مرحلة حساسة.. ماذا بعد سيطرة طالبان على أفغانستان؟

الثلاثاء 17 أغسطس 2021 05:06 ص

سيطرت حركة "طالبان" على كابل وهرب الرئيس الأفغاني "أشرف غني" إلى أوزباكستان، في حين يخوض الرئيس السابق "حامد كرزاي"، ورئيس السلطة التنفيذية السابق "عبدالله عبدالله" ورئيس الوزراء السابق "قلب الدين حكمتيار" محادثات مع "طالبان" لتسهيل الانتقال.

وبحسب التقارير، طلب قادة "طالبان" من قواتهم اتخاذ مواقع أمنية داخل كابل، ولكن دون دخول منازل الناس أو الانخراط في هجمات انتقامية، وعرضوا عفوا عن أولئك الذين عملوا مع الحكومة الأفغانية أو حتى مع القوات الأجنبية.

فيما ظهرت تقارير عن عمليات نهب، كما تسبب إطلاق النار بالقرب من المطار في إيقاف الرحلات التجارية، وأغلقت العديد من السفارات الغربية أو أجلت موظفيها، بينما دعت الولايات المتحدة أي مواطنين متبقين في كابل إلى البقاء في مكانهم بالنظر إلى وضع المطار.

ومع ذلك، تسعى "طالبان" إلى تشكيل سردية حول وصولها إلى السلطة باعتبارها حق مشروع، وهي رسالة مهمة إلى الداخل الأفغاني والخارج.

وتشير سرعة تقدم "طالبان" إلى أن السبب هو انهيار الحكومة أكثر من كونه تمردًا سياسيًا فعالًا.

وفي كثير من الحالات، اختفى المسؤولون المحليون والقوات المحلية ببساطة أو سلموا السلطة مباشرة إلى طالبان، وهو نمط تكرر إلى حد كبير في الخطوة النهائية بالاستيلاء على كابل.

تكوين معارضة خارجية

في الوقت الذي تتطلع فيه "طالبان" لإضفاء الطابع الرسمي على سيطرتها على أفغانستان وتسعى إلى شرعية محلية ودولية، فإن الوضع يطرح العديد من الأسئلة خلال الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، فيما ستشكل إجاباتها المرحلة التالية من الوضع الأفغاني.

فهل يخطط "غني" لتأسيس نوع من القوة السياسية أو العسكرية المناهضة لطالبان في أوزباكستان، وهل سيتمكن من الحصول على أي دعم دولي؟

ورغم تعرض "غني" لانتقادات العديد من المسؤولين الذين ظلوا في كابل، لكنه رفض التنحي من الرئاسة وقد يكون لديه تطمينات من عدة دول غربية بأنهم لن يعترفوا بحكم "طالبان" مما يجعل منه نواة لحكومة أفغانية في المنفى، لكن تراجع شعبيته في أفغانستان قد يضعف من قدرته على ذلك.

وبقي أن نعرف أيضا ما إن كانت الحكومة الأوزبكية ستسمح بإنشاء قوة معارضة داخل حدودها، كما أن تشكيل تحالف شمالي مناهض لطالبان سيحتاج إلى ضم ميليشيات أوزبكية وطاجيكية.

احتمالات الحرب الأهلية

بعد انهيار قوات الأمن الأفغانية، فإن هناك أسئلة مثل: أين ستذهب هذه القوات وأين أسلحتهم؟ هل سيفرون من أفغانستان أم سيغيرون انحيازهم أم يعودون فقط إلى انتماءاتهم العرقية والقبلية، فيما قد يمثل نواة للعديد من الميليشيات المحلية؟

يشار إلى أن سيطرة "طالبان" على معظم أفغانستان كانت نتيجة انهيار قوات الأمن الأفغانية، وليس بالضرورة هزيمتهم.

وما تزال أفغانستان مجتمعا عرقيا وقبليا معقدا له مصالح محلية، وتتطلب السيطرة عليه على المدى الطويل نفوذا كبيرة وقدرة عالية على استخدام القوة.

وإذا احتفظ جنود الشرطة بأسلحتهم ونقلوا ولاءاتهم من الدولة إلى قبائلهم وميليشياتهم، فإن هذا يمثل تحديًا لـ"طالبان" مما ينذر بحدوث حرب أهلية، كما قد تمثل هذه الميليشيات المحلية أداة يمكن استغلالها من قوى خارجية لتقويض استقرار "طالبان".

أيضًا، ماذا عن نوع التسوية التي سيتوصل إليها "كرزاي"، و"عبدالله عبدالله" ورئيس الوزراء السابق "قلب الدين حكمتيار" مع "طالبان"؟

وهل ستسعى "طالبان" في محاولاتها لكسب الشرعية المحلية والدولية، إلى الحفاظ على جوانب البيروقراطية الحالية أو تقديم تنازلات سياسية للقادة المحليين الأقوياء لتجنب حرب أهلية مطولة؟

كما تختلف المهارات المطلوبة للتمرد عن تلك المطلوبة للحكم، وقد تجد "طالبان" نفسها تكافح للحفاظ على تماسكها الداخلي وإدارة المشهد المعقد لأفغانستان.

