وصف الخبير الأمني الإسرائيلي «يوسي ميلمان»، العلاقات الإسرائيلية مع مصر في عهد الرئيس «عبدالفتاح السيسي» بأنها كنز إستراتيجي، لكنها قد تشكل في الوقت ذاته عقبة أمام «إسرائيل» للتوصل إلى حل سياسي في قطاع غزة، وتحول دون ترميم العلاقة مع تركيا.
وبحسب صحيفة «معاريف» الإسرائيلية فقد كشف «ميلمان» النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية (سي آي أي) «جون برينان» لمصر الأسبوع الماضي، ولقائه «السيسي» ونظيره المصري رئيس المخابرات العامة «خالد فوزي»، قدم خلالها وعودا بتقديم المساعدة لأجهزة المخابرات المصرية في محاربتها للجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء.
وأضاف الخبير أن الجيش المصري يتلقى مساعدات أمنية وعسكرية من «إسرائيل» وفرنسا من خلال صور أقمار صناعية، في حين تقدم «إسرائيل» دعما للجيش المصري يتمثل في الصواريخ الاعتراضية والمعلومات الأمنية عبر الوحدة 8200 التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية «أمان» وجهاز الأمن العام «الشاباك» وجهاز «الموساد»، وهي أجهزة توفر لـ«إسرائيل» معلومات استخبارية على مدار الساعة عما يحدث في سيناء لإحباط العمليات المعادية.
وقال «ميلمان» إن رئيس جهاز «الشاباك» الإسرائيلي «يورام كوهين» يعتبر شخصية مألوفة في مجتمع المخابرات المصرية، حيث زار القاهرة خلال الحرب الأخيرة على غزة 2014 وبعدها، وتباحث مع مضيفيه المصريين في قضايا قطاع غزة وحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وهي استمرار لزيارات سابقة كان يقوم بها رجال «الموساد» الإسرائيلي للقاء نظرائهم المصريين، ممن قاموا بزيارات عديدة إلى «إسرائيل» كاللواء الراحل «عمر سليمان».
وأكد الخبير الوثيق الصلة بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، أنه لم يعد سرا أنه منذ صعود «السيسي» للحكم في مصر، نشأت علاقات أمنية وتنسيق استخباري عالي المستوى بين القاهرة وتل أبيب في القضايا الأمنية.
وتتعلق المصالح الأمنية المشتركة بين الجانبين في محاربة حركة «حماس» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، حيث سمحت «إسرائيل» لمصر بإدخال قوات عسكرية إلى سيناء أكثر مما هو مسموح به في اتفاق السلام بينهما عام 1979.
وأوضحت صحيفة «معاريف» أنه من الواضح أن لـ«إسرائيل مصلحة واضحة في التخفيف من معاناة الفلسطينيين في غزة، وإزالة الحصار المفروض عليهم، أو على الأقل التخفيف من آثاره.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفلسطينيين يتلقون في القطاع المواد الغذائية من «إسرائيل» وتمر من معابرها يوميا 800 شاحنة بضائع، لكن معبر رفح بين غزة ومصر مغلق معظم أيام السنة، مما يعني أن من يخنق غزة ويفرض عليها حصارا محكما هي مصر وليس «إسرائيل».
وأوضحت «معاريف» أن مصر تعارض المصالحة التركية الإسرائيلية، وطلب أنقرة بأن يكون لها موطئ قدم في غزة وإقامة ممثلية لها هناك، مما جعل «إسرائيل» محصورة بين رغبتها في تحسين العلاقة مع تركيا وبين الشراكة الإستراتيجية مع «السيسي»، وهي ترى في هذه المرحلة أن علاقتها بمصر أكثر أهمية من تركيا.
وقبل أيام كشف محلل الشؤون الأمنية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية «أليكس فيشمان»، عن مصادر عليمة ورفيعة عن أنه بهدوء تام، وبلا طقوس وبلا تصريحات دراماتيكية، نسج من تحت الأنف حلف اقتصادي-أمني على أساس مصالح استراتيجية صلبة، يضم اليونان، قبرص، (إسرائيل) ومصر، وبشكل غير مباشر الأردن أيضا.
وقال إن الأتراك قلقون من محور البحر المتوسط الجديد، الذي يعزلهم ليس فقط عسكريا بل واقتصاديا أيضا، ولهذا فإنهم يطلبون فتح باب لـ«إسرائيل»، غير أن ليس لتل أبيب أي سبب يدعوها لأن تضعف العلاقة الوثيقة مع اليونان في صالح الأتراك، وفضلا عن ذلك فإن المصريين يرون بعين الاشتباه كل تقارب إسرائيلي مع تركيا، المنبوذة في نظرهم، ومصر من ناحية «إسرائيل» هي «صديق» استراتيجي ثان في أهميته بعد الولايات المتحدة فقط.