لماذا وافقت السعودية على اختيار «أبو الغيط» أمينا عاما للجامعة العربية؟

السبت 12 مارس 2016 05:03 ص

أثار اختيار «أحمد أبو الغيط»، وزير خارجية الرئيس المصري المخلوع «حسني مبارك»، لرئاسة الأمانة العامة للجامعة العربية العديد من التساؤلات، وعلى رأسها، هل هذا الاختيار يعني أن السعودية ودول الخليج راضية عنه، أم أن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، خرج تماما عن طوعهم فاضطروا للموافقة على خياره؟.

ومن بين تلك التساؤلات أيضا، هل مصر في عهد «السيسي» وضعفه الاقتصادي وحاجته للرز (الأموال) الخليجي، أوهن من أن تفرض «أبو الغيط» من غير لوبي سعودي إماراتي أردني؟، وهل طريقة اختيار «أبو الغيط» الغامضة، تشير إلي لوبي خليجي استهدف قطر؟.

فقد أثار تحفظ دولتي قطر والسودان على شخص «أبو الغيط»، ارتباكا في الاجتماع الوزاري الذي عقد أول أمس الخميس، وطلبت قطر تأجيل التشاور حول منصب الأمين العام الجديد لمدة شهر.

وبعدما أغلقت الجامعة القاعة الكبرى في نهاية اليوم، وبدأت الوفود المصاحبة لوزراء الخارجية في المغادرة، فوجئ الجميع بوزير الخارجية المصري «سامح شكري» بعدما قام بجولات مكوكية على الوزراء، داخل أروقة الجامعة العربية، يعلن في بيان التوافق على «أبو الغيط»، وإعلانه الأمين العام الثامن لجامعة الدول العربية، في جلسة مغلقة.

هناك إذن أمر دبر إما للقبول بمرشح مصر مكايدة في قطر وليس حبا في «السيسي» أو «أبو الغيط»، أو أن دول الخليج لم تستطع التوافق حول مرشح بديل وباتت أضعف من أن تؤثر علي «السيسي»، وقبلت بـ«أبو الغيط»، خصوصا أن العلاقات بين مندوبي السعودية والكويت بالأمين المنتهية ولايته «نبيل العربي» سيئة وسبق أن وجهوا له اتهامات علنية بالفشل.

الترجيحات تشير لأن القبول بـ«أبو الغيط» جاء أيضا لكي ينفذ مطالب ورغبات خليجية ومصرية سابقة رفضها الأمين العام السابق تتعلق بتصويت الجامعة العربية على اعتبار «حزب الله»، منظمة إرهابية وأيضا حركة المقاومة الإسلامية «حماس».

وقد يكون القرار الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي باعتبار «حزب الله» اللبناني، منظمة إرهابية، والقرار المماثل الذي اتخذه مجلس وزراء الداخلية العرب، وكذلك مجلس وزرا الخارجية، مع اعتراض العراق ولبنان، مقدمة لهذه النوايا.

لوبي سعودي إماراتي

فضائية «سي بي سي اكسترا»، المصرية الخاصة نقلت عن مصدر بالجامعة الدول العربية، وجود وساطة سعودية وإماراتية وبحضور نائب أمين عام الجامعة العربية السفير «أحمد بن حلي»، لإقناع قطر والسودان بالتوافق على مرشح مصر.

وهذا التدخل السريع لحسم الأمر باختيار «أبو الغيط» المفاجئ، جاء جانب كبير منه –بعد إقناع قطر والسودان بخطر المخطط الإيراني في المنطقة العربية – استهدف علي ما يبدو التصدي لـ«حزب الله» وأنشطته والسعي لاستصدار قرار من مجلس الجامعة العربية أو القمة المقبلة التي رفضت المغرب استضافتها، لتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية.

وقد تسعي القاهرة بدورها لاستغلال «أبو الغيط» المعادي لحركة «حماس» والقضية الفلسطينية في تصنيف آخر للحركة كمنظمة إرهابية، وهو الأمر المثير للتساؤل أيضا لا سيما مع التهدئة السعودية مع الحركة الفلسطينية حاليا.

وخلال تولي «نبيل العربي» منصب الأمين العام للجامعة، حاولت بعض دول الخليح الضغط على الدول الأعضاء وحشد التأييد لاعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، ففي عام 2014 أعدت السعودية خطة لحشد تأييد عربي في الجامعة العربية تعتبر الحزب منظمة إرهابية ويحظر على جميع الدول الأعضاء في الجامعة التعامل معه، لكن هذه الخطة لم تلقَ قبولا واسعا في ذلك الوقت.

وخلال الأسابيع الماضية، أعادت السعودية محاولاتها مرة جديدة باتجاه الجامعة لإصدار قرار ضد «حزب الله»، ونجحت هذه الجهود نسبيا في استصدار قرار من مجلس وزراء الداخلية العرب، ومجلس وزراء الخارجية العرب.

