مجلة «كاونتر بنش»: تدفق اللاجئين سلاح استراتيجي لدمار شامل

السبت 26 سبتمبر 2015 02:09 ص

نشرت مجلة «كاونتر بنش» مقالا لـ«فرانكلين سبينى»؛ المحلل العسكرى السابق للبنتاغون، يتناول فيه العوامل الأساسية وراء مشكلة اللاجئين، والمستفيدين منها، مبينا الأطراف المختلفة التى ساهمت بشكل أو بآخر فى صعود الدولة الاسلامية، وكيف انقلبت تلك النتائج لتشكل تهديدا للجميع، محاولا قياس النتائج بتناول قضية اللاجئين الفلسطينيين وكيف أن الوضع فى سوريا تحديدا قد يؤدى لتدفقهم إلى الضفة الغربية مما سيعيد الخلافات على الضفة الغربية مرة أخرى.

بدأ «سبينى» المقال بذكر أن تدفق اللاجئين هو نتيجة أساسية لأفعال الدولة الاسلامية وجيش النصرة، وبسبب هجمات نظام الأسد العشوائية على المدنيين؛ مما حول اللاجئين بذلك لسلاح استراتيجى للدمار الشامل. ويستخدم الكاتب كلمة «استراتيجى كبير» لأنها تحمل معنى اخلاقيا بين حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية وتجذب دعم الدول غير الملتزمة فى أنحاء العالم.

فالتخطيطات والتكتيكات والعمليات الخاصة بداعش وجيش النصرة؛ والممولة بواسطة الأغنياء من السلفيين بالسعودية ودول الخليج أوجدت ــ سواء عن قصد أم لا ــ موجة من الرعب والارهاب التى أدت بدورها لتدفق عدد كبير من اللاجئين من سوريا والعراق. وأزمة اللاجئين تلك وضعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين و(إسرائيل) فى معضلة استراتيجية كبرى متوقع أن تصبح اسوأ خاصة مع اقتراب موسم الشتاء وبرده القارس.

يوضح «سبينى» أن حلفاء الولايات المتحدة من حلف الناتو، بما فيهم تركيا ليس لديهم الموارد ولا الإرادة السياسية لاستيعاب ملايين من الأفراد اليائسين فى تلك التدفقات.

فالأسباب المباشرة لتدفق هؤلاء اللاجئين قد تكون من تخطيطات الإرهاب الذى فجرته القوات السلفية، ولكن من المعروف أيضا أن ظهور «الدولة الاسلامية» والنصرة جاءت نتيجة التدخلات والسياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط:

1) الغزو غير المبرر للعراق فى عام 2003 دون تفويض من الأمم المتحدة وبدعم دولى محدود،

2) دعم أمريكا غير الرشيد لرغبة (إسرائيل) فى الاطاحة بنظام «الأسد» فى سوريا.

وبالتالى يرى الكاتب أن باستمرار تلك الكارثة الانسانية، ستخسر الولايات المتحدة ــ عاجلا أم آجلا ــ أى تعاطف يكنه حلفاؤها الغربيون أو الأحزاب المختلفة فى العالم لسياستها الخارجية، بل وسيوجهون أصابع الاتهام لها خاصة إذا استمرت السياسة الداخلية الامريكية فى إثارة الحرب نيابة عن (إسرائيل)، مع استخدام سياسة الخوف لجعل الشعب الأمريكى يخشى الهجرة.

إن دور (إسرائيل) فى تلك الأزمة مازال غامضا، خاصة مع قيام رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» بتقديم الدعم اللفظي؛ وإن لم يكن المادى، للإطاحة بنظام «الأسد» بواسطة «الدولة الاسلامية». ففى أكتوبر الماضى ادعى أن إيران أعظم من «الدولة الاسلامية» بالنسبة لإسرائيل وللعالم.

فـ«نتنياهو» يصمم على إسقاط حكومة «الأسد» فى سوريا خاصة وأن «الأسد» يدعم حزب الله ويحصل على دعم إيران. وتحقيقا لهذا الهدف شكلت حكومته ــ حكومة الليكود ــ تحالفا مع أكبر معارضى الشيعة من الحكومة السعودية ودول الخليج الحريصين أيضا على اسقاط «الأسد» والحكومة الشيعية المهيمنة فى العراق.

