جنين.. صداع في رأس إسرائيل وجميع الحلول لها تكلفتها

السبت 9 أبريل 2022 09:03 ص

"باتت مدينة جنين تشكل صداعا للرأس داخل المؤسسة العسكرية في إسرائيل".. هكذا وصفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأوضاع في مخيم ومدينة جنين (شمالي الضفة الغربية المحتلة)، وسط قوة لفصائل المقاومة، وضعف كبير للسطة الفلسطينية.

المحلل السياسي "أليئور ليفي"، قال في الصحيفة العبرية، إن خطورة جنين لا تقف عند حدود المدينة والمخيم، وإنما تأثيرها يصل إلى قطاع غزة، والذي سينضم حتما للمعركة سواء ترك المخيم أو تم اجتياحه والقضاء على المسلحين فيه.

ولا يخفي الإسرائيليون، حسب "ليفي"، قلقهم المستمر من مدينة جنين ومخيمها، كونها المنطقة التي تجد فيها السلطة الفلسطينية صعوبة بالغة في حكمها، وفرض سيادتها عليها، وهي مركز دعم لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وأرض خصبة لنشاطهما العسكري، بجانب وجود القوة الأساسية لكتائب "شهداء الأقصى".

وتدعي أجهزة أمن الاحتلال أن مخيم جنين فيه كمية أسلحة كبيرة جدا، ونادرا ما يوجد فيه تنافس واستقطاب بين الفصائل الفلسطينية، فكل من يعيش فيه هو أولا وقبل كل شيء "ابن المخيم"، قبل انتمائه لهذا الفصيل أو ذاك.

ولعل عملية إطلاق النار في تل أبيب الخميس، والتي نفذها ابن المخيم "رعد حازم"، وأسفرت عن مقتل 3 إسرائيلين، وأصابت آخرين بعضهم في حالة حرجة، زادت من التخوفات الإسرائيلية، من "خطورة" المخيم، وأهمية التعامل معه لوقف أي تبعات خطيرة قد تهدد الإسرائيليين منه.

ولقد شكلت عملية ديزنجوف وسط تل أبيب، إنجازا جديدا للمقاومة الفلسطينية، وتعتقد المحافل الأمنية الإسرائيلية أن منفذها القادم من مخيم جنين للاجئين أحرق صفحة لدى الجمهور الإسرائيلي الذي يرصد التسلسل الزمني لتاريخ العمليات المسلحة، مع العلم أن شارع ديزنجوف يحمل لدى الإسرائيليين تاريخا داميا منذ عقود، ما يدفع "حماس" و"الجهاد الإسلامي" للمفاخرة بأن الهجوم وقع حيث تم في قلب إسرائيل، ورمزها مدينة تل أبيب، وأيقظ الكوابيس الكامنة بين الإسرائيليين.

ووفق مصادر أمنية إسرائيلية، فإن العملية، تعكس فقدان السلطة الفلسطينية السيطرة على الوضع في شمال الضفة الغربية، مؤكدة أن "هناك عناصر من حركة فتح نفسها في جنين يتحدون أجهزة السلطة الفلسطينية إلى جانب عناصر من الجهاد الإسلامي".

وخلال الفترة الأخيرة، سعى الاحتلال لتعزيز قواته عند خط التماس، ما أدى لخفض دخول العمال بشكل كبير من خلال الثغرات المنتشرة في الجدار، ولذلك فإن المؤسسة العسكرية تدرك أن هذا الوضع من الاستنفار لن يقدر على الاستمرار لفترة طويلة.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي عاش حالة قصوى من التأهب، وأسفر في النهاية عن تنفيذ هجوم شارع ديزنجوف وسط تل أبيب، ما زاد من تفاعل الفلسطينيين البالغ عددهم 55 ألف مصل في المسجد الأقصى، وهتفوا لقائد حماس العسكري "محمد الضيف".

وفي الوقت ذاته، فإن المسؤولين الأمنيين يعتقدون أن تعزيز الجدار الفاصل، مهما كان فعالا، فلن يفلح بالفعل في سد ثغراته الكبيرة لوقف الهجوم الفلسطيني المقبل.