ومن المعتقد أن يؤدي تسليم منصب أمين عام جامعة الدول العربية لـ«أبو الغيط»، لتسهيل هذه المهمة كثيرا على الرياض، حيث تظهر مواقف «أبو الغيط» خلال توليه حقيبة وزارة الخارجية المصرية منذ يوليو/تموز 2004 إلى مارس/آذار 2011، مدى تقارب وجهات نظره مع المملكة في هذا الشأن وشدة معاداته لحركات «حزب الله» و«حماس».

ففي عام 2008 قال «أبو الغيط» خلال مقابلة تليفزيونية، إن «حزب الله» دمر لبنان في حرب عام 2006، كما هاجم «أبو الغيط» حركة «حماس» عقب الغارات الجوية الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي استمرت منذ 27 ديسمبر/كانون/الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009، وقتلت حوالي 348 فلسطينيا، محملا الحركة مسؤولية ما حدث، قائلا إن مصر قامت بتحذير «حماس» منذ فترة طويلة بأن (إسرائيل) ستقوم بالرد بهذا الأسلوب، مضيفا: فليتحمل اللوم هؤلاء الذين لم يولوا هذا التنبيه أهمية.

وفي عام 2009، هاجم «أبو الغيط»، حركة «حماس» و«حزب الله»، قائلا إن خلال الحرب على غزة سعى الطرفان لإشعال صراع في الشرق الأوسط، واتهمهم بمحاولة تحويل المنطقة إلى صدام وصراعات، كما اعترف أن مصر أفشلت عقد قمة عربية مكتملة النصاب حول غزة في قطر، مبررا ذلك بأن القمة كانت تهدد العمل العربي المشترك.

لماذا لم يرشح «أحمد قطان» الأمين العام القادم؟

تقول مصادر عربية إنه كان هناك تنسيق خليجي مغاربي لترشيح مرشح عربي لا مصري للمنصب، وأن أحد هذه الترشيحات هي السفير السعودي في مصر «أحمد قطان».

وقد نشرت صحيفة «البوابة» القريبة من الحكومة المصرية تقرير في فبراير/شباط الماضي يشير لواقعة ذات مغزى في هذا الصدد، جرت منذ شهور، حين جمع لقاء بين الأمير «سعود الفيصل» وزير الخارجية السعودي السابق و«نبيل العربى» و«أحمد قطان».

وقالت: «فوجئ الأمير بأن نبيل العربي يقول له: السفير قطان يعمل على تخريب الجامعة العربية، واستنكر الأمير ما قاله العربي، وأوقف كلماته التي أراد أن يواصلها، قائلا له: أعتقد أنه يريد إصلاح الجامعة»، معتبره أن «هذه الجملة مفتاحية لما تريده المملكة السعودية».

ومعروف أن «أحمد قطان» واحد من أهم ضباط المخابرات السعوديين، وقد عمل في خلال الفترة من 2002 إلى 2005 نائبا للأمير «بندر بن سلطان بن عبد العزيز» رئيس المخابرات السعودية، وكان هذا أحد أسباب تعيينه سفيرا في مصر في أعقاب الثورة المصرية، بحسب مصدر دبلوماسي عربي.

أيضا لوحظ أن الكاتب اليساري «محمد الباز»،  أخذ يعدد محاسن السفير «قطان» لرئاسة الجامعة العربية حتى بدا تقريره كأنه دعاية أو إعلان مدفوع الأجر، ولكن إصرار مصر علي قاعدة أن الأمين العام يجب أن يكون من مصر، أفشل هذه الخطط، ولكن رؤي أن الأولوية هي للسعي لمواجهة إيران و«حزب الله»، ومن ثم تغاضت الرياض عن أي خلافات مع مصر أملا في أن ينفذ «أبو الغيط» ما تأمله من وضع «حزب الله» في خانة المنظمات الإرهابية عربيا، كجزء من الصراع مع إيران علي النفوذ في المنطقة العربية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أحمد أبو الغيط الجامعة العربية حزب الله حماس منظمة إرهابية الخليج السعودية

محللون: تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية خطوة خليجية جديدة لمواجهة نفوذ إيران

قطر: تحفظنا على «أبو الغيط» يتعلق بشخصه وليس بدولته

نشطاء يهنئون «الكيان الصهيوني» باختيار «أبو الغيط» أمينا للجامعة العربية

رغم تحفظ قطر.. «أبو الغيط» أمينا عاما للجامعة العربية

«أبو الغيط».. دبلوماسي بلا إنجاز في مؤسسة بلا موقف

مغزى قرارات الجامعة العربية الأخيرة

الإمارات: نثق في «أبو الغيط» بعد جهد «العربي» في الجامعة العربية

فيديو .. «أحمد أبو الغيط»: الربيع العربي «مؤامرة»

«أبوالغيط»: تصعيد الحوثيين مع السعودية وتشكيل «المجلس السياسي» يعرقل حل الأزمة