في مصر.. التعذيب ممنهج والإفلات منه قانوني

الخميس 8 أغسطس 2019 11:53 ص

"الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من اليدين والحرمان من الطعام والنوم والتهديد بالاغتصاب".. بهذه الإجراءات تواجه السلطات المصرية المعتقلين، وفقا لما ذكرته المفوضية المصرية للحقوق والحريات (غير حكومية).

تقرير المفوضية، الذي حمل عنوان "كابوس التعذيب في مصر.. عقبات قانونية وقضائية تحول دون إنصاف ضحايا التعذيب"، قدم تحليلا ومتابعة للإشكاليات والعوائق التي تواجه ضحايا جرائم التعذيب، في التماس سبل الإنصاف المختلفة والوصول إلى العدالة.

ورصد التقرير استمرار جرائم التعذيب في أماكن الاحتجاز بشكل ممنهج ضد المعتقلين السياسيين، من خلال توثيق حالات على مدار سنتين، في إطار مبادرة "خريطة التعذيب" التابعة للمفوضية.

 

كما استعان التقرير ببيانات إحصائية أصدرها عدد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، حول حالات التعذيب في العامين الأخيرين، وعجز التشريعات القانونية عن حماية الضحايا أو إنصافهم في حالات التقاضي.

وتتهم منظمات حقوقية محلية ودولية، النظام المصري، بارتكاب انتهاكات جسيمة، وتنكيل ممنهج بحق الآلاف من المعتقلين السياسيين، فضلا عن تعريضهم للإخفاء القسري والتعذيب، والإهمال الطبي الذي يؤدي إلى الوفاة.

  • خريطة التعذيب

وتتنوع مقار التعذيب في مصر، بين مقرات الأمن الوطني، وأقسام الشرطة، والسجون وغيرها من مقرات الاحتجاز.

كما يتنوع شكل التعذيب، ما بين الجسدي بشكل مباشر، مثل الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من اليدين أو القدمين، أو بشكل غير مباشر مثل الحرمان من تناول الطعام أو من النوم أو من الزيارة أو الحبس الانفرادي لفترات طويلة.

كما يتضمن أيضا التهديد بخطف وتعذيب أفراد أسرة الضحية.

وفي بعض الحالات كان هناك تهديد بالاغتصاب، خاصة مع النساء، أو التحرش الجسدي أو الإجبار على مشاهدة ضحية تعذيب أخرى، أو الاستماع لصوت صراخ الضحايا أثناء التعذيب.

وحسب التقرير، كل هذا تنتج عنه آلام جسدية ونفسية عميقة الآثر لا يتخلص منها الضحية حتى بعد الإفراج عنه، "فيظل الضحايا في ألم جسدي ونفسي عميق يمنعهم من العودة إلى مزاولة الحياة الطبيعية".

واعتمد التقرير في منهجيته لتحديد إشكاليات التقاضي على المقابلات المعمقة كأداة من أدوات البحث، حيث تم إجراء مقابلات فردية مع محامين يعملون مع ضحايا تعذيب، ليصل التقرير إلى وجود عوائق تواجه الضحية لإثبات جريمة التعذيب، بداية من ممارسات الشرطة كتأخير عرض الضحايا على النيابة أو على الطب الشرعي لحين زوال آثار التعذيب، مرورًا بدور النيابة في التحقق من جريمة التعذيب وتقديم مرتكبيها للعدالة.

  • مواجهة عكسية

وألقى التقرير الضوء على مسألة تعامل الدولة مع جرائم التعذيب في جزئين، الأول: موقف الدولة من تطوير ومعالجة الثغرات القانونية في التشريعات ذات الصلة بجرائم التعذيب.

وأشار التقرير إلى تلقي الحكومة المصرية، العديد من التوصيات خلال الاستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UPR) في عام 2014، توصي بتعديل التشريعات الوطنية المتعلقة بجرائم التعذيب، خاصة تعريف التعذيب في القانون المصري لتتواءم مع التشريعات الدولية.

وأضاف: "لكن مصر لم تتخذ أي خطوات على المستوى التشريعي، كما لم تستجب للمقترحات بشأن تعديل الإطار القانوني ذات الصلة بجرائم التعذيب".

