تصاعد التوتر من سعي إثيوبيا لبدء ملء سد النهضة الشهر المقبل

الأحد 7 يونيو 2020 10:45 م

منذ اتفق رؤساء وزراء مصر والسودان وإثيوبيا، في 21 مايو/أيار، على استئناف المفاوضات الفنية للنظر في صيغة توافقية لحل النزاع حول تخزين المياه وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، بدأت اللجان الفنية للدول الثلاث الترتيبات للاتفاق على جدول الأعمال وتاريخ الاجتماع.

ولكن لم يتم التوصل إلى نتائج حتى الآن، وفي الوقت نفسه، يرتفع الترقب ويتزايد الحذر بشأن الحلول التوافقية المحتملة مع إصرار إثيوبيا على بدء ملء السد في يوليو/تموز المقبل.

وفي بيان صحفي في 21 مايو/أيار، حددت وزارة الخارجية المصرية شرطا لاستئناف الاجتماعات الفنية بناء على نتائج مفاوضات واشنطن في فبراير/شباط، وهو أن تقتصر الاجتماعات على الاتفاق بشأن القضايا العالقة في تشغيل سد النهضة وملئه، وأكدت الوزارة أهمية الاجتماع المقرر والحاجة إلى التوصل إلى اتفاق عادل وشامل ومتوازن.

وجرت المفاوضات بين وزراء الخارجية والمياه في مصر والسودان وإثيوبيا في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني 2019 إلى فبراير/شباط الماضي تحت رعاية سياسية وفنية من البنك الدولي والولايات المتحدة.

وتم التوصل إلى صيغة اتفاقية شاملة تضمنت قواعد محددة لملء وتشغيل السد والتدابير لمواجهة أعوام الجفاف وندرة المياه.

كما اتفقوا على آلية تنسيق وآلية ملزمة لحل النزاعات، وناقشوا سلامة سد النهضة وإنجاز الدراسات البيئية.

ووقعت مصر الاتفاقية التي صاغتها الولايات المتحدة والبنك الدولي، بينما رفضتها إثيوبيا وانسحبت من اجتماع التوقيع.

وفي غضون ذلك، أجل السودان توقيعه حتى موافقة الدول الثلاث على جميع الشروط، ولكن لم يصدر أي إعلان رسمي عن موقفه.

ومنذ فشل مفاوضات واشنطن بسبب انسحاب إثيوبيا، دعت وزارة الخارجية المصرية إلى تعليق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في واشنطن لملء سد النهضة حتى يتم التصديق على صيغة شاملة تحدد قواعد تشغيل وملء السد.

وحاولت إثيوبيا اجتياز أول عملية ملء للسد لتكون قادرة على إجراء التشغيل التجريبي للتوربينات وتوليد الطاقة من خلال اقتراح اتفاقية جزئية مع مصر والسودان في منتصف مارس/آذار، لكن كلا البلدين رفضا التوقيع على الاتفاقية المذكورة.

وقال مسؤول حكومي مطّلع على قضية مياه النيل لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "عودة مصر إلى طاولة المفاوضات تؤكد موقفها في البحث عن حل عادل ومتوازن يخدم جميع الأطراف، لقد دعت مصر إثيوبيا إلى العودة إلى المفاوضات واحترام نتائج اجتماعات واشنطن منذ انسحابها المفاجئ منها في 28 فبراير/شباط. وكان التصعيد والتحركات الدبلوماسية رد فعل طبيعي على العناد الإثيوبي والقرارات أحادية الجانب لملء خزان السد دون التوقيع على الاتفاقية".

وأضاف المصدر أن "جدول أعمال اللقاءات الفنية لا يزال قيد التداول بين الخبراء الفنيين ووزراء المياه في الدول الثلاث".

وواجهت عودة مصر إلى المفاوضات حذرا شديدا وخوفا من مراقبي قضية مياه النيل في مصر. وعبر خبراء فنيون وسياسيون وقانونيون عن مخاوفهم على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن استغلال إثيوبيا لموافقة مصر والسودان على العودة إلى المفاوضات لكسب الوقت.

ويعتقد خبراء أن إثيوبيا تحاول وضع القاهرة والخرطوم أمام الأمر الواقع من خلال البدء في ملء السد في يوليو/تموز وضمان عدم وجود تصعيد دبلوماسي ضدها.

وقال "مساعد عبدالعاطي"، أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة: "من ناحية فنية بحتة، لا فائدة من العودة إلى المفاوضات، إذ تواصل إثيوبيا استعداداتها لبدء ملء خزان السد في يوليو/تموز، ولنجاح المفاوضات، فإن الشرط الوحيد هو وقف أي أنشطة لملء الخزان حتى يتم حل المشكلة الفنية المعلقة وتوقيع اتفاقية ملء وتشغيل شاملة".

