«معهد واشنطن»: السعودية فقدت سيطرتها علي سوق النفط

السبت 25 أكتوبر 2014 12:10 م

قال تقرير لـ«معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» إن السعودية فقدت نفوذها وسيطرتها علي سوق النفط وأن سلوكها الحالي يتسم بـ«التفاعلية» لا «السيطرة» كما كان يحدث سابقا في السبعينات وغيرها، وأرجع هذا إلى «الشيخوخة» التي تمر بها القيادة في المملكة حيث الملك علي أعتاب التسعينات وولي العهد مريض، والأمر متروك لوزير النفط الذي يتلقي اتهامات بالفشل من «الوليد بن طلال» ويطالب بعزله وطرده من منصبه.

وكتب «سايمون هندرسون» مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في «معهد واشنطن» The Washington Institute for Near East Policy، تحت عنوان : «انخفاض أسعار النفط وصناعة القرار السعودي/Falling Oil Prices and Saudi Decisionmaking» يقول إن «المبدأ القائل بأن السعودية تحتسب مكاسبها السياسية بدقة عندما تؤثر على أسعار النفط، والذي وصل ذروته منذ أربعة عقود، عندما أعلنت الدول العربية حظر تصدير النفط إلى الولايات المتحدة بسبب دعم واشنطن لـ«إسرائيل» خلال حرب أكتوبر 1973، لم يعد صالحا الآن ونادرا ما سلكت الرياض اتجاها مماثلا، والتصور الحالي هو أن السلوك السعودي يتصف بالتفاعلية بدلاً من السيطرة».

وعزي «هندرسون» هذا إلي ما أسماه «التوترات في العائلة المالكة»، مشيرا إلي أن أحد أسباب قيام هذا الاعتقاد هو حالة الشيخوخة التي تمر بها القيادة في المملكة، فالعاهل السعودي الملك «عبد الله»، الذي بلغ الحادية والتسعين من عمره هذا العام، يعاني من سنوات من التدخين المفرط، ويعتمد حاليا على الأوكسجين المعبأ في زجاجات، ولم يعد قادرا على السير دون مساعدة، أما خليفته النظري وأخيه غير الشقيق، ولي العهد الأمير «سلمان»، فهو في الثامنة والسبعين من عمره ويعاني أيضا من أمراض مختلفة، وقد أمضى مؤخرا شهرا في الخارج قيل رسميا أنه يقضي «عطلة خاصة»، مما يعني أنه يتلقى العلاج الطبي.

وأضاف: «من الناحية النظرية، يتخذ «المجلس الأعلى للبترول والمعادن» القرارات المتعلقة بالنفط السعودي، ويتألف هذا المجلس من الملك وكبار الأمراء والوزراء المعنيين، إلا أنه لم يصدر مؤخرا أي إعلان رسمي عن أي اجتماع للمجلس، وبدلا من ذلك، يبدو أن هذه القرارات قد تُركت لحكم وزير البترول والثروة المعدنية «علي النعيمي» الذي يشغل منصبه منذ فترة طويلة».

وقال «هندرسون»: «لكن يبدو أن المفتاح السحري الذي يستعمله «النعيمي» لم يعد فعالا، والأسوأ من ذلك أنه أدى إلى عرض علني نادر عن الانقسام القائم في العائلة المالكة، ففي 13 أكتوبر/تشرين الأول، نشر رجل الأعمال البارز وابن شقيق العاهل السعودي، الأمير «الوليد بن طلال»، رسالة مفتوحة أعرب فيها عن خوفه من رباطة جأش الوزير الواضحة فيما يخص انخفاض الأسعار».

واستشهد الأمير، الذي لا يتبوأ أي منصب رسمي في المملكة، بعدة تقارير صحفية كدليل، من بينها مقالة نُشرت في 11 سبتمبر/أيلول في الصحيفة السعودية «سعودي غازيت» التي تصدر باللغة الانجليزية تحت عنوان «لا داعي للقلق»، وهو ما يعني توجيه الانتقاد إلى «النعيمي»، حيث شملت رسالة «الوليد» طلبا ضمنيا من العاهل السعودي بطرد الوزير، حتى إنه ذكر حديثا نبويا شريفا حول حسن التدبير يقول بما معناه أن «القائد الحقيقي لا يخدع شعبه»، بحسب «هندرسون».

