استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في العراق حركة تصحيحية غير مكتملة الأركان

الأربعاء 12 أغسطس 2015 03:08 ص

«بعد التوكل على الله، واستجابة للمرجعية، واحتراماً لإرادة الشعب». بهذه المسوغات برر «حيدر العبادي» إطلاق الرزمة الأولى من برنامج الإصلاح يوم الأحد الماضي، ووعد بإطلاق المزيد منها في الأيام القادمة، وهي تعنى بالعدل ورفع الظلم واحترام حق الإنسان في الحرية والحياة. لم يكن أمام «العبادي» خيار آخر لتهدئة الجماهير الغاضبة، وهو يعلم أن تحركه هذه المرة سيكون ثمنه مستقبله السياسي، بينما البديل أفضل، وهو أن يتحول زعيماً وطنياً يلبي حاجة الجماهير المحرومة ويضرب «بيد من حديد» بؤر الفساد، أن يستجيب على الفور ويخرج عن المألوف الذي درج عليه العراق منذ تشكيل أول حكومة منتخبة على أساس الدستور الدائم في عام 2005.

«العبادي» لم ينتظر العمل بالسياقات الدستورية والقانونية، لأنها بطيئة، كما أنها غير مضمونة النتائج في ظل الفوضى وعملية سياسية عرجاء تهيمن عليها طبقة غالبيتها انتهازيون فاسدون، وشركاء مشاكسون من الصعب أن يجتمعوا على شيء.

بالكلام الفصيح، ورغم جدارتها، فإن قرارات العبادي لادستورية ولاقانونية، وقد أشار العبادي في ديباجة القرار الذي أصدره، الى مطالب الجماهير وتوجيه المرجعية ليس إلا!

إذاً «العبادي» في سابقة تاريخية وهو رئيس وزراء منتخب وفق الدستور يتخذ قرارات خطيرة من دون سند قانوني أو مرجعية دستورية، لكنه مع ذلك لا زال يحتكم للدستور وينوي تقديم هذه القرارات للتصويت عليها من قبل المشرعين، أي مجلس النواب.

هذه مفارقة، وهي من جهة أخرى تقدم الدليل الصارخ على هشاشة العملية السياسية وضعف المؤسسات الديموقراطية في بلد ممزق كالعراق، وفي هذا الاتجاه نحا «العبادي» منحى الانقلابيين في الاستناد إلى الشرعية الثورية أو الجماهيرية كما عزز قراره بالاستناد الى توجيهات المرجعية وأسبغ على القرارات مسحة دينية مذهبية كي تلقى قبولاً أوسع من جانب الجماهير الشيعية المحرومة الثائرة على النخبة الشيعية الفاسدة. وهذا دليل على الانحراف من الدولة المدنية إلى الدولة الدينية المذهبية.

«حيدر العبادي» تصرف بخلاف جميع التوقعات، وضرب عصفورين بحجر وخرج من هذه الأزمة -حتى الآن على الأقل– منتصراً، بينما كان هو وحكومته مستهدفين، ولو تردد «العبادي» ولم يحسم أمره لتصاعد خطاب المتظاهرين في أيام الجمعة القادمة إلى حد «حيدر العبادي.. ارحل»، وهو ما كان يخطط له «نوري المالكي» مدعوماً من المليشيات الطائفية وهي تضغط منذ فترة لإسقاط العملية السياسية -على رغم فشلها- وإلغاء الدستور وحل البرلمان وتحويل نظام الحكم من برلماني الى رئاسي كنسخة عن نظام الولي الفقيه في إيران، كل ذلك تمهيداً لعودة «المالكي» الى السلطة، وهكذا تجري عملية انقلاب كاملة تقودها الدولة العميقة في الخفاء وتنفذها جماهير غاضبة على تردي الخدمات ترفع سقف مطالبها تدريجياً الى حد إسقاط النظام.