وشدد "عبدالعاطي" على ضرورة وجود إطار زمني واضح وملزم لأية مفاوضات مقبلة، حيث ضاعت أكثر من 5 أعوام في اجتماعات متكررة لم تحقق أيا من أهدافها منذ توقيع إعلان المبادئ في مارس/آذار 2015.

وكتب الخبير السوداني في القانون الدولي "أحمد المفتي"، في صفحته على "فيسبوك"، في 21 مايو/أيار: "يطالب وفد المفاوضات السوداني بشروط واضحة قبل الدخول في محادثات فنية مع إثيوبيا مرة أخرى، بما في ذلك التزام إثيوبيا بوقف عمليات بناء السد وخطة الملء المتوقعة في يوليو/تموز، حتى توقيع اتفاقية نهائية شاملة بين الدول الثلاث تحكم عمليات التخزين والملء".

وتابع: "إذا لم تلتزم إثيوبيا بالاتفاقية، فإن أي محادثات فنية جديدة ستكون غير مجدية. بل سوف تبدد حقوق السودان، وتمنح إثيوبيا المزيد من الوقت لمواصلة عملية بناء السد والبدء في ملئه دون اعتراض دولي".

وبالرغم أن السودان توسط لاستئناف المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، لكن وزيرة الخارجية السودانية "أسماء محمد عبدالله" بعثت برسالة إلى مجلس الأمن الدولي في 2 يونيو/حزيران توضح موقف السودان.

وقالت إن بلادها تتبع مبدأ حسن النية منذ بداية الأزمة، وقد التزمت باتفاقية الأمم المتحدة لقانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، التي تنص على الاستخدام العادل والمنصف للمياه دون التسبب في مخاطر كبيرة للبلدان الأخرى، بالإضافة إلى الحل السلمي للصراعات.

كما دعت الوزيرة مجلس الأمن إلى منع الأطراف المتنازعة من اتخاذ إجراءات من جانب واحد تعرض السلام والأمن الدوليين والإقليميين للخطر.

وتعليقا على رسالة السودان إلى مجلس الأمن، طمأن وزير الري والموارد المائية السوداني "ياسر عباس"، في تصريح لوكالة الأنباء السودانية في 2 يونيو/حزيران، بأن "الرسالة لم تكن تصعيدا ضد أي طرف متفاوض، ولم تقف مع أي طرف أيضا. لقد كان مجرد تأكيد لحق السودان".

وجاءت الرسالة الموجهة إلى مجلس الأمن وسط تصعيد سياسي بين إثيوبيا والسودان بسبب الصراع الحدودي.

وفي 28 مايو/أيار، حذر المتحدث باسم الجيش السوداني "عامر محمد الحسن" من "حرب شاملة مع إثيوبيا بعد أن حاولت الميليشيات الإثيوبية أخذ المياه من نهر عطبرة وزراعة الأراضي السودانية دون موافقة الخرطوم"، واندلعت الاشتباكات، ما أسفر عن مقتل ضابط سوداني وإصابة 6 آخرين.

وقبل الإعلان عن اتفاق استئناف المفاوضات، التقى وزراء المياه والشؤون الخارجية الإثيوبيون مع مندوبي الأحزاب السياسية في 28 مايو/أيار، لتأكيد المواقف السيادية لإثيوبيا بشأن مواصلة بناء السد وملئه.

وقال وزير المياه، "سيليشي بيكيلي"، إن "مصر تميل إلى الاحتجاج بما يسمى بحقوقها التاريخية في المياه، وهو ما لا يمكن أن تقبله إثيوبيا".

ويتوقف نجاح أو فشل استئناف المفاوضات على سرعة وزراء المياه في البت في جدول أعمال فعال للقضايا العالقة رغم التوترات السياسية المستمرة بين الدول الثلاث.

المصدر | آية أمان | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مفاوضات سد النهضة سد النهضة الأثيوبي نهر النيل

وزير مصري سابق: إسرائيل تتلاعب سرا في أزمة سد النهضة

السودان: مشاكل فنية بشأن سد النهضة يمكن حلها بحسن النوايا

إثيوبيا: لا تراجع عن ملء سد النهضة ولا حرب مع السودان

السودان يدعو مصر وإثيوبيا لاجتماع بشأن سد النهضة الثلاثاء‎

مصر وبريطانيا تتفقان على التنسيق بملف سد النهضة