كيف يمكن أن تكون العلاقات بين «روسيا» و«السعودية» أقوى تهديد لنظام «الأسد»؟

الأربعاء 1 يوليو 2015 01:07 ص

تشير تقارير عن زيارة فيما يبدو أتت أكلها قام ولي ولي العهد في المملكة العربية السعودية ووزير الدفاع «محمد بن سلمان» إلى روسيا إلى تحسن مُحتمل في العلاقات الروسية السعودية، ولكن هل يمكن أن تكون تلك أيضا أنباء سيئة بالنسبة للرئيس السوري «بشار الأسد»؟

بالإضافة إلى لقائه مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» على هامش المنتدى الاقتصادي سانت بطرسبورغ الدولي، وقع الأمير «بن سلمان» عدة اتفاقات بشأن النفط والطاقة النووية والفضاء. وتضمنت صفقات أخرى مذكرة تفاهم بين صندوق الاستثمار المباشر الروسي والهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية فيما يتعلق باستثمار مشترك يصل إلى 10 مليار دولار أمريكي. وفي وقت واحد؛ حضر مسؤولون عسكريون سعوديون منتدى الجيش الروسي الفني لعام 2015 في كوبينكا، وتكهن مسؤولون سعوديون علنا ​​بشراء سفن وصواريخ روسية.

وما لا يقل أهمية عن ذلك، قال الأمير «محمد» للرئيس «بوتين» إن خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» قبل دعوته لزيارة روسيا، ونقل دعوة بالمثل من الملك لـ«بوتين»، والتي قبلها الرئيس الروسي «بكل سرور». ووفقا لموقع الكرملين؛ فإن «بوتين» لم يذهب للمملكة العربية السعودية منذ لقاء الملك «عبد الله بن عبد العزيز آل سعود» في فبراير/ شباط  2007. (لم يقم عبدالله بزيارة موسكو أبدا).

وتكشف التقارير الرسمية للكرملين أنه في الوقت الذي كان فيه بضعة محادثات هاتفية لـ«بوتين» مع حكام المملكة العربية السعودية على مدى العقد الماضي، اقتصرت تفاعلاته الشخصية على وزير الخارجية السعودي والاجتماعات بين الحين والآخر مع الأمير «بندر بن سلطان»، وهو مسؤول كبير سابق.

اللقاء الأخر الذي جمع بين «بوتين» و«بندر» في أغسطس/آب 2013، يبدو أنه كان مثيرا للجدل للغاية. وطبقا لرواية منشورة، فإن «بندر» الذي كان آنذاك يرأس وكالة الاستخبارات السعودية، سعى لتعاون مع روسيا في سوريا، وعرض مجموعة متنوعة من الحوافز، بما في ذلك التعاون في مجال الاستثمار والطاقة وحتى المسائل العسكرية. وفي الوقت نفسه؛ قال انه اقترح على ما يبدو أن المملكة العربية السعودية «تتولى مهام السيطرة» على جماعات شيشانية يمكن أن تهدد الأمن في دورة الالعاب الاولمبية في سوتشي، وإن كان تهديدا ضمنيا. وأفادت تقارير أن «بوتين» وصف علاقات الرياض مع الشيشان بأنها «غير متوافقة تماما» ليكون هناك تعاون على شاكلة ما ذكر «بندر».

ولوضع هذا في السياق، كان «بوتين» نفسه في وقت سابق، ومن دون جدوى، قد سعى إلى إقناع السعوديين عن الكف عن دعمهم للمتمردين الشيشان عن طريق إرسال الرئيس الشيشاني «أحمد قاديروف» والد الرئيس الحالي «رمضان قاديروف» إلى المملكة العربية السعودية في عام 2004. وفي رسالة إلى ولي العهد آنذاك الأمير «عبد الله بن عبدالعزيز» سلمها له «قاديروف» بعثت بها الحكومة الروسية، كتب« بوتين» إن موسكو تنظر إلى الرحلة على أنها «ذات أهمية كبيرة»، وأنه كان من «الأهمية بمكان الوصول إلى توافق في الآراء بشأن قضية الشيشان مع العالم الإسلامي، التي توجد المملكة العربية السعودية على رأسه». وبعد أقل من أربعة أشهر؛ توفي «قاديروف»، رئيس مجلس الدولة الشيشاني، واثنان من حراسه ومدنيان عندما انفجرت قنبلة في الملعب حيث كان «قاديروف» يحضر احتفالا بمناسبة انتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية.

