التدخل الروسي يسلط الضوء على التردد الأمريكي تجاه سوريا

الجمعة 2 أكتوبر 2015 11:10 ص

تبقى استراتيجية الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» وأهدافه في مواجهة الفوضى المخيمة على سوريا محيرة، من الخط الأحمر المبهم المعالم الذي حدده بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية إلى رده الغامض على دخول روسيا الملفت في المعارك، حسب وكالة أنباء «فرانس برس».

ويندد منتقدو الرئيس الأمريكي بافتقاره إلى الوضوح والرؤية وحتى الجرأة.

لكن قبل أقل من 500 يوم على انتهاء ولايته، لا ترد أي مؤشرات تفيد بأنه قد يبدل نهجه أو يذعن للضغوط ويقبل بوتيرة تحرك مختلفة.

ويشدد «أوباما» على أهمية الائتلاف الذي شكلته الولايات المتحدة، ويبحث عن تحالفات إقليمية، ويحذر بشكل متواصل من أي تدخل متهور، مسلحا بقناعته الراسخة بأن القوة العسكرية الأمريكية غير قادرة وحدها على تسوية الأزمات العنيفة التي تهز العالم وخصوصا الشرق الأوسط.

غير أن موقفه المتردد والمتقلب في صيف عام 2013 حول شن ضربات على جيش نظام «بشار الأسد» إثر استخدامه أسلحة كيميائية ترك انطباعا بالتشوش.

وجاءت تطورات الأيام الأخيرة حين بدا أن الهجمة الروسية الدبلوماسية والعسكرية في سوريا باغتت البيت الأبيض لتسلط الضوء أكثر على التردد الأمريكي.

واختار الرئيس الأمريكي في الوقت الحاضر لزوم الصمت.

وقال «جوليان زيليزر»، أستاذ التاريخ في جامعة برينستون الأمريكية: «في السياسة الخارجية من الصعب على الدوام تبيان ما يجري في الكواليس. لكن الانطباع المسيطر هو أنه (أوباما) لا يملك ردا واضحا. والانطباع أمر جوهري في السياسة».

و«أوباما» حريص على إبداء اختلاف تام عن نهج سلفه الجمهوري، «جورج بوش»، ونزعته إلى التدخل في الخارج، لكن هل مضى أبعد مما ينبغي في الاتجاه المعاكس، وهل «أعلن تقاعد (الولايات المتحدة) في الشرق الأوسط»، حسب تعبير السناتور الجمهوري «جون ماكين»؟

وأعلن الرئيس الأمريكي في 18 أغسطس/ آب 2011 بعد خمسة أشهر من القمع الدامي الذي مارسه النظام السوري بحق الثورة الشعبية، أنه «من اجل مصلحة الشعب السوري حان الوقت لتنحي الرئيس الأسد».

وبعد سنتين أعلن أن الولايات المتحدة على وشك ضرب أهداف تابعة لنظام «الأسد» بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية أوقع أكثر من 1400 قتيل، حسب الاستخبارات الأمريكية، وشكل انتهاكا لـ«خط أحمر» حددته الإدارة الأمريكية.

لكنه فاجأ العالم بإعلانه في الوقت نفسه طرح هذا القرار للتصويت في الكونغرس، مستبعدا عمليا أي تحرك عسكري وشيك.

ولم يجر التصويت في نهاية المطاف، وتم التخلي عن خطة شن ضربات اثر اقتراح روسي بتدمير الأسلحة الكيميائية السورية.

وفي أغسطس/آب 2013، صدر تصريح عن «أوباما» عزز الإحساس بارتباك إدارته؛ إذ أعلن متحدثا عن مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا خلال مؤتمر صحفي «ليس لدينا استراتيجية بعد».

وعبثا حاول البيت الأبيض فيما بعد تبرير هذا التصريح وشرح خلفيته؛ حيث بقيت هذه الجملة ماثلة في الأذهان كاختصار للنهج الأمريكي حيال النزاع في سوريا.