*****

إن التطورات فى العراق وسوريا إنما تزيد القلق السعودى بشأن زيادة تأثير الشيعة الإيرانيين الذى قد ينتشر فى المناطق الشيعية بالسعودية الشرقية وهى أكثر المناطق السعودية الغنية بالبترول.

ويستطرد «سبينى» قائلا؛ الحقيقة أن من تسميهم أمريكا حلفاءها فى الحرب ضد «الدولة الاسلامية» ــ مثل السعودية ودول الخليج ــ تواطأوا فى تمويل صعود «الدولة الإسلامية»، حتى ولو بالوسائل غير الرسمية «كالتبرعات الخيرية»، كما أنهم متورطون فى إطلاق إرهاب «الدولة الإسلامية» فى سوريا؛ لكى تهدد الحكومة الشيعية المهيمنة فى العراق.

والأكثر من ذلك أن تلك العائلات الملكية السنية المحافظة لديها أعباء ديموجرافية؛ خاصة بما لديها من مهاجرين ممن يقومون بأعمال خدمية، ولديهم مشكلات خاصة بالأقلية الشيعية. بمعنى آخر ليس لديهم القدرة أو الرغبة فى استيعاب جزء من اللاجئين الفقراء الذين سببتهم سياساتهم. وهذا يجعل الأردن مثقلة بالفعل باللاجئين الفلسطينيين المحاصرين فى المنتصف بين الجهاديين و(إسرائيل).

ويتساءل «سيبنى»: «أين ستنتهى أزمة هؤلاء اللاجئين؟» مؤكدا على ضرورة وضع الأزمة فى سياق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين لندرك كيف أن تدفق أكثر من 4 ملايين لاجئ آخر سيقضى على أى أمل للاستقرار فى الأراضى العربية بالشرق الأوسط.

وعاد مرة أخرى ليؤكد أن (إسرائيل) هى مركز القضية. فكما أوضح الناشط الحقوقى «إسرائيل ساحاق» فى عام 1982، أن دولة (إسرائيل) بموافقة ــ إن لم يكن بتعاون ــ أمريكا سعت لتقسم العالم العربى لقبائل متحاربة ومتنازعة وغير متعاونة. وبأخذ عداء ورفض كل من سوريا والعراق الشديد لوجود دولة يهودية على أرض عربية، يكون هذا الأسلوب الاستعمارى الجديد ــ فرق تسد ــ مفهوم وواضح.

ولكن بظهور «الدولة الإسلامية» والنصرة بدا هناك خطر أكبر. فالمحافظون الجدد الامريكيون الموالون لإسرائيل قد يعتقدون أن (إسرائيل) هى المستفيد الاساسى من تدمير سوريا والعراق إلا أن (إسرائيل) الآن فى خطر وتواجه شبح النكسة على المدى الطويل والذى سيصل فيه الصراع لمستوى استراتيجى كبير وحاسم. ورؤية هذا الشبح تتطلب النظر فى مصير القضية الفلسطينية والآثار المترتبة عليها.

فتقارير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» تشير إلى أنه بالإضافة لمليوني لاجئ فلسطينى يعيشون بمعسكرات غزة والضفة الغربية، هناك 3 مليون لاجئ فلسطينى يعيشون فى مخيمات فى دول عربية متاخمة لحدود (إسرائيل)، منهم 449 ألفا بلبنان، 499 ألفا بسوريا وأكثر من 2 مليون لاجئ بالأردن. هؤلاء الافراد هم غالبا من نسل اللاجئين الاصليين الذين خلفتهم حرب 1948 والذين لسبب أو لآخر لم يتم استيعابهم كمواطنين فى دول أخرى.

*****

وهنا يشير «سبينى» إلى أن تدفق 4 ملايين سورى بسبب «الدولة الإسلامية»، والذى قد يكون له مخطط استراتيجى، يمكن أن يصاحبه تدفق عدد من الفلسطينيين عديمى الجنسية من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فى سوريا إلى كل من الأردن ولبنان، ولكن كلتا الدولتين مكتظتين باللاجئين الفلسطينيين بالفعل. وقد يزعزع هذا استقرار الأردن، ويوسع الحرب والأزمة الإنسانية المصاحبة لها.

وقد يؤدى الضغط على الأردن لتدفق الفلسطينيين نحو المناطق الفلسطينية لإسرائيل حيث لن يكون هناك مكان آخر للذهاب اليه. وهذا سيركز ويؤكد ما تطلق عليه (إسرائيل) «التهديد الديموغرافى». وسيزيد هذا النزاع على المنطقة الغربية التى يدعى الإسرائيليين أن الله قد جعل لهم حق فيها.

