رايتس ووتش: غالبية اللبنانيين عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية

الاثنين 12 ديسمبر 2022 08:19 ص

"غالبية اللبنانيين عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وسط أزمة اقتصادية متفاقمة".. هكذا خلص تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، ألقى الضوء على المستويات المقلقة للفقر وانعدام الأمن الغذائي في لبنان بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، وعدم الاستقرار السياسي، وارتفاع تكاليف المعيشة.

ولفت تقرير المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن الأسر ذات الدخل المحدود تتحمل العبء الأكبر، داعيا الحكومة اللبنانية والبنك الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق ويضمن مستوًى معيشيا لائقا للجميع.

وقال التقرير: "لا تضمن استجابة السلطات حق كل فرد في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في الغذاء".

وتابع: "يمكن أن تساعد الحماية الاجتماعية الشاملة التي تؤمن الحق في الضمان الاجتماعي لكل فرد في لبنان تخفيف الصدمات الاقتصادية وضمان مستوى معيشي لائق، بما يشمل أوقات الأزمات، لكن نظام الحماية الاجتماعية في لبنان مجزّأ للغاية، ما يترك معظم العمال غير الرسميين، والمسنين، والأطفال دون أي حماية، ويعزز انعدام المساواة الاجتماعية والاقتصادية".

وبين نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ويناير/كانون الثاني 2022، أجرت "رايتس ووتش" مسحا على عينة تمثيلية شملت 1209 أُسر في لبنان لجمع معلومات حول الظروف الاقتصادية للأفراد وقدرتهم على تحمل تكاليف الطعام، والأدوية، والسكن، والتعليم.

وسأل الباحثون الأسر عما إذا كانوا يتلقون دعما ماليا أو عينيا من الحكومة، أو الجماعات الدينية أو السياسية، أو المنظمات غير الحكومية، وتحدثوا مع أفراد الأسر حول تأثير نقص الدخل الكافي.

وتسلط نتائج المسح الضوء على خطورة الوضع وتشير إلى أن نظام الحماية الاجتماعية الحالي عاجز عن مواجهة الأزمة بالنسبة لكثير من الناس.

وقال قرابة 70% من الأسر إنهم واجهوا صعوبة في تغطية نفقاتهم أو تأخروا دائما عن دفع النفقات الأساسية في العام السابق.

ومع ذلك، فإن أقل من 5% من الأسر في لبنان تلقت أحد أشكال المساعدة الحكومية.

وكانت الأسر التي تضم شخصا من ذوي الإعاقة، والأسر التي تعيلها نساء، والأسر ذات الدخل المحدود أكثر عرضة للمعاناة في تغطية نفقاتها، وفق التقرير، الذي أضاف: "واجه الأشخاص ذوو الدخل المحدود الصعوبات الأشد، على الرغم من أن الأسر من جميع الطبقات الاقتصادية تكافح من أجل تغطية الاحتياجات الأساسية".

وأظهر المسح، أن ما يقرب من 94% من الخُمس الأدنى دخلا أفادوا عن صعوبة تغطية الاحتياجات الأساسية، وأن 26% من أصحاب الدخل الأعلى أفادوا بذلك أيضا.

وأدى ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض قيمة العملة المحلية، والارتفاع الهائل في معدلات التضخم، ورفع الدعم عن الأدوية والوقود إلى زيادة الصعوبة التي يواجهها الكثير من الناس لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ووجد المسح أن تقريبا 4 من كل 5 أسر لديها معيل فقد العمل منذ بدء الأزمة في 2019، مع بقاء حوالي 15% عاطلين عن العمل منذئذ.

وكانت الأسر التي ما يزال أحد أفرادها عاطلا عن العمل أكثر عرضة لمواجهة صعوبة في تلبية احتياجاتها.

وبلغ متوسط الدخل الشهري للأسر 122 دولارا أمريكي فقط، واستمر التضخم في الارتفاع بشكل كبير منذ إجراء المسح.

ومتوسط حجم الأسرة هو 4 أشخاص، بينهم طفل واحد عمره أقل من 18 عاما، ونسبة الأسر التي تعيش على دخل محدود للغاية كانت عالية، فعلى الصعيد الوطني، يكسب 40% من الأسر تقريبا 100 دولار أو أقل شهريا، ويكسب 90% من الأسر أقل من 377 دولار شهريا.

