3 أسباب تفسر حرص السعودية على إبقاء أسعار النفط منخفضة

الاثنين 29 فبراير 2016 12:02 ص

ملخص

(1) خلال الأسبوع الماضي، توصلت كل من المملكة العربية السعودية وقطر وفنزويلا وروسيا إلى اتفاق تاريخي لتجميد إنتاج النفط عند مستويات شهر يناير/كانون الثاني.

(2) مع عدم الاتفاق على خفض الإنتاج، فإنه من المرجح أن تبقى أسعار النفط منخفضة كما هي، طالما بقى المعروض في السوق على حاله.

(3) إلى جانب العقوبات التي تنهك ميزانية الكريملين، فإنه كلما استطاعت السعودية إبقاء الأسعار منخفضة لأطول فترة ممكنة، كلما تسبب ذلك في زيادة الألم والضغط الاقتصادي الذي تشعر به روسيا.

(4) واحد من أسباب قيام السعودية بخفض أسعار النفط من الأساس هو تحدي الثورة الوليدة للنفط الصخري في الولايات المتحدة.

(5) سوف تواصل المملكة العربية السعودية استخدام النفط كسلاح في مواجهة غريمها التقليدي، إيران.

تحليل

خلال الأسبوع الماضي، توصلت كل من المملكة العربية السعودية وقطر وروسيا وفنزويلا إلى اتفاق تاريخي للحد من إنتاج النفط عند مستويات منتصف يناير/كانون الثاني. كان هذا هو الاتفاق الأول بين أوبك وأي دولة من خارجها خلال 15 عاما، وهو يهدف إلى مواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي يلقي بظلاله على جميع الدول المنتجة.

وفي حين أن الأنباء حول الوصول إلى هذا الاتفاق قد أثارت بعض التفاؤل، إلا أن الاتجاه الصعودي للأسعار قد بدأ يتلاشى بسرعة مع وضوح الحقائق الراسخة: وأهمها أن الاتفاق لا يتضمن سحب برميل واحد من السوق. ومع غياب أي خفض محتمل في الإنتاج العالمي، فإن حالة الوفرة النفطية سوف تظل على ما هي عليه.

قرار تجميد الإنتاج عوضا عن خفض الإنتاج يبدو غير بديهي. تعيش الكثير من الدول المنتجة ضغوطا ماليا كبيرة وهي تعاني من أجل الحفاظ على اقتصادها وافقا على قدميه. ولكن بالنسبة للمملكة العربية السعودية، المهندس الرئيسي للسياسة الحالية، فإن لديها عدة أسباب تدفعها إلى الحفاظ على أسعار النفط منخفضة. وهذه الأسباب تشمل وقف ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة وجعل روسيا تدفع ثمن توغلها في سوريا، وإضعاف المنافسين في إيران والعراق.

وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض هذه الاستراتيجيات تؤتي ثمارها، فإن الرياض تواصل مقاومة دعوات خفض الإنتاج. وعلاوة على ذلك، فإنه من دون تعاون أوبك، فإن باقي المنتجين الرئيسيين سوف يواصلون ضح النفط بمستويات قياسية في محاولة لاكتساب حصص سوقية. وبالتالي سوف تستمر أسعار النفط منخفضة، على الأقل في المستقبل المنظور.

مواجهة ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة

أحد الأسباب التي قامت لأجلها المملكة العربية السعودية بتدبير انخفاض الأسعار هو مواجهة الثورة الوليدة للنفط الصخري في الولايات المتحدة. خلال السنوات القليلة القادمة، من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، في حين تشير التقارير أيضا أن إنتاج النفط الصخري يمكن أن يشهد زيادة بمعدل ما بين 4 إلى 8 براميل يوميا بحلول عام 2035.

قد يبدو هذا ضئيلا في الوقت الذي تتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يصل الطلب العالمي هذا العام إلى 96 مليون برميل يوميا. لكن محللين يوقعون أنه إذا تم خفض الناتج العالمي بمعدل 5 في المائة، أي حوالي 4.8 مليون برميل يوميا، فإن ذلك من شأنه أن يرفع الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 50 في المائة إلى 100 في المائة. لذلك فإن نمو إنتاج الصخر من شأنه أن يدفع الأسعار نحو المزيد من الهبوط على المدى الطويل.

وما لا يقل أهمية عن ذلك، فإن هذه الآبار لا تحتاج الكثير من الوقت أو المال من أجل الدخول إلى الإنتاج من جديد. تعطي هذه الميزة واشنطن الكثير من المرونة لتحقيق التوازن في ظل صدمات الأسعار وتضعف الكثير من قدرات المملكة العربية في لعب دور المنتج المرجح.

ليس من المستغرب إذا أن المملكة تسعى إلى إسقاط صناعة الصخر الزيتي. مع ارتفاع تكاليف إنتاج النفط الصخري فقد دبرت المملكة خفضا للأسعار رغبة في إبعاد هؤلاء اللاعبين الجدد والحفاظ على الوضع الراهن.

وقد أنتجت هذه الاستراتيجية نتائج مختلطة. على الرغم من إفلاس عشرات الشركات، فإن الصناعة بشكل عام قد أظهرت قدرة كبيرة على المقاومة. ومع ذلك فإن هذه الشركات تظل خاضعة لقوى السوق، لذا فإنه من المتوقع أن تعلن عدد من الشركات إفلاسها خلال العام الحالي.

وفي الوقت الذي يشكك فيه العديد من المراقبين في قدرة المملكة العربية السعودية على تحجيم ثورة النفط الصخري، وبخاصة مع انخفاض تكلفة إنتاجه بشكل ملحوظ، فإن المملكة العربية السعودية من غير المرجح أن تقوم بخفض الإنتاج في وقت قريب خوفا من تقديم الدعم لمنافسيها الأمريكيين.

