الأزمة السعودية السويدية تتحول إلى حرب دبلوماسية تجر دولا خليجية أخرى

الجمعة 20 مارس 2015 02:03 ص

من يتابع تفاقم «الأزمة» الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية ومملكة السويد، وحملات التضامن الخليجية مع المملكة والتي وصلت في بعض الاحيان إلى سحب السفراء (الامارات) يتبادر إلى ذهنه فورا أن السويد دولة استعمارية عظمى تحشد قواتها العسكرية وصواريخها وحاملات طائراتها العملاقة قرب الحدود والمياه الاقليمية السعودية تمهيدا لغزوها واحتلالها.

أن تتضامن دول مجلس التعاون الخليجي مع السعودية ويصدر مجلس وزرائها بيانا يندد بالاتهامات «الباطلة» للسعودية بشأن أوضاع حقوق الانسان فيها، فهذا أمر لا غبار عليه، فالشقيق وقت الضيق، لكن الاعتراض هنا على تضخيم المشكلة سبب الأزمة، والمبالغة في ردود الفعل التي لا ترتقي مطلقا إلى الأسباب الكامنة ورائها.

الأزمة بدأت عندما «تجرأت» السيدة «مارغوت فالستروم» وزيرة الخارجية السويدية قبل أسبوع على انتقاد سجل المملكة العربية السعودية المتعلق بحقوق الإنسان، واعترضت على حكم صدر بحق المدون السعودي «رائف بدوي» بالسجن عشر سنوات وجلده ألف جلده وتغريمه أكثر من مليون دولار لأنه انتقد القضاء السعودي، وانتهاك حقوق المرأة السعودية وغياب حريات التعبير.

السلطات السعودية ردت بمنع الوزيرة السويدية من إلقاء كلمة أمام مجلس وزراء الجامعة العربية بناء على دعوة من أمينها العام السيد «نبيل العربي»، وسحبت سفيرها من استكهولم، ولوحت بقطع شامل للعلاقات بين البلدين.

السويد ردت بإلغاء معاهدة للتعاون العسكري مع السعودية جرى توقيعها عام 2005، واستدعت القائم بالأعمال السعودي لديها وسلمته رسالة احتجاج، وبادرت إلى نشر نص الكلمة التي كان من المقرر أن تلقيها وزيرة الخارجية في الجامعة العربية على موقع وزارة الخارجية، وهو النص الذي لم يتطرق مطلقا إلى حقوق الانسان في السعودية حصرا، وانما أكد على حقوق المرأة وحقوق الانسان بشكل عام، وقالت الكلمة «إن حرية الانتماء والتجمع والدين والتعبير ليست فقط حقوقا أساسية، بل أدوات مهمة في خلق مجتمعات نابضة بالحياة»، مشيرة إلى «أن حقوق المرأة لا تفيد المرأة فحسب بل المجتمع ككل».

ما أغضب السلطات السعودية هو انتقاد مؤسستها القضائية وأحكامها، لأنها تدرك معنى التشكيك في هذه المؤسسة، وهي التي تطرح شعار «العدل أساس الملك»، ولكنها أقرت في الوقت نفسه «مصداقية» الانتقادات التي جرى توجيهها إلى هذه المؤسسة القضائية وأحكامها على المدون «رائف بدوي» بإيقاف عقوبة الجلد المقررة في حقه بعد تطبيق خمسين جلدة في الأسبوع الاول من ألف جلدة.

بيان مجلس الوزراء السعودي الذي صدر يوم الاثنين الماضي تناول هذه الأزمة مع السويد في إحدي فقراته، وأكد أن «القضاء السعودي المستند الى الشريعة يكفل العدالة التامة للجميع، وأن النساء السعوديات حققن إنجازات كبيرة في العديد من المجالات»، وربما يكون بعض ما ورد في هذا المجال صحيحا، ولكنه ليس كافيا بالمقارنة مع دول عربية وإسلامية أخرى.

