هل الزفاف الجماعي في غزة جزء من «زواج منسق» بين الإمارات و«دحلان»؟

الاثنين 20 أبريل 2015 03:04 ص

إنه يوم جديد في غزة، يستيقظ الناس ويخرجون إلى الشوارع ليشاهدوا لوحات وصور ضخمة لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان»، وحاكم دبي الشيخ «محمد بن راشد آل نهيان»، ورئيس الصليب الأحمر ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة العليا «محمد بن زايد آل نهيان». وعلى الصور تقرأ: «شكرا لك دولة الإمارات ... غزة على موعد مع الفرح». وتظهر اللوحات الإعلانية التقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة لتمويلها حفل زفاف جماعي في غزة الأسبوع الماضي.

وعقد في 11 أبريل/نيسان في مدينة غزة حفل زفاف جماعي ضم حوالي 400 من الرجال والنساء الفلسطينيين الذين تزوجوا بدعم مالي من دولة الإمارات العربية المتحدة. وتقام مثل هذه الحفلات في بعض الأحيان في فلسطين، حيث توفرها جهات مانحة بهدف مساعدة من كانت العقبة المادية عقبة في إتمام زواجهم. وفي العادة يتم تسجيل الآلاف من الأزواج في حفلات الزفاف الجماعية في غزة، منتظرين أن يقف الحظ في جانبهم ليتم اختيار أسماءهم من قبل القادة السياسيين الفلسطينيين، ما يترتب على ذلك الحصول على دعم مادي بجانب حفل الزفاف الجماعي لمن وقع عليهم الاختيار.

تلك اللوحات التي تملأ شوارع غزة مقدمة الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة بسبب مساهماتها تشبه تلك اللوحات التي نشرتها حركة «حماس» في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2012 عندما وجهت الشكر للقيادة القطرية على جهودها في ترميم البنية التحتية في قطاع غزة. كما أنها تبدو مشابهة إلى الملصقات التي تهنيء بالذكرى السنوية 36 للثورة الإسلامية في إيران، وتلك التي تنتشر حاملة صورة المسجد الأقصى والأعلام الفلسطينية، وأعلام حزب الله وإيران. وما يختلف في تلك المرة عن غيرها، هي أن زوجة القيادي «محمد دحلان» هي التي طبعت لوحات الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن «دحلان»، القيادي السابق في حركة فتح، تم طرده من فلسطين بعد اتهامه بالفساد والقتل وبعد تدهور علاقته مع الرئيس «محمود عباس».

وغادر «دحلان» وعائلته غزة في عام 2007 عندما سيطرت حماس على قطاع غزة، في أعقاب وقوع مواجهة عسكرية مع منافستها حركة فتح. ومنذ ذلك الحين لم يعد «دحلان» إلى غزة، ولكن زوجته زارت القطاع لترتيب حفل الزفاف الجماعي الممول من الإمارات العربية المتحدة.

الهدف من الزفاف، وفقا لجليلة زوجة «دحلان»، هو دعم 400 من النساء والرجال الذين هم على قرابة من شهداء وجرحى سقطوا على يد (إسرائيل) خلال العمليات المختلفة ضد القطاع في السنوات الأخيرة، إضافة إلى أقارب سجناء محتجزين في السجون الإسرائيلية.

من جانبها، قالت منظمة «الفتى»، منظمة غير حكومية نسقت للحدث، إن مشروع الزفاف يهدف إلى دعم الشباب والشابات الذين يعيشون في فقر مدقع، ولا يقوون على تحمل تكاليف مراسم الزواج الخاصة بهم. وأردفت «نحاول تحقيق الاستقرار العائلي لهم».

وتوصف غزة بأنها منطقة ذات كثافة سكانية عالية، حيث يعيش حوالي 1.9 مليون شخص على مساحة 360 كيلومترا مربعا. ووفقا لمكتب الإحصاء الفلسطيني، فإن 42.8% من الفلسطينيين في سن العمل في القطاع لا يعملون، بأرقام بطالة تقدر بحوالي 194 ألف شخص.

ثمن سياسي

وكانت خطط الزفاف الجماعي سببا في إدخال السرور والبهجة على الكثير من سكان القطاع، ولكن هناك أيضا تساؤلات كثيرة حول دور «دحلان» في الدعم الإماراتي في هذا الحدث، وما هو الثمن السياسي المرجو من وراء ما يقوم به.

