أسرار بقاء «الدولة الإسلامية» في الموصل لأكثر من عام

الأحد 5 يوليو 2015 02:07 ص

عندما بسط تنظيم «الدولة الإسلامية» سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوي، شمالي العراق، في صيف العام الماضي، اعتقد كثير من العراقيين أن هذه السيطرة ستكون وقتيه، لكن التنظيم حافظ على حكمه للمدينة لمدة تجاوزت العام، ويبدو أنه سيبقى فيها لفترة طويلة، فما السر وراء ذلك؟

ونقل تقرير نشرته صحيفة «القدس العربي» اللندنية، عن خبراء عراقيين أن سر نجاح تنظيم «الدولة الإسلامية» في ترسيخ أقدامه في مدينة الموصل هو نجاحه في اكتساب «بيئة صديقة» هناك، مستغلا معاناة سكان المدينة من الحكومات العراقية التي تعاقبت بعد سقوط نظام «صدام حسين» في عام 2003، حسب تقرير لصحيفة «القدس العربي» اللندنية نشرته اليوم الأحد.

ووفق هؤلاء الخبراء، فإن التنظيم قدم نفسه على أنه الحامي لأهل السنة والعرب في الموصل من «الاضطهاد الطائفي» الذي عانوا منه على يد الشيعة والأكراد بعد سقوط نظام «صدام»، بجانب المرونة التي أبداها التنظيم في إدارة المدينة مع عدم التهاون في الجانبين الشرعي والأمني، وساعده على ذلك الالتزام الديني الذي يتميز به السكان هناك.

ويبدو أن المؤشرات في البداية كانت تدل على أن مهمة تنظيم «الدولة الإسلامية» في إدارة المدينة ستكون ميسرة، حيث تبين الكثير من الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ترحيب السكان المحليين بمقاتلي التنظيم، على الأقل في الأسابيع الأولى لخروج الموصل عن سيطرة الحكومة المركزية، وفرض التنظيم سيطرتها عليها بعد أربعة أيام من القتال الشرس.

 ويعود هذا حسب مصدر عشائري بارز في عشيرة الحديديين بالموصل تحدث للصحيفة (لم يرغب في الكشف عن اسمه) إلى «واقع معاناة السُنَّة طيلة سنوات الاحتلال، واستمرار هذه المعاناة على يد الحكومة المركزية بعد الانسحاب، والنهج الطائفي لها، خاصة خلال فترتي حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي لم يعد ثمة خلاف على طائفيته حتى في أوساط السياسيين الشيعة أو الإدارة الأمريكية».

أما الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، «عمر الفلاحي»، فيرى أن «تميز سكان الموصل بالتزامهم الديني، واحترامهم للعلماء ومكانتهم الدينية والاجتماعية، جوانب مهمة سهلت مهمة تنظيم الدولة الإسلامية في إدارة المدينة، وتطبيق ما تراه حدودا شرعية تتولى أمر تنفيذها مجموعة من العاملين في ديوان الحسبة، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

 ويضيف أن «الموصل وأهلها عانوا طويلا من الاضطهاد الطائفي الذي مارسه الجيش العراقي، كما هو الحال مع البيشمركة الكردية (جيش إقليم كردستان) العنصرية التي قضمت الكثير من الأراضي العربية التابعة للموصل، وضمتها إلى إقليم كردستان، وبالتالي فان التنظيم استغل هاتين المعضلتين المزدوجتين لطرح نفسه بديلا ثالثا عن الحالتين، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير».

وأوضح أن «كسب البيئة الاجتماعية من عوامل نجاح أي تنظيم في البقاء، واستمرار قوته، وقد استطاع تنظيم الدولة تجيير الخلافات الاجتماعية والطائفية والقومية، وتناقضاتها، لصالح مشروعه؛ ففي الحرب الطائفية، وضع نفسه حاميا لسنة العراق والشام، وفي الصراع القومي تغلغل في داخل القرى والمدن العربية التي ظلت تعاني من سطوة البيشمركة الكردية، لهذا نحن اليوم أمام قيادة سياسية قادرة على استغلال الصراعات المختلفة، وتوظيفها لمصلحة نجاح مشروعه الذي يكافح من اجله».

أستاذ قسم التاريخ في جامعة الموصل سابقا، «هاشم حميد» اتفق مع ما ذهب إليه «الفلاحي»، معتبرا أنه «مع سياسات القوات الأمنية المعروفة بنهجها الطائفي اكتسب التنظيم بيئة صديقة في الموصل تعزّزت أكثر».

