أولويات الملك «سلمان»: عودة الثقة بواشنطن وتنويع الاقتصاد

الثلاثاء 27 يناير 2015 09:01 ص

يبدو أن التحديات المقبلة أمام الملك السعودي الجديد «سلمان بن عبد العزيز» لن تكون سهلة، سواءً على الصعيد الداخلي أو على صعيد السياسة الخارجية، لاسيما العلاقة مع الولايات المتحدة. ففيما تتطلع القيادة الجديدة للمملكة الخليجية، عشية زيارة الرئيس الأميركي «باراك أوباما»، إلى التزام أميركي متجدد بالمنطقة بعد أن تدهورت ثقة الرياض بواشنطن بشدة، يؤكد مسؤولون سعوديون أن الملك الجديد يريد تنويع الاقتصاد للحد من الاعتماد على عائدات النفط، خصوصاً عبر تسهيل الاستثمارات. 

وفيما يزور الرئيس الأميركي مع زوجته، اليوم، لتقديم العزاء بوفاة الملك «عبد الله» ولقاء الملك جديد «سلمان»، يقول الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط «فريديريك ويري»، لوكالة «فرانس برس»، هناك اعتقاد بأنه لم يكن هناك علاقة شخصية جيدة بين الملك عبدالله وأوباما «ومن هنا فان التغيير يمكن أن يكون صفحة جديدة على هذا المستوى».

لكنه يضيف «على المستوى التنفيذي، ليس هناك أي تغيير من الجانب السعودي لأن أشخاصاً مثل وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (الذي يمسك بالملف الأمني وأصبح وليا لولي العهد) ما زالوا موجودين لا بل تعزز موقعهم»

وفيما يستمر التحالف الاستراتيجي بين البلدين والقائم على مصالح مشتركة ضخمة، إلا أن السنوات الأخيرة طبعت باستياء سعودي إزاء ما اعتبرته الرياض نقصاً في التزام واشنطن إزاء قضايا المنطقة، بحسب خبراء.

وفي المقابل، تقاربت واشنطن نسبياً مع خصم السعودية التقليدي إيران، في وقت تزداد فيه احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران.

ومن موقف واشنطن إزاء الاحتجاجات في العالم العربي، إلى انفلات الوضع العراقي وانهيار اليمن والتأزم في ليبيا وعدم التدخل في سوريا، وصولاً إلى إستراتيجية محاربة الإرهاب وعدم ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل، تبدو سنوات أوباما سيئة بالنسبة لحكام السعودية مقارنة مثلا بعهد «جورج بوش».

ويقول رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية» في جدة «أنور عشقي»، لوكالة «فرانس برس»، إن «هناك ملفات لا بد أن يكون هناك تفاهم حولها بين الملك سلمان وأوباما، لأن المملكة تتفق مع واشنطن على كثير من الأهداف، لكن الاختلاف واضح حول عدد كبير من المسائل».

وبحسب «عشقي»، فإن السعودية تختلف مع واشنطن في الاستراتيجيات حول ملفات متنوعة.

ويضيف إنه «في التعامل مع الإرهاب وتنظيم الدولة الإسلامية، ترى السعودية أنه يجب زوال السبب، وهو غياب العدالة في العراق والعنف في سوريا الذي يشكل حاضنة للارهاب، وليس فقط التعامل مع الظاهرة».

وفي الموضوع الإيراني، ترى السعودية بحسب عشقي أن الولايات المتحدة «تركز فقط على مسألة السلاح النووي لكن المملكة تريد منها أن تواجه سياسة زعزعة الاستقرار في المنطقة».

وتتهم السعودية إيران بالتدخل في شؤون الدول العربية في المنطقة، لاسيما في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين.

كما تتطلع السعودية إلى التزام أميركي أكبر في ليبيا وفي اليمن «لإجبار الجميع على العودة إلى العملية السياسية» بعد أن سيطر الحوثيون على صنعاء وما تلاها من استقالة الرئيس «عبد ربه منصور هادي».

ورغم جهود بذلها وزير الخارجية الأميركي «جون كيري»، لم تحقق عملية التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين أي تقدم، فيما تتمسك المملكة بالمبادرة العربية للسلام التي أطلقتها في العام 2002 وعرضت بموجبها «سلاماً شاملاً مع إسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة في العام 1967».

وقد قرر الرئيس الديموقراطي أن يختصر زيارته إلى الهند والتخلي عن زيارة تاج محل ليتوقف مع زوجته في الرياض لدى عودتهما إلى واشنطن.

وقال «أوباما»، بعيد وفاة الملك «عبدالله» الذي التقاه مرتين: «لقد تأكد أن العلاقة السعودية الأميركية مهمة من أجل الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك»، مشدداً على أن «قوة شراكتنا بين بلدينا تشكل جزءاً من إرث الملك عبدالله».

لكن الواقع أن العلاقات الأميركية السعودية لم تكن في أفضل أوضاعها في عهد أوباما، بحسب الخبير في الشؤون النفطية والاستراتيجية «جان فرانسوا سيزنيك».

