أعلنت «شركة مصر للطيران» العثور على مواد طافية يُرجح أنها لحطام طائرتها المفقودة، بالقرب من جزيرة كارباثوس اليونانية، فيما يعد أول إعلان مصري عن العثور على حطام للطائرة.

يأتي ذلك فيما تتعزز فرضية العمل الإرهابي وراء حادث تحطم الطائرة، حسب تصريحات لمسؤولين وخبراء مصريين وغربيين.

وقال مصدر مسؤول في «شركة مصر للطيران» (مصرية حكومية) إن «وزارة الطيران المدني تلقت خطاباً رسمياً من وزارة الخارجية المصرية يفيد بالعثور على مواد طافية يرجح أنها لحطام الطائرة، وكذلك على بعض سترات النجاة ومواد بلاستيكية قد عثرت عليها السلطات اليونانية بالقرب من جزيرة كارباثوس اليونانية».

المصدر، الذي لم يكشف بيان نشرته الشركة عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»عن اسمه، أوضح أن «التنسيق جاري مع الجهات اليونانية للتأكد من هوية الأجزاء».

وذكر البيان أن «مركز أزمات مصر للطيران يتابع تطورات الموقف أول بأول وسيتم الإعلان عن أي جديد في هذا الشأن».

وكانت «شركة مصر للطيران» أعلنت، في بيان لها اليوم، إنها فقدت الاتصال بطائرتها رقم «MS 804» من طراز «إيرباص أيه 320» في تمام الساعة 2:30 صباحاً بتوقيت القاهرة (00:30 تغ)، أثناء تحليق الطائرة فوق البحر المتوسط على بعد حوالي 280 كلم من السواحل المصرية.

وكان من المتوقع وصول الطائرة إلى مطار القاهرة في تمام الساعة 3:15 بتوقيت القاهرة (1:15 تغ).

فرضية العمل الإرهابي تتعزز

يأتي ذلك بينما تتابع تصريحات المسؤولين والخبراء المصريين والغربيين التي تعزز فرضية العمل الإرهابي وراء اختفاء الطائرة الطائرة.

ومع إصراره على الحذر الشديد وتأكيده أكثر من مرة عدم رغبته في استبعاد أي فرضية لتفسير سقوط الطائرة، قال وزير الطيران المصري، «شريف فتحي»، إن «احتمال العمل الإرهابي قد يكون الأرجح».

وردا على سؤال لوكالة «فرانس برس» حول ما إذا كان يرجح فرضية العمل الإرهابي، قال «فتحي»: «لا أريد أن أقفز إلى نتائج (ولكن) إذا أردنا تحليل الموقف فإن هذه الفرضية (العمل الإرهابي) قد تبدو الاحتمال الأرجح أو الاحتمال المرجح»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الموقف الرسمي للدولة المصرية يظل عدم استبعاد وعدم تأكيد أي فرضية.

وبدوره لم يستبعد الرئيس الفرنسي، «فرانسوا أولاند»، أيضا، فرضية «العمل الإرهابي».

وقال في كلمة متلفزة: «المعلومات التي جمعناها تؤكد لنا أن هذه الطائرة تحطمت وفقدت». وأضاف «أولاند»: «علينا التأكد من معرفة كل ملابسات ما حصل. لا يمكن استبعاد أو ترجيح أي فرضية».

وتابع: «حين نعرف الحقيقة، علينا استخلاص كل العبر سواء كان الأمر حادثا أو فرضية أخرى تخطر على بال كل شخص، وهي فرضية عمل إرهابي».

ورجح خبراء، كذلك، فرضية تعرض الطائرة لاعتداء، حسب «فرانس برس».

إذ قال استبعد الخبير في الملاحة الجوية، «جيرالد فيلدزر» أن يكون سبب تحطم الطائرة «مشكلة تقنية كبيرة؛ لأن الطائرة حديثة نسبيا (إذ يرجع تاريخ تصنيعها إلى عام 2003)»، كما أن طرازها، وهو «إيرباص أيه 320»، «جدير بالثقة».

ومتحدثا عن هذا الطراز، قال الخبير إنها «طائرة الرحلات المتوسطة الأكثر مبيعا في العالم؛ فهي تحط أو تقلع بوتيرة طائرة كل 30 ثانية»، مضيفا أنها
«طائرة عصرية».

