السياحة والقطاع الخاص أكبر الخاسرين.. الاقتصاد المصري بواجه مخاطر كبيرة بسبب كورونا

الاثنين 16 مارس 2020 08:56 م

"الحجوزات تقترب من الصفر"..

هكذا تفيد مصادر قطاع السياحة في مصر، على خلفية توالي الإعلان عن إصابات جديدة بفيروس "كورونا" المستجد "كوفيد-19" في البلاد، ما يندر بحالة ركود غير مسبوقة، تتلاشى معها غالبية مكتسبات القطاع، الذي يعد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر.

ومن المرجح أن يؤثر الركود في قطاع السياسة على معيشة نحو 3 ملايين مصري يعملون في أنشطة متصلة بالسياحة التي تمثل 15% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، وحققت إيرادات بلغت نحو 12.6 مليار دولار في العام المالي 2018-2019، وفق بيانات رسمية.

وتلقت مدينتا شرم الشيخ والغردقة تحديدا ضربة قوية جراء قرار أوكرانيا (أهم بلد مصدر للسياحة فيهما) بتعليق رحلاتها إلى مصر؛ خوفا من فيروس "كورونا"، لتفقد مصر نحو 1.5 مليون سائح، يضاف إليها خسائر أخرى جراء قرار إلغاء نحو 5 معارض دولية، كانت ستسهم بشكل كبير في تنشيط حركة السياحة على مدار شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان.

ويقدر وكيل وزارة السياحة الأسبق والخبير السياحي، "مجدي سليم"، حجم تضرر حركة السياحة المصرية بأكثر من 70%، مشيرا إلى أن "الوضع ازداد سوءا مع زيادة انتشار الفيروس وإعلان أنه وباء وتعليق الرحلات الجوية الدولية"، وفقا لما أورده موقع "عربي 21".

غياب الشفافية

ويعزز من تراجع القطاع أن الثقة بما تعلنه الحكومة المصرية بشأن حقيقة أعداد المصابين بفيروس "كورونا" المستجد "شبه منعدمة"، في ظل تاريخ طويل من انعدام الشفافية في التعامل مع مثل هذه القضايا.

وتفيد مصادر مطلعة بوزارة الصحة والسكان المصرية، في هذا الصدد، بأن الوزارة تكتمت لمدة يومين على حالة سائح ألماني توفي جراء إصابته بكورونا في الأسبوع الأول من مارس/آذار الجاري، وأن هذا السائح "لم يكن بين ركاب الباخرة النيلية الموبوءة بمحافظة الأقصر (جنوبي البلاد)، والتي أصيب على متنها 45 شخصاً بالعدوى"، وفقا لما نقله موقع "العربي الجديد".

وتعزو المصادر عدم الإعلان عن الحالة إلى تخوف الوزارة من التداعيات السلبية لذلك، لا سيما أنّ الألماني الراحل كان محتجزا في مشفى حكومي يتردد عليه مئات من المواطنين يومياً، وعانى من التهاب رئوي حاد، وحجز في غرفة العناية المركزة على مدار يومين، من دون أن يغلق المستشفى أبوابه أمام الجمهور.

وتقوم "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" التابعة لوزارة الصحة الأمريكية حاليا بالتواصل مع عشرات المسافرين الذين كانوا على متن الباخرة النيلية لطلب فحصهم أو توجيههم بعمل عزل ذاتي، وفقا لما أوردته صحيفة "واشنطن بوست".

وفي حين أعلنت وزارة الصحة المصرية حتى مساء الإثنين (15 مارس/آذار) عن 150 إصابة بفيروس "كورونا" في البلاد، نقل مدير مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بالقاهرة "ديكلان والش" عن باحثين أجانب أن التقدير الحقيقي لعدد الإصابات بمصر يتجاوز 19 ألف حالة.

ويؤكد باحثون بجامعة تورنتو بكندا، أن معدلات الإصابة في مصر تفوق الأرقام الرسمية بكثير، استنادا إلى تحليل بيانات الرحلات الجوية وأعداد المسافرين، والقياس على عدد السياح الذين أصيبوا بفيروس "كورونا" المستجد داخل البلاد.

غير أن مراقبين متخصصين اختلفوا في تقييم الأساس الإحصائي للدراسة، بين مؤيدين استند إلى "منطقيتها" ومعارضين رفضوا "منهجيتها" التي تقوم على الاعتداد بقياسات وافتراضات وليس على المعاينة والرصد والتحليل.

من بين رافضي التقدير الوارد في الدراسة "أحمد جمال سعد الدين"، المحرر العلمي بالنسخة العربية من مجلة "نيتشر"، الذي نوه، عبر حسابه بـ"فيسبوك"، إلى أن هذا التقدير غير صحيح بالضرورة لأنه لم يكن تكن محل اطلاع من علماء لتقييمه بعناية، وليس محكما من قبل خبراء الطب.

