استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

شحنة العبادي والتيار المقطوع

الأحد 16 أغسطس 2015 02:08 ص

يمكن ان تكون حزمة الاصلاح التي أعلن عنها حيدر العبادي وما سيتبعها من إجراءات جديدة، طوق نجاة لما تبقى من العراق الذي نعرفه، إضافة لكونها طوق نجاة للطبقة الحاكمة من المصير الأسود الذي ينتظرها، مصير، وبحسب أعداد لا يستهان بها من نخب المتظاهرين والثائرين، لا يستبعد منه القلع والخلع والملاحقة والاجتثاث!

الوضع المسخم بكل أنواع العوادم المتراكمة من حرائق العراق منذ 2003 وحتى الآن، ومن دون بصيص أمل نحو تغيير جذري يأخذ بيد العراق من الدمار والانهيار والتفكك والفساد والتبعية إلى وضعه الطبيعي الذي كان حيث المقدمة في الصحة والتعليم والصناعة والزراعة والأمان وحيث النزاهة والدولة المهابة برغم عيوبها التي لا مجال للمقارنة بينها وبين عيوب عراق ما بعد الاحتلال وحكم اللصوص والحرامية والمتخلفين، جعل الناس تكفر بعمامة الدجالين وملالي الدين وبكل الكلام المعسول لافندية الاحتلال الذين اعتبروا العراق مغارة علي بابا، كنز لا يغرف منه الا الذين آمنوا بتشريح العراق وتقاسم اعضائه وبيعها لجني المزيد من النعم، حلال زلال ، وكأن البلاد مسبية لا أهل لها، أو كما جاء بوصف محمد حسنين هيكل: العراق عبارة عن بنك سيطر عليه لصوص ليس لهم علم بالإدارة والسياسة!

قبل تنظيم الدولة وبعدها الوضع من سيء إلى اسوء، بل ان نجاح التنظيم باقامة دولته على اكثر من ثلث أرض العراق لم يكن ليتحقق لولا درجة السوء التي وصل إليها الوضع العراقي، تشظي، وتفشي أفقي وعمودي للفساد، غياب الدولة وهيبتها، أحزاب ليست كالأحزاب فهي لا تعمل وفق قانون أو دستور لان الأخير علاوة على كونه حمال أوجه وفيه من الألغام ما يكفيه فانه ينفجر بوجه من يتجرأ على الدعوة لتصحيحه، لانها ستؤدي لانهيار التوافق الشيعي الكردي الذي ضمن تمرير نصوصه. نعم ان الأحزاب التي انجزت هكذا دستور وبوصاية امريكية لا تعمل إلا كمافيات وعصابات استولت على السلطة ولن تتركها لغيرها بغير قاعدة الإزاحة. اما الانتخابات فهي شكلية وتحصيل حاصل، السياسة لديها كالدين، والطائفية تجارة تدر مناصب ومنافع شتى، والمناصب ضمانة للمقاولات والعمولات والأتاوات. هكذا تداور الطبقة السياسية الجديدة امورها بين المال العام المنهوب والسلطة المنهوبة، لا رقابة ولا محاسبة، ديكورات واكسسوارات باسماء رنانة لمؤسسات خاوية لا معنى حقيقيا وفعليا لوجودها. برلمان وبنك مركزي ولجنة نزاهة وتفتيش مالي ومفوضيات مستقلة ووزارات تضاهي وزارات الصين بعددها، وانتخابات مزورة وكاذبة، وانحطاط شامل وكامل في بلاد لا يعطل أهلها عن الثورة العارمة غير سياسة فرق تسد التي يتبعها أمراء السلطة الجديدة وغير سياسة التجهيل والترويض وابتزاز العواطف المذهبية والمناطقية والاثنية وغسل الأدمغة!

لقد طفح الكيل، 1000 مليار دولار دخلت العراق منها 800 مليار دولار كواردات للنفط و 200 مليار دولار كهبات خارجية، صرف منها 40 مليار دولار للكهرباء، كل هذا خلال 12 عام ، وحتى الآن فان البلاد تشكو من الانقطاع اليومي للكهرباء وبمعدل 15 ـ 20 ساعة، وتشكو من شحة المياه الصالحة للشرب، ومن انحطاط قياسي لكل الخدمات العامة، ومن نسبة بطالة تجاوزت 30% ، ناهيك عن تدهور كارثي في مجالات الصناعة والزراعة وكل مجالات الاستثمار المنتج. 148 مجموع مبالغ عقود التسليح والجيش لا يملك سلاحا، حتى ان الميليشيات الطائفية والاثنية تتفوق عليه بسلاحها، 25% من العراقيين تحت خط الفقر و3 ملايين نازح ومهجر يعتاشون على مساعدات الإغاثة الأممية.

كل المستشفيات والمدارس والمباني الرسمية والمتاحف والفنادق الكبيرة، والطرق والجسور والقصور والمعامل والمصانع الموجودة حاليا هي من مخلفات النظام السابق، ولم يثبت ان سرق أحد رموز ذاك النظام أمولا من الدولة وهربها خارج العراق أو امتلك أحدهم عقارات وشركات وبأموال الدولة خارج العراق، أو حرص أحدهم للحصول على جنسية غير عراقية، لكن ومن الثابت الآن ان لأغلب رموز العملية السياسية الحالية اموالا مهربة للخارج وبالملايين ان لم تكن بالمليارات، وان لأغلبهم جنسيات أخرى وانهم وسلطتهم هدموا ولم يبنوا شيئا جديدا يذكر، بل انهم جعلوا من عقارات الدولة أملاكا لهم!