ولهذا يقول «معهد واشنطن» إنه إذا بقيت أسعار النفط ضعيفة كما هو متوقع، قد تشعر الرياض بأنها مضطرة إلى إيجاد كبش فداء، وبالتالي قد يمسي «النعيمي» المتقادم في السن، في الواقع ضحية سياسية، وتقليديا، كان وزراء النفط السعوديون من التكنوقراط من خارج العائلة المالكة مثل «النعيمي»، وبإمكان مدرسته الأم على الصعيد المهني - شركة النفط «أرامكو» السعودية التي تملكها الدولة - أن توفر العديد من المرشحين المؤهلين جدا لتولي منصبه، على الرغم من أن الملك «عبدالله» قد يفضل شخصاً من وزارة المالية أو البنك المركزي.

ومن المرشحين لهذا المنصب مساعد وزير النفط ونجل ولي العهد، الأمير «عبدالعزيز بن سلمان»، ولكن العاهل السعودي قد يتردد في تعيينه بسبب أن الملك «عبدالله» يفضل أن يكون الأمير «مقرن» هو الذي يخلفه في الملكية، وقد لا يحبذ تعزيز قاعدة سلطة ولي العهد الأمير «سلمان»، في الوقت الذي يحاول تهميشه.

انخفاض أسعار النفط يضر السعودية أيضا

ويقول «معهد واشنطن» إن السعودية لديها تصور ربما عن أن انخفاض سعر النفط يبعد شركاء أو منافسين لها في سوق النفط ويجعل نفط أمريكا وكندا غير ذي جدوى لارتفاع تكلفة إنتاجه، وأنه على الرغم من أن الانخفاض الحالي في سعر النفط سيُظهر من جديد تأثير السوق السعودية، إلا أن الوضع لن يمر من دون بعض التأثيرات السلبية في الداخل.

ويشرح التقرير ذلك بقوله: «إذا ما استمر الانخفاض على المدى الطويل ستحتاج السعودية إلى ما لا يقل عن حوالي 80 دولار للبرميل الواحد لتلبية متطلباتها للإنفاق في الميزانية من دون الوقوع في عجز، فاحتياطياتها النقدية الضخمة توفر لها وسادة اقتصادية كبيرة - ولكن ليس بلا حدود - في مواجهة مثل هذا العجز».

وإذا انخفضت عائدات النفط إلى نصف أعلى مستوياتها في عام 2013، ستستمر الرياض في امتلاك المال الكافي للمحافظة على دعمها السخي والرواتب والمنح التي تقدمها لسنوات قادمة، وهو أمر ضروري «للعقد الاجتماعي الضمني للمملكة ألا وهو أن شعبها يتقبل افتقاره للحريات الديمقراطية نظراً إلى الكرم الأبوي لعائلة آل سعود».

لكن انخفاضا كبيرا في السعر – بحسب «معهد واشنطن» - سوف يُنظر إليه على أنه فشل سياسي، مما قد يؤدي إلى تنشيط المعارضة، التي ربما قد تشمل أولئك الشباب السعودي المتطرف «ومجندين جهاديين محتملين» الذين يزدرون «آل سعود».

صراع قادم بين دول «أوبك»

وعلى المدى القصير، تريد الرياض الحفاظ على زعامتها السياسية للعالم الإسلامي والعربي ، وفي وقت قريب أكثر، على سيطرتها على منظمة «أوبك»، فالاجتماع المقرر للمنظمة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في «فيينا»، بدأ يظهر أنه سيكون «تجمّع سينعقد في جو مليء بالمشاحنات».

إذ تعارض المملكة العربية السعودية أي تخفيضات في سقف الإنتاج الحالي للنفط، وهو موقف تدعمه الكويت والإمارات العربية المتحدة، حليفتاها في الخليج العربي، إلا أن فنزويلا وإيران، وأعضاء آخرين من الذين تتطلب ميزانياتهم أسعار نفط مرتفعة، ربما سيحثون على إجراء تخفيضات.