وربما يجادل بعض الكتاب السعوديين بالقول أن المرأة السعودية حققت إنجازات كبيرة، وأصبح بعضهم أعضاء في مجلس الشورى، وأن هناك اصلاحات مستمرة في المؤسسة القضائية السعودية، وهذا الجدل ينطوي على بعض الصحة أيضا، ولكن هذه الإنجازات جاءت متأخرة وبعد الانتقادات السعودية (من قبل نشطاء شبان على شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها) والدولية وخاصة من قبل منظمات حقوق الإنسان والصحافة الغربية وبعض العربية.

السلطات السعودية يجب أن تتعاطى بأسلوب مختلف مع الانتقادات الموجهة لبعض الممارسات فيها، القضائية والتعبيرية والقيود المفروصة على الحريات، والمطالبات المتزايدة بجرعة استقلالية أكبر للقضاء، وعليها أن تدرك أن دولا مثل السويد ليست مثل بعض الدول العربية، ولا تسمح بتوجيه أي انتقاد لها.

من حق السلطات السعودية أن تسحب سفيرها من السويد، أو حتى ان تقطع العلاقات معها، فهي دولة ذات سيادة، ولكن من حقنا أن نقول لها، وهذا لا يعتبر تدخلا في شؤونها أنه كان يكفي إصدار بيان توضيحي للرد على وزيرة الخارجية السويدية، وعدم الاعتراض على حديثها أمام الجامعة العربية، والتجاوب بطريقة حضارية مع كل الانتقادات الموجهة إلى مؤسساتها القضائية، وتخفيف الحكم على المدون «بدوي»، وإلغاء عقوبة الجلد كخطوة أولى، لأن المسؤولين السعوديين أو معظمهم يدركون أنه حكم سياسي قبل أن يكون حكما قضائيا.

نعم هناك بعض الإصلاحات القضائية، ونعم أيضا هناك ارتفاع في سقف الحريات في المملكة، ولكنها إصلاحات بطيئة جدا وسقف الحريات ما زال منخفضا، ويكفي التدليل بالقول أن تغريدة واحدة على «تويتر»، أو حتى إعادة لتغريدة «ريتويت» لأخرى على الوسيلة نفسها، يمكن أن تؤدي بصاحبها إلى عقوبة السجن خمس أو عشر سنوات، ولا نعتقد أن الملك الجديد «سلمان بن عبد العزيز» الذي يوصف بأنه صديق الصحفيين يختلف معنا في هذا الأمر.

  كلمات مفتاحية

السعودية السويد الأزمة السعودية السويدية التصعيد حقوق الإنسان حقوق المرأة دول الخليج

الأزمة مستمرة .. السعودية تقرر وقف تجديد تأشيرات المقيمين السويديين

التصعيد الدبلوماسي مستمر... السعودية توقف تأشيرات رجال الأعمال السويديين

«مجلس التعاون» يستدعي سفير السويد لدى السعودية احتجاجا على تصريحات تجاه المملكة

الإمارات تستدعي سفيرها لدى السويد احتجاجا على «الإساءة» للسعودية

الكويت وسلطنة عمان تستنكران تصريحات وزيرة خارجية السويد ضد السعودية

الأزمة السعودية السويدية: حقوق الإنسان شرط لتوريد السلاح

الأزمة مستمرة .. السعودية تقرر وقف تجديد تأشيرات المقيمين السويديين

وزيرة خارجية السويد: لم أنتقد الإسلام ولم أقصد إهانة السعودية

ملك السويد يلتقي «والستروم» لبحث حل الأزمة السعودية

«واشنطن بوست»: السعودية حولت خلافها مع السويد من معركة حول حقوق الإنسان إلى خلاف حول الإسلام

اعتقال محام كويتي بتهمة الإساءة للسعودية ودعم الحوثيين عبر «تويتر»

ليس بالمال والسلاح تحترم الممالك