وفيما إذا كانت الطائرة قد أسقطت أثناء تحليقها، قال «فيلدزر» إن فرص هذا السيناريو «ضئيلة»، سواء أكان ذلك بواسطة صاروخ أرض-جو، مثلما حدث أثناء الرحلة 17 لشركة الطيران الماليزية فوق أوكرانيا في يوليو/تموز 2014، أو صاروخ بحر-جو على غرار الرحلة 655 التابعة لشركة الطيران الإيرانية التي أسقطها طراد أمريكي في يوليو/تموز 1988.

كذلك نظرا إلى الارتفاع الذي كانت الطائرة عليه (أكثر من 11 كيلومتر) وبعدها الكبير عن السواحل، لم تكن في مدى صواريخ أرض-جو المحمولة، التي تملكها جماعات مسلحة مختلفة في الشرق الأوسط.

 وأضاف «فيلدزر»: «صاروخ من الأرض، لا. أسقطتها نيران طائرة أخرى عن طريق الخطأ، لا يمكن استبعاد ذلك، لكننا كنا سنعلم بذلك إذا كان صحيحا».

وتابع حديثه موضحا أن شمال مصر القريب من سواحل «إسرائيل» وقطاع غزة يشكل «المنطقة الأكثر مراقبة في العالم، بما في ذلك بالأقمار الصناعية، بالتالي بات إخفاء هذا النوع من المعلومات أصعب بكثير».

وبشأن ترجيحه لفرضية العمل الإرهابي، قال «فيلدرز»: «بالطبع، فرضية الاعتداء تبقى مرجحة، الأجواء السياسية تحيل إلى ذلك، هناك ميل إلى هذه الفرضية».

ففرنسا سبق أن تلقت ضربات قاسية من تنظيم «الدولة الإسلامية» في الأشهر الأخيرة.

كما تبنى التنظيم ذاته إسقاط طائرة الركاب الروسية فوق منطقة سيناء، شمال شرقي مصر، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد إقلاعها من شرم الشيخ المصرية .

لكن «بشكل عام، يتم تبني هذا النوع من الاعتداءات، وإذا كان هذا أحدها فسنعلم سريعا»، حسب «فيلدرز».

على النحو ذاته، رجح الخبير الإيطالي، «أنطونيو بوردوني»، في حديث مع صحيفة «لاستامبا» الإيطالية سيناريو الاعتداء الإرهابي في حادثة تحطم الطائرة المصرية بالنظر إلى حجم التهديدات التي تتعرض لها مصر.

وقال «بوردوني» إن المعطيات المتوفرة عن حالة الطقس الممتازة وقت اختفاء الطائرة، وحالة الطائرة العامة، إضافة إلى خبرة الطيار مع غياب أي دليل على طلب استغاثة أو ظهور أي مؤشر غير طبيعي سيدفع في اتجاه ترجيح كفة الاعتداء الإرهابي.

وأشار الخبير الإيطالي إلى أن غياب هذه العوامل يؤدي إلى طريق واحد وهو التدخل البشري، قائلا في الصدد: «أي تدخل بشري؟ هل هو تفجير؟ أم عوامل أخرى؟»، مستطردا بالقول إن من الممكن أن يكون عاملا بشريا مثل ذلك الذي حدث للطائرة الألمانية «جيرمان وينغز» التي أسقطها الطيار.

وكشف «بوردوني» أن الطائرة المصرية المفقودة كانت قبل يوم واحد في أسمرا العاصمة الأريترية والعاصمة التونسية تونس، قبل رحلتها نحو باريس.

وأشار الخبير الإيطالي، إلى أنه لا يستبعد نجاح تنظيم «القاعدة» في الوصول إلى الطائرة في أسمرا، على الأرجح، مثل نجاح التنظيم ذاته قبل ذلك في الوصول إلى طائرة في مطار مقديشو في الصومال، في فبراير/شباط الماضي، عندما كانت في طريقها إلى جيبوتي.

وأضاف الخبير الإيطالي قائلا: «لا أزعم أن الطائرة تعرضت إلى هذا السيناريو، ولكن 24 ساعة تعد مدة كافية للتسلل إلى مطار مثل أسمرا، المدرج على قائمة المطارات الخطيرة في العالم، بطريقة أو بأخرى، لزراعة قنبلة فيها، تنفجر على ارتفاع معين أو بعد مرور وقت يُحدده واضعها فيها».

وتأتي هذه الكارثة الجوية الجديدة فيما تواجه مصر مشكلات أمنية واقتصادية متزايدة.

كما تأتي أيضا بعد أكثر قليلا من ستة أشهر من انفجار طائرة روسية فوق سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ؛ ما أودى بحياة 244 شخصا كانوا على متنها. وأعلن الفرع المصري لتنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عن إسقاط تلك الطائرة.