«باسم الدين سرقونا الحرامية» هتاف عراقي يزمجر من البصرة إلى بغداد مرورا بميسان والناصرية والكوت والحلة والسماوة والديوانية والنجف وكربلاء. هتاف يختزل المشهد التراجيدي لشعب يتعرض لأبشع أنواع الابتزاز والتدجين والسطو والتغييب والمصادرة والتعذيب والتهشيم والتلويث والخداع. هتاف يصدح بحناجر وقلوب وعقول الملايين من العراقيين الذين هم مروعون بأرتفاع معدلات الخراب والدمار والقتل المجاني والنهب العمومي للثروة والسلطة كما هم مروعون بارتفاع معدلات درجات الحرارة المذيبة لكل طبقات العزل الصناعي التي حاول سراق الحكم والثروة في العراق جعلها غشاوة على أعين الناس لتسييرهم إلى حيث يريدون!

«إشلون اتبايع حيدر وانت السارق بيت المال؟» هتاف آخر قيل في زمن المالكي وهو يسحب البساط من تحت أقدام المتاجرين بالدين والتمذهب الطائفي، وهو يخاطب أحزاب السلطة، كحزب الدعوة الذي يقوده المالكي، والمجلس الإسلامي الذي يقوده عمار الحكيم، ومنظمة بدر التي يقودها هادي العامري وهكذا الحال لباقين من شلة شياطين الدين والمذهبية!

الميزانية شبه خاوية وأسعار النفط منخفضة وتنظيم الدولة يستنزف ما تيسر له، وليس هناك ما يستر عورات السلطة القائمة من مليارات أوراق التوت أو أوراق الدولارات التي يمكن ان تسكن الحالة، بالرغم من ان الحكومة قد تملصت من مخصصات المحافظات الواقعة تحت احتلال تنظيم الدولة، وتحديدا محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار. لكنها مع نسب النهب والإهدار الجارية في كل الظروف وحتى بين ما يسمى فصائل الحشد وتسليحهم، في ورطة حقيقية، ومأزق نوعي لا تسعفه الاستدانة الدولية ولا حتى محاولات ترشيد النهب، وتقليص أعداد الفضائيين الذين تذهب رواتبهم لجيوب أحزاب السلطة!

شحنة العبادي الاصلاحية والتي حثت عليها مرجعية النجف الشيعية لم تأت من فراغ، بل انها استشعرت المخاطر الجمة التي سيترتب على عدم الشروع بها لانقاذ ما يمكن انقاذه من افلاس وانكسار وبالتالي من سقوط محتم أما تحت حكم «داعش» أو تحت حكم ثوار ساحات التظاهر وما تفرزه من قوى فاعلة قادرة على استنهاض كل المستائين والصامتين والمترددين للخلاص من حكم اللصوص الذي نهب البلاد ودمر العباد.

هذه الشحنة ان لم تتحول لتيار عالي الضغط فانها ستتلاشى وتتسرب في الجسد المسجى وهي ستلاقي مقاومة مخاتلة من الذين ستنقص مغانمهم وتتهدد مصالحهم على المديات المنظورة وغير المنظورة، برغم ترحيبهم المعلن بها!

للأسف ان امكانيات التحول من اصلاح ترقيعي إلى اصلاح جذري يتطلع لقيام عملية سياسية جديدة تعتمد الوطنية في كل مفرداتها ودستورها، ضعيفة جدا ان لم تكن معدومة، لان العبادي ذاته مشبع حتى النخاع بفكرة الأغلبية الطائفية، وهو مكره أخاك لا بطل، بسبب ضغوط الحراك الشعبي من ناحية وبسبب الانسداد الذي تواجهه السلطة القائمة بكافة مفاصلها.

وحتى المرجعية التي تضغط باتجاه الاصلاح فانها تريد منه ان يستبقي السلطة في مسارها الحالي والتي تفترضها مؤبدة بيد قوى الطائفة السياسية والتي يستحيل ان تمكن غيرها منها. وعليه ستكون قوى الحراك الشعبي هي الوحيدة القادرة على التغيير الجذري وعلى خلع قوى السلطة الباغية، وان اعتمدت اسلوب التدرج والاســتـــدراج المرحلي، وهو ما يتطلب شـــروطا موضوعية وذاتية متطابقة لتحويل شــحنة الاصلاح إلى تيار صاعق وبضغط عالي!

ما يبعث على التفاؤل هو تسارع التطورات المحلية والاقليمية والدولية التي تمنح فرصا ربمــا تكون مؤاتية لهذا التظافر المؤدي إلى افراز كيفي ينتج سلطة جديدة شكلا ومضمونا، من رحم هذا الحراك الشعبي الذي لن يموت أبدا.

  كلمات مفتاحية

العراق الاحتلال حيدر العبادي الفساد الإصلاحات

برلمان العراق يمنح «العبادي» دعما قويا بالموافقة بالإجماع على خطته للإصلاح

«العبادي» يلغي مناصب حكومية كبيرة ويطيح بـ«نوري المالكي»

الاحتجاجات تجتاح وسط وجنوب العراق ودعوات لمظاهرات حاشدة الجمعة المقبل

«العبادي» يضع الإصلاحات السياسية الجذرية شرطًا للقضاء على «الدولة الإسلامية»

«العبادي»: سأمضي فى محاربة الفساد ولو كلفني الأمر حياتي

مركز بحثي: احتجاجات العراق الفئوية تحولت إلى صراع في بيت السلطة

هـل هدف المتظاهرين في العراق تغيير هريرة؟