خلصت صحف بريطانية صادرة، اليوم الجمعة، إلى أن تدخل روسيا العسكري في سوريا سينقلب عليها وبالا، وأن تنظيم «الدولة الإسلامية» سيكون المستفيد الأول من هذه الخطوة.  

وبينما حذرت هذه الصحف من «حرب بلا نهاية» في سوريا، اعتبرت موقف الدول الغربية المتردد أمام التدخل الروسي والإيراني «خيانة» للشعب السوري، حسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

صحيفة «الغارديان» نشرت مقالا تشرح فيه تبعات التدخل العسكري الروسي في سوريا، وحسابات الربح والخسارة فيه.

ورأت أن «إرسال قوات عسكرية إلى بلد في حرب أهلية من أجل دعم الحاكم الدكتاتور فيها، غالبا من ينقلب وبالا على صاحبه».

وتوقعت الصحيفة أن الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، سيناله هذا الوبال، ومعه أطراف أخرى ستخسر في هذه الحرب، التي ستطول، ما لم تتحرك الدبلوماسية بسرعة لإيجاد حل سياسي.

واعتبرت أن المستفيد الوحيد من هذا كله ربما سيكون تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي «ينبغي عليه أن يشكر الكنيسة الأرثوذوكسية التي وصفت حملة بوتين العسكرية في سوريا بأنها (حرب مقدسة)».

إذ أصبحت روسيا، حسب «الغارديان»، هدفا لجميع فصائل المعارضة السورية، بما فيها المتشددة، وإذا لم يفجر المسلحون مواقع القوات الروسية في اللاذقية أو في قاعدة طرطوس العسكرية، فإن الأراضي الروسية ستكون هدفا لهم.

وأشارت الصحيفة في مقالها إلى تقارير مفادها أن المخابرات الروسية تسهل إجراءات سفر الإسلاميين المتشددين إلى سوريا، على أمل أن يلقوا حتفهم في الحرب هناك.

خطة «بوتين»

صحيفة «ديلي تلغراف» نشرت من جانبها مقالا تتحدث فيه عن الخطة التي وضعها «بوتين» لتحقيق أهدافه في سوريا، وتتوقع حربا بلا نهاية.

وقالت إن الشيء الوحيد الذي يضمن الدعم لتنظيم «الدولة الإسلامية» هو مساعدة «بشار الأسد» على البقاء في السلطة.

وأضافت أن ما حدث في الشيشان عام 2000، بعد أسابيع من وصول «بوتين» إلى السلطة، لابد أن يكون عبرة لما سيحدث للسوريين على يده.

إذ بدأ «بوتين» فترته الرئاسية بإعلان حرب الشيشان الثانية؛ «فهو لا يعرف إلا لغة الحرب في التعامل مع الانتفاضات الشعبية مثلما فعل الأسد في شعبه».

وأكدت «ديلي تلغراف» على «خطأ» الصورة التي تسوقها روسيا وإيران عن «الأسد» بوصفه العدو اللدود لتنظيم «الدولة الإسلامية»؛ ولذلك ينبغي مساعدته.

ولفتت إلى دراسات أنجزتها مراكز بحث متخصصة في الشؤون العسكرية، وبينت أن قوات النظام السوري خاضت 982 عملية عسكرية في عام 2014، من بينها 6 في المئة فقط استهدفت تنظيم «الدولة الإسلامية».

وكان ذلك هو العام الذي سيطر فيه التنظيم على مناطق واسعة في سوريا، واستولى على حقول نفطية وعلى مدينة الرقة التي هي عاصمته الفعلية.

واختتمت الصحيفة مقالها بالقول إن الحل الوحيد هو رحيل «الأسد» لتتشكل بعده جبهة موحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن مواقف الدول الغربية المترددة هي التي تركت فراغا استغله «بوتين»، وإذا لم يتحرك الغرب بقوة، فإن الحرب مستمرة إلى ما لا نهاية.

خيانة الغرب للشعب السوري

صحيفة «الإندبندنت» خصصت، أيضا، مقالها الافتتاحي للوضع في سوريا، ووصفت فيه موقف الدول الغربية المتردد أمام التدخل الروسي والإيراني، بأنه «خيانة للشعب السوري».

وقالت إن استغلال روسيا وإيران للفراغ الذي تركته الدول الغربية المنهكة لا يبشر بالخير والسلم في سوريا.

وأضافت أن التدخل الروسي العسكري لدعم النظام في دمشق ليس غريبا؛ لأن الكرملين وقف إلى جانب حليفه، «بشار الأسد»، منذ بداية قمعه للمظاهرات السلمية عام 2011، واستعمل حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحمايته من القرارات الدولية.

ورأت الصحيفة أن الوضع الحالي لا يترك مجالا لتحرك الولايات المتحدة، إلا عبر دعم الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» للمعارضة المسلحة في الأمم المتحدة.

واعتبرت أن مستقبل سوريا أصبح اليوم بيد روسيا وإيران، وهذا سيسعد تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي سيستقطب بذلك المزيد الأتباع بين المسلمين السنة، وسيخذل المعارضة المسلحة التي أراد الغرب أن يدعمها فلم يعرف كيف يفعل.