هكذا استغل الأردن كورونا لقمع المعلمين ومواجهة الإخوان

الاثنين 24 أغسطس 2020 07:47 م

مع ارتفاع عدد حالات "كورونا" مرة أخرى في الأردن، هدأت الحكومة المخاوف من إعادة فرض الإغلاق الكامل، في مراعاة لنصيحة الاقتصاديين الأردنيين الذين حذروا من أن الاقتصاد لا يمكنه تحمل مثل هذه الخطوة.

ورغم أن الأردن يبدو وكأنه نجا من جائحة الفيروس التاجي نسبيًا (حتى الآن 1532 حالة و11 حالة وفاة) فقد كانت هناك عواقب اقتصادية كبيرة لما أطلق عليه "أقسى إغلاق في العالم".

فوفقًا لوحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجموعة "إيكونوميست"، سيكون ربع القوى العاملة في البلاد عاطلاً عن العمل بحلول نهاية العام، ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5%، وهو أول انكماش اقتصادي في الأردن منذ أكثر من 30 عامًا.

تراجع عن الإصلاحات

اتخذت الحكومة الأردنية موقفا متشددا ضد المعارضة، فيما يبدو تحسبا لاضطراب اقتصادي قادم، ففي 25 يوليو/تموز، تم إغلاق نقابة المعلمين التي تعد أكبر نقابة عمالية مستقلة في البلاد، فيما يعد تراجعا عن الإصلاحات الديمقراطية التي أعقبت الربيع العربي والتي سمحت بافتتاح النقابة في عام 2012.

منذ إغلاق النقابة التي تضم 140 ألف عضو، احتجزت الحكومة جميع الممثلين الـ13 في مجلس النقابة بتهم لم يتم الكشف عنها واعتقلت أكثر من ألف متظاهر خرجوا إلى الشوارع اعتراضًا على القرار، وفقًا لمحامي النقابة، "باسم فريحات".

كما أصدرت الحكومة أمر حظر نشر يمنع وسائل الإعلام من مناقشة تفاصيل القضية واعتقلت الصحفيين المحليين والأجانب الذين غطوا الاحتجاجات التي تلت ذلك.

اعتمدت الحكومة على قوانين الدفاع الصادرة في مارس/آذار لاعتقال المتظاهرين واحتجازهم، وكانت الحكومة قد لجأت في البداية إلى قوانين الدفاع من أجل مكافحة "كوفيد -19" بشكل أفضل، مع التأكيد على تطبيقها في أضيق نطاق ممكن حتى لا تتعارض مع حماية الحريات العامة والحق في التعبير.

واتهم "فريحات" الحكومة باستخدام قوانين الدفاع بشكل انتقائي لتقييد الاحتجاجات واستغلال أزمة "كوفيد-19" للتخلص من النقابة.

استشهدت الحكومة بمخاوفها من الوباء كسبب لحظرها للاحتجاجات، لكن "فريحات" عبر عن شكوكه بشأن هذا المنطق، قائلًا: "لقد رأيت زنازين يحتجزون فيها 21 محتجزا في مساحة 3 × 3 أمتار، دون كمامات".

كما قال "فريحات" لـ"المونيتور" إنه على الرغم من الإفراج عن معظم المتظاهرين المعتقلين، فإنه لا يزال هناك حوالي 200 محتجز على أساس انتماءاتهم السياسية.

أُفرج عن العديد من المتظاهرين بكفالة، واضطروا إلى تقديم تعهدات بعدم الاحتجاج مرة أخرى وإلا سيتعين عليهم دفع مبالغ تصل إلى 500 ألف دينار أردني (705.227 دولار أمريكي).

لكن في المقابل، يقول "فريحات" إن مبلغ الكفالة التقليدي الذي يدفعه تجار المخدرات المشتبه بهم هو 30 ألف دينار.

تصر الحكومة على إغلاق النقابة بأمر من القضاء بسبب ما تزعم أنه "جرائم اقتصادية"، لكن المحللين يرون بشكل عام أنها محاولة لمنع إضراب آخر للنقابة.

وكانت نقابة المعلمين قد تلقت وعدًا بزيادة الأجور بعد 4 أسابيع من الإضراب في عام 2019، ولكن تم إلغاء الزيادة بعد أن جمدت الحكومة جميع الزيادات في رواتب القطاع العام في أبريل/نيسان.

