وافق مجلس النواب العراقي (البرلمان) بالإجماع، اليوم الثلاثاء، على أكبر تعديلات على النظام الحكومي منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، وهي التعديلات التي من شأنها الإطاحة بعدد كبير من المسؤولين ومنح رئيس الوزراء «حيدر العبادي» صلاحيات جديدة.
وبث التليفزيون العراقي، جلسة البرلمان التي تم فيها التصويت على قرارات «العبادي»، حيث تم أخذ آراء النواب برفع الأيدي دون مناقشة أو اعتراضات، في إجراء يوضح الضغط الواقع على الأعضاء للتحرك بعد أن دعم المرجع الشيعي الأعلى «علي السيستاني»، الإصلاحات وطالب رئيس الوزراء بـ«الضرب بيد من حديد لمن يعبث بأموال الشعب»، بحسب وكالة رويترز.
ما فعله «السيستاني»، قام به أيضا رئيس مجلس النواب العراقي «سليم الجبوري» أمس الاثنين، عندما طالب رؤساء الكتل السياسية بتأييد الإصلاحات التي تقدم بها رئيس مجلس الوزراء.
وجاءت قرارات «العبادي» عقب مظاهرات حاشدة شهدتها البلاد احتجاجا على الفساد المالي والإداري.
وبموجب الإصلاحات سيفقد عدد كبير من خصوم «العبادي» مناصبهم الرسمية وبينهم سلفه «نوري المالكي» الذي سيترك منصب نائب رئيس الجمهورية الذي شغله منذ أن انتهت العام الماضي سنواته الثمانية في رئاسة الوزراء.
وسعى «العبادي» الذي مر عليه عام في المنصب لتغيير نظام يمنح المناصب لقيادات حزبية على أسس طائفية وعشائرية ويصفه رئيس الوزراء بأنه يشجع على الفساد ويؤدي للفشل والابتزاز السياسي بصورة يتعذر معها إدارة شؤون البلاد.
وبعد إقرار حزمة الإصلاحات ستلغى ثلاثة مناصب لنواب رئيس الجمهورية وثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء لتتلاشى مراكز قوى شغلها عدد كبير من أكثر الشخصيات في البلاد نفوذا.
وستدمج وزارات عديدة لتقليل عدد المناصب الوزارية لتصبح وزارتا التخطيط والمالية وزارة واحدة، وكذا المياه والزراعة والبيئة التي ستدمج كلها مع وزارة الصحة.
وسيصبح بيد «العبادي» إقالة محافظين ومسؤولين محليين كانت لهم في السابق قوة في الأقاليم تفوق قوة السلطات المركزية، كما ستتقلص القواعد الجديدة للحراسات الخاصة وغيرها من الامتيازات الخاصة بتفاصيل تأمين السياسيين، كما قد تجرى إصلاحات جذرية على النظام القضائي لتشجيع التحقيق في مخالفات الفساد.
والإصلاحات المحفوفة بالمخاطر هي الخطوة الأكبر من جانب «العبادي» لبسط نفوذه رغم سقوط مساحات كبيرة من الأراضي العراقية في يد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ورغم الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة المركزية جراء انهيار أسعار النفط.
وخلال سنوات تطبيق النظام السياسي الذي أعقب الاحتلال الأمريكي بين 2003 و2011 كانت المناصب الكبرى توزع بين الطوائف الرئيسية الثلاث الشيعة والسنة والأكراد.
لكن إصلاحيين عراقيين احتجوا لفترة طويلة بأن هذا النظام يضع سلطات أكثر مما ينبغي في أيدي زعماء شيعة على أساس طائفي يشغلون مكاتب في بغداد ويجوبون الشوارع في مواكب مسلحة ويوزعون المناصب على أساس الولاءات.
وكان «المالكي» قال في بيان: «لا نمانع من اللجوء إلى الآليات الدستورية والسياسية من أجل إعادة النظر في بعض التشريعات».
وعن تلك الإصلاحات، قالت «ماريا فانتابي» الخبيرة في شؤون العراق في مجموعة الأزمات الدولية، إنها لا ترجح نجاح «العبادي» في تطبيق قائمة إصلاحاته.
وأضافت: «أهمية هذه الإصلاحات في الكيفية التي سيجعل منها العبادي حجر زاوية لإجراء بعض التغييرات الصغيرة التي ستعزز شعبيته ووضعه في مواجهة منافسين في المشهد السياسي الشيعي».
فيما قال «كيرك سويل» ناشر دورية «إنسايد إيراك بوليتيكس» السياسية: «من وجهة نظر سياسية فإن هذه هي أول مرة يحصل فيها العبادي على فرصة، لو نجح في استغلالها فستضعه في موقف يمكنه للمرة الأولى من تطوير قاعدة سياسية وموقف سياسي مستقل».