هذا ما كان مخططاً له لكن ضربة استباقية مباغتة من جانب العبادي قلبت السحر على الساحر. واليوم يضيق الخناق على «المالكي» وبطانة السوء ويمنع من السفر، ويصرح لأول مرة عن استعداده للمثول أمام القضاء!

قرارات تأخر صدورها كثيراً، وتنفيذها سوف يستغرق وقتاً طويلاً، ولهذا لن ينعم المحرومون هذا الصيف بكفايتهم من خدمة الكهرباء ولا الفقراء بحصة كافية من الغذاء، ولن تتوفر للخريج العاطل فرصة للعمل، كما لن يستعيد العراق بلايينه المنهوبة بسهولة ويسر. الخراب الذي حصل في العراق على مدى السنوات الثلاث عشرة الماضية سيستغرق إصلاحه عقوداً من الزمن. لكن فعالية قرارات العبادي تكمن في إيقاف الهدر المتواصل للنفقات الحكومية من جهة وحماية المال العام بردع الفاسدين من جهة أخرى.

الحركة التصحيحية غير مكتملة الأركان، ومن المتوقع أن تواجه تحديات كبيرة عند التنفيذ إذا لم تتبعها خطوات حازمة أخرى على جناح السرعة، وفي المقدمة منها تفكيك أركان الدولة العميقة التي بناها «المالكي» وشرعنها رئيس مجلس القضاء «مدحت المحمود» الذي لا بد من تنحيته ومنعه من السفر تمهيداً لملاحقته قانونياً على تستره على جرائم الإرهاب والفساد. أما إذا تردد «العبادي» واختار أنصاف الحلول فإنه يكون قد اختار الانتحار سياسياً.

وطالما تجرأ «العبادي» وكسر القيد الدستوري مستمداً شرعيته من الجماهير الغاضبة، إذاً ماذا يمنعه من المضي بالاتفاق مع رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان في تعليق الدستور وحل الأحزاب وإعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة يدعمها فريق من المستشارين ذوي الكفاءة في مختلف المجالات، تمهيداً لتعديل الدستور، وكتابة قانون للأحزاب وتعديل قانون الانتخابات والدعوة لانتخابات مبكرة.

كلمة أخيرة، عندما تتواصل قرارات الإصلاح ويمضي «حيدر العبادي» في تنفيذها بحزم وسرعة ويعمل بجدية على استعادة وطنية القرار السياسي ويمنع التدخل الخارجي، فإنه من دون شك سيستقطب احترام الجميع وليس فقط الشيعة، لكن حتى هؤلاء لا زالوا يتطلعون الى إعلان صك براءته من حزب «الدعوة» المسؤول عما آل إليه العراق من بؤس وتمزق وضياع.

أما العرب السنّة فهم يتطلعون إلى دور فاعل في حركة التصحيح هذه، سيما وقد سبقوا إخوانهم الشيعة في الحراك الشعبي الذي تواصل سلمياً على مدى عام، وكانوا طرحوا مشروعاً وطنياً من أربع عشرة نقطة كان من شأنه لو أخذ به المالكي إصلاح أمر البلد نحو التنمية والاستقرار.

* طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي السابق

  كلمات مفتاحية

العراق المرجعية إرادة الشعب حيدر العبادي الإصلاح الفساد نوري المالكي الشيعة السنة

مصادر: «معصوم» طالب البرلمان العراقي بالإبقاء على «المالكي» نائبا له

«تسنيم» الإيرانية: السعودية رسمت سيناريو احتجاجات العراق

برلمان العراق يمنح «العبادي» دعما قويا بالموافقة بالإجماع على خطته للإصلاح

تجربة العراق ... لبنانيا: الحكم الفاسد يُسقط الدولة

بدء التحقيق مع نائب رئيس الحكومة العراقية «بهاء الأعرجي» في تهم «فساد»

«العبادي» يلغي مناصب حكومية كبيرة ويطيح بـ«نوري المالكي»

بناء الدولة العراقية: الهزيمة الحقيقية لتنظيم «الدولة الإسلامية»