وبناء على هذه الخلفية، تجدر الإشارة إلى أن اتفاقات سان بطرسبرج تبدو مماثلة تماما لما قام «بندر» بعرضه على «بوتين» قبل عامين. هذا على الفور يثير سؤالا مهما ومثيرا للاهتمام. هل روسيا على استعداد الآن لأخذ (أو  في الواقع هي في طور عملية قبول) الاتفاق الذي رفض في عام 2013؟

وعلى الطرف السعودي، أصبح هناك إحباط جلي معروف وظاهر للقاصي والداني لدى الرياض تجاه واشنطن بشأن الاتفاق النووي الإيراني المحتمل وتأثيره على المصالح الأمنية والإقليمية للمملكة، والكل ربط تقارب «محمد بن سلمان» مع روسيا بذلك. وإذا كانت السعودية تسعى بالفعل إلى إيجاد حلول خاصة بها في اليمن (وإن كانت نتائجها مختلطة)، فلماذا لا تحاول أن تفعل الشيء نفسه في سوريا؟

وفي الوقت نفسه، فإن موقف الضعف الذي وصل إليه «نظام الأسد» على الأرض في سوريا شجع البعض في موسكو أن يتساءل إلى متى يمكن للحكومة السورية البقاء على قيد الحياة. حتى الآن؛ ارتبطت مصلحة روسيا بحوار سياسي لحل الأزمة السورية بشكل وثيق مع النجاحات الميدانية للأسد والنكسات، في الوقت الذي التزم فيه المسؤولون الروس أكثر بالمحادثات مع تعثر النظام السوري. ولذلك فمن الملاحظ أن موسكو أعلنت عن جهود جديدة متفق عليها للتوصل إلى حل تفاوضي للقتال خلال زيارة لوزير الخارجية السوري «وليد المعلم» إلى روسيا 29 يونيو / حزيران.

ومن الأمور التي لا تقل أهمية وتجذب الاهتمام بقوة، التقى المعلم ليس فقط مع «لافروف» ولكن مع «بوتين»، الذي يبدو أنه اقترح تحالف دولي جديد، يشمل بين مكوناته سوريا، لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية». وتصر روسيا بانتظام على أن الولايات المتحدة وغيرها ممن يقومون بضربات جوية ضد مقاتلي «الدولة الإسلامية» داخل سوريا ينبغي عليهم التنسيق مع دمشق، لكن الرئيس الروسي يبدو أنه ذاهب إلى ما هو أبعد من ذلك هذه المرة؛ حيث يقول «إننا ندعو جميع أصدقائنا، بما في ذلك أصدقائنا في سوريا، إلى بذل كل جهد ممكن لإقامة حوار بناء بين جميع البلدان التي ترغب في مكافحة الإرهاب، وبطبيعة الحال، الاستمرار في تطوير علاقات بناءة مع الجميع الذين يقومون بالفعل بدعم سوريا اليوم».

وإضافة إلى ذلك، فقد أشار بوتين على وجه الخصوص إلى المملكة العربية السعودية في تصريحاته التي سبقت مباشرة هذا البيان. «روسيا لديها علاقات جيدة جدا مع جميع دول المنطقة دون استثناء، وتظهر اتصالاتنا مع هذه الدول أن كل منهم على استعداد لتقديم مساهمتها في محاربة الشر الذي هو الدولة الإسلامية. وهذا ينطبق على تركيا والأردن والمملكة العربية السعودية». لكنه اعترف بصعوبة جمع هذه المجموعة معا على حسب قوله واستنتاجه، حيث أضاف: «نحن نعلم أن سوء التفاهم والاحتكاك والمشاكل المؤقتة تنشأ في كثير من الأحيان بين الجيران، ولكن من الضروري التأكيد للجميع على توحيد جهودهم من أجل مكافحة هذا الشر المشترك». وتحدث «لافروف» عن قضية مماثلة خلال ظهوره في المؤتمر الصحفي المشترك مع «وليد المعلم».

