هل تفتح زيارة الملك «سلمان» صفحة جديدة في العلاقات مع واشنطن؟

الاثنين 7 سبتمبر 2015 05:09 ص

قام الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود» بزيارة إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع. وفي حين أن العاهل السعودي كان قد أجرى زيارات خارجية أخرى منذ صعوده إلى العرش في يناير/ كانون الثاني الماضي فقد كانت زيارة واشنطن هي أول زيارة رسمية له إلى أي مكان. بالنسبة للبعض، فإن هذه الحقيقة في حد ذاتها هي إشارة إلى أن العلاقات السعودية الأمريكية قد انتعشت بعد تعرضها لضغط هائل في أعقاب الربيع العربي.

البيان المشترك الذي صدر في 4 سبتمبر/أيلول عقب اجتماع الملك «سلمان» في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» يشير إلى أن الاجتماع ناقش القضايا الأكثر إلحاحا في المنطقة بما في ذلك اتفاق إيران النووي والحرب الأهلية السورية، والكفاح ضد «الدولة الإسلامية» والحرب في اليمن .

التقى «سلمان» مع الرئيس «باراك أوباما» في البيت الأبيض يوم 4 سبتمبر/ أيلول. وحضر كبار الأعضاء في وفده مؤتمرا استمر لمدة يوميا وركز على الفرص التجارية والاستثمارية بين الولايات المتحدة والسعودية. ابن الملك، الأمير «محمد بن سلمان»، الذي يشغل موقعي نائب ولي العهد ووزير الدفاع كان مرافقا للوفد وتحدث عن فرص الاستثمار والأعمال في المملكة. في حين ينبغي أن نتوقع من كلا الجانبين التركيز على المصالح المتبادلة التي شكلت وحفظت هذه العلاقة الخاصة لمدة 7 عقود، فقد أكد البيان المشترك الذي صدر في أعقاب الاجتماع الذي تم عقده في البيت الأبيض أن قادة البلدين لم يتجنبا القضايا الشائكة، بما في ذلك اتفاق إيران النووي و المذابح المستمرة في سوريا، والكفاح ضد «الدولة الإسلامية» والحرب في اليمن. وبينما أن هناك دائما اتفاق واسع النطاق بين البلدين حول هذه القضايا، فإن الاختلافات على التفاصيل لم تكن هينة. ويبدو أن الزيارة قد كان محاولة لردم هذه الهوة.

التوقيت والأهداف

وقد وصف توقيت زيارة «سلمان» من قبل بعض المراقبين بأنه غريب نوعا ما، وقد خمن البعض أنه كان محاولة أخيرة لعرقلة صفقة إيران قبل أيام من التصويت عليها من قبل الكونجرس. هناك عدد قليل قد خمنوا أيضا أن السعوديين حاولوا التأثير على التصويت من خلال القبض على العقل المدبر لتفجير الخبر عام 1996 في بيروت، بعد أن كان هاربا لما يقرب من 20 عاما . كل من المسؤولين  في السعودية والولايات المتحدة يعلمون منذ وقت طويل أن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 19 جنديا أمريكيا كان من عمل جماعة شيعية تدعى «حزب الله الحجاز» بدعم من حزب الله اللبناني وبعض عناصر الحكومة الإيرانية. مع ذلك، تشير تصريحات المسؤولين السعوديين بشأن الاتفاق على مدى الأسابيع القليلة الماضية أنهم قد يميلون للتصالح مع حقيقة أن معارضي الاتفاق أمامهم تل شديد الانحدار كي يصعدوه.

وعقب اجتماع 4 سبتمبر/ أيلول في البيت الأبيض، لم يبد وزير الخارجية السعودي راضيا بعد تأكيد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» للملك «سلمان» أن الاتفاق النووي يضمن عدم حيازة إيران لسلاح نووي من خلال إنشاء نظام تفتيش قوي والسماح باستئناف العقوبات بعد قطعها إذا قامت إيران بمخالفة التزاماتها.

في حين أن الشك يظل هو الشعور السائد في المملكة العربية السعودية تجاه الاتفاق، فإن الإدارة الأمريكية قامت بعمل جيد في تسويق صفقة إيران للعالم العربي. ليس فقط لأنه كان جهدا مستمرا، ولكنها أيضا نجحت في وضع المسؤولية على عاتق منتقدي الاتفاق في توفير بديل قابل للتطبيق. السعوديون، مثل الكثير من دول العالم العربي، يبدو أنهم في طريقهم للتسليم أن الصفقة الحالية هي أفضل من لا شيء على الإطلاق.

اليمن وسوريا

ومع ذلك، فقد أوضح السعوديون مرارا وتكرارا أنهم قلقون أيضا بشأن تدخل إيران في العالم العربي، وخصوصا في العراق ولبنان واليمن. وقالوا أيضا أن دعم إيران المستمر للرئيس السوري «بشار الأسد» غير مقبول. لتبديد هذه المخاوف، حاولت إدارة «أوباما» التأسيس لشراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في قمة كامب ديفيد في يونيو/ حزيران، وهي شراكة من شأنها تعزيز التعاون الأمني ​​والعسكري وضمان مسار سريع لتسليم أنظمة أسلحة متقدمة.

