ترغب المملكة العربية السعودية في إقناع روسيا بسياستها المستقلة عن الغرب في الملف الروسي واستعدادها للتعاون مستقبلا. وتسعى إلى تهدئة صقور موسكو الذين يصفون الرياض بـ«مصدر الشرور».
وكتبت جريدة «كوميرسانت» الروسية المقربة من سلطات موسكو مقالا بعنوان «لا بد من سوتشي وإن طال السفر» في شبه استهزاء سياسي من زيارة وزير الدفاع السعودي«محمد بن سلمان» منذ يومين ولقاءه بالرئيس «بوتين» في مدينة سوتشي والذي غير وجه بلاده من البيت الأبيض إلى الكرملين تحت وطأة الظروف الجديدة بعد تدخل روسيا في سوريا.
وتستطرد حول الموقف السوري المتصلب والداعي إلى رحيل الرئيس «بشار الأسد» بالقوة إلى تغيير لهجتها وبدء قبول الواقع والحديث عن حكومة انتقالية.
وتغير موقف الرياض بدرجة 180، فخلال القمة العربية في القاهرة خلال مارس/آذار الماضي، تعرض الرئيس «فلادمير بوتين» لأعنف هجوم من السعودية، عندما اتهم وزير الخارجية الراحل «سعود الفيصل» «بوتين» بأنه وراء مشاكل عديدة في العالم العربي ومنها دعمه لـ«الأسد».
ولم تمر سوى شهور حتى تحولت مدينة سوتشي الأمل الذي تعلق عليه السعودية لإنقاذ ماء وجهها بعد تخلي الغرب عنها في الملف السوري وبدأت تحس بالعزلة الإقليمية.
ويرى خبراء روس باقتناع الرياض بفقدانها لعب أي دور في ظل القرار الروسي بدعم «بشار الأسد» عسكريا في الميدان واعتبار كل باقي المنظمات إرهابية رغم أنها لا تستبعد حوارا مع الجيش الحر.
ولم تعد الرياض تفكر كثيرا في سوريا رغم زيارة وزير الدفاع «محمد بن سلمان» بل، وكما نقلت «سبوتنيك» في موقعها في الإنترنت عن خبراء، العمل على عدم سيطرة المحور الروسي-الإيراني على الشرق الأوسط.
ويسيطر القلق على الرياض في ظل انتعاش أطروحات حركات يمينية وقومية في روسيا تطالب بالقصاص من السعودية وتحملها كل «الشرور» التي تعرضت لها البلاد من الإرهابيين.
وتذهب هذه الأطروحات التي تلاقي قبولا عند القوميين والشيوعيين إلى تحميل السعودية أرواح الجنود السوفييت الذين سقطوا في أفغانستان والشيشيان لنشرها أفكار هدامة وتمويلها حركات إسلامية متطرفة.
ولا يرى المراقبون مستقبلا كبيرا للعلاقات بين روسيا والسعودية، فالأولى ستظل وفية لحلفاءها التاريخيين في المنطقة سوريا وإيران. ولكن برغماتية «بوتين» سيجعله يكسب إلى صفه السعودية ولو كمخاطب مؤقت للعب دور الوساطة مع الجيش الحر.