لماذا حققت الإمارات نجاحات في مواجهة تنظيم القاعدة في اليمن؟

الثلاثاء 24 مايو 2016 12:05 م

لا يمكننا أن نكون منصفين حين نصف الصراع في اليمن على أنه حرب واحدة. وتخاض الحرب الرئيسية بين قوات التحالف العربية التي تقودها السعودية والتي تدعم الحكومة التي يهيمن عليها السنة المعترف بها دوليا ضد العشائر الشيعية المدعوة بالحوثيين. ولكن في وسط تلك الحرب هناك حرب أخرى يتم خوضها ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، المجموعة الإرهابية المتمركزة في اليمن والمسؤولة عن محاولة تدمير طائرتين أمريكيتين والتي ادعت مسؤوليتها عن هجوم شارلي إيبدو في باريس في يناير/كانون الثاني من عام 2015. هذا الصراع تحديدا، الذي تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الشركاء العرب، يمثل حالة مثيرة للاهتمام توضح كيف يمكن لدولة إسلامية تكييف تقنيات مكافحة التمرد الأمريكية ونهج العلاقات المدنية العسكرية في الحرب ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

حجم التدخل العسكري العربي (ذو الغالبية الخليجية) في اليمن يثير دهشة العديد من المراقبين. تقود كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحالفا مكونا من 10 دول في الوقت، والذي تتركز فيه جهود المملكة العربية السعودية في الشمال بينما تتولى الإمارات العربية المتحدة الريادة في جنوب اليمن وشرقه. هدف التحالف المعلن هو إعادة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا للرئيس «هادي» للسيطرة على صنعاء. مع استغلال الدعم الأمريكي الذي يأتي على صورة ذخائر وجهود استخباراتية وناقلات وقود. عملت قوات التحالف مع القوات الحكومية والقبائل الموالية للحكومة لدفع المتمردين الحوثيين من ميناء عدن الجنوبي، ثاني أكبر مدينة في البلاد. بعد ذلك، قام التحالف بشن هجمات برية من عدن من أجل دفع الحوثيين بعيدا عن الموانئ في البحر الأحمر. حاليا، فإن الحملة شبه متوقفة مع استئناف جهود محادثات السلام الدولية.

وكانت إحدى النتائج غير المقصودة للحرب الأهلية اليمنية هي توسيع نفوذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خلال العام الماضي. كيف تم خوض الحرب ضد تنظيم القاعدة؟ خلال الشهرين الأخيرين، تم شن حملة مداهمات من قبل قوات التحالف خلال فترة توقف الحملة ضد الحوثي وهو ما قد يعطي بعض المؤشرات. قامت قوات التحالف وحلفاؤها من القبائل بإيقاف توسع المناطق الخاضعة لنفوذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والتي تشمل ثاني وخامس أكبر من البلاد (عدن والمكلا) جنبا إلى جنب مع اثنين من الموانئ الكبرى على المحيط الهادي ومنشآت الطاقة.

وعلى الرغم من أن هذه الإنجازات تمثل مساهمة كبيرة في الجهود العالمية ضد القاعدة في جزيرة العرب، إلا أن الشكوك حولها لا تزال قائمة. هل يمكن تحويل هذه الانتصارات التكتيكية إلى إنهاء كلي لسطوة التنظيم؟ واجهت القاعدة في جزيرة العرب هزيمة في عدد من المناسبات، إلا أنها كانت سرعان ما كانت تقوم وتعود من جديد وهي بالتأكيد تخطط لفعل ذلك مرة أخرى. هل يمكن لليمن بمساعدة التحالف العربي أن يقوم بجهود في هزيمة القاعدة أفضل مما قامت به الحكومات اليمنية المدعومة من الولايات المتحدة؟ ما هي خطة التحالف العربي لمساعدة الحكومة اليمنية على توفير الأمن، والحكم، والخدمات طويلة الأجل اللازمة للتغلب على التنظيم في معركة الشرعية طويلة الأمد في جنوب وشرق اليمن؟ يبدو أن هذا التحالف قد حقق بداية واعدة وأنه قد وضع يديه على النهج السليم في التعامل مع خطط توسع التنظيم. ولكن ذلك مرهون باستمرار الدعم العسكري والاقتصادي على المدى الطويل.

