«واشنطن بوست»: السعودية حولت خلافها مع السويد من معركة حول حقوق الإنسان إلى خلاف حول الإسلام

الأربعاء 25 مارس 2015 02:03 ص

دخلت المملكة العربية السعودية في حالة حرب دبلوماسية مع السويد بعد انتقاد علني نادر لسجلها في مجال حقوق الإنسان صادر عن وزيرة الخارجية «مارغو والستروم». ومنعت المملكة «والستروم» من التحدث لجامعة الدول العربية، واستدعت سفيرها من ستوكهولم، وتوقفت عن إعطاء تأشيرات العمل للمواطنين السويديين. ومن جانبها، ألغت السويد صفقة أسلحة رئيسة مع السعوديين.

والمملكة العربية السعودية هي حليفة رئيسة للولايات المتحدة، ويعد توجيه الانتقادات الرسمية للمملكة أمرًا نادر الحدوث بشكل ملحوظ. وقد كان كثير من الناس سعداء لرؤية دولة غربية تتخذ موقفًا للدفاع عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.

ولكن السويد بدورها لا تحتفل بهذا الموقف. وقد أثار هذا الخلاف جدلًا داخليًا مكثفًا، شارك فيه حتى ملك السويد نفسه. ويعود هذا الجدل في جزء منه إلى الضغط الاقتصادي الكبير الذي تستطيع المملكة العربية السعودية وضعه على السويد، وقد اشترت المملكة العربية السعودية ما قيمته 39 مليون دولار من المعدات العسكرية السويدية العام الماضي وحده. ولكن ما كان أكثر قوةً ربما هو الضغط الخطابي. حيث نجحت المملكة العربية السعودية في جعل النقاش حول الإسلام، بدلًا من أن يكون حول حقوق الإنسان.

ومنذ بداية الخلاف مع السويد، أكد مسؤولون سعوديون على أن الهجوم لم يطل سيادتهم فقط، بل طال المفهوم الكامل للشريعة الإسلامية، التي تشكل أساس النظام القانوني السعودي.

وعلى سبيل المثال، رفضت هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في المملكة العربية السعودية، تعليقات «والستروم»، معتبرةً أنها انتقاد للنظام القانوني الإسلامي. وقال الشيخ «فهد بن سعد الماجد»، الأمين العام للمجلس، وفقًا لصحيفة «عرب نيوز»، إن: «المملكة فخورة بقوانينها الإسلامية، التي تحمي حقوق الإنسان والكرامة والملكية الخاصة». وأضاف أن المملكة العربية السعودية كانت منارة للمسلمين في جميع أنحاء العالم.

وتعدى هذا التأطير حدود المملكة العربية السعودية إلى الصعيد الدولي كذلك. وقال وزراء خارجية الجامعة العربية في بيان مشترك: «عبر الوزراء عن إدانتهم واستغرابهم لصدور مثل هذه التصريحات التي تتعارض مع حقيقة أن دستور المملكة العربية السعودية يقوم على الشريعة». وأضاف البيان: «ضمنت الشريعة حقوق الإنسان، والحفاظ على الأرواح والممتلكات، وشرف الناس وكرامتهم». وأصدرت منظمة التعاون الإسلامي أيضًا بيانًا، قائلةً إن على السويد «ألا تدعي امتلاك السلطة الأخلاقية لتمرير الأحكام أحادية الجانب والتصنيفات الأخلاقية للآخرين».

وقد وصف التفسير السعودي للشريعة الإسلامية على أنه «واحد من أدق التفسيرات» للشريعة الإسلامية في العصر الحديث. ولكن «فهد ناظ»ر، وهو محلل سياسي سابق في السفارة السعودية في واشنطن، يقول إن النظام القانوني السعودي أصبح «خطًا أحمر»، لن تسمح المملكة للمنتقدين بعبوره. وأضاف: «تأطير النقاش بالمصطلحات الدينية يجعل من الصعب على المنتقدين الغربيين الوصول إلى السعوديين. إنه نقاش لن يكون في مصلحة الدول الغربية المشاركة فيه».

وليس لدى السويد بشكل واضح أي رغبة في إثارة غضب كل الدول ذات الأغلبية المسلمة، لمجموعة متنوعة من الأسباب، ليس أقلها الأسباب الاقتصادية. ومن المؤكد أنه ليس لدى السويد أي رغبة أيضًا في إثارة غضب المسلمين الذين يعيشون فيها، والذين لم تجمعهم بالحكومة علاقات جيدة دائمًا. وبالتالي، قد لا تريد السويد حقًا تشويه سمعة نظام الشريعة السعودية.

وحتى في السويد، ينظر البعض إلى تعليقات «والستروم» على أنها تنتقد دين الإسلام بأكمله. وقال «ثورد جانسون»، من قسم الدراسات العالمية في جامعة غوتنبرغ، إنه من الممكن تفسير تصريحات «والستروم» على أنها انتقاد للإسلام، بغض النظر عما إذا كانت تقصد هذا أم لا.

وتبدو «والستروم» نفسها الآن وكأنها اعترفت بخسارتها لهذه المعركة. وقد قالت للبرلمان السويدي الأسبوع الماضي: «لدينا أعظم احترام للإسلام كدين عالمي ولمساهماته في حضارتنا المشتركة». وفي وقت لاحق، عندما قيل لها إن الفكرة القائلة بأن السويد تنتقد الإسلام ككل تنتشر على وسائل الإعلام الاجتماعية، قالت الوزيرة للإذاعة السويدية: «نعم، وأنا أشعر بالقلق إزاء ذلك».

وهناك نقاش في السويد الآن حول ما إذا كان يجب على «والستروم» أن تتراجع عن تصريحاتها، ولا يبدو من المحتمل أن تقوم دول غربية أخرى بتكرار انتقادها لسجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. ويقول «ناظر»: «يدرك السعوديون الحاجة إلى إصلاح العديد من مؤسساتهم، ولكنهم سوف يفعلون ذلك وفقًا لشروطهم، وليس بسبب الضغوط الخارجية».

  كلمات مفتاحية

السعودية السويد الأزمة السعودية السويدية وزيرة خارجية السويد

ملك السويد يكلّف «والستروم» باحتواء الأزمة مع السعودية

«واشنطن بوست»: السعودية تعاقب السويد بسبب دفاعها عن حقوق الإنسان

الأزمة السعودية السويدية تتحول إلى حرب دبلوماسية تجر دولا خليجية أخرى

التصعيد الدبلوماسي مستمر... السعودية توقف تأشيرات رجال الأعمال السويديين

السويد تُنهي تعاونها العسكري مع السعودية .. والمملكة ترد بسحب سفيرها

حكومة السويد تأسف لتأويل موقفها .. والسعودية تعيد سفيرها لستوكهولم

«فاينانشيال تايمز»: السويد دفعت ثمنا باهظا لانتقادها السعودية