وإذا أرادت "طالبان" الاعتراف الدولي والانخراط في تجارة محدودة على الأقل مع جيرانها، فسوف تحتاج إلى بيروقراطية وظيفية.

وإذا توصلت الحركة إلى ترتيبات لتقاسم السلطة فقد تمنحها إمكانية الوصول إلى قوة عاملة مدربة وتقلل احتمال حدوث تمرد مناهض لـ"طالبان"، لكنها ستتطلب أيضا تنازلات سياسية إضافية من "طالبان".

السعي الصعب للشرعية

وأيضًا، هل ستسهل "طالبان" الإجلاء السلمي للأجانب من كابل بعد إتمام نقل السلطة؟ إذا كانت تسعى للحصول على شرعية، فقد تفعل ذلك.

ومع ذلك، من غير الواضح إن كان لدى "طالبان" السيطرة الكاملة على جميع قواتها ومقاتليها، وقد تكون هناك مساعي لاستغلال الأجانب العالقين في أفغانستان.

وما هي الدول التي من المحتمل أن تعترف بالحكومة التي تقودها "طالبان"؟ وهل أدى تواصل "طالبان" مع بكين وموسكو وطهران والخليج إلى تمهيد الطريق لاعتراف رسمي، أو حتى غير رسمي؟

أرسلت باكستان إشارات متباينة، لكن الحتمية الواضحة لسيطرة "طالبان" قد لا تترك خيارًا لإسلام أباد وجيران أفغانستان الآخرين سوى التعامل مع "طالبان"، حتى لو لم تمنحها الاعتراف الدبلوماسي الرسمي.

وإذا اعترفت الصين أو روسيا بـ"طالبان"، فسيكون فوزا كبيرا للحركة، حيث لم يعترف أي عضو دائم في مجلس الأمن في الأمم المتحدة بأول حكومة لها في أواخر التسعينيات.

ومن المهم بشكل خاص مراقبة موقف الصين في هذا الصدد، فقد انخرطت بكين مع "طالبان" وأوضحت مطالبها من أي حكومة مستقبلية؛ وهي رفض إيواء المسلحين الإيجور، وحماية المصالح التجارية والبنية التحتية الصينية، والحد من انتشار التشدد عبر الحدود إلى وسط أو جنوب آسيا لضمان عدم عرقلة مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وقد تعترف بكين بـ"طالبان" مخالفة لرغبة القوى الغربية، كما سبق للصين الاعتراف بالقيادة العسكرية الجديدة في ميانمار، حيث قبلت فعليا الجيش كحكومة شرعية.

ولكن في حين أن الاعتراف الدبلوماسي الصيني سيكون اختراقًا كبيرا تحققه الحركة، إلا أنه سيتطلب من "طالبان" ممارسة المزيد من التأثير أو السيطرة على العناصر المتشددة الأجنبية داخل أفغانستان، وهو أمر قد لا تتمكن من القيام به بشكل كامل.

تحدي "الدولة الإسلامية"

ما هي الآثار المترتبة على الجماعات المسلحة الأخرى في أفغانستان، وهي "القاعدة" و"الدولة الإسلامية - ولاية خراسان"؟ وتشير بعض التقارير غير المؤكدة إلى أن "طالبان" أطلقت سراح العشرات من السجناء، بما في ذلك بعض أعضاء "الدولة الإسلامية".

ولطالما استغلت "طالبان" المقاتلين الأجانب من أجل قضيتها، وآوت في الماضي مسلحين أجانب، ومع ذلك، فقد حاربت أيضا صعود "الدولة الإسلامية" في أفغانستان، حيث رأتها مركز قوة منافس.

ومع اجتياح العديد من السجون وإفراغها وكذلك حوادث الهرب من السجون، لن تطلق "طالبان" فقط سراح المقاتلين الخاصين بها، وإنما يحتمل أن تخرج المقاتلين المنافسين لها أيضًا.

وإذا كانت "طالبان" جادة في رغبتها للحصول على بعض الاعتراف الدولي، أو على الأقل الإقليمي، فسيتم إجبارها على التحرك بسرعة في كبح جماح المقاتلين الآخرين. وسيفاقم ذلك الاضطرابات المحتملة التي يرجح أن تعصف بأفغانستان في المرحلة التي تنتقل فيها "طالبان" من التمرد إلى الحكم.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طالبان كابول السيطرة على كابول كرزاي الانسحاب الأمريكي أفغانستان أشرف غني

الهند تعلن فتح أبوابها للأقليات السيخية والهندوسية في أفغانستان

مدير CIA السابق: سيطرة طالبان على أفغانستان كارثية على العالم  

فورين أفيرز: هكذا سيكون مستقبل التنظيمات الجهادية بعد انتصار طالبان