في المقابل، يعتقد الجيش أن الشروع بعملية واسعة النطاق لاستئصال المجموعات المسلحة في جنين، قد ينتهي بقتلى في صفوف الجنود، واحتمال انتقال التصعيد إلى غزة، ما قد يرجح خيار مهاجمة جنين تدريجيا، ولكن يبدو أن إسرائيل ليس لديها ذلك الوقت.

فكل تصعيد أمني له ديناميكيته، وهناك خشية إسرائيلية من عودة تبعات حرب غزة 2014 إلى الضفة الغربية، من خلال بداية موجة الهجمات الفردية في 2015-2016 التي ركزت على القدس في البداية، ثم نقلت ثقلها إلى منطقة الخليل، فيما اندلعت الموجة الحالية من الهجمات في عمليتين مختلفتين نفذهما فلسطينيو 48.

وقد بدا لافتا أن باقي العمليات جاء منفذوها تقريبا من منطقة واحدة، هي جنين، لذلك يمكن وصف التصعيد الحالي الذي نشأ في جنين بأنه الأصعب منذ عقدين، لكنه لم يكن مفاجئا.

وتدعي أجهزة أمن الاحتلال، وفقا لـ"ليفي"، أن هذه الموجة من العمليات الفدائية، ظهرت بعد بضعة أشهر من شن السلطة الفلسطينية لعملية كبرى لإعادة السيطرة على جنين، لكن نجاحها جاء جزئيا للغاية، وما بدأ لدى الإسرائيليين بصراخ عال، انتهى برد ضعيف، وبعد أن اغتال جيش الاحتلال 3 مقاومين اعتزموا تنفيذ هجوم فدائي، لكن جميع أنشطتهم كانت تختمر في أزقة المخيم، حتى إن بعضهم سجل وصيته في شريط فيديو قبل الهجوم على أهداف إسرائيلية.

الخلاصة الإسرائيلية، أنه يمكن للجيش الدخول في عملية واسعة النطاق في مخيم اللاجئين لاستئصال مواقع المسلحين، لكن مثل هذه العملية لها آثار إضافية لا ترغب بها إسرائيل.

واحتمال أن المواجهة في جنين، والقضاء على أعداد كبيرة من المسلحين، سترجح انضمام قطاع غزة إلى المعركة، يجعله يفضل القيام بسلسلة من العمليات المستهدفة في جنين، سيتم نشرها على مدى فترات زمنية، من أجل إضعاف قدرات التنظيمات المسلحة تدريجيا، ومن ثم تقليل فرص التصعيد من ساحات أخرى.

يشار إلى أنه بعد فرار 6 أسرى من سجن جلبوع الإسرائيلي، في سبتمبر/أيلول 2021، عاد مخيم جنين إلى الواجهة من جديد، بانتشار عشرات المسلحين وإعلانهم الاستعداد للمواجهة حماية للأسرى الفارين.

وشكّلت الفصائل الفلسطينية ما سمته "غرفة العمليات المشتركة" في المخيم، وتضم للمرة الأولى منذ سنوات، الأجنحة العسكرية المحسوبة على حركات: التحرير الوطني "فتح"، والمقاومة الإسلامية "حماس"، و"الجهاد الإسلامي".

لكن بعد أسابيع أعيد اعتقال الأسرى الفارين، ثم بدأت حملة تصفيات لمسلحين من المخيم، وقتلت 7 فلسطينيين من سكان المخيم منذ إعادة اعتقال الأسرى الفارين حتى 5 أبريل/نيسان 2022، وفق توثيق مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي).

ومخيم جنين، واحد من 19 مخيما للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، تديره وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

وتأسس المخيم عام 1953 ضمن حدود بلدية جنين، وينحدر أغلب سكانه من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، داخل إسرائيل، والتي هجر سكانها خلال ما يسميها الفلسطينيون "النكبة" عام 1948.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جنين مخيم جنين المقاومة الفلسطيية إسرائيل غزة

قيادي بـ حماس يحيى الهبة الفلسطينية بنابلس وجنين ويدعو لمؤازرتها

قوات الاحتلال تنسحب من جنين بعد الفشل في اعتقال والد منفذ عملية تل أبيب

إصابات واعتقالات عقب اقتحام الجيش الإسرائيلي يعبد وجنين ومخيم بطولكرم

يوم ساخن في الأراضي المحتلة.. 3 شهداء واقتحام للأقصى وترقب لاجتياح جنين