وقبل انطلاق الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن في مارس/ أذار، كانت سوريا تهيمن على دورات الأنباء في المملكة. مملكة العربية السعودية استثمرت السعودية سياسيا بشكل ضخم في محاولة الإطاحة بـ«الأسد» من السلطة. لم يدن السعوديون فقط حربه التي لا هوادة فيها لكنهم أكدوا أيضا أن وحشية نظامه هي السبب الرئيسي لنجاح تجنيد آلاف المواطنين الأجانب.

على مدار الأشهر القليلة الماضية، كان موقف الإدارة الأمريكية بخصوص مستقبل «الأسد» غامضا إلى حد ما. رغم ذلك، ذكر البيان المشترك الذي تم إصداره 4 سبتمبر/ أيلول أن «أي تحول سياسي هادف يجب أن تتضمن رحيل بشار الأسد الذي فقد شرعيته لقيادة سوريا».

كما برز التقدم الذي تحققه الحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن بشكل بارز في هذه المناقشات. وقد أعربت الإدارة الأمريكية مرارا عن دعمها للحملة، وقدمت أيضا الدعم اللوجستي الحيوي اللازم للتحالف. من جانبهم، قدم السعوديون وحلفاؤهم انفراجة عندما أجبروا  المتمردين الحوثيين المدعومين من ايران على الانسحاب من عدن. ورغم ذلك، فإن الهجوم الصاروخي على مخزن الأسلحة في مأرب والذي أسفر عن مقتل 10 جنود من المملكة العربية السعودية، 45 من الإمارات العربية المتحدة وخمسة من البحرين في 5 سبتمبر/ أيلول قد يؤدي إلى تصعيد في القتال.

ومعي سعي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لتعزيز نفوذه في حضرموت والمناطق الجنوبية من اليمن. فقد بدأ بعض المراقبين يتحدثون عن أهمية بذل السعوديين والإماراتيين جهودا لبناء الدولة تؤدي إلى ملء الفراغ الأمني والسياسي في المناطق التي يتم طرد الحوثيين منها. ومع ذلك، فإن أمر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل ببذل جهد في هذا الصدد لا يزال قيد النقاش. وتشير تقارير إلى قيام السعودية بطمأنة الولايات المتحدة أنها سوف تفعل المزيد لتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن.

وعلى الرغم من هذا الاتفاق واسع النطاق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فإن اليمن تمثل حالة من الخروج الصارخ في السياسة الخارجية السعودية كرد فعل لتصورها بأن الولايات المتحدة قد سحبت أيديها من المنطقة. وفي حين أن السعوديون قلقون من العنف والنفوذ الإيراني في لبنان والعراق وسوريا، فإن اليمن هي الخط الأحمر الذي يضرب به المثل في المملكة العربية السعودية.

ومع انتقال البلاد إلى شفير الحرب الأهلية مرة أخرى، فإن السعوديين مجبرون على اعتماد سياسة خارجية حازمة كالما نصحهم الخبراء والمحللون منذ فترة من الزمن. في حين ليس هناك شك في أن الحملة في اليمن تهدف إلى إرسال رسالة إلى خصوم المملكة العربية السعودية، وخاصة إيران. إلا إنها تحمل رسالة أيضا إلى الحليف الاستراتيجي «الولايات المتحدة» تؤكد  أنه في حين أن المملكة العربية السعودية تثمن علاقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، فإن الواقع في الشرق الأوسط يتطلب المزيد من الحزم. وقال السعوديون أنهم سوف يفعلون كل ما يلزم لحماية مصالحهم.

ويوضح البيان الصادر عقب الاجتماعات أن إدارة «أوباما» سوف تكيف نفسها مع هذا الموقف السعودي الجديد. ويعد هذا تحولا دراميا في المعايير. ويبدو أن العلاقات السعودية الأمريكية قد خضعت لإعادة تقييم للتوقعات. وأن هذه العلاقة طويلة الأمد التي امتدت لعقود من المنتظر لها أن تدوم.

  كلمات مفتاحية

السعودية الملك سلمان اليمن سوريا أوباما العلاقات السعودية الأمريكية

شركات سعودية وأمريكية توقع 14 اتفاقية تعاون خلال زيارة الملك «سلمان» لواشنطن

الأهداف الاقتصادية والسياسية من زيارة الملك «سلمان» لأمريكا

«أوباما» والملك «سلمان»: رحيل «الأسد» شرط لأي تحول سياسي في سوريا

الملك «سلمان» في البيت الأبيض لأول مرة منذ اعتلاء العرش

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

أزمة سعودية صاعدة

صدى القمة الأميركية السعودية.. سياسة روسية أكثر هجومية

الملك «سلمان» يعقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس الإندونيسي

تجديد التحالف السعودي الأمريكي

واشنطن والرياض: المقايضة المعطلة

ما تأثير القمة الأمريكية السعودية في السياسة الإيرانية في الشرق الأوسط؟

«فورين بوليسي»: هل تستمر العلاقات الأمريكية السعودية؟