قالت وزارة العمل السعودية إن «مجموعة بن لادن» للمقاولات ستصرف رواتب متأخرة لنحو 10 آلاف من عمالها خلال شهر مايو/أيار الجاري، وستسمح لنحو 15 ألف عامل آخرين بالانتقال للعمل في شركات سعودية أخرى.

يأتي ذلك على ما يبدو كحل لأزمة الاحتجاجات التي تواصلت لعدة أسابيع، مؤخرا، من قبل عشرات الآلاف من العمال الأجانب التابعين للمجموعة في مختلف مدن المملكة؛ بسبب تأخُّر صرف رواتبهم منذ أكثر من أربعة أشهر.

وقال مدير عام فرع وزارة العمل في منطقة مكة المكرمة، غربي السعودية، «عبدالله العليان»، إن «مجموعة بن لادن» ستصرف رواتب 10 آلاف عامل خلال شهر مايو/أيار  الجاري، وستقوم بإنهاء إجراءات نقل خدمات أكثر من 15 ألف عامل حصلوا على تنازل الشركة لصالح العمل في شركات وطنية أخرى.

لكن «العليان» أوضح، في تصريحات لصحيفة «عكاظ» السعودية الخاصة،  نشرتها اليوم الأحد، أن خدمات الحاسب الآلي للشركة لدى الوزارة لا تزال متوقفة، ولم يرفع الحظر عنها لحين الانتهاء من معالجة ملف مستحقات العمالة المالية بشكل نهائي.

ولا تستطيع الشركات في المملكة إنهاء الكثير من معاملاتها الحكومية إلأ عبر ما يعرف بـ«خدمات الحاسب الآلي» في وزارة العمل؛ ومن بين هذه المعاملات: الاستقدام (التعاقد مع عمالة أجنبية)، واستخراج التأشيرات، وتغيير مهن موظفيها، وتجديد رخص عملهم، ونقل خدمات موظفيها لجهات أخرى، وفتح حسابات في البنوك لموظفيها.

«العليان» قال إنه تم استثناء خدمات تجديد رخص العاملين وفتح حسابات البنوك أو إجراءات نقل الخدمات من خدمات الحاسب الآلي الموقوفة لـ«مجموعة بن لادن»؛ حرصا على مصالح العمال،  بينما لا يزال الإيقاف ساريا على خدمات الاستقدام، واستخراج التأشيرات، وكذلك تغير المهن، والخدمات الأخرى.

وأهاب المسؤول في وزارة العمل بالموظفين الذين يطالبون بصرف رواتبهم المتأخرة التقدم بشكوى رسمية إلى «هيئة تسوية الخلافات العمالية»؛ كونها الجهة المختصة بالفصل في النزاعات بين العمال والشركات.

وحول آخر إحصائية عن عمال «مجموعة بن لادن»، أوضح «العليان» أن عدد العمال الذين تم تسريحهم بلغ 69 ألف عامل، ومن بين هؤلاء غادر السعودية 34 ألفا و207 عمال بعد استلام مستحقاتهم المالية، واستفاد من نقل الخدمات إلى شركات أخرى 15 ألفا و834 عاملا.

وفجر الأزمة قيام المجموعة بإنهاء عقود عشرات الآلاف من العمال الأجانب لديها، ومنحهم تأشيرات خروج نهائي (تأشيرات لمغادرة المملكة)؛ بعد قيام أعداد كبيرة منهم بالاحتجاح على تأخر رواتبهم.

وتعاني «مجموعة بن لادن»؛ كبرى شركات المقاولات السعودية، من أزمة مالية منذ العام 2015.

والثلاثاء الماضي، صدر أمر ملكي بإعادة تصنيف شركة «بن لادن»، وعودتها إلى العمل في المشروعات السعودية، ورفع الحظر عن سفر رؤساء وأعضاء مجلس إدارة المجموعة، وجاء الأمر بمثابة انقاذا للمجموعة التي كانت على وشك إعلان الإفلاس.

وفي سبتمبر/أيلول أمر العاهل السعودي، الملك «سلمان بن عبد العزيز»، بوقف تصنيف مجموعة بن لادن، ومنعها من دخول مشاريع جديدة بعد حادث سقوط رافعة بالحرم المكي أودى بحياة 107 أشخاص.

و«مجموعة بن لادن» واحدة من كبرى الشركات السعودية، ومن بين أكبر شركات البناء في الشرق الأوسط. وتقول صفحة مجموعة بن لادن على موقع «لينكد.إن» إن إجمالي العاملين بالشركة يقارب 200 ألف عامل.

وازدهرت أعمال المجموعة إبان الطفرة الاقتصادية السعودية في السنوات العشر الأخيرة مع تشييدها الكثير من مشاريع البنية التحتية الكبرى في المملكة مثل المطارات والطرق وناطحات السحاب.

ولكن شأنها شأن الكثير من شركات البناء الأخرى في السعودية تضررت المجموعة كثيرا في السنة الأخيرة جراء تدني أسعار النفط الذي دفع الحكومة إلى خفض إنفاقها في مسعى لتقليص عجز الموازنة الذي قارب 100 مليار دولار العام الماضي.

ومن بين الأسباب القوية التي قد تدفع الحكومة لتخفيف الضغوط المالية على «مجموعة بن لادن» مشاركة الشركة في عدد من المشروعات التي ينظر إليها على أنها استراتيجية وحيوية للاقتصاد مثل «مشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي» في جدة (غرب) و«مشروع مركز الملك عبدالله المالي» في الرياض (وسط)، فيما لا تمتلك شركات محلية أخرى الطاقات والقدرات التي تحظى بها المجموعة.

كما أن تعرض «مجموعة بن لادن» لمشاكل مالية أمر قد يلقي بظلاله على قطاعات أكبر في الاقتصاد؛ إذ تضرر عدد من الموردين وصغار المقاولين الذين تتعامل معهم الشركة نتيجة الضغوط التي تحيط بها.

وتسعى الحكومة السعودية إلى الحيلولة دون تباطؤ اقتصادي نتيجة هبوط أسعار النفط، وإلى خفض معدلات البطالة بين السعوديين.