رأى محللون وسياسيون، أن تصنيف مجلس التعاون الخليجي، لـ«حزب الله» اللبناني كمنظمة إرهابية، خطوة على طريق مواجهة دول الخليج، للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
وكان مجلس التعاون لدول الخليج، اعتبر في بيان أصدره في 2 مارس/ آذار الجاري، أن «مليشيا حزب الله (اللبناني)، منظمة إرهابية، مع شمول التصنيف لكافة قادة الحزب، وفصائله، والتنظيمات التابعة له، والمنبثقة عنه»، وبعد ذلك بأيام وصف بيان ختامي صادر عن اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس الحزب بالإرهابي، وأمس الجمعة، قرر وزارء خارجية الدول العربية في اجتماعهم، إدراج «حزب الله» في قوائم التنظيمات الإرهابية.
وجاء القرار على خلفية اتهامات دول الخليج للحزب، بالضلوع في «إثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها»، بحسب البيان.
وقال رئيس حزب «جبهة الإصلاح» التونسي، «رشيد الترخاني، إن «حزب الله فقد صفته كحزب مناضل ومقاوم من أجل التحرر من إسرائيل، بمجرد دخوله كطرف في الصراع السوري وممارسته أدوارا ميليشياوية إلى جانب النظام ضد ثورة الشعب السوري».
وأضاف «الترخاني»، أن هناك «محاولات إيرانية لاختراق أمن بعض الدول العربية عن طريق حزب الله، بوصفه يد إيران الضاربة في المنطقة»، بحسب رأيه.
وذكر، أن «وصف حزب الله بالإرهابي، كان يقتصر على جناحه العسكري، وفق لوائح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكنّ مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أول من صنف الحزب كمنظمة إرهابية بجناحيه العسكري والسياسي».
ووصف السياسي التونسي، موقف دول الخليج العربي بأنه «متأخر في توقيته، وجاء بعد أن أغفلت طويلا عمقها الاستراتيجي الحقيقي ولعبت دورا إلى جانب القوى المضادة للثورات العربية، لكنها على ما يبدو باتت اليوم ترسل إشارات واضحة تشير إلى محاولات كسب ود قوى الثورات».
من جانبه، قال عضو مجلس الشورى في حركة «النهضة» التونسية، «أحمد قعلول»، إن قرار وزراء الداخلية العرب «لم يأت على ذكر حزب الله بوصفه منظمة إرهابية، إنما تحدث فقط عن الأعمال التي يمارسها ووصفها بالإرهابية، وهو لا يتفق تماما مع قرار مجلس التعاون الخليجي، الذي اعتبر الحزب منظمة إرهابية بجناحيه السياسي والعسكري».
وكان مجلس وزراء الداخلية العرب، قد أصدر «إعلان تونس» في ختام اجتماعات دورته الـ 33 في العاصمة التونسية، وجاء في الإعلان «إدانة وشجب الممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها حزب الله الإرهابي لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية»، بحسب نص الإعلان.
وأضاف «قعلول»، أن «تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية جاء كتعبير عن انزعاج خليجي من استراتيجيات إيران التي تنفذها من خلال أذرعها في المنطقة، وهي استراتيجيات لا تخدم مبادئ الأخوة بين العالم العربي وإيران التي هي جزء فاعل من العالم الإسلامي».
واستبعد «قعلول»، تدخلا بريا سعوديا يستهدف «حزب الله» في سوريا، متوقعا إيجاد حلول سياسية للأزمة السورية وباقي أزمات المنطقة.
من جهة أخرى، طالب القيادي في حركة «النهضة»، «حزب الله» بأنّ يكون «جزء من منظومة التحرر، لا أداة من أدوات الصراع في المنطقة».
وحول موقف حركته، من قراري «مجلس التعاون الخليجي»، و«وزراء الداخلية العرب»، قال «قعلول»، إن «تنظيم حزب الله، كحزب سياسي عُرف كأحد أبرز رموز مقاومة الكيان الصهيوني في العالمين العربي والإسلامي، لكنّ موقفه من الصراع الدائر في سوريا يتناقض مع مواقفه الأخرى في النضال من أجل التحرر والحرية والاستقلال».