ويشكك محللون سياسيون في القطاع في توقيت التمويل من الدولة الخليجية. وقال «عدنان أبو عامر»، عميد في جامعة الأمة للتعليم المفتوح، إن غزة أصبحت مكانا تحاول الدول العربية من خلاله وعن طريقه توسيع نفوذها.

«يبدو أن قطاع غزة أصبح مكانا لاستعراض القوى الإقليمية»، بحسب «أبو عامر»، الذي أضاف أن توزيع الأموال هنا وهناك يقصد من ورائه التأثير على الخارطة السياسية حيث يعيش الناس حالة من اليأس العميق. وأردف: «ومع ذلك، لن يرفض الفلسطينيون أي نوع من المساعدات».

حماس، التي لا تتمتع بعلاقة دافئة مع «دحلان»، لا يبدو أنها تجد في هذه التحركات إشكالية. ويسمح قادة «حماس» بإقامة الحدث طالما كانت لديهم فرصة لاختيار الأزواج الذين يشملهم الحفل جنبا إلى جنب مع فصائل أخرى.

وقال «أحمد يوسف»، أحد قادة حماس البارزين والمستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق «إسماعيل هنية»، إن حركته لم تقف مطلقا في وجه من يريدون مساعدة غزة وأهلها، وتابع أن «الناس يعيشون واقعا قاتما، ونحن نقدر أي جهود يمكن أن تساعد الناس للخروج من الأوضاع الكارثية التي يعيشون فيها، ونحن دائما منفتحون على كل من يريد أن يأتي ويقدم المساعدات إلى سكان غزة».

لقد وصل اليأس الاقتصادي بين الشباب إلى مستوى لا يطاق، ولكن الكثير من الشباب لديه الكثير من التساؤلات حول وجود عائلة «دحلان» في غزة.

وظهرت حالة من الجدل نتيجة مشاركة «جليلة دحلان» في حفل الزفاف الجماعي الذي تموله دولة الإمارات. ويتكهن البعض أن هدفها هو «شراء الدعم» لزوجها الذي يشغل منصب مستشار «محمد بن زايد آل نهيان» في أبوظبي.

وصرح عدد من سكان غزة للصحيفة إن «دحلان» يتبرع الآن بالأموال الأجنبية لضحايا الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة من خلال إعطاء بضع مئات من الدولارات لكل ضحية بهدف كسب التأييد والتعاطف بين سكان القطاع.

«المقصود هو شراء النفوذ الشعبي الذي يجعل الناس يشعرون أن دولة الإمارات تقدم أفضل من تلك التي توفرها حماس والسلطة الفلسطينية»، على حد قول «أبو عامر».

وفي الوقت نفسه، تحدث أحد قيادات «حماس» البارزين لــ«ميدل إيست آي» شريطة عدم الكشف عن هويته، قائلا إن الهدف من الدعم الإماراتي هو إضعاف البنية التحتية للحركة الإسلامية وتقديمها ككيان غير متزن.

واتخذت علاقة «دحلان» مع رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» مؤخرا منحى مظلما جديدا، وتبادلا الاتهامات الصريحة والعلنية في مختلف وسائل الإعلام.

ويتهم «عباس» شريكه السابق بـ «التعاون مع إسرائيل»، في حين يقول «دحلان» إن «عباس» كان وراء اغتيال الرئيس الراحل «ياسر عرفات». وينفى «دحلان» جميع الاتهامات، متهما «عباس» أيضا بــ«تنفيذ أجندات إسرائيلية وأمريكية».

عدم وجود أدلة بشأن تلك الادعاءات يخلق مزيدا من البلبلة بين الفلسطينيين في كل من قطاع غزة والضفة الغربية.

وتم استخدام «دحلان»، في الأصل من خان يونس في جنوب قطاع غزة، ليكون الرجل القوي للسلطة الفلسطينية في غزة التي لها علاقات مع الأمن الإسرائيلي. وبدأ مسيرته كقائد للأمن الوقائي في غزة. وشملت هذه الوظيفة التنسيق الأمني المباشر مع (إسرائيل)، والتي عملت على سحق حركة حماس في فترة التسعينيات من القرن الماضي، عندما كانت الحركة لا تزال في مرحلة التأسيس.

وفي رام الله خلال العام الماضي، وجهت اتهامات لـ«دحلان» بالفساد وإساءة استغلال الأموال. ونفى «دحلان» التهم الموجهة له في عدة مناسبات. وبدأ أيضا في رام الله الشهر الماضي في محاكمة «دحلان» غيابيا بتهم فساد تتعلق بحصوله على امتيازات بصفته عضو منتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني.