ولفت التقرير إلى دراسة "مسودة مشروع قانون لمكافحة التعذيب"، الذي تم إعداده من قبل خبراء قانونيين وقضاة، وقدم للرئيس "عبدالفتاح السيسي"، عام 2015، وجاءت بنوده لتعالج الثغرات والعوار القانوني الحالي لقانون العقوبات، على ضوء الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ولم تكتف الحكومة بعدم الاستجابة، بل كانت ردة الفعل الأولى هي إحالة القضاة للتأديب، ووجهت تهم ممارسة نشاط غير مشروع وتكدير السلم والأمن العام على أثر تقديم المسودة البديلة، الأمر الذي يعكس غياب الإرادة السياسية للدولة في منع ومكافحة جرائم التعذيب، وفق التقرير.

  • إفلات بالقانون

أما الجزء الثاني، من التقرير، فرصد تعامل القضاء والنيابات مع شكاوى ودعاوى التعذيب من خلال تحليل عدد من الحالات.

وأشار التقرير إلى وجود نمط من الأحكام المخففة في قضايا التعذيب، بسبب قصور المواد القانونية، فيجري استخدام مصطلح "ضرب أفضى إلى موت" أو "استعمال القسوة"، لتخفيف العقوبة في حالات التعذيب المفضية إلى موت، مثل حالة "محمد عبدالحكيم" الشهير بـ"عفروتّو".

وقتل "عفروتو" داخل قسم شرطة في 5 يناير/كانون الثاني 2018، على يد ضابط وأمين شرطة بقسم المقطم (جنوبي القاهرة)، قبل أن يحال القتلة للمحاكمة، ويصدر الحكم بسجن الأول 3 سنوات والثاني 6 أشهر.

كما أشار التقرير إلى قبول المحكمة للاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، كما في حالة قضية النائب العام، والتي على أثرها أعدم 9 متهمين في وقت سابق من العام الجاري.

ونفذت السلطات حكم الإعدام بحق 9 متهمين في قضية اغتيال النائب العام السابق "هشام بركات"، في فبراير/شباط الماضي، رغم التنديد الحقوقي الدولي بالقضية؛ حيث تشكك منظمات حقوقية في عدالة المحاكمة، كونها تعتمد على تحريات أمنية فقط، فضلا عن تأكيد المتهمين على تعرضهم للتعذيب لانتزاع اعترافات منهم بارتكاب الجريمة.

  • توصيات

وأوصى التقرير، بمراجعة شاملة للتشريعات المصرية ذات الصلة بالتعذيب، كما طالب بالالتزام بالمعاهدات الدولية كمرجعية في التعامل مع جرائم التعذيب، بما في ذلك في حالة الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب.

كما طالبت المفوضية، بتفعيل دور النيابة العامة في الكشف عن جرائم التعذيب وتقديم مرتكبيها للعدالة.

كذلك أوصت، بتفعيل دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في متابعة حالة المحتجزين والتعاون مع الآليات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بأوضاع المحتجزين.

وشددت المفوضية، على ضرورة أن تفي الحكومة المصرية بالتزاماتها الدولية بشأن حظر ومناهضة جريمة التعذيب، وعلى مسؤولية الحكومة المصرية في وضع السياسات والأطر التشريعية لمكافحة تفشي ظاهرة التعذيب.

وطالبت أيضا، السلطات المصرية بالتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب.

وتنفي مصر القيام بعمليات تعذيب في أي من سجونها، كما ترفض وفق بيانات رسمية سابقة، بشكل تام أي مساس بالقضاء المصري منذ 2013، وتقول إنه بشقيه المدني والعسكري مستقل ونزيه، ويخضع المتهمون أمامهما إلى أكثر من درجة تقاضٍ، رافضة أي اتهامات تنال من استقلاليتهما.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سجون مصر وسائل التعذيب مناهضة التعذيب مكافحة التعذيب

«العفو الدولية» تتهم مصر بالتعذيب المروع للسجناء السياسيين

تقرير فرنسي: حصانة غربية لنظام «الرعب والتعذيب» في مصر

ناشطون ينتقدون استضافة مصر لمؤتمر دولي عن التعذيب

سخرية واسعة من استضافة مصر لمؤتمر أممي ضد التعذيب

رسميا.. تأجيل مؤتمر أممي حول التعذيب بعد نقله من مصر

بالأرقام.. منظمة دولية تفضح الانتهاكات الحقوقية بحق المصريين