بدوره، قال رئيس «تيار الولاية» اللبناني، «علي نايف شمص»، إن «حزب الله لعب دورا في زعزعة الأمن الداخلي للدول الخليجية عن طريق خلايا أمنية تعمل لصالحه».
وذكر «شمص»، أن «الدول الخليجية اتخذت قرارها الأخير لإيقاف حزب الله عند حده ومنعه من التدخل الضار بشؤون دُولهم ومجتمعاتهم».
وكشف السياسي اللبناني، عن «تكليف قيادة حزب الله لنوابه ووزرائه بتوظيف علاقاتهم الشخصية مع قيادات أو فاعلين خليجيين لتخفيف وطأة الإجراءات الخليجية الأخيرة، التي باتت تولد ضغوطا في الشارع الشيعي على الحزب».
وأوضح، أن «الشيعة اللبنانيين لديهم مصالح متشابكة في دول الخليج العربي، وهم قلقون من احتمالات ترحيلهم بعد القرار الخليجي الأخير».
واستبعد «شمص»، أن تتبنى إيران موقفا مساندا للبنان، الذي ستنعكس نتائج القرار الخليجي على «وضعه الاقتصادي الداخلي».
من جانبه، رأى المحلل السياسي السوري، «وجيه السمان»، أن «قرار مجلس التعاون الخليجي جاء استكمالا لخطوات وقرارات سابقة من بينها، تشكيل التحالف العسكري الإسلامي».
وأضاف، أن «القرار من الناحية القانونية يعطي مسوغا لدول المجلس، لمحاربة حزب الله تحت يافطة الحرب على الإرهاب»، حسب تعبيره.
واعتبر «السمان»، أن «ممارسات حزب الله في سوريا هي إرهابية بلا شك"، لكنه استدرك قائلا، أن هناك «حاجة ملحة لمراجعة المحددات التي استند عليها المجلس في إصدار القرار في ظل ضبابية تسود تحديد مصطلح الإرهاب".
وقياسا على آلية سير عمليات التحالف العربي، بقيادة السعودية في اليمن، وجد «السمان» في القرار «خطوة للتمهيد لشرعية أكبر في تدخل عربي واسع في سوريا».
ومن وجهة نظر، «السمان»، فإنه رغم تباين الدول الخليجية في علاقاتها ومواقفها من طهران، إلا أن هناك إجماعا خليجيا على «مواجهة التمدد الإيراني».
واستبعد المحلل السياسي، دخول دول الخليج في مواجهة مباشرة مع طهران، لكنه قال، إنها ستتصدى لتحركات الأذرع الإيرانية في المنطقة، وستواصل إيران دعمها، لهذه الأذرع.
وفي السياق، رأى الباحث اليمني في الشؤون الإيرانية، «علي البكيري»، أن قرار دول مجلس التعاون، كان استباقيا للحد من التفسير الغربي، الذي يرى في الإرهاب ظاهرة تقتصر على السُنّة فقط.
وأضاف «البكيري»، أن «الغرب يسعى لاستهداف الحركات السُنّية في العراق وسوريا وتصفيتها»، مشيرا إلى أن تشكيل «التحالف الإسلامي ومن ثَمّ القرار الخليجي بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية يأتي في إطار مغاير للمفهوم الغربي للإرهاب»، حسب رأيه.
وأوضح، أن الغرب لا زال يتعامل مع «حزب الله كحزب سياسي يستمد شرعيته من الدستور اللبناني».
وأشار الباحث اليمني، إلى أن القرار سيكون له «تأثير كبير على الحكومة والشعب اللباني، حيث يشكل اللبنانيون نسبة مهمة من الجالية العاملة أو المقيمة في دول الخليج».
وعبّر «البكيري» عن اعتقاده بأن القرار الخليجي حول «حزب الله» سيعمل على «تصعيد الأزمة بين إيران والسعودية»، وقال، إن «دول الخليج بحاجة ملحة لتبني استراتيجيات جديدة قادرة على تمييز الأعداء والأصدقاء».