والتزم «أوباما» مرغما بتدريب المعارضة المعتدلة لتقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا، غير أن العملية سجلت حتى الآن فشلا كبيرا.

وقبل أسبوعين استمع أعضاء الكونغرس بذهول إلى الجنرال «لويد اوستن» يستعرض نتائج الخطة؛ إذ أعلن أن البرنامج الذي خصصت له واشنطن أموال بمستوى 500 مليون دولار، والذي كان يفترض أن يشمل تدريب حوالي خمسة آلاف مقاتل في السنة، لم يسمح حتى الآن سوى بتدريب بضع عشرات المقاتلين.

ولخص «جون ماكين» هذا الأسبوع رؤيته لهذا الموضوع قائلا إن «هذه الإدارة أثارت الحيرة بين أصدقائنا، وشجعت أعداءنا، وخلطت ما بين الإسراف في الاحتراس والحذر، واستبدلت المجازفة بالتحرك بمخاطر عدم التحرك».

من جهته، يؤكد البيت الأبيض أن الضربات الجوية الروسية، التي يندد بتناقضاتها وتعارضاتها، لن تحمله على «إعادة تقييم عامة» لاستراتيجيته في سوريا.

ويشدد «أوباما» على أنه من المستحيل فرض «حل عسكري» في سوريا، مذكرا في نقد مبطن لخصومه الجمهوريين كما للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، بأن الأمريكيين عجزوا عن ذلك في العراق قبل عقد، كما عجزت عنه روسيا في أفغانستان قبل ثلاثين عاما.

ويبقى أن الحذر المسرف الذي يبديه «أوباما» حيال إرسال قوات على الأرض ينسجم بحسب «جوليان زيليزر» مع شعور عام منتشر في الولايات المتحدة.

ويقول: «هناك بصورة عامة وباستثناء الفترة التي تلت (اعتداءات) 11 سبتمبر/أيلول 2001 .. مقاومة فعلية لدى الأمريكيين حيال الانخراط في حرب وعلى الأخص في الشرق الأوسط».

والإثنين الماضي، باشر «أوباما» كلمته من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة بدفاع شديد عن الدبلوماسية الأمريكية.

وقال أمام قادة العالم المجتمعين في نيويورك: «رغم أن القوة العسكرية ضرورية، إلا أنها غير كافية لتسوية الوضع في سوريا»، مضيفا: «هذا العمل سيستغرق وقتا».

ويرى «جوليان زيليزر» أن هذا الخطاب يثبت مرة جديدة حقيقة جلية، وهي أن الرئيس الأمريكي «محارب متمنع» وأنه «لا ينوي أن يتغير».

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا الملف السوري أوباما بشار الأسد فلاديمير بوتين تردد

بسبب «أوباما» و«الدولة الإسلامية».. تحول «بوتين» و«روحاني» إلى صديقين في نظر العالم

تقييم الأداء الإستراتيجي للولايات المتحدة في عهد إدارة باراك أوباما

«أحرار الشام» تتهم إدارة أوباما بـ«الفشل الذريع» عبر «واشنطن بوست»

باراك أوباما إذ يدير ظهره للشرق الأوسط 

«عقيدة» أوباما الجديدة 

صحف بريطانية: «الدولة الإسلامية» المستفيد الأول من التدخل الروسي في سوريا

اتفاق يسمح لـ«البيشمركة السورية» بقتال «الدولة الإسلامية»

«فاينانشيال تايمز»: «بوتين» يستغل الفراغ الذي خلفه الغرب في الشرق الأوسط

ماذا يعني أن تكون «مفاتيح الحل في جيب بوتين»

«رويترز»: «سليماني» عرّاب الجهود الإيرانية لإقناع روسيا بالتدخل في سوريا

ما هي الرسائل التحذيرية التي وجهتها روسيا إلى دول الخليج وتركيا؟