«ناشيونال إنترست»: السعودية قد تكون المفتاح لحل مشكلة التدخل الروسي في سوريا

الأربعاء 7 أكتوبر 2015 01:10 ص

قرار روسيا بالمضي قدما في شن غارات جوية على سوريا على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة سوف يضع واشنطن أمام خيارات غير مريحة. إذا نجحت الضربات الروسية في تدمير المعارضة السورية فسوف تنظر القوى الإقليمية إلى موسكو كقوة مؤثرة وسوف تعطل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لعزل روسيا بسبب أفعالها في أوكرانيا وخارجها. أما في حال تعثرت العمليات الروسية واستمر تعثر نظام «الأسد» فإن تنظيم الدولة الإسلامية سيكون هو المرشح الأول لملء الفراغ الناجم في السلطة. 

الهروب من هذا اللغز لا يزال ممكنا، ولكن عبر مشاركة فورية للدفع نحو تسوية وسيطة في سوريا. يبدو هذا  الخيار الأفضل لدينا لوقف تدفق اللاجئين واستعادة دور القيادة الأمريكية. ما يهم في هذا الصدد أن مفاتيح هذه التسوية تقع في المملكة العربية السعودية.

تستخدم موسكو نظام التقسيم البسيط في تحديد أهدافها العسكرية. الجماعات التي تدعم نظام «الأسد» ومؤسسات الدولة القائمة في سوريا في كفة، وتلك التي تعارضها في كفة أخرى. في عيون موسكو، فإن كل الجماعات المعارضة للأسد هم في حقيقة الأمر حلفاء للدولة الإسلامية سواء أكانوا يشاركون المتطرفين أهدافهم أم لا. لا ينبع نهج موسكو من فشل في تقدير التنوع داخل المشهد المجتمعي والطائفي المعقد في سوريا، ولكن من إيمانها أن سقوط «الأسد» من شأنه أن ينقل السلطة إلى جماعات أكثر حزما وقسوة مثل تنظيم «الدولة الإسلامية» أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة. نمو العنف المتطرف في ليبيا بعد الإطاحة بـ«معمر القذافي» يلوح في المنطق الروسي.

مقاربة نحن أو هم الروسية تفرض قرارات صعبة على الدول التي تدعم مجموعات المعارضة السورية. وقد حاولت الولايات المتحدة السير في خطي إزاحة «الأسد» ومكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» جنبا إلى جنب، وقد فشلت جهودها في السير على هذا الخط من خلال دعم جماعات المعارضة المعتدلة. الضربات الروسية تجعل هذا النهج أقل قابلية للحياة وأكثر خطورة. وقد سعى الرئيس «رجب طيب أردوغان» في وقت واحد للإطاحة بالأسد، وهزيمة «الدولة لإسلامية» وقمع المعارضة الكردية. التدخل الروسي يترك تركيا في حالة يرثى لها.

المملكة العربية السعودية تواجه خيارات أصعب وأهم. ولم تكن العلاقة بين موسكو والرياض أبدا وثيقة. لكن في الصيف الماضي، وقعت الحكومتان الخطوات الأولية نحو التحسن في العلاقات عندما قام نائب ولي العهد السعودي بزيارة مفاجئة نحو موسكو. حيث وقع اتفاقيات للتعاون الاقتصادي ودعا «بوتين» لزيارة الرياض. ربما كان السعوديون يهدفون إلى تشجيع روسيا على تخفيف دعمها للأسد بينما كانت بشائر الاتفاق النووي مع إيران تلوح في الأفق. من جانبها، رحبت موسكو بالأمر لكونه خرقا في جدا العزلة التي حاولت الولايات المتحدة إقامتها على روسيا. كما رأت أيضا أنها فرصة لاختبار مدى استعداد السعوديين للتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض على سوريا.

أي أمل في الرياض في أن تحسين العلاقات مع روسيا من شأنه أن يقلل من الدعم الروسي للأسد قد ذهب الآن. كذلك أي اعتماد على الولايات المتحدة في مواجهة خصومها الإقليميين. هل على المملكة العربية السعودية مضاعفة دعمها لقوات المعارضة السورية أو السعي إلى حل وسط؟ زيادة الدعم للمعارضة الآن يزيد من مخاطر حدوث مواجهة عسكرية مع روسيا وتمكين المتطرفين العنيفين الذين يهددون العائلة المالكة السعودية. التفاوض مع موسكو الآن سوف يعزز النفوذ الإقليمي الروسي الذي يحوم حوله قدر كبير من الشك. كما يمكن أن تسفر عن عواقب لا يمكن التنبؤ بها للمصالح السعودية.