ونفى القيادي في حركة «حماس»، «موسى أبو مرزوق»، أن «حماس» تقاربت مع «دحلان» لمحاصرة الرئيس «عباس»، وأكد: «ليس هناك تحالف بين دحلان وحماس. التحالف الوحيد هو مع الرئيس عباس من خلال الاتفاقات الموقعة لتنفيذ المصالحة الفلسطينية».

 هل يعود دحلان؟

وقال شاب فلسطيني أصيب في الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، وحصل على بضع مئات من الدولارات من الإمارات العربية المتحدة، إنه يحب «دحلان»، على الرغم من أنه لا يعتقد أنه يمكن أن يصوت له مرة أخرى.

وفي غزة؛ يعتقد الناس أن دحلان يتلقى دعما من دولة الإمارات من أجل مساعدته في العودة إلى السلطة بعد انتهاء ولاية الرئيس «عباس».

«الرغبة النهائية لدولة الإمارات العربية المتحدة هي تمكين دحلان من السلطة من أجل الاجهاز على حماس والإسلاميين في غزة»، على حد وصف الشاب الذي لم يرغب في الكشف عن هويته.

من جانبه، رحب الصحفي «أشرف أبو إخسوان» بخطوة الزفاف، واصفا إياها بالفكرة الجيدة، ومضيفا «إنه عمل إنساني، ودعونا لا نأخذها من منظور سياسي»، واستطرد: «هذا هو العمل الطبيعي لأي فلسطيني في الشتات لديه القدرة على  مساعدة الفلسطينيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية بالتعاون مع الجهات الفاعلة السياسية الأخرى. آمل أن يفعل أبو مازن نفس الأمر».

ويتلقى كل زوجين هدية الزفاف المقدرة بثلاثة آلاف دينار أردني (حوالي 4200 دولار أمريكي)، بالإضافة إلى تحمل الإمارات لنفقات الزواج الجماعي.

ويقول «أبو عامر» إن هذا النوع من المساعدات يمثل مصلحة سياسية لدولة الإمارات، حيث إنها تريد الحصول على قدم داخل قطاع غزة من خلال المساعدات الإنسانية.

«إنه اهتمام مشترك لكلا الجانبين»، بحسب «أبو عامر» الذي أشار إلى أن كلا من الإمارات العربية المتحدة، و400 زوج وزوجة استفادوا من هذه الخطوة.

وفي وقت سابق من العام الجاري، وتحديدا في يناير/كانون الثاني، خرج آلاف الفلسطينيين إلى شوارع غزة لدعم «دحلان»، ولكن «عباس» أقال بضع مئات من الموالين لـ«دحلان» الذين كانوا على جدول الرواتب للسلطة الفلسطينية. وتعتقد الحشود أن «دحلان» سيحاول العودة إلى فلسطين مدعوما من دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويختتم «أبو عامر» كلامه بالقول إن «دحلان لا ينكر رغبته في العودة إلى غزة، ولكن عودته سيتم ربطها بقوة بصورة جديدة، أعني بذلك أنه سيتم تصويره على أنه المنقذ لغزة من الأزمة الحالية».

  كلمات مفتاحية

غزة زفاف جماعي دحلان عباس الإمارات حماس

زوجة «دحلان» ترعي حفل زفاف جماعي في غزة بتمويل إماراتي

«نيوزويك»: أحلام السلطة تراود «محمد دحلان» المنفي في أبوظبي

«أبو مرزوق»: لم نتحالف مع «دحلان» وعلاقتنا بمصر «ضعيفة» .. وإيران ستستأنف دعم غزة

«دحلان» يشن هجوما غير مسبوق على رام الله: هل قررت الإمارات ومصر الإطاحة بـ«عباس»؟

الإمارات ومصر تخططان لعودة دحلان على ظهر الدبابات الإسرائيلية

تركيا ترعى زفاف 4000 عريسا في غزة وتمول بناء 20 برجا سكنيا في القطاع

النرويج تعتقل «الذراع الضارب» لـ«دحلان» في قضايا غسيل الأموال من الإمارات

«هنية» يشكر الإمارات على تقديم 5 آلاف دولار لكل عائلة شهيد في غزة

«دحلان» يهاجم «أردوغان» ويثني على دور «السيسي» والإمارات في دعم غزة

اتهام مركز «المزماة» الإماراتي بالتورط في غسيل أموال بالنرويج

رياضيان إسرائيليان يفضحان السلطات الإماراتية ويتفاخران بمشاركتهما في بطولة للجودو

وثائق تكشف: الإمارات تشتري عقارات القدس القديمة وتبيعها للمستوطنين اليهود