الهدف: دولة القاعدة المصغرة في اليمن

القاعدة في جزيرة العرب لها جذور عميقة في جنوب اليمن، وخاصة محافظات عدن، أبين، وشبوة، والتي تشمل معظم الأراضي بين مدينتي عدن والمكلا. وقد بدأ التنظيم في الإفصاح علنا عن طموحاته التوسعية حتى قبل الضعف الكبير الذي أصاب سلطة الدولة خلال انتفاضات الربيع العربي في عام 2011. وبحلول نهاية ذلك العام، كانت القاعدة في جزيرة العرب قد قدمت مساعدة عسكرية كافية لتمكين حلفائها من القبائل من محاصرة لواء الجيش اليمني داخل زنجبار.

ومع ذلك فإن قتال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في عام 2011 كان مجرد بروفة. كان الهجوم الذي شنه التنظيم على المحافظات الجنوبية تزامنا مع الهجوم الحوثي على حكومة «هادي» في إبريل/نيسان 2015 هو التحرك الحقيقي. منذ عام 2011، جند تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقوة وثبات العديد من أبناء القبائل الريفية مستقطبا الأفراد بدلا من القبائل كلها بشكل جماعي. وقد تم تشكيل وحدات شبه عسكرية مكونة من بين ثلاثين إلى مائة شخص اتخذت أسماء محلية مثل «أبناء أبين». بعد إبريل/نيسان 2015 قامت هذه الحركات باجتياح ونهب العديد من قواعد الجيش اليمني وأصبحت المحرك من خلف الكواليس للعديد من الجهات الفاعلة في عدن والعديد من المدن الجنوبية الأخرى. وعلى الرغم من أنها قامت بترك المسؤولين المحليين في مواقعهم وقامت بتقديم العديد من تدابير الرعاية الشعبية إلا أنها بدأت في التحكم شرطيا في الجامعات وقامت بعمليات ابتزاز في الموانئ وعلى الطرق السريعة. كما بدأ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في توجيه الضربات ضد حكومة «هادي»، ومؤخرا ضد مقر التحالف العربي في عدن وتهديد طرق الإمداد التي تقوم عليها التحالف ضد الحوثيين.

في المكلا، استغل التنظيم انهيار الجيش اليمني للقيام بعمليات اقتحام للسجون. في أحد هذه العمليات نجح التنظيم في إطلاق سراح 270 مقاتلا منهم القائد المحلي في التنظيم «خالد بارتافي». ثم قام التنظيم بمداهمة فرع البنك المركزي في المكلا حيث حصل على ما يقرب من 100 مليون دولار نقدا وفقا لما نقلته رويترز. كما هو الحال في عدن، فقد ترك التنظيم الإداريين المحليين في أماكنهم بعد تأسيس ما يعرف ب«المجلس الوطني الحضرمي». قام التنظيم بتغيير العديد من الترتيبات المحلية منها إلغاء الضرائب الشخصية على المدنيين. وفي الوقت نفسه، حشد القاعدة في جزيرة العرب دوريات القوارب لاقتطاع الرسوم من مستوردي الوقود والأغذية في الموانئ وإعادة تدوير بعض العائدات في الأشغال العامة التي حظيت بتغطية إعلامية. وقد ذكرت وكالة رويترز أن التنظيم قد دخل في مفاوضات مع الحكومة اليمنية كي يسمح لها بتصدير النفط عبر الموانئ التي يسيطر عليها في المكلا وقريب الشحر، مع حصول الحكومة على 75% من العائدات في حين يحصل التنظيم على النسبة المتبقية. رفضت الحكومة، ولكن العرض في ذاته قد أكد على حقيقة صارخة: كان تنظيم القاعدة في طريقه لتطوير إمارة مرنة وقابل للبقاء على قيد الحياة من الناحية الاقتصادية على غرار ما فعله تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق أو سوريا أو ليبيا.

