المرأة السعودية في سوق العمل: ضحية القوانين التمييزية ونظام ولي الأمر

الأحد 24 مايو 2015 11:05 ص

حول حُكم الدين في عمل المرأة، أجابت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء عن التساؤل الذي وجه لها بالقول «أمر الله سبحانه وتعالى النساء بالبقاء في بيوتهن. وتواجدهن بين الناس هو السبب الأساسي الذي يسهم في تفشي الفتنة. نعم، تسمح الشريعة للنساء بالخروج من بيوتهن لكن في حالة الضرورة، وشريطة ارتداء الحجاب وتفادي الوقوع في الشبهات. إلا أن الحُكم العام هو أن عليهن البقاء في بيوتهن». خلال الأعوام الخمسة عشر التي تلت هذا الحكم، قامت المؤسسات الدينية والحكومية، بإتخاذ بعض الإجراءات فيما يتعلق بانخراط المواطنات السعوديات في سوق العمل في محاولة لتحسين ظروف المرأة وتغيير الصورة النمطية والمجتمعية التي تحد من مشاركتها في الحياة العامة.

 وفيما تميز أهم إنجاز في هذا المجال في عهد الملك «عبد الله» عندما أعلن أن المرأة السعودية سوف تكون قادرة على الترشّح والمشاركة في الانتخابات البلدية. في حين ظل نظام ولي الأمر الذكر الذي يلزم المرأة بحصولها على إذن ولي أمرها حتى تتمكن من العمل أو السفر أو التعليم أو الزواج أو الخضوع لإجراءات صحية ساريا، بما يعني أن  المرأة السعودية ستتمكن من الترشح والإدلاء بصوتها في الانتخابات البلدية، لكن لن يسمح لها بقيادة السيارة إلى صناديق الإقتراع أو إلى مكان العمل. كما أنه يمكن لأصحاب العمل إجبار النساء على الاستقالة أو فصلهن في أي وقت إذا قرر ولي الأمر (لأي سبب من الأسباب) أنه لم يعد يريد للمرأة الخاضعة لولايته العمل خارج البيت.

تعهدات الحكومة

وفيما اتخذت الحكومة بعض الخطوات للحد من السلطة المطلقة لولي الأمر، إلا أنه لا توجد إلا أدلة قليلة على أن هذه الخطوات يتم تنفيذها. وخلال عامي 2011 و 2012 أصدرت وزارة العمل سلسلة من القرارات بالسماح للمرأة بالعمل دون موافقة ولي الأمر، في متاجر الثياب والمصانع والحدائق وفي صناعة تجهيز الأغذية، إلا أن بعض الوظائف ما زالت غير متاحة للمرأة السعودية، ومنها الأعمال التي تتطلب مناصب القيادة.

وتقول «حصة آل الشيخ» الكاتبة والمحاضرة السعودية المقيمة في الرياض لـ «القدس العربي» أن أهم التحديات التي تواجهها المرأة السعودية في سوق العمل هي نظام ولاية الرجل على المرأة الذي يتسبب في التضييق عليها والحد من حريتها كما «يقيد فرص المرأة العاملة في مجال عملها بسبب ضرورة العودة للرجل في تحركاتها». وتقول الناشطة السعودية «عزيزة يوسف»، وهي من رائدات الحملة التي دعت إلى تحدي حظر قيادة السيدات للسيارات في الرياض، أن ولاية الرجل على المرأة تساهم بشكل كبير في التضييق على دخول النساء لسوق العمل واستمرارهن في الوطائف «خاصة أن القانون يسمح لولي الأمر أن يذهب إلى مكان عمل أي سيدة ويطلب فصلها من عملها وإنهاء عقدها».

ورغم أن هناك أكثر من 400.000 إمرأة عاملة في السعودية (كان العدد أقل من 55.000 قبل عام 2009) حسب إحصاءات وزارة العمل، إضافة إلى أن المرأة السعودية شكلت في الجامعات الحكومية حتى نهاية 2012 ما نسبته 52.9٪ من الملتحقين بالتعليم الجامعي من الذكور والإناث بحسب تقرير لوكالة وزارة التعليم العالي، فإن بطالة المرأة تعادل أربعة أضعاف بطالة الرجل، طبقاً لإحصاءات حكومية سعودية. وفي عام 2010 قدرت نسبة العاطلات عن العمل من خريجات الجامعات بنحو 80 في المئة حسب دراسة «بوز آند كومباني» وهي شركة استشارية دولية.

تحسن نسبي

وعلى مدار عهد الملك «عبد الله»، تجلى الإصلاح بشكل أساسي في تسامح «أكبر مع توسع هامشي في الدور العام للمرأة، لكن المبادرات الملكية كانت رمزية في مجملها، وأدت إلى مكتسبات ملموسة شديدة التواضع». وقد اشتملت أكبر هذه المكاسب على افتتاح قطاع جديد لتوظيف السيدات. كما قام الملك في شباط/فبراير 2013 بتعيين 30 سيدة في مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية تخرج بتوصيات لمجلس الوزراء. ولكن كما يقول «جو ستورك»، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»: «لا يكفي تعيين المرأة في مجلس الشورى، إذا كانت عاجزة عن قيادة سيارتها إلى مكان عملها». وضمن هذه الإصلاحات، عزز الملك «عبد الل»ه فرص التعليم العالي للمرأة، بما في ذلك المنح الدراسية في الخارج.

