المسلمين أنفسهم».

وتابعت: «وستشمل الصفقة أيضًا سفر حرم الرئيس معه دون تدخل الحكومة المصرية».

وطلب مدير المخابرات المصري أن تتقدم المملكة ودول الخليج بالعرض من جانبهم كي لا يظهر للشعب المصري أن المبادرة جاءت من طرف المجلس العسكري (الذي حكم البلاد منذ تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط 2011 وحتى تولى الرئيس محمد مرسي الحكم في 30 يونيو/حزيران 2012(، إذ تقول المذكرة: «وأكد المسؤول المصري على أهمية أن تقدم المبادرة من قبل المملكة ودول الخليج لتجنيب المجلس العسكري أي حرج أمام الرأي العام المصري».

واقترح «موافي»، بناء على البرقية، «أن يتم مفاتحة الإخوان المسلمين من قبل المملكة ودول الخليج العربي بأن تتحمل هذه الدول دفع الحقوق المالية التي يمكن أن يصدر بها حكم على الرئيس مبارك لصالح المدعين، وأيضا أن تعرض إحدى دول الخليج انتقال الرئيس مبارك إليها واستضافته فيها مراعاة لظروفه الصحية».

وفي ختام البرقية الجديدة كتب «الفيصل»: «وتقديري أن مسألة الفدية ليست بالفكرة الطيبة ولو دفعت فلن يتمكن الإخوان المسلمين من عمل شيء  للإفراج عن الرئيس مبارك. ويبدو أنه ليس هناك خيار إلا أن يدخل السجن وإذا قضى فيه سنتان فإنه يمكن أن تتغير الظروف وربما يكون هناك حلا لهذا الموضوع إذ أن رغبة الذين قاموا بالثورة هى ضرورة دخوله السجن ولن يستطيع الإخوان المسلمين تغييرها».

ولا تحمل الوثيقة الجديدة ولا القديمة أية تواريخ، غير أن من الواضح أن كلا من الوثيقتين والاجتماع مع «موافي» يعودون إلى بداية صيف 2012، في ضوء الإشارة إلى توقعات الحكم على «مبارك» وباقي المتهمين في القضية التي عرفت باسم «محاكمة القرن».

ويظهر من توقعات «موافي» بشأن الحكم حرص المجلس العسكري أو علمه المسبق - أو كلاهما - بأهمية صدور الحكم بإدانة مبارك، حيث ذكر الوزير في برقيته للملك: «يرى رئيس المخابرات المصري أنه ليس هناك أي شك في صدور حكم بسجن الرئيس السابق محمد حسني مبارك ... وبدون ذلك سوف يحدث ما لا تحمد عقباه في مصر وكافة محافظاتها».

وكان «الشاطر» قال في شهر مايو/أيار 2012، أي قبل نحو شهرين من وصول «محمد مرسي» إلى الحكم، إنه علم بأمر الصفقة المعروضة على السعوديين، مؤكدا رفض جماعة «الإخوان» لأية صفقة تؤدي للإفراج عن «مبارك».

وفي ذلك الحين، أبدى السفير السعودي في القاهرة «أحمد قطان» غضبه، حيث نفى في مؤتمر صحفي بثته فضائية «العربية» الإخبارية يوم 16 مايو/أيار 2012، ما تحدث به «الشاطر»، كما نفى وجود هذه الصفقة، وهو ما يعني أن الوثيقين اللتين كشف عنهما مؤخرا تثبت، حال صحتهما، بأن السفير «قطان» كان يكذب، حيث تلقت السعودية عرضا بالإفراج عن «مبارك»، إلا أن المخابرات المصرية العامة كانت صاحبة العرض، وهذا العرض رفضته كل من جماعة «الإخوان المسلمين»، والحكومة السعودية في آن واحد.

وكانت محكمة جنايات القاهرة عاقبت «مبارك» ووزير داخليه «حبيب العادلي» بالسجن المؤبد (25 عاما) في المحاكمة الأولى بعد أن أدانتهما في يونيو/حزيران 2012 بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين.

وألغت محكمة النقض الحكم في يناير/كانون الثاني 2013 وأمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى في محكمة جنايات القاهرة التي قضت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بألا وجه لإقامة الدعوى على «مبارك» وبراءة «العادلي».

وطعنت النيابة العامة على الحكم الأخير، وهو الطعن الذي قبلته محكمة النقض أوائل شهر يونيو/حزيران الماضي حيث قضت بإعادة المحاكمة عبر جلسات تبدأ في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وسيكون الحكم الصادر من محكمة النقض باتا ونهائيا.

وقبل صدور الحكم على «مبارك» بيوم واحد، رفع وزير الخارجية السعودي مذكرة أخرى للملك تحمل تاريخا هجريا يوافق 1 يونيو/حزيران 2012، نقل فيها ما تلقاه من توقعات السفارة بالقاهرة بشأن ردود الأفعال على الحكم، مشيرًا إلى أن «أغلب المصريين يحبسون أنفاسهم من الآن انتظارا للنطق بالحكم عند الساعة العاشرة من صباح الغد».

وتوقع «الفيصل» اندلاع مظاهرات من «توجهات سياسية وحزبية وائتلافات ثورية .. حال صدور أحكام مخففة ضد مبارك، رغم إن القاضي أحمد رفعت رئيس المحكمة مشهور بالصرامة في تطبيق القانون».

أما في حالة صدور حكم مشدد فقد توقع الجانب السعودي أن يصب ذلك لصالح التصويت لـ«أحمد شفيق» وضد الإخوان المسلمين (صدر الحكم قبل أسبوعين من عقد الجولة النهائية للانتخابات الرئاسية). وفي الحالتين توقعت مذكرة «الفيصل» أن يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم وقتها تبعات الحكم «باعتبار أن ردود أفعال الشارع المصري ستربط- من جهتها- بين هذه الأحكام وبين ما يردده البعض من حماية المجلس العسكري لقائده الأعلى السابق مبارك ابتداء من شهادة المشير والفريق عنان في هذه المحاكمة ووصولا إلى عدم تقديم أدلة كافية نتيجة حرق مقار لمؤسسات مهمة».

  كلمات مفتاحية

ويكيليكس السعودية مصر الإخوان المسلمين خيرت الشطر محمد مرسي حسني مبارك

«حسن نافعة»: وثائق «ويكيليكس» تكشف نفوذ السعودية المالي والديني في المنطقة

«ويكيليكس»: مسؤول مصري إبان حكم «العسكري» اقترح الإفراج عن «مبارك» بفدية سعودية

«نيويورك تايمز»: تسريبات «ويكيليكس» تسلط الضوء على خبايا الدبلوماسية السعودية

«ويكيليكس» تكشف رصد السفير السعودي بالقاهرة لأنشطة رئيس الوزراء الأسبق «هشام قنديل»

«ويكيليكس»: السفير السعودي بالقاهرة طلب فتح قناة اتصال مع «الشاطر»

السجن 5 سنوات لرئيس وزراء مصر الأسبق «أحمد نظيف» لإدانته بالكسب غير المشروع

المخابرات: «مبارك» حول 50 مليار جنيه إلى بنوك سويسرا يوم 25 يناير

انتهاء تجميد أموال «مبارك» و«بن علي» أوائل العام المقبل

فيديو.. 7 أسباب وراء «صراع الأفاعي» بين أجهزة المخابرات المصرية