تطهير المدن الجنوبية من ميليشيات القاعدة

لم يكن تدمير تنظيم القاعدة هو الهدف الرئيسي للتحالف العربي في اليمن الذي كان هدفه الرئيسي هو منع الحوثيين من تحقيق انتصار عسكري على حكومة «هادي». ولكن التحالف قد قام بشن حملة جانبية ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في أقرب وقت ممكن عندما شهدت حربه ضد الحوثيين بعض الهدوء في فبراير/شباط الماضي نتيجة لجهود السلام. على وجه الخصوص، أخذت دولة الإمارات العربية المتحدة مسؤولية تعطيل النمو المقلق لتنظيم القاعدة في أحياء عدن وفي الموانئ والجامعات.

وقد أظهر تنظيم القاعدة براعته في إنشاء التحالفات. وقد احتاج الأمر تحالفا مضادا من أجل هز سيطرته الفضفاضة على مناطق الجنوب. أحد العوامل التي سرعت من وتيرة الإجراءات المتخذة ضد التنظيم كانت هي عمليات التدريب والتجهيز التي تجري على قدم وساق في عدن وحضرموت. لدى الإماراتيون صلات قوية في جنوب اليمن تعود في جزء كبير منها إلى نزوح عدد كبير من أفراد القبائل الجنوبية إلى إمارات الساحل المتصالح بعد استيلاء الاشتراكيين على جنوب اليمن في أواخر الستينيات. هذا يشمل العلاقات التجارية بين الأسر والاستيعاب الكبير لليمنيين في الشرطة الإماراتية وقوات الأمن. وعندما اضطر بعض زعماء القبائل للخروج من عدن والمكلا في إبريل/نيسان عام 2015 فقد هاجر كثيرون منهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. ساعدت هذه العوامل التحالف العربي في تمتين شبكة التحالفات بين هؤلاء الزعماء وبين قادة الجيش اليمني والمجالس القبلية في جنوب اليمن طوال عام 2015.

ووفقا لمقابلات قمت بإجرائها مع جهات معنية في اليمن، فقد عمل التحالف منذ إبريل/نيسان عام 2015 فصاعدا على بناء قوة كبيرة (كان قوامها النهائي 12 ألف رجل) من أجل القيام بتحرير المكلا وحقول النفط في المسيلة. وقد شمل ذلك مغازلة القادة العسكريين الذين يقودون المناطق العسكرية الأولى والثانية في شمال حضرموت والمكلا، والتي تشكل 6500 جندي جاهزين للقتال حال تزويدهم بالذخيرة. قام التحالف أيضا بتسليح 1500 شخص من قبائل حضرموت وهي قوة قبلية ريفية أعدتها دولة الإمارات العربية المتحدة وزودتها بأسلحة متطورة منها الصواريخ المضادة للدبابات. وأخيرا قام التحالف أيضا بتشكيل فرقة مكونة من 4000 من مقاتلي القبائل في المكلا عرفت باسم «المقاومة الداخلية». كما قامت الإمارات أيضا بإعداد أسطول مكون من 10 زوارق دورية التي تتلقى الدعم من خلال السفن. في كل هذه الحالات، ركز التحالف على بناء قوات قتالية ذات كفاءة عالية ومسلحة تسليحا جيدا للعمل مع التحالف وفق الخطة الفضفاضة التي وضعتها دولة الإمارات العربية المتحدة.

تطلب جهد التدريب والتجهيز نهجا مختلفا في عدن حيث كان التحدي أصغر في الحجم وأقرب إلى المهمة الحضرية التقليدية في مكافحة الإرهاب. قام التحالف بالتركيز على دمج المقاتلين في عدن إلى وحدات الجيش اليمني للمشاركة في المعارك ضد الحوثيين في شمال المدينة. تم التغاضي عن الأمن في المنطقة الخلفية في عدن جزئيا لتلبية مقتضيات المعارك الطاحنة ضد الحوثيين. ولم يتم الاعتماد بكثرة على المقاتلين المحليين في الوقت الذي احتمت فيها قوات التحالف بمقراتها المحصنة. . تغير هذا في فبراير/شباط عام 2016، عندما اختار التحالف تطوير قوة مكافحة إرهاب يمنية بدائية في عدن تتألف من ست وحدات كل منها مكون من مائة شخص بإشراف إماراتي. وقد تم تزويدها بسيارات مدرعة من قبل الإماراتيين من أجل إعطائها وضعا محليا مرتفعا وثقة للعمل في الأوضاع الصعبة.