وترى الرياض على الأرجح أنه سيتعين عليها تحمل الجزء الأكبر من أي من هذه التخفيضات، لذا سيأتي موقفها معارضا، بالإضافة إلى ذلك، لا تميل المملكة قط إلى التخفيف من الألم الاقتصادي على إيران.

أمريكا تتضرر من خفض أسعار النفط

وقد أثار تراجع أسعار النفط مخاوفا في الولايات المتحدة بشأن الجدوى التجارية لإنتاج النفط الصخري، الذي لم يعد بعضه يغطي تكاليف إنتاجه التي تبلغ نحو75-80 دولار للبرميل الواحد، وهو ما يشكل مصدر قلق حقيقي إلا أن التحسينات في تقنيات التكسير الهيدروليكي تعزز من الهوامش وتخفض سعر تكلفة الإنتاج.

ومع أن تراجع الأسعار يحسن من تأثير العقوبات الأمريكية على إيران وروسيا، والانخفاض الكبير في أسعار الطاقة يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي والعالمي في النهاية، إلا أن السرعة التي تتراجع بها أسعار النفط هي التي تشكل تحديا بالنسبة إلى صانعي القرار في مختلف أنحاء العالم، ومنهم السعودية التي ستحدد الكيفية التي ستتصرف بها القيادة السعودية النتيجة النهائية لهذه الأزمة.

وهبطت أسعار النفط بنسبة 20% خلال الأشهر الثلاثة الماضية لمجموعة متعددة من العوامل، من بينها انخفاض النمو في الصين وضعف النمو في أوروبا وزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط «الخفيف الربط»، الذي غالبا ما يُعرف باسم «النفط الصخري».

وتنتج المملكة العربية السعودية أكثر من 10% من النفط في العالم بتكاليف إنتاج منخفضة جدا، وتشير آخر الإحصائيات إلى أنها تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميا، بينما يمكنها ضخ نحو 12.5 مليون برميل يوميا.

وتساهم السعودية في تخفيض الأسعار من خلال خصم أسعارها الخاصة في المبيعات التعاقدية لعملاء في آسيا يُعتقد أنهم شركات تمتلك مصاف في الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

وعبر أليه خفض الأسعار تسعي السعودية لإبعاد بعض المنافسين العالميين الذين يستخدمون أساليب إنتاج ذات تكلفة أعلى، مثل الشركات الكندية التي تنتج «النفط الرملي» والشركات الأمريكية التي تنتج «النفط الصخري».

وتشكل سياسات المملكة العربية السعودية عاملا رئيسيا في تحديد الأسعار، وبغض النظر عن ثروتها النفطية الضخمة، والتي تبلغ حوالي ربع الاحتياطات العالمية المؤكدة، تترأس المملكة أيضا «منظّمة الدول المصدرة للبترول» (أوبك)، وبالتالي، فإن رد فعل الرياض على آخر التغيرات في الأسعار سيكون لها العديد من التداعيات داخل المملكة وخارجها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية النفط انخفاض أسعار النفط النفط الصخري الولايات المتحدة

الميزانية السعودية مهددة إذا ما تراجعت أسعار النفط عن 83 دولارا للبرميل

السعودية تبقي على الشكوك في سوق النفط

ضد من تستخدم السعودية سلاح النفط ؟!

الفايننشال تايمز: السعودية تستفيد من انخفاض أسعار النفط

الأيام تثبت أن سوق النفط أقوى من السعودية وأوبك

"طغاة النفط" في مأزق أقوى مما توقعناه!

السعودية: تراجع أسعار النفط أمرٌ مؤقت وإن طال

«وول ستريت جورنال»: مسؤولو السعودية منقسمون بشدة حول انخفاض أسعار النفط

اقتصادي سعودي يستبعد عجز الموازنة فى 2015 ويصف توقعات صندق النقد بـ«التعسفية»

خطوة السعودية المفاجئة تشجع التحول لعقود النفط الأمريكية الآجلة