عقاب روسيا على تدخلها العسكري في سوريا

غير التوغل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر/أيلول الماضي العديد من الحقائق على الأرض، حيث نجح في ترسيخ نفوذ الرئيس السوري «بشار الأسد» وإضعاف نفوذ المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. وفي حين أن حكم «الأسد» قد بدا شديد الهشاشة مع تطورات الحرب، فإن الحقائق التي فرضتها روسيا ربما تضمن بقاءه بشكل كبير.

وعلاوة على ذلك، فإن روسيا تواصل قصف فصائل المعارضة التي ترعاها المملكة العربية السعودية، ما يتسبب في تلاشي سطوة الرياض. ومع تراجع نفوذ الرياض العسكري فإن نفوذها السياسي سوف يتراجع وسوف يتقلص دورها في محادثات السلام التي ينتظر أن تقرر مستقبل البلاد.

وبسبب ما يرونه على أنه تقاعس من قبل الولايات المتحدة في مواجهة العدوان الروسي في حلب ونقاط التوتر الأخرى في الشمال، فإن المسؤولين السعوديين يشعرون بإحباط متزايد. وعلى الرغم من أن الزعيم الفعلي لأوبك من غير المرجح أن تتدخل عسكريا من دون موافقة واشنطن، فإن إبقاء الأسعار منخفضة هي طريقتها الوحيدة لإيذاء الاقتصاد موسكو الهش.

إلى جانب العقوبات التي تواصل العبث بميزانية الكريملين، فإن المملكة العربية السعودية تواصل الحفاظ على أسعار النفط المنخفضة من أجل مفاقمة المعاناة الاقتصادية لروسيا. في الواقع، أعلن وزير المالية الروسي، «أنطون سيلوانوف»، في الآونة الأخيرة أن بلاده بحاجة إلى أسعار نفط تبلغ 82 دولارا للبرميل من أجل تحقيق التوازن في الميزانية.

قد لا تغيير حسابات «بوتين» في سوريا، ولكن انخفاض أسعار النفط يمثل على الأقل تذكرة مكلفة لموسكو أن تصرفاتها لن تكون بلا عواقب.

إضعاف إيران والعراق

تستخدم السعودية أيضا انخفاض أسعار النفط كوسيلة للتغلب على منافسيها التقليديين في طهران. صحيح أن الاقتصاد السعودي يعتمد اعتمادا كبيرا على النفط، حيث يمثل النفط 90 في المائة من صادرات البلاد وحوالي 80 في المائة من العائدات الحكومية، إلا أنها لا تزال تتمتع بموقع ملائم ماليا مقارنة بخصمها في منطقة الخليج (إيران) بسبب احتياطياتها المالية الوافرة وقلة الديون الخاصة بها. وفي الوقت نفسه فإن إيران تحتاج إلى أسعار نفط أكثر ارتفاعا من أجل الوصول إلى نقطة التعادل.

ونظرا لحسابات النفوذ الإقليمي، فإنه من المرجح أن تسعى المملكة إلى إبقاء أسعار النفط منخفضة في محاولة منها لتحجيم نفوذ إيران. في نهاية المطاف، تأمل الرياض أن الضغوط المالية قد تدفع إيران إلى تقليص الدعم لوكلائها في سوريا واليمن وغيرهما من الأماكن.

وفي أعقاب توقيع الاتفاق النووي الأخير مع الولايات المتحدة، فإن إيران قد تكون مضطرة إلى تبني سياسة خارجية أقل توسعية، مما قد يسمح للسعوديين بإعادة تشكيل تحالفاتهم في المنطقة، واستعادة جزء من نفوذهم المفقود.

وبالمثل، فإن الرياض ترى أن أسعار النفط المنخفضة تعمل كوسيلة لزعزعة استقرار النظام الشيعي العاجز في العراق، والذي كان حليفا لإيران منذ سقوط نظام «صدام حسين». ويثير التحالف ما بين إيران والعراق المخاوف السعودية من تشكيل ما يعرف بــ«الهلال الشيعي». علاوة على ذلك، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار في العراق على المدى الطويل قد يعني عجز العراق عن تطوير احتياطاته النفطية المتبقية.

المصدر | سكينج ألفا

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا إيران النفط الصخري انخفاض أسعار النفط النفط نفط السعودية حرب النفط

«تحالف الأعداء»: كيف يقرب هبوط أسعار النفط بين السعودية وإيران؟

كيف يمكن أن تساعدنا الأرقام على فهم الاستراتيجية النفطية السعودية؟

«بريتش بتروليوم»: إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيتضاعف بحلول 2035

روسيا ترغب في خفض إنتاج النفط .. فهل تستجيب السعودية؟

«إيكونوميست»: لماذا لا تستطيع السعودية الرهان على النفط وحده؟

المواجهة السعودية الروسية في سوريا تستدعي ذكريات موسكو المؤلمة

خبراء يخفضون توقعاتهم لأسعار النفط في 2016: الأمريكي 38.9 و«برنت» 40.1 دولار

«أوبك»: السعودية تريد اختبار مدى التزام روسيا بتجميد الإنتاج

النفط يرتفع بعد انخفاض الإنتاج الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ 2014

لماذا تشارك السعودية في خطط تجميد إنتاج النفط؟

أسعار النفط .. كيف استخدمت السعودية سلاحها الأثير ضد نفسها؟

كيف تبدو ملامح خطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية؟

لماذا تستثمر السعودية في منصات الحفر رغم انخفاض الأسعار؟