إيجاد الخلل وتصويبه

عملية إيجاد الخلل وتصويبه في الحروب الاستخباراتية غالبا ما تتم إحاطتها بإطار كبير من السرية ولكن يبدو أن العملية التي جرت ضد القاعدة في جزيرة العرب في اليمن كانت فعالة وهي جديرة بالدراسة في المستقبل. يمتلك التحالف أصول معلوماتية واستخباراتية وقدرات استطلاع خصصت لجهود مكافحة التنظيم. بالإضافة إلى المروحيات وطائرات الاستطلاع التوربيني، فإن التحالف ينفذ العديد من الطلعات الجوية اليومية باستخدام وحدات التحكم الجوية ذات القدرات المتقدمة كما يقوم أيضا بنشر طائرات بدون طيار يمكن التحكم بها على مدى 200 إلى 250 كم من المحطات الأرضية. ولكن جنبا إلى جنب مع هذه الأصول التقنية فإن المصادر تشير إلى قيام الإمارات بتطوير قدرات الاستخبارات البشرية من أجل التكامل مع الذكاء التقني.

وقد تم إعداد قوائم مفصلة بأهداف الغارات الجوية في كل من عدن والمكلا. في عدن، شن التحالف مجموعة من الغارات الجوية ضد أهداف حضرية محددة، ثم قام بشن هجمات منسقة قامت بها وحدات مكافحة الإرهاب السابق الإشارة إليها إلى جانب القوات الخاصة الإماراتية وبغطاء من طائرات الأباتشي. في المكلا تم تطبيق استراتيجية الصدمة والرعب عبر شن هجمات جوية وبحرية متزامنة ضد مواقع التنظيم تلتها عملية برية رئيسية لتطهير المدينة. تمت مهاجمة المدينة من قبل قوات المشاة على 3 محاور أرضية كما تعرضت للحصار والهجوم البحري من قبل الزوارق البحرية الإماراتية.

بالإضافة إلى طرد قوات تنظيم القاعدة من المدن والموانئ الرئيسية وحقول النفط، والطرق، فإن قوات التحالف تدعي أنها قامت بقتل 450 مسلحا في المكلا و 120 في عدن، و 220 في عمليات أخرى على طول الساحل الجنوبي بين فبراير/شباط ومايو/أيار من العام 2016. تدعي القاعدة في جزيرة العرب أن قواتها قد تفرقت دون أن تلحق بها الكثير من الأضرار بينما تتوفر العديد من الدلائل على هروب كوادر التنظيم من عدن والمكلا إلى المعاقل الريفية المجاورة. وبغض النظر عن اختلاف التقديرات حول أعداد القتلى وحجم الخسائر فإن النقطة الأساسية هي أن القاعدة في جزيرة العرب قد فشلت في الدفاع عن المكلا وبالتالي فإنها قد فقدت الكثير من هيبتها ناهيك عن الثروة التي تجنيها من السيطرة على الموانئ الرئيسية وحقول النفط.

السيطرة والبناء

تعطيل قدرات القاعدة في جزيرة العرب والسيطرة على عدن والمكلا هي إنجازات جديرة بالذكر ولكن هذه العمليات لا يمكنها تطهير هذه المناطق من العدو بشكل دائم. الحكومة اليمنية سوف تكون قادرة على الحد من قدرة القاعدة في جزيرة العرب لتجنيد رجال القبائل فقط في حال نجحت في إثبات نفسها كشريك مفيد وأكثر قوة بالنسبة إليهم. سوف تكون التحديات المقبلة متمثلة في استمرار السيطرة على المناطق المحررة وبناء تحالفات جديدة وتمتين البنية التحتية للخدمات الأساسية.

