«الدولة الإسلامية» يقيم دولة بالعنف وبقاؤه مرتبط بغياب استراتيجية لإضعافه

الخميس 23 يوليو 2015 03:07 ص

هل هناك إمكانية لأن يتحول تنظيم «الدولة الإسلامية» لواقع دولة؟ الجواب عليه مرتبط بطريقة تعامل القوى الدولية مع تهديده والإستراتيجية المتاحة والمطروحة لإضعافه أولا وتدميره كما حدد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» في صيف عام 2014 عندما بدأ حملة جوية على مواقع الجهاديين في العراق وسوريا.

وجاء في تقرير لصحيفة القدس العربي» الجمعة أن من يراقب أداء التنظيم خلال أكثر من عام يرى أنه طور شكلا من الإدارة والحكم في المناطق التي يسيطر عليها، وألغى الحدود التي ظهرت من تقسيمات القوى الكبرى بمرحلة ما بعد الدولة العثمانية عام 1917، وعليه فوجود التنظيم ككيان ظل مرتبطا بسياسات الدول الغربية الرافضة للتعامل بطريقة جذرية مع الواقع الذي نشأ في كل من سوريا والعراق بسبب توسع التنظيم،  فسياسة اضرب واهرب عبر الطيران الحربي لم تمنع من توسع الجهاديين.

تـحـــولات 

ونقلت الصحيفة عن مقال لـ«رى تيم أرانغو» في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية قوله إن «تنظيم الدولة الإسلامية قد تحول إلى دولة فاعلة ويستخدم الإرهاب من أجل تعزيز الطاعة والخوف بين المعادين له، حيث احتل الجهاديون أراض ودمروا الأثار التاريخية وذبحوا الأقليات واسترقوا النساء وحولوا الأطفال إلى قتلة»

ورغم كل هذا فمن الصعب رشوة مسؤولي التنظيم مما يجعله أفضل من حكومتي العراق وسوريا. وينقل عن «بلال» الذي يعيش في مدينة الرقة السورية قوله «يمكنك السفر من الرقة إلى الموصل ولا أحد يتجرأ على التعرض لك حتى لو كنت تحمل معك مليون دولار».

وأضاف أن أحدا من سكان «الخلافة» لا يتجرأ على أخذ ولو دولار. 

وبحسب «أرانغو» فإن التنظيم على خلاف القاعدة التي سبقته يسيطر على أراض ويؤسس بالضرورة لمعالم دولة فاعلة لكنها تقوم على الإرهاب والعنف»

فرغم توفير الإدارة التابعة للتنظيم نوعا من الاستقرار لمن يعيشون في ظل الدولة وملئه الفراغ الذي خلفته الحكومات الفاسدة، إلا ان أساليب العنف والإرهاب تؤثر على طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بحد قوله. 

ويعتقد «أرانغو» أنه من المبكر الحديث عن دولة حقيقية، لكن التنظيم وضع عددا من الإجراءات المرتبطة بالحكم من مثل إصدار بطاقات هوية للمواطنين، ووضع قيود على الصيد من أجل الحفاظ على الثروة السمكية وطلب من أصحاب العربات الاحتفاظ بصندوق أدوات لحالة الطوارئ. 

ويعلق «ستيفن وولت» من مدرسة «جون كيندي» للحكم بجامعة هارفارد أن هذه الإجراءات تعبر عن «منظمة ثورية تقوم ببناء دولة». 

وناقش «وولت» في مقال سابق له نشرته مجلة «فورين بوليسي» تحت عنوان «ماذا سنفعل لو انتصرت الدولة الإسلامية؟»، حيث قال إن الجهاديين قد يفوزون في ضوء النتائج المتواضعة التي حققتها الحملة الدولية التي تقودها أمريكا ضدهم.

وكتب أن «انتصارا للدولة الإسلامية سيعني أن الجماعة ستحتفظ بالمناطق الواقعة تحت سيطرتها وتتحد الجهود الخارجية لإضعافها وتدميرها».