وأضاف التقرير، أن شدة الأزمة الاقتصادية الحالية تؤكد الحاجة الماسة إلى نظام حماية اجتماعية شامل قائم على الحقوق ولا يترك أحدا، ويلبي حق كل فرد في مستوى معيشي لائق وفي الضمان الاجتماعي الذي يفي بهذا الحق.

وأضاف: "ينبغي للجهات المانحة والحكومة إدراك المعاناة المنتشرة ووضع نظام يضمن توفير الضمانات الاجتماعية الأساسية، مثل إعانات الأطفال، وذوي الإعاقة، والبطالة، وتقاعد الشيخوخة، حيث تتحمل الدولة مسؤولية ضمان حصول الجميع على الغذاء والدخل بشكل آمن".

وتابع التقرير: "يمكن أن تلعب البرامج التي تستهدف الفقر دورا ثانويا في أنظمة الحماية الاجتماعية الشاملة طالما أن الفوائد التي تحمي الجميع من الطفولة إلى الشيخوخة مضمونة. لكن مثل هذه البرامج ينبغي ألا تكون الأساس لنظام حماية يكون مجزأً بغيابها".

واستطرد: "يمكن للحكومة حشد الموارد المحلية لتوسيع التغطية والوصول تدريجيا إلى الحماية الاجتماعية الشاملة".

يشار إلى أن الأمم المتحدة قدرت في 2020 أن فرض ضرائب على شريحة الـ10% الأعلى دخلا بمعدل 0.9% من شأنه أن يخفف من حدة الفقر المدقع على النحو المحدد في خط الفقر مدقع، في حين أن فرض الضريبة بمعدل 3.6% سيخفف من حدة الفقر المعتدل الذي يقاس بقوة شرائية تبلغ 14 دولار أمريكي في اليوم، وهي منهجية تحوّل العملات إلى وحدة مشتركة يمكن مقارنتها في بلدان مختلفة.

ولفتت "رايتس ووتش" إلى أن "الحق في الضمان الاجتماعي مكرّس في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

وتعليقا على التقرير، انتقدت الباحثة الأولى في العدالة الاقتصادية في المنظمة "لينا سيميت": "الفع بملايين الأشخاص في لبنان إلى براثن الفقر، واضطرارهم إلى تقليص كميات طعامهم".

وأضافت: "بعد 3 سنوات من الأزمة الاقتصادية، لم تتخذ الحكومة تدابير كافية، فنظام الدعم الحالي يصل إلى نسبة صغيرة للغاية من ذوي الدخل المحدود، تاركا الغالبية دون أي حماية".

كما انتقدت تغطية برامج المساعدة الاجتماعية الحالية، الممولة جزئيا من البنك الدولي ووصفتها بأنها "ضئيلة وتستهدف بشكل ضيق للغاية الأسر التي تعيش في فقر مدقع".

ولفتت "لينا" إلى أن برامج المساعدة "تترك شرائح كبيرة من السكان غير المؤهلين معرضين للجوع، وعاجزين عن الحصول على الأدوية، ويخضعون لأنواع أخرى من الحرمان التي تقوض حقوقهم مثل الحق في الغذاء والصحة".

كما انتقدت عدم اعتماد الحكومة بعد استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية تضمن الحق في الضمان الاجتماعي للجميع.

قالت: "إنشاء نظام حماية اجتماعية حسن التصميم هو وفاء بالتزامات حقوق الإنسان المهمة المتمثلة بمستوى معيشي لائق والضمان الاجتماعي، فهو يخلق أداة قوية للمساعدة في الحدّ من الفقر وعدم المساواة الاقتصادية".

ويعاني اللبنانيون منذ عام 2019 أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدّت إلى انهيار قياسيّ بقيمة الليرة، فضلا عن شح الوقود والأدوية وانهيار القدرة الشرائية.

وهذه الأزمة صنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وقال إن النخبة في البلاد مسؤولة عن هذا "الكساد المتعمد".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

لبنان أزمة اقتصادية التضخم ارتفاع أسعار حقوق اجتماعية

وسط انتقادات واسعة.. لبنان يطلب حافلات المونديال من قطر