وهناك مؤشرات على ذلك بالفعل، حيث كان الرئيس الفلسطينى «محمود عباس» قد طلب من الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبى ولاعبين آخرين أن يضغطوا على (إسرائيل) لكى تسمح للفلسطينيين اللاجئين الهاربين من «الدولة الإسلامية» للدخول للمناطق الفلسطينية بالضفة الغربية.

ويرى «سبينى» أن رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» قد وقع بذلك فى الفخ الذى نصب بقصد أو عن دون قصد بواسطة «الدولة الإسلامية». فقد أعلن أنه لن يسمح أن تغمر (إسرائيل) باللاجئين، فإسرائيل لابد أن تحمى حدودها خاصة أنها دولة صغيرة وليس لديها عمق ديموجرافى أو جغرافى، كما أعلن أن (إسرائيل) ستقيم جدار حدودى فاصل على طول الحدود مع نهر الأردن حتى لا يتسرب اللاجئين الهاربين من الأراضى السورية إلى الأردن عبر تلك الحدود ليدخلوا للأراضى فى الضفة الغربية. وهنا يرى الكاتب أن «نتنياهو» يحقق بذلك رؤية أسامة لإسرائيل المنعزلة والتى ليس لها مهرب إلا البحر ويطبقها على أرض الواقع.

***

وبالتالى يكون هناك دولة واحدة فقط خرجت بمصلحة استراتيجية كبرى من الأزمة التى سببتها «الدولة الإسلامية» وحلفاؤها السنيون وهى إيران.

ويشير الكاتب هنا لمقال المراسل «جاريث بورتر» بعنوان «فى نظر الشرق الأوسط»، والذى يتناول فيه أسباب المسار الاستراتيجى المتقارب لكل من الولايات المتحدة وإيران فى الشرق الأوسط، والسياسة المحلية للولايات المتحدة فيما يخص اللوبى الإسرائيلى والاقتصاد السياسى للمجمع الصناعى العسكرى التشريعى والتى يضيف الكاتب لها الاقتصاد السياسى للصناعات البترولية الامريكية، حيث يتم استخدامهم لبناء علاقات للتعايش مع ايران.

ويختتم «سبينى» مقاله بأن مثل هذا التقارب، إذا تم بحثه فى ضوء روح السياسة الخارجية التى ناقشها «جون كوينسى أدمز» فى عام 1821، سيكون من الضرورى وإن كان غير كاف لوضع استراتيجية كبرى لإخراج الولايات المتحدة الأمريكية من المستنقع الذى أوقعت نفسها به من خلال تدخلها قصير النظر فى الشرق الأوسط. وكما قال «آدمز» إذا استمرت أمريكا فى التدخل فى الخارج «بحثا عن الوحوش لتدميرها» فستصبح أمريكا الأكثر سلطة فى العالم، ولكنها لن تصبح المتحكمة فى روحها بعد ذلك.

  كلمات مفتاحية

إسرائبل أمريكا الدولة الإسلامية الخليج اللاجئين أزمة اللاجئين نتنياهو إيران الأسد سوريا

خطيب عرفة يهاجم «الحوثيين» ويدعو لنصرة المسجد الأقصى ويطالب اللاجئين بالصبر

المفوضية الأوروبية تجري مشاورات لدعم جهود تركيا في رعاية اللاجئين

برلمان المجر يسمح للجيش بإطلاق النار لحماية الحدود من اللاجئين

محنة اللاجئين.. ونفاق الغربيين

الفائدة الاقتصادية للاجئين في أوروبا

أزمة اللاجئين الوهمية

موقع أمريكي يدعو السعودية لاستضافة اللاجئين السوريين بمخيمات الحجيج بمنى

حريق يدمر مأوى سويسريا للاجئين .. والنيران تشتعل في أحد أكبر مساجد أوروبا بلندن

مجموعة السبع ودول خليجية تتعهد بتقديم 1.8 مليار دولار للاجئين السوريين

فنلندا ترحل 200 لاجئ عراقي بعد ثبوت انتمائهم لـ«الحشد الشعبي»

عمدة كندي: على بلادنا أن تفتح ذراعيها للاجئين السوريين أيا كانت ديانتهم

الأمير «تركي بن طلال»: مليونا سوري في السعودية

المصادقة على إنشاء «حرس الحدود الأوروبي»