صب البنزين على النار

كما يُنظر إلى نقابة المعلمين على أنها تقع تحت سيطرة جماعة "الإخوان المسلمون" التي تم حظرها في 15 يوليو/تموز، ما يعزز سردية ​​أن إغلاق النقابة استمرار لحملة الحكومة ضد الجماعة.

وقال أعضاء النقابة الذين تحدثوا مع "المونيتور" إن "الإخوان المسلمون" كان لهم وجود في النقابة لكنهم لم يشكلوا غالبية صفوفها، كما قال أعضاء إن حجم النقابة يمنع أي جماعة من الهيمنة عليها أو تحويلها إلى كيان أيديولوجي.

وسرعان ما حولت تكتيكات الحكومة القاسية ضد النقابة ما كان في الأساس نزاعًا على الأجور إلى قضية وطنية، وكانت هناك احتجاجات في جميع أنحاء البلاد بشكل منتظم منذ نهاية يوليو/تموز، وأصبح شعار "مع المعلمين" شعارا للاحتجاجات.

في إحدى هذه الاحتجاجات في مدينة إربد الشمالية في 13 أغسطس/آب، شاهد المارة قوات الأمن تفكك بسرعة سلسلة بشرية متباعدة اجتماعيًا أمام المبنى الإداري للمحافظة، واعتقلت أولئك الذين رفضوا التفرق، وعلق أحد المشاهدين: "لا أفهم، الحكومة تصب البنزين على النار فحسب".

بعد الاحتجاج، قال أمين سر نقابة المعلمين في إربد، "فراس الخطيب"، لـ"المونيتور" إن معاملة الحكومة للمتظاهرين غير مسبوقة وتمثل تراجعا حادا عن الانفتاح على الحوار الذي قدمته سابقًا.

وقال إن وجود النقابة نفسها كان انتصارًا تحقق بشق الأنفس، ولم يُفتتح إلا في عام 2012 بعد سنوات من التنظيم المدني، كما أعرب عن قلقه من أنه في حالة اختفاء النقابة، فإن المجتمع المدني الأردني سيفقد أكبر هيئة مستقلة لديه وسيعاني نتيجة لذلك.

الجائحة كمسوّغ للسلطوية

كما أدى إغلاق الأردن لنقابة المعلمين والقيود المفروضة على حرية التعبير إلى انتقادات دولية لها، ففي 19 أغسطس/آب، دعا مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأردن إلى التراجع عن إغلاق النقابة، وانتقدها بسبب "الانتهاكات الجسيمة للحق في حرية تكوين الجمعيات والتعبير".

ويعد الأردن من عدة دول في المنطقة تمرر تشريعات الطوارئ الشاملة في استغلال لجائحة "كورونا"، ففي مصر على سبيل المثال، وسعت قوانين الطوارئ الجديدة من سلطات الدولة لمراقبة واحتجاز المواطنين.

كما تتوقع المنطقة بأكملها تباطؤًا اقتصاديًا كبيرًا بسبب "كوفيد-19"، وتشهد بيروت وبغداد احتجاجات على الظروف المعيشية.

وستحدد الطريقة التي ستختار بها الحكومات الاستجابة للوباء والاضطرابات التي تلي ذلك، مستقبل مجتمعاتها المدنية، أو ما تبقى منها.

وسيؤدي استغلال قوانين الطوارئ الخاصة بالوباء لسحق المعارضة في جميع أنحاء المنطقة إلى مستقبل قاتم للشرق الأوسط ما بعد "كورونا".

المصدر | ويليام كريستو | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

احتجاجات المعلمين بالأردن فيروس كورونا

المعلمون والإخوان والملك.. أصابع الإمارات تغذي الأزمة في الأردن

إيكونوميست: مدارس الأردن تكافح كورونا واعتقال المعلمين

لماذا لجأت الحكومة الأردنية لحملة القمع الأخيرة؟

دعا على السيسي.. "آمين" و"لايك" قادتا معارضا أردنيا بارزا إلى المحكمة

الإخوان المسلمون في الأردن يبحثون عن ممر آمن

الأردن.. حكم قضائي بحل نقابة المعلمين وحبس مجلس إدارتها

احتجاجات لمعلمي الأردن أمام مجلس النواب (فيديو)

القيادي بإخوان الأردن رامي عياصرة لـ"الخليج الجديد": إطلاق يد الجماعة مصلحة وطنية