وسوف تتكون تلك القوات التي ستتولى السيطرة على المناطق المحررة من القيادات الإقليمية العسكرية واتحاد قبائل حضرموت إضافة إلى «المقاومة الداخلية» التي سيتم دمجها في قوات الشرطة في عدن والمكلا. وفي الوقت الذي حصلت فيه القاعدة في جزيرة العرب على دعم ضئيل من المدن، فإن أعداد السكان المحليين الذين قتلوا على يد قوات التحالف كانت منخفضة مما يقلل الحاجة لبذل جهود كبيرة في المصالحة المحلية. ويمكن للهيئات المدنية التي ظلت في مواقعها إبان سيطرة تنظيم القاعدة أن تستمر في أداء مهاما أيضا تحت إشراف الحكومة اليمنية.

وقد لاحظ التحالف العربي أن تنظيم القاعدة قد نجح في الفوز بتأييد السكان المحليين من خلال توزيع الوظائف (قليلة العدد مع بروباجندا إعلامية) والخدمات الاجتماعية، والحوافز المالية. هذا هو أحد المجالات التي يمكن للإمارات العربية المتحدة أن توظف فيه خبرتها العملية في لبنان والصومال وكوسوفو وليبيا وسيناء، وأفغانستان (حيث تعمل فرق العمل الإماراتية منذ كثر من 12 عاما). منذ صيف عام 2015، بدأ الإماراتيون في التحضير لعمليات مدنية عسكرية في المناطق المحررة من القاعدة في جزيرة العرب، وعلى الأخص في المكلا. وقد استخدمت الإمارات المدنيين والشركات الخاصة من أجل عمل مسح للثغرات في مخزونات الغذاء والدواء في المستودعات والمستشفيات المحلية. وقد سمح ذلك للتحالف بالبدء على الفور في تلبية الاحتياجات المحلية في مجال الأمن الغذائي، والدعم الطبي والتعليم، وبدائل البنية التحتية المدمرة.

في عدن، فإن هذا قد سمح للتحالف بإعادة فتح العديد من المدارس بحلول خريف عام 2015 . كما عملت فرق العمليات المدنية العسكرية بسرعة في تركيب مولدات الديزل وصيانة مضخات المياه ومرافق الصرف الصحي. ومن المرجح أن دول الخليج سوف تدعم تطوير المدارس المحلية والعيادات والمساجد، وربما أيضا الاستثمار على نطاق أوسع في تعزيز الاقتصاد المحلي أسوة بما فعلته دولة الإمارات في إقليم خوست في أفغانستان.

هل يمكن للتحالف أن يدمر تنظيم القاعدة؟

نظرا للمرونة التي يتمتع بها تنظيم القاعدة والهشاشة الكبيرة للدولة اليمنية، فإنه سيكون متعجلا الحكم بهزيمة التنظيم في المرحلة الراهنة. العمليات العسكرية ضرورية ولكنها غير كافية لكسر قاعدة القاعدة في جزيرة العرب. سوف يسعى التنظيم بنشاط لعرقلة أي استقرار لحكم الحكومة اليمنية. حملات مكافحة التمرد الناجحة غالبا ما تستغرق وقتا يمكن أن يمتد أكثر من عقد من الزمان، حتى في أفضل السيناريوهات. وهذا سوف يختبر قدرة تحمل العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية. إعادة الإعمار هي أمر بالغ الصعوبة في اليمن، وغالبا ما يتطلب من مقدمي المساعدات العمل مع جهات غير محلية. . ولذلك فمن السابق لأوانه كثيرا التكهن بنتائج هذه الحملة.