وأضاف إنه بعد عام من الغارات الأمريكية على التنظيم، أصبح من الواضح أن التخلص منه يقتضي تدخلا أجنبيا على قاعدة واسعة. وهذا جدل مرتبط بالاعتقاد الواسع أن عملية عسكرية بدون حل سياسي يمنح السنة المحرومين بديلا لحمايتهم ليس كاف لإنهاء تهديد «الدولة الإسلامية»

وهذا أمر مهم لأن السنة في سوريا والعراق لا بديل أمامهم. ولا يزال سنة العراق معادين للحكومة الشيعية في بغداد. 

أما في سوريا، فيواصل «بشار الأسد» حربه الأهلية التي قتلت أكثر من 200 ألف سوري منذ عام 2011.

وينقل تقرير المجلة الأمريكية عن «أحمد» هو صاحب محل لبيع المقتنيات الأثرية وفر قبل فترة من الرقة «الدولة الإسلامية مقبولة أكثر في الرقة»، مشيرا إلى أن الحياة في الرقة اليوم مستقرة أكثر، خاصة أن التنظيم يطبق أحكام الشريعة: يقطع يد السارق ويقتل القاتل ويرجم الزاني.

تجـــربــة طــالـبان

ويقارن التقرير هذه المشاعر في سوريا اليوم وبين تجربة حركة «طالبان» التي عززت من سيطرتها على أفغانستان بعد فترة من الفوضى التي مارسها أمراء الحرب عندما رحل السوفييت عن البلاد. 

ويقول «جون ماكلوغلين»، نائب مدير سي آيه إيه من عام 2000- 2004 إن التنظيم قد ينتصر. ولكنه أضاف أن هذا مفهوم مثير للجدل بسبب وحشيته حيث لا ينهزم الشر دائما». 

ويشير التقرير إلى أن الكثير من الخبراء قارنوا بين عنف التنظيم والمذابح التي ارتكبت في أثناء الثورة البلشفية والثورة الشيوعية الصينية وقبلهما الثورة الفرنسية. ونظر لهذه الثورة في حينها كتهديد للسلام العالمي. 

ويشير «ماكلوغلين» إلى حزب الله اللبناني الذي يعتبر منظمة إرهابية، ولكنه لاعب سياسي مهم في لبنان الآن. ويرى ويليام ماكانتاس»، مدير مشروع العلاقة الأمريكية مع العالم الإسلامي بمعهد بروكينغز أن المقاربة صحيحة «نحن في الغرب جلبنا فكرة التمرد ومكافحة التمرد وكسب العقول والقلوب، ولكننا نسينا كيف انشئت الكثير من الدول على الوحشية». 

وبحسب التقرير فإن عنف «الدولة الإسلامية» ينظر إليه في المناطق الواقعة تحت سيطرته بطريقة مختلفة. 

فالناس الذين عاشوا عقدا من الحروب والتطهير الطائفي والدمار يتمتعون بقدر من الاستقرار والنظام: شوارع نظيفة وخدمات وإن كان قليلة. 

وفي داخل «الدولة الإسلامية» يمكن للناس العيش بسلام طالما تجنبوا معارضة التنظيم. ويبرز العنف هذا بشكل واضح في التعامل مع القبائل التي تجرأت على المعارضة كالشعيطات في سوريا والبونمر في العراق ومع الأقليات الإيزيدية.

  كلمات مفتاحية

تنظيم «الدولة الإسلامية» سوريا

«الدولة الإسلامية» يأوي نازحين عراقيين في مخيمات بالموصل

60 يوما قابلة للتجديد لكشف المسؤولين عن سقوط مدينة الموصل بيد «الدولة الإسلامية»

رغم الضربات الجوية .. «الدولة الإسلامية» تتشبث بمواقعها على الأرض

الحياة في الرقة تحت حكم تنظيم "الدولة الإسلامية"

"الدولة الاسلامية" وأخواتها .. وأسباب مفاجأتها الكبرى في الموصل

«إندبندنت»: أكثر 7 خرافات شيوعا عن «الدولة الإسلامية»

أكاديمي مصري: أكذوبة كبرى وراء الأخبار المتداولة عن «الدولة الإسلامية»

إدارة أوباما.. وفقدان البوصلة !