نشرت صحيفة «المونيتور» تقريرا يتناول الجهود التي تبذلها السعودية في تأمين حجاج بيت الله الحرام سواء ضد الكوارث البيئية وحوادث التزاحم وغيرها، أو ضد اي تهديدات محتملة للتنظيمات المسلحة وعلى رأيها تنظيم الدولة المسؤولية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي نشرته بعنوان «هل السلطات السعودية على قدر المسؤولية في حماية بيت الله» أن «انهيار رافعة البناء التي قتلت 107 حاجا وأصابت العددي من الآخرين غيرهم في المسجد الحرام في 11 سبتمبر/ أيلول إلى ثارت تساؤلات البعض حول سلامة 2 مليون حاج في طريقهم إلى النزول إلى أقدس مواقع الإسلام خلال أسبوع لبدأ الطقوس السنوية للحج».
وأشرت الصحيفة إلى أنه «من الواضح أن القيادة السعودية، بما في ذلك العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز تعتبر وصاية الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة من المسؤوليات المناطة بها».
تدابير أمنية ومليارات الدولارات
ووفقا للصحيفة، فقد أنفقت الحكومة السعودية «ليس فقط المليارات من الدولارات في توسيع الحرم المكي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج، ولكنها أيضا نفذت العددي من التدابير لمنع تكرار خطر المآسي التي حدثت في الماضي مثل التدافع والحرائق والتي أسقطت خسائر بشرية كبيرة حيث تقلصت هذه الأمور إلى حد بعيد». مؤكدة أنه في الوقت ذاته «زاد السعوديون بشكل ملحوظ من عدد أفراد الأمن لمهام الحراسة والتامين ضد المخاطر الأمنية المحتملة للدولة الإسلامية. والتي من الواضح أنه ليس لدبها أي وازع عن استهداف المسلمين في ديارهم وفي المستشفيات والمدارس أو حتى المساجد»، وفقا لتعليق الصحيفة.
ووفقا للصحيفة فإن «السعودية ينبغي أن تمنح درجات عالية لمواصلة جهودها في تأمين الحجاج والحج قدر المستطاع». مؤكدة أن حادث الرافعة في الأسبوع الماضي «يحمل إشارة إلى أن المملكة العربية السعودية قد تكون في الواقع تدخل عصرا جديدا به قدر أكبر من الشفافية والمساءلة من حيث صلتها بالحج».
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل وقت طويل من سماع أي شخص بالجماعة الإرهابية المعروفة باسم «تنظيم الدولة الإسلامية» أو حتى بتنظيم القاعدة فإن «المتشدددين الإسلاميين قد فرضوا الحصار على أشد أراضي الإسلام قداسة، المسجد الحرام في مكة المكرمة». مشيرة لأن «فكرة أن المسلمين سوف ينظرون إلى تدنيس أقدس المقدسات الإسلامية من خلال سفك دماء المسلمين هي فكرة مقززة لأغلب المسلمين. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن العشرات من المتطرفين المسلحين الذين اعتمدوا على فهم الإسلام من خلال فكرة أن نهاية العالم وشيكة، لا يختلف كثيرا عن فهم الدولة الإسلامية، قد اقتحموا المسجد الحرام عام 1979 وقتلوا عشرات المصلين بعد فترة قليلة من نهاية موسم الحج في ذلك العام. ولا يزال هذا الحصار هو أكثر الحوادث الإرهابية التي جرت على الأراضي السعودية صدمة».
وفي إشارة إلى تنامي التهديدات الصادرة عن تنظيم الدولة الإسلامية قالت الصحيفة إنه «من سوء حظ المسؤولين السعوديين أنه في الوقت الذي تستضيف فيه مكة 2 مليون حاج أو يزيد، فإن الدولة الإسلامية في المقابل لا تبدي أي خطوط حمراء. ويبدو أنها لن تتردد في مواجهة الحج إذا كان بوسعها ذلك». مشيرة إلى أن «السعودية تنفق مليارات الدولارات على معدات الرقابة المتطورة وسوف يكون هناك الآلاف من رجال الأمن داخل مكة المكرمة وحولها للتأكد أنه لن يتم السماح لأي مجموعة بتعطيل أقدس الشعائر الدينية الإسلامية».
تطور في الاستجابة
ووفقا للصحيفة، فإن المسلمين الذين يزورون المسجد الحرام بشكل متقطع لأداء طقوس الحج أو العمرة قد لاحظوا بلا شك الزيادة الكبيرة في حجم المسجد. ففي حين أن الحكومة السعودية تقول إن التوسعة وتطوير المناطق المحيطة بالمسجد تأتي فقد بهدف استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج، فإن بعض النقاد يجادلون أن مختلف الأبراج والتطورات التجارية في المناطق المحيطة القريبة من المسجد أخذت من الأهمية الروحية لمكة المكرمة.
ووفقا للصحيفة فإنه على الرغم من مأسوية الحادث التي لا يتطرق إليها الشك، فإنه يبدو أن حادث رافعة الأسبوع الماضي قد مثل نقطة تحول في كيفية استجابة المسؤولين السعوديين للحوادث في مكة المكرمة. على عكس الحوادث الماضية، «أكدت الحكومة السعودية الحادث بسرعة كبيرة نسبيا وكانت شفافة في إعلان عدد الضحايا. كما أمرت الحكومة أيضا بفتح تحقيق في سبب انهيار الرافعة في غضون ساعات من وقوع الحادث. بعدها بثلاثة أيام، تم الإفراج عن النتائج الأولية، التي أكدت أن سوء الأحوال الجوية كانت السبب المباشر للحادث. ومع ذلك أقرت التحقيقات أيضا أن شركة بن لادن قد انتهكت قوانين استخدام الرافعات وتعد مجموعة بن لادن هي أكبر شركات البناء في المملكة العربية السعودية».
وأضاف التقرير: «حظر المرسوم الملكي على أي من أفراد الإدارة العليا للشركة السفر إلى الخارج لحين انتهاء التحقيقات وتم تعليق أي عقود عمل جديدة للشركة». وبالإضافة إلى قيامه بزيارة موقع الحادث بنفسه، فقد قام الملك «سلمان» بزيارة العديد من ضحايا الحادث ومعظمهم من غير السعوديين. كما قام بصرف تعويض نقدي مقداره 1 مليون ريال سعودي لكل ضحية عانى من إعاقة دائمة ومثلها لأسرة كل قتيل ونصف هذا المبلغ لكل مصاب.