10 أعوام على ثورة 25 يناير.. تدهور متصاعد لأوضاع الحريات ودولة القانون في مصر

الخميس 21 يناير 2021 02:08 م

بعد 10 سنوات على رياح الحرية التي هبت على مصر إثر تظاهرات ميدان التحرير التي أسقطت "حسني مبارك"، لا تدخر حكومة الرئيس "عبدالفتاح السيسي" جهدا لتجنب تكرار مثل هذا السيناريو، وتقمع بقسوة كل أشكال المعارضة.

في السجون المصرية اليوم، ناشطون سياسيون وصحفيون ومحامون وفنانون ومثقفون، فمنذ عزل الجيش الرئيس الإسلامي "محمد مرسي"، الذي كان أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، في العام 2013، خسر المجتمع المدني المصري تدريجيا كل مساحة للحرية.

تضاف إلى ذلك، وفق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، ظروف حبس سيئة واتهامات بالتعذيب وبتنفيذ إعدامات "بعد محاكمات غير عادلة"، وفق تعبير منظمة "العفو الدولية".

وأدانت المنظمة في مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي ما وصفته بـ"موجة إعدامات محمومة" في مصر.

كما أدانت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها السنوي للعام 2021 "القبضة القاسية للحكومة المتسلطة"، مشيرة إلى أن "جائحة كوفيد-19 (...) زادت ظروف الحبس، الفظيعة أصلا، سوءا".

ووفق "هيومن رايتس ووتش": "مات عشرات السجناء في الحبس من بينهم 14 على الأقل بسبب إصابتهم بفيروس كورونا المستجد".

وتقول المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، "أجنييس كالامار" لوكالة "فرانس برس": "الربيع العربي في مصر كان قصيرا"، وتتابع: "استخلص النظام أسوأ درس من الربيع العربي، وهو قتل أي تطلع إلى الحرية في المهد".

في مواجهة الانتقادات الدولية، تكرر السلطات المصرية الردّ ذاته، وهو ما ورد على لسان وزير الخارجية، "سامح شكري" في مؤتمر صحفي أخيرا: "المواطن المصري هو صاحب الحق الأوحد في تقييم مدى تمتعه بحقوق الإنسان"، مشددا على أن بلاده ترفض أي "تدخل في شؤونها الداخلية".

وتنفي السلطات أي توقيفات اعتباطية أو ممارسات تعذيب، وقالت وزارة الخارجية ردا على سؤال لوكالة "فرانس برس" عن الموضوع: إن الحكومة "تعلّق أهمية قصوى على حرية الرأي والتعبير. لا يوجد سجناء سياسيون (...) والتوقيفات مرتبطة فقط بأعمال تنتهك القانون الجنائي".

إشارة البدء

كانت إشارة البدء لحملة القمع في صيف 2013 عندما قتل مئات الإسلاميين المعتصمين في القاهرة احتجاجا على عزل "مرسي"، وفق العديد من منظمات حقوق الإنسان.

وواجهت جماعة "الإخوان المسلمون" التي يتحدر منها "مرسي"، وكذلك المعارضة الليبرالية واليسارية، منذ ذلك الحين حملة اعتقالات تعسفية وملفات جماعية أمام القضاء وأحكاما بالإعدام.

في المقابل، عزز الرئيس "عبدالفتاح السيسي" الذي كان قائدا للجيش الذي أطاح بـ"مرسي"، وانتخب رئيسا في العام 2014 سلطته شيئا فشيئا.

وأعيد انتخابه بنسبة 97% من الأصوات في العام 2018  لعدم وجود مرشح جاد ينافسه، وفي أبريل/نيسان 2019، أقرّ تعديل دستوري يتيح تمديد فترة رئاسة "السيسي"، ويشدّد قبضته على السلطة القضائية.

في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، تظاهر مئات الأشخاص مطالبين برحيل "السيسي"، وحاولوا دون جدوى الوصول إلى ميدان التحرير في القاهرة، رمز الثورة على "مبارك".

وأعقب ذلك توقيف ما يزيد على 4 آلاف شخص أطلق سراح مئات منهم فيما بعد.

وتنتقد منظمات حقوق الإنسان الاتهامات بـ"الإرهاب"، وبـ"نشر أخبار كاذبة" التي يوجهها القضاء غالبا لمنتقدي النظام.

كما تشير هذه المنظمات إلى ظاهرة "تدوير" القضايا التي تتمثل في إعادة احتجاز المعارضين بعد انتهاء فترة حبسهم احتياطيا أو انتهاء مدة عقوبتهم على ذمة قضايا جديدة.

ويقول "محمد لطفي"، مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة حقوقية مقرها القاهرة: "النظام القضائي يجب أن يكون قلعة تحمي الحقوق والحريات"، ولكن "القضاء نادرا ما يحاسب ضباط الشرطة".

وفي مواجهة الاتهامات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، تتحجّج السلطات إجمالا بمكافحة الإرهاب في بلد يواجه هجمات لمسلحين إسلاميين متطرفين في شمال سيناء منذ العام 2013.

ويرى الباحث في مركز "كارنيجي"- الشرق الأوسط، "شريف محيي الدين"، أن الانتهاكات "تساهم في تغذية العنف الهيكلي وتغذي جزئيا التطرف".

دولة القانون؟

وطال القمع أيضا وسائل الإعلام وحرية التعبير مع حجب مئات المواقع الإخبارية على الإنترنت منذ العام 2017.

ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن 28 صحفيا مسجونون حاليا في مصر، وتؤكد "لينا عطا الله"، رئيسة تحرير موقع "مدى مصر" الذي يعد "استثناء" في مصر، أنه "لا توجد مؤسسات إعلامية تعمل بشكل مستقل"، وألقي القبض على "لينا عطا الله" نفسها لفترات قصيرة أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.

واستحوذت شركات موالية للسلطة ومقربة من الجيش على وسائل إعلامية عدة، ومن دون أن يتدخل مباشرة في السياسة، يتواجد الجيش في المجتمع من خلال الخدمات العامة التي يؤديها خصوصا في حالات الأزمة ومن خلال سيطرته على جزء من الاقتصاد.

وحالة الطوارئ سارية في البلاد منذ العام 2017.

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طالت حملة القمع 3 من كوادر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي واحدة من أبرز المنظمات الحقوقية المصرية.

وبعد ضغوط دولية قوية وغير مسبوقة، تم الإفراج عنهم، واستهدفت السلطات كذلك النساء، خلال الشهور الأخيرة، تم توقيف قرابة 10 فتيات من المؤثرات على  وسائل التواصل الاجتماعي، وصدرت في حقهن أحكام بالسجن بتهم تتعلق بالتحريض على الفسق والفجور.

ويقول الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان: "الانتقال إلى دولة قانون يأخذ وقتا"، ويضيف لـ"فرانس برس": "عندما نريد تحليل ما يحدث في مصر ينبغي أن نفهم ذلك".

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

ثورة 25 يناير الثورة المصرية عبدالفتاح السيسي محمد مرسي حسني مبارك حقوق الإنسان دولة القانون

دروس الربيع العربي.. الثورة عمل صعب لكن التنظيم السياسي أصعب

وجه التحرير الجديد.. صمت فرعوني يملأ ميدان الأحلام المكسورة بمصر

في ذكرى ثورة يناير.. العفو الدولية تنتقد ظروف السجون في مصر

في ذكراها العاشرة.. المصريون والعرب يجددون العهد لثورة يناير