ومع ذلك فإنه بإمكاننا القول أن القاعدة في جزيرة العرب قد عاني هزائم متعددة هذا العام على يد الجهات الفاعلة المحلية المدعومة من قبل التحالف الخليجي. وقد تم منع التنظيم من توسيع سيطرته على المدن الرئيسية والبنية التحتية الاقتصادية. وسوف تظل الحرب ضد التنظيم مستمرة لفترة طويلة. وقد أشار تنظيم القاعدة إلى استيائه من الدور الذي تؤديه دولة الإمارات العربية المتحدة في جنوب اليمن عبر مقطع فيديو يهدد الإمارات بشكل صريح في حال لم توقف عملياتها في المنطقة. وربما يكون هذه الإشارة وغيرها علامة على أن التحالف الخليجي يفعل الصواب ضد القاعدة في جزيرة العرب.

خلال هذه المعركة، أظهر التحالف، وبالأخص دولة الإمارات العربية المتحدة، أنه يملك بعض الأفكار والخبرات والخصائص التي تسمح له أن يكون فعالا في مواجهة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الأقل حتى الآن. تتشارك دول الخليج كل من اللغة والثقافة والدين مع اليمنيين ولديها عقلية مماثلة وهذا يهم كثيرا في استقطاب القبائل وبناء التحالفات. الإمارات العربية المتحدة لديها اتصالات مجتمعية وثيقة في اليمن ولاسيما في الجنوب. نجح التحالف في بناء قوات بالوكالة جاهزة بما فيه الكفاية للقيام بالمهام العسكرية البسيطة الموضوعة لها دون إفراط مبالغ فيه في تجهيزها. بعد انتهاء القتال، تولت هذه القوات مسؤولية حفظ الأمن في المناطق المحررة. ويبقى أن نرى مدى استدامة هي هذه الحلول، لكنها أثبتت فعالية في التغلب على عقد التضاريس.

إلى جانب توظيف القدرات الناعمة، فإن التحالف وعلى الأخص دولة الإمارات العربية المتحدة قد نجحت بشكل فعال في استخدام الكوادر من ذوي المهارات العسكرية في عمليات فرض الاستقرار. ويبدو أن هذه القوات كانت قادرة على القيام بعمليات التخطيط والاستخبارات والتدريب بشكل فعال وكذلك القيادة الميدانية وتنسيق العمليات المشتركة. وقد أخذت بعين الاعتبار أهمية العمليات المدنية العسكرية وتقييم الأوضاع الإنسانية في مثل هذه العمليات. ومع اشتهار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالكفاءة في صناعة العلاقات المحلية فإن الشراكة بين التحالف الخليجي واليمن والولايات المتحدة قد صنعت في وجه القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية الناشئ في اليمن قوة أكثر كفاءة لتواجهها.

المصدر | وور أون ذا روكس

  كلمات مفتاحية

اليمن التحالف العربي الإمارات السعودية القاعدة في جزيرة العرب الحوثيين عاصفة الحزم المكلا

«القاعدة» يتوعد الإمارات بـ«الانتقام» بعد خسارته في المكلا

«قرقاش» يتهم إخوان اليمن مجددا بالتنسيق مع القاعدة والإرهاب

فيديو.. «عسيري»: نعلم أين ينام المخلوع «صالح» ونؤكد تعاونه مع «القاعدة»

«القاعدة» يؤكد انسحابه من ميناء المكلا على الساحل الجنوبي لليمن

تطور درامي في حرب اليمن .. التحالف يحول ضرباته ضد تنظيم القاعدة

قوات يمنية وإماراتية تنتزع مدينة المكلا من «القاعدة» و«التحالف» يعلن قتل 800 من التنظيم

الإمارات في اليمن والأدوار المثيرة للجدل

الإمارات وهادي والوحدة اليمنية في عيدها الحزين

مقتل عنصرين من «القاعدة» في غارة جوية أمريكية باليمن

محاربة «القاعدة» في اليمن طريق الإمارات لتوسيع نفوذها العسكري

«ضاحي خلفان» والإمارات ولعبة تقسيم اليمن

الجيش الأمريكي يدرس زيادة وجوده في اليمن للتصدي لـ«القاعدة»

«القاعدة» ينسحب من إحدى مدن شبوة اليمنية عقب غارات لـ«التحالف العربي»