تقدم معضلة السعودية فرصة دبلوماسية للولايات المتحدة. لن تقبل «الدولة الإسلامية» وغيرها من الجماعات المتطرفة أن تخوض لعبة التسوية في سوريا، وهزيمة هؤلاء هو الخيار الوحيد. ولكن بعض المعارضين السنة يمكن إقناعهم بتقديم تنازلات والسعوديين لديهم القدرة على الضغط عليهم سواء بالعقوبات (عبر حجب المال) أو بالمكآفات (عبر تقديم الدعم المالي) لتشجيع التوصل إلى اتفاق. العمل بسرعة مع الرياض لصياغة الخطوط العريضة لتسوية حل وسيط في سورية يمكن أن يحول الضوء الدبلوماسي من موسكو إلى واشنطن كما أنها ستظمئن الرياض أن الولايات المتحدة لا تزال تعمل كقوة خارجية مهيمنة في المنطقة. بالطبع روسيا سيكون لها دور أيضا في تسهيل أي صفقة مع «الأسد»، ولكن من مصلحتنا أن يكون للولايات المتحدة الدور الرئيسي في دفع عجلة التسوية.

واغتنام هذه الفرصة يتطلب أن نقبل حقيقة أن تدخل روسيا في سوريا قد قلص بشكل كبير من خياراتنا السياسية. لم يعد بإمكاننا التطلع واقعيا لإجبار «الأسد» على التنحي عن السلطة ومنع صعود «الدولة الإسلامية» أو غيرها من الجماعات المتطرفة العنيفة في سوريا. قبول شكل من أشكال استمرار حكم العلويين في سوريا هو الثمن الذي يجب أن تدفعه مقابل القضاء على التهديد أكثر إلحاحا من قبل «الدولة الإسلامية». ونحن لا نستطيع تحقيق أهدافنا، سواء في الشرق الأوسط أو أوروبا من دون أخذ المصالح الروسية في الاعتبار.

الوقت ليس حليفنا في ظل هذه الظروف. الفشل في التحرك الآن يعني المخاطرة بالتنازل عن المبادرة الدبلوماسية لصالح روسيا أو السماح للأحداث على الأرض لتخرج عن نطاق السيطرة. الولايات المتحدة لديها عدد قليل من الخيارات الجيدة، ولكن مجرد الانتظار من أجل أن تفشل مناورة «بوتين» يعد أسوأ الخيارات المتاحة.

  كلمات مفتاحية

سوريا التدخل الروسي العسكري بشار الأسد السعودية الدولة الإسلامية

«نيوزويك»: 5 أسباب لفشل أي عملية انتقالية في سوريا تضم «بشار الأسد»

«الأوبزرفر»: العلويون يفضلون التدخل الروسي لأن الإيرانيين يحتقرونهم

لعبة الشطرنج تحتدم في سوريا بين قوى إقليمية ودولية .. و«الأسد» مفعول به

«بروكنغز»: كيف ترتكب كل من روسيا والولايات المتحدة نفس الأخطاء في سوريا؟

«كارنيجي»: لماذا ينبغي للغرب أن يغض الطرف عن تدخل روسيا لدعم «الأسد»؟

مسؤول سعودي: المملكة ستواجه التدخل الروسي بسلاح نوعي للمعارضة السورية

هل تنقذ السعودية أمريكا من أزمة التواجد الروسي في سوريا؟

محلل أمريكي: من يفكر في تخلي روسيا وإيران عن «الأسد» فهو يحلم

خطيب الجامع الأموي يرحب بالتدخل الروسي ويهاجم «أوباما» ويتطاول على «آل سعود»

«خاشقجي»: ندافع عن أنفسنا في سوريا.. و«الفيصل» يرى أن تدخل روسيا لن يوقف القتال

مصدر: السعودية حذرت روسيا من «عواقب وخيمة» بسبب تدخلها في سوريا

«رويترز»: السعودية والأوروبيون عاملوا «بوتين» بجفاء

«رأي اليوم»: الرياض تخطب ود الكرملين حتى لا تكون ضحية المحور الروسي الإيراني

نتائج التدخل الروسي في ظل الردود المتوقعة عليه

«رويترز»: تكثيف الدعم السعودي للمعارضة السورية يبطئ من تقدم النظام