ويقول «سيزنيك» إن «السعوديين على كل المستويات يرون بأن الأميركيين لم يعودوا محل ثقة».

وعما إذا كان السعوديون قلقون إزاء إمكانية توصل مجموعة الدول الكبرى وألمانيا إلى اتفاق نووي مع إيران، يرى سيزنيك «أن السعوديين ينظرون في الواقع إلى هذا الاتفاق بشكل إيجابي».

وبحسب هذا المحلل، فإن السعوديين يرون أن «الأميركيين سينسحبون (استراتيجياً) من المنطقة بكل الأحوال، وبإمكانهم أن يتوصلوا بدورهم إلى اتفاق مع إيران بعد اتفاقها مع القوى الكبرى، وبإمكانهم بموجب هذا الاتفاق أن ينسقوا مع الإيرانيين لترتيب شؤون المنطقة من سوريا الى اليمن».

ويخلص «سيزنيك» إلى القول قد يكون هناك مناسبة الآن للتلاقي بين واشنطن والرياض، لكن «السعوديين فقدوا ثقتهم بالأميركيين على المدى الطويل».

”هدية ثمنية“

لكن «أوباما» قد يحصل حالياً على هدية ثمينة من قبل السعوديين بفضل سياستهم النفطية التي ساهمت في انخفاض أسعار الخام عبر عدم التدخل لخفض الإنتاج.

ويقول ويري «إن انخفاض أسعار النفط هدية لأوباما لأن انتعاش الاقتصاد الأميركي يرتبط بذلك وعلى أوباما أن يكون ممتناً لذلك».

ويرى محافظ «الهيئة العامة للاستثمار» السعودية عبد اللطيف العثمان أن «الملك سلمان يدعم الترويج للمملكة كوجهة للاستثمارات» من الخارج، خلال مؤتمر اقتصادي في الرياض.

ويقول إن المملكة (التي تُعد أكبر مصدر للنفط في العالم وتحصل على 90 في المئة من عائداتها العامة من الذهب الأسود) تنوي تطوير قطاعات الصحة والنقل والمناجم إضافة إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وأدى انخفاض أسعار النفط بأكثر من 50% منذ حزيران الماضي، إلى إعلان السعودية ميزانية مع عجز ضخم للعام 2015.

وخلال المنتدى الاقتصادي الذي يجمع كل سنة في المملكة مسؤولين سعوديين وقادة عالميين في مجال الاقتصاد ويشارك فيه العام الحالي الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل» إريك شميت، يقول العثمان: «لقد حددنا استثمارات بحوالى 140 مليار دولا في مجالات الصحة والنقل خلال السنوات الخمس المقبلة».

ويشير العثمان إلى وجود رغبة في السعودية لإحداث تغيير في قطاعات الخدمات المالية والسياحة والعقار، مع التركيز على التعليم والابتكار.

ورداً على مخاوف المستمثرين العالميين إزاء صعوبة الأعمال في المملكة، خصوصاً بسبب العوائق الإدارية، يرى وزير الخدمة المدنية «عبد الرحمن البراك» أن مكافحة البيروقراطية تشكل أولوية

 

المصدر | وكالة فرانس بريس

  كلمات مفتاحية

السعودية الملك سلمان العلاقات السعودية الأمريكية النفط

معركة الوراثة في المملكة تنطوي على تهديدات جدية لمكانة السعودية بالشرق الاوسط

رويترز: أزمة اليمن أول ”اختبار كبير“ للملك «سلمان»

الداعية السعودي «محسن العواجي» يدعو لدعم «الملك سلمان» وأولياء العهد

الملك الجديد وتصفية تركة سلفه

هيومن رايتس ووتش تدعو الملك سلمان لتحسين وضع حقوق الانسان في السعودية

نيويورك تايمز: مرحلة حاسمة في العلاقات بانتظار العاهل السعودي الجديد والولايات المتحدة

هل يمكن للعاهل السعودي الجديد إدارة الشرق الأوسط المضطرب؟

رويترز: «أوباما» يعزز علاقته بالملك الجديد .. و«سلمان» يؤكد: لاتغير في سياسة المملكة النفطية

«سلمان»… أسوأ ملوك السعودية حظاً !

رسائل تفاهم متبادلة بين واشنطن والرياض وحرص أمريكي مفاجئ على المصالح السعودية بالمنطقة

«هآرتس»: كواليس «الحرب الخفية» داخل العائلة الحاكمة في السعودية

فاينانشيال تايمز: الملك «سلمان» يواجه تحديات اقتصادية كبيرة

70 عاما على اجتماع «روزفلت» و«عبد العزيز» .. الشراكة السعودية الأمريكية قادرة على البقاء

«فورين بوليسي»: الملك «سلمان» رجل محافظ في عجلة من أمره

«هافينجتون بوست»: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الشرق الأوسط بالفعل؟

السعودية: تحديات أمام سوقها المالي الناشئ

تقييم الملكيات الخليجية (1): كيف بنى الخليجيون ثروتهم؟

شركة استشارية عالمية تنصح السعودية بالإسراع في إجراء إصلاحات اقتصادية