كما يتشكك "سعد الدين" في جزء من منطقية التقدير الإحصائي الذي يفترض إمكانية إخفاء الحكومة المصرية لنسب وفيات بعدد يقترب من العشرين ألفا، واعتبر ذلك مستحيلا في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، التي لم تسجل ولو نصف هذا العدد من البلاغات.

 

 

أما المؤيدون، ومنهم "أحمد رامي الحوفي"، نقيب الصيادلة بمحافظة القليوبية (شمالي مصر) سابقا، فيرون أن الرقم المذكور بالإحصاء منطقي، استنادا إلى توالي إعلان دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية عن اكتشاف حالات إصابة قادمة من مصر بأعداد تفوق ما أعلنته الحكومة المصرية في الداخل.

وعبر حسابه بـ"فيسبوك"، يرجح "الحوفي" أن تكون عملية التعتيم على وفاة السائح الألماني بالأقصر في إطار نهج حكومي يقوم على فكرة عدم الإعلان عن إصابة أو وفاة بـ"كورونا" إلا في حالة الاضطرار لذلك، معتبر أن استناد دراسة الباحثين بجامعة تورنتو إلى عدد السياح وعدد من أصيبوا بكورونا أثناء وجودهم فى مصر من الممكن أن يعتد به كأساس في الإحصاء، حتى لو لم يكن الرقم الكلي المستنتج للإصابات دقيقا بالضرورة.

وسواء كانت الرقم الوارد في إحصاء باحثي تورنتو دقيقا أو لا، فالمؤكد أن الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد يأخذ منحى تصاعديا في مصر، وهو ما دفع رئيس الدولة "عبدالفتاح السيسي" إلى إصدار قرار بتعليق عمل المدارس والجامعات لمدة أسبوعين.

أزمة اقتصادية

وإذا ما انتقل تعطيل الحياة العامة في مصر إلى المصانع والشركات والمؤسسات العامة، فمن شأن ذلك أن يتسبب في أزمة اقتصادية كبرى في بلد يعاني أصلا من تفاقم مشكلات الفقر والبطالة، ليس فقط بسبب الأثر المدمر على القطاع السياحي، لكن أيضا بسبب انكماش القطاع الخاص (المشغل الرئيس للعمالة) وتراجع الإنتاج.

وفي هذا الإطار، أظهر مسح متخصص أن انكماش القطاع الخاص غير النفطي بمصر استمر في فبراير/شباط الماضي مع تراجع الإنتاج للشهر السابع على التوالي، وهو ما يعزوه "فيل سميث"، الاقتصادي لدى "آي إتش إس"، إلى تضافر الظروف الصعبة في السوق المحلية مع ضعف في الطلب الخارجي، مع استمرار التراجع الحاد لطلبيات التصدير، وفقا لما أورده "الجزيرة نت".

وبإضافة قرار "السيسي"، السبت (14 مارس/آذار) بتخصيص 100 مليار جنيه (6.38 مليار دولار) لتمويل الخطة الشاملة لمواجهة المرض، وما تتضمنه من إجراءات احترازية للتعامل مع أية تداعيات محتملة لتفشيه، يمكن استنتاج زاوية أخرى للأزمة الاقتصادية المتوقعة في مصر.

ورغم أن وزير المالية المصري "محمد معيط" صرح بأن توفير هذا المبلغ سيكون من احتياطي موازنة العام المالي الحالي، زاعما أن نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادى أتاحت وفورات مالية لمثل تلك الظروف الاستثنائية، وفقا لما نقلته صحيفة "اليوم السابع" (خاصة)، لكن بيانات الوزارة لموازنة العام المالي المقبل تشير إلى عجز بقيمة 7.8% من إجمال الناتج المحلي الإجمالي للبلاد على الأقل.

وإذا كانت بيانات الوزارة لموازنة العام المالي المقبل قد اعتمدت ظروفا طبيعية لمرحلة ما قبل انتشار "كورونا"، فإن تفشي المرض في مصر ربما يعني انخفاضا أكبر في موارد البلاد، وزيادة مضطردة في نفقاتها، ما ينذر بارتفاع كبير في عجز الموازنة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

كورونا

تخفيض عدد العاملين في المصالح الحكومية بمصر

الأسكوا تحذر من فقدان 1.7 مليون عربي وظائفهم بسبب كورونا

ستراتفور: إعادة تقييم التداعيات الاقتصادية العالمية لكورونا

ماذا يعني كورونا بالنسبة للاقتصاد المصري؟

ستراتفور: كورونا قد يضعف قبضة السيسي على الحكم

1.5 مليار دولار خسائر السياحة المصرية بسبب كورونا

الأساسات الهشة تحت وطأة الأزمة العالمية.. الاقتصاد المصري خلال وبعد كورونا

انهيار السياحة يمكن أن يكلف الاقتصاد العالمي 4 آلاف مليار دولار