بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من التنحي أو الخروج الآمن على أكثر تقدير، يعود رئيس النظام السوري، «بشار الأسد»، المدعوم بقوة السلاح الروسي والإيراني، اليوم الثلاثاء، ليعرض عفوا عاما عن مقاتلي المعارضة الذين يقررون إلقاء السلاح والعودة إلى الحياة المدنية الطبيعية.

ويعكس هذا العرض تحولا في موقف «الأسد»، الذي يتلقى نظامه مساندة عسكرية واسعة النطاق من روسيا منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وقبل ذلك بكثير من إيران؛ أدت إلى تبدل الموقف الميداني لقواته من فقدان نحو 82% من أراضي البلاد، إلى التمدد مجددا في الأراضي السورية، واستعادة السيطرة على مناطق شاسعة كانت بحوزة قوات المعارضة والجماعات المسلحة الأخرى.

وفي مقابلة مع التلفزيون الألماني، ستبث مساء اليوم، قال «الأسد» إنه يطرح عفوا عن المسلحين و«العودة إلى حياة مدنية طبيعية» شريطة وضع السلاح، دون أن يضيف تفاصيل أخرى بخصوص هذا العرض، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).

وفي سياق متصل، تعهد رئيس النظام السوري بالعمل على انجاح «اتفاق وقف العمليات العدائية» التي دخل حيز التنفيذ، يوم السبت الماضي، وقال إنه «سيفعل كل ما هو منوط به» في هذا الصدد، واصفا الاتفاق، الذي ترعاه الولايات المتحدة وروسيا، بأنه «بارقة أمل».

وخلال الساعات الماضية، سجلت قوات المعارضة وأطراف دولية أخرى انتهاكات من قبل قوات «الأسد» وحلفائها لاتفاق الهدنة.

وفي حواره مع التلفزيون الألماني، اعترف «الأسد» بأن سوريا لم تعد «ذات سيادة كاملة»، لافتا إلى أنها تحصل على مساعدات عسكرية من روسيا وإيران ولبنان.

وزعم أن هذه المساعدات العسكرية ضرورية للحد من انتشار ما وصفه بـ«الإرهاب»، مضيفا أنهم في النهاية «لم يأتوا للدفاع عن أنفسنا، بل للدفاع عن أنفسهم».

وبخصوص أزمة اللاجئين السوريين، وجه «الأسد» حديثه إلى ألمانيا، قائلا إنه «لأمر جيد أن يتم استقبال لاجئين تركوا بلدهم في محنة»، قبل أن يستدرك متسائلا: «ألم يكن من الأذكى والأقل تكلفة أيضا مساعدة السوريين على العيش في بلدهم؟».

وكان «الأسد» أصدر في يناير/كانون الثاني 2012 مرسوما تشريعيا يقضي بالعفو عمن وصفهم بـ«مرتكبي الجرائم» منذ 15 مارس/آذار 2011، مشترطا في الوقت ذاته تسليم المقصودون بالقرار لأنفسهم.

وفي حينها رفضت المعارضة السورية هذا العفو، وقالت إن «الأسد» هو «المجرم الحقيقي الذي يحتاج إلى العفو من الشعب».

واليوم يجدد رئيس النظام السوري عرض العفو الذي طرحه قبل أربع سنوات، دون أن ترد عليه المعارضة حتى الآن.