وتقول الناشطة السعودية عزيزة يوسف لـ «القدس العربي» أنه بالرغم من أن نسبة مشاركة المرأة السعودية في العمل هي من بين الأدنى عالميا إلا أنها تحسنت بعض الشيء خلال السنوات الماضية بعد فتح المجال لنصف مليون سيدة سعودية للعمل في مجال البيع في الأسواق، ولكن «كم كنت أتمنى ان يفتح مجال للسيدات في مجالات العمل القيادية فلا تزال المرأه السعودية غير قادرة على الوصول إلى منصب وزيرة أو وكيلة وزارة». وتضيف: «الفرص المتاحة خارج الوظائف التعليمية والصحية لا تزال محدودة، المجتمع يحتوي فئات مختلفة والنظرة لعمل المرأة مرتبطة بأهمية دورها في رعاية الأطفال والزوج».

المهن المتاحة وقرار تنظيم الاستقدام

تشغل أغلب السعوديات العاملات مناصب في التعليم والطب. لكن في عام 2013 منحت وزارة العدل «أروى الحجيلي»، خريجة جامعة الملك عبد العزيز في جدّة، ترخيصًا قانونيًا للعمل كمحامية متدربة، وهو ما يسمح لها بالعمل في المجال القانوني، وقضاء مدة ثلاث سنوات بصفتها متدربة قبل أن تصبح محامية بترخيص قانوني كامل. وبحسب صحيفة «الرياض» أصدرت الوزارة في العام الماضي قرار تنظيم الاستقدام ونقل الخدمات من العنصر النسائي.

 واحتوى القرار على عدة مواد تنظيمية، تتمثل في قصر استقدام ونقل خدمات العاملين من العنصر النسائي في القطاع الخاص على 3 أنواع من المنشآت، الأولى المنشآت الصحية والتعليمية فقط، شريطة إحضار تأييد حكومي من الجهة المرخص لها بعدد ومهن العاملات التي تحتاجها المنشأة، والثاني يتمثل في المنشآت ذات النشاط النسائي البحت، شريطة أن ينص على ذلك في السجل التجاري، والترخيص الخاص بالمنشأة، وأن يكون جميع العاملين في المنشأة من العنصر النسائي، عدا مهن الخدمات المساندة التي تتطلب بطبيعتها أن يكون العاملون فيها من العنصر الرجالي، والنوع الثالث في مجالات المستلزمات النسائية والمصانع المُوظفة للنساء السعوديات ومراكز ضيافات الأطفال، إذ تم قصر الاستقدام على خبيرات بغرض التدريب وعاملات نظافة بحيث تكون الفائدة من استقدامهن داعما لتوفير بيئة العمل المناسبة للمرأة العاملة في تلك المجالات.

الفتاوى ودور المؤسسة الدينية

تقول «راديكا آوماراسوامي»، المقررة الخاصة السابقة في الأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة أنه لا خلاف على أن كل أديان العالم تسعى لإحراز المساواة وصيانة حقوق الإنسان. إلا أن بعض الممارسات التي سنها البشر والتي تتم تأديتها باسم الدين لا تنتقص فقط من الأديان، بل أيضاً تنتهك المعايير المتفق عليها دولياً لحقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة، وفقا لوصفها.

من جهتها، تقول المحاضرة «حصة آل الشيخ» أن الفتاوى الدينية تساهم إلى حد كبير «في نشر ثقافة ضرورة بقاء المرأة في بيتها وحفاظها على دور الأم والزوجة».

وفي تصريحات مماثلة تقول الناشطة «عزيزة يوسف» أن الفتاوى الدينية تستند إلى فهم محدود لروح الشريعة «وتنظر لعمل المرأة بشكل ضيق كما أنها لا تحترم هذا الحق إلا في حدود كون العمل بعيدا عن الاختلاط وفي مجالات محدودة للغاية».

 

  كلمات مفتاحية

المرأة السعودية

المرأة السعودية الأعلى بطالة على مستوى الوطن العربي!

ما الذي يعنيه حصول المرأة السعودية على حق ممارسة التمارين الرياضية؟

هل تعمل المرأة السعودية في "الهيئة" أم تظل "مأمورة"؟!

أميرات أم فقيرات .. الطريق الطويل لحقوق المرأة السعودية

التعليم: هل هو المفتاح لتمكين المرأة في المملكة العربية السعودية؟

«بلومبرج»: السعوديات تغزون سوق العمل بأعداد قياسية.. والفضل للملك «عبدالله»

مجلس الشورى السعودي يوافق على إجراء تعديلات لمواد الأحوال المدنية للمرأة

العمل السعودية: توصية بإنشاء مصانع «نسائية» وتعديل مواعيد الدوام

السعودية تسمح بتشغيل المرأة في «الأعمال الخطرة»

سعوديات يتجهن للعمل في صيانة السباكة والكهرباء

«واشنطن بوست»: لماذا تشرع السعودية في تخفيف القيود على النساء؟