وفي حين أن المسؤولين الروس كانت لديهم آمال في فتح تعاون مع المملكة العربية السعودية وغيرها، بالإضافة إلى سوريا، ضد «الدولة الإسلامية»، لكن من المرجح على ما يبدو للمتأمل أن هذا لن يحدث، لا سيما في الوقت الذي كان فيه نظام «الأسد» يفقد الأرض تباعا. واعترف «بوتين» نفسه بدقة موقف الحكومة السورية المتدهورة في تعليقاته العلنية بمجرد أن بدأ اجتماعه مع المعلم، وقال: «النجاح يأتي دائما جنبا إلى جنب مع المشاكل أيضا، والهزائم العسكرية ممكنة ومحتملة أيضا».

إصرار «بوتين» في قوله «نحن واثقون من أن الشعب السوري سوف ينتصر في النهاية، ونحن لا نزال ملتزمين بسياستنا القائمة على دعم سوريا وحكومتها وشعبها» يبدو أنه أشبه بالخطاب الدبلوماسي الضروري أكثر من الإدانة التي يتمسك بها بقوة. وهذا بدوره يجعل من فكرة التحالف تبدو وكأنها محاولة لتحقيق أفضل النتائج من ذلك الوضع السيء، وجنبا إلى جنب مع الوعود العامة بالمساعدة المستمرة، لتعزيز موقف ضعف النظام في أي محادثات جديدة.

التعاون الحقيقي الروسي مع المملكة العربية السعودية في سوريا (أو في أمور أخرى مثل اليمن وأسواق النفط والطاقة النووية وغيرها من القضايا) لن يكون سهلا حتى لو كانت هناك دوافع على كلا الجانبين. وعلى رأس الاختلافات الاستراتيجية بشأن إيران، هناك تباين شديد في مواقف كلا البلدين بشأن من هو إرهابي ومن هو غير إرهابي، بالإضافة إلى العواقب الوخيمة في أفغانستان، والأهم من ذلك في الشيشان. ولا تزال الأحداث تتحرك في اتجاهات مثيرة للاهتمام، وينبغي على «الأسد» أن يقلق.

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان روسيا السعودية نظام الأسد الدولة الإسلامية العلاقات السعودية الروسية

«بن سلمان» يلتقي «بوتين»: هل يمكن لموسكو أن تحصل على الكعكة وتأكلها أيضا؟

ما الذي سعى إليه ولي ولي العهد السعودي من زيارته إلى روسيا؟

«بروكينجز»: زيارة «محمد بن سلمان» لروسيا تعكس نفوذه المتزايد

«بوتين»: روسيا متمسكة بموقفها المؤيد لـ«الأسد»

«المونيتور»: التوترات تتصاعد بين السعودية وروسيا

السعودية تلتقط اللحظة الروسية .. موسكو ومفاتيح الحل في سوريا

هل توصلت سياسة الدفاع الجوي الروسية إلى الصفقة السعودية ؟

«كريستيان ساينس مونيتور»: تقارب سعودي روسي على حساب واشنطن

«ميدل إيست بريفينج»: الحرب الإيرانية العربية على الصحراء العراقية - السورية

«أردوغان»: «بوتين» يتجه إلى التخلي عن حليفه «الأسد»

وفد من المعارضة السورية يزور موسكو 12 أغسطس

هل حقا هناك تعاون عسكري سعودي روسي؟

القادة الخليجيون إلى الكرملين ... لماذا؟!

مصدر: السعودية حذرت روسيا من «عواقب وخيمة» بسبب تدخلها في سوريا

«رويترز»: السعودية والأوروبيون عاملوا «بوتين» بجفاء

«رأي اليوم»: الرياض تخطب ود الكرملين حتى لا تكون ضحية المحور الروسي الإيراني