 وأضاف أن المرونة التي أبداها في إدارة شؤون الموصل مع عدم تهاونه في جانبين اثنين، الشرعي والأمني، ساهمت في كسبه «البيئة الصديقة» في المدينة.

ولفت إلى أن «عشائر عدّة في الموصل أعلنت بيعتها للتنظيم، واستعدادها للقتال إلى جانبه ضد أي قوة تحاول اقتحام الموصل، كما أن العشائر الأخرى التي لم تبايعه تتبنى الموقف نفسه في الدفاع عن المدينة، وعدم السماح مستقبلا بحكمها من قبل الشيعة، أو الأكراد تحت أي ظرف كان».

وتابع قائلا: «الموصل هي ثاني أكبر مدن العراق، وشعور أهلها، وعموم أهل السُنَّة، أن بغداد لم تعد كما كانت، وأنها لم تعد عاصمة لبلدهم العراق، وهي ليست بيد أهلها، إنما بيد الغرباء عنها، هذا وغيره ولّد قناعة لدى أهل الموصل، مفادها أن السنة بعد سيطرة الدولة الإسلامية على مدينتهم بات لهم وزن واعتبار، وأنّ مدينتهم أصبحت عاصمة لأقوى كيان ناشئ، وهو أمر يتماهى مع تاريخ الموصل وأهلها المعروفون باعتزازهم بالهوية الموصلية، وتقديمها على ما سواها».

وبناءً على المعطيات السابقة أعرب أستاذ التاريخ في جامعة الوصل سابقا عن اعتقاده  بأن أهل الموصل «سيدافعون عن مدينتهم مهما بلغت الأكلاف، ومهما حاول بعض أبنائها تجنيد ضعاف النفوس للقتال إلى جانب الشيعة، والأكراد، والتحالف الدولي، لاستعادة المدينة؛ فمعظم السُنَّة ليسوا مستعدين للتعاون مع الحكومة العراقية، والولايات المتحدة، ضد الدولة الإسلامية إلاَّ من قبل قلّة منهم لأغراض شخصية، أو دفاعا عن أنفسهم من تهديدات الدولة الإسلامية بسبب ماضي تعاونهم مع قوات الاحتلال في مجالس الصحوات العشائرية، أو الفصائلية».

وأمس، أسقطت طائرات عراقية منشورات على مدينة الموصل تبلغ فيها السكان بأن مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» سيطردون قريبا من المدينة، وإن تفاصيل عملية انتزاع السيطرة على المدينة ستبثها محطة إذاعية جديدة، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ووعدت الحكومة العراقية، التي يقودها الشيعة، أكثر من مرة، بعملية عسكرية لاستعادة الموصل، لكن هذه الوعود لا تجد تنفيذا على الأرض.

وفي 10 يونيو/ حزيران 2014، سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى (شمال)، قبل أن يوسع سيطرته على مساحات واسعة في شمال وغرب وشرق العراق، بالإضافة إلى شمال وشرق سوريا.

وتعمل القوات العراقية وميليشيات موالية لها، وقوات البيشمركة، على استعادة السيطرة على المناطق التي سيطر عليها التنظيم، بدعمٍ جوي من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة.

  كلمات مفتاحية

العراق الموصل الدولة الإسلامية

منشورات تسقط على سكان الموصل: قواتكم المسلحة على الأبواب

«الدولة الإسلامية» يأوي نازحين عراقيين في مخيمات بالموصل

«داعش» وحالاتها الثلاث في ذكرى سقوط الموصل

خطط العراق لاستعادة الموصل مجرد ”وهم“ .. لماذا لن تبدأ المعركة قريبا؟

«الدولة الإسلامية» يستعرض عضلاته في الموصل بعرض عسكري «غير مسبوق»

«الدولة الإسلامية» يكمل بناء «سور الخلافة» حول الموصل

مساعد مدير «FBI» السابق: قواعد الحرب على الإرهاب تبدلت بعد ظهور تنظيم «الدولة»

محافظ نينوى السابق: إيران تسيطر على القرار السياسي في العراق

واشنطن تزعم: التحالف استعاد ربع إمبراطورية «الدولة الإسلامية» في عام

«الجبوري» يتسلم تقرير لجنة «سقوط الموصل» ويؤكد عرضه في جلسة علنية غدا

أنباء عن مقتل «التركماني» نائب البغدادي في غارة على الموصل

ضابط كردي: إنزال أمريكي شمالي الموصل تمهيداً لمعركتها

«الدولة الإسلامية» يقبض على 25 من «البيشمركة» فروا من سجن في الموصل

وصول 90 جنديا أمريكيا للمشاركة في استعادة الموصل من «الدولة الإسلامية»

القوات البرية العراقية أعدت خطة لاستعادة الموصل