توقيت العدوان على الأقصى

الجمعة 25 سبتمبر 2015 08:09 ص

لماذا قررت (إسرائيل) في هذا الوقت بالذات شن سلسلة اعتداءاتها اليومية على المسجد الأقصى في مدينة القدس؟ وهل صحيح أن هذه الاعتداءات هي مجرد رد فعل على رمي آلياتها العسكرية بالحجارة؟ الواقع أنه منذ أن بدأ الاحتلال والفلسطينيون يقاومونه بالحجارة دفاعاً عن وطنهم وعن مقدساتهم الدينية.

فلماذا عمدت (إسرائيل) الآن إلى اقتحام المسجد وقذفه بالقنابل الحارقة؟ للإجابة على هذا السؤال لابد من ملاحظة الأمرين التاليين.

الأمر الأول هو أن (إسرائيل) تدرك الآن جيداً أن الدول العربية ليست في حالة تمكنها من رد أي عدوان، حتى لو استهدف المسجد الأقصى. فهذه الدول غارقة حتى أذنيها في همومها ومشاكلها الداخلية الأمنية والسياسية والاجتماعية.

الأمر الثاني، والأهم، أن (إسرائيل) تدرك أن الصورة الجديدة للإسلام في العالم، التي صنعها الإرهاب «الداعشي»، لم تترك لقضية المقدسات الإسلامية صديقاً أو حليفاً أو حتى متعاطفاً، حتى أن بعض الدول الأوروبية اشترط لقبول حصته من اللاجئين من الشرق الأوسط أن يكونوا مسيحيين أو تحديداً ألا يكونوا مسلمين!

 ثم إن (إسرائيل) تحرص على أن توحي للعالم بأنها خارج دائرة الصراع في الشرق الأوسط. وأن هذا الصراع الذي يقلق العالم اليوم بما يتسم به من ممارسات إرهابية عابرة للدول وحتى للقارات، ليست هي جزء منه، ولا هي مسؤولة عنه. بل إنه نتيجة لصراع عربي- عربي ولصراع عربي- إيراني.

أما الصراع العربي- الإسرائيلي الذي كان يتمحور حول قضية تحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية من الاحتلال والتهويد واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني فقد تحول إلى ملف يعلوه غبار الزمن.

ومن هنا فإن من مصلحة (إسرائيل) إسقاط القضية الفلسطينية عن عرش الأولوية في الاهتمامات العربية والإسلامية، مما يمكنها من المضي قدماً في مخطط التوسع والتهويد، وهو ما تقوم به الآن. ولذلك تطلب (إسرائيل) اعترافاً عربياً بها دولة يهودية كشرط مسبق لأي تسوية في المنطقة. والاعتراف بيهودية الدولة يعني الاعتراف بحقها في إقامة «الهيكل»! وموقع الهيكل هو المسجد الأقصى!

والدول العربية تعرف أنها إذا استجابت لطلب الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية فستشرع، بطريقة غير مباشرة، لمزيد من المطامع التوسعية الإسرائيلية القائمة على خلفية دينية توراتية زائفة! والضحية الأولى لذلك سيكون إضافة إلى المسجد الأقصى (الذي وضعت إسرائيل المخطط الهندسي لبناء هيكل يهودي جديد على أنقاضه)، مزيداً من الأراضي العربية (من النيل الى الفرات)!

وكذلك فان من مصلحة (إسرائيل) النفخ في نار الصراع الإيراني - العربي وتوسيع الفجوة القومية والمذهبية بين الجانبين لدفع مشروع تقسيم المنطقة إلى دويلات دينية ومذهبية وعنصرية متناحرة لن تكون إيران ذاتها بمعزل عنها. فهذا المشروع الذي بدأ في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين (رسائل بن غوريون- موشي شاريت) وقد نظّر له تفصيلاً في دراسة لحساب وزارة الدفاع الأميركية في عام 1978 المستشرق الأميركي اليهودي برنارد لويس، هو الركن الثابت في استراتيجية الأمن الإسرائيلي.

بعد انقسام السودان إلى دولتين على خلفية دينية- عنصرية، وبعد تمزق العراق قومياً ومذهبياً، وبعد التهجير القسري للمسيحيين، فإن الصراعات المذهبية في اليمن وسوريا، والصراعات القبلية في ليبيا، تشكل بدايات للمضي قدماً في هذا المشروع التدميري الخطير.

وبعد سقوط الشيوعية في عام 1989، تمزق الاتحاد السوفييتي، وتمزقت الدول التي كان يتشكل منها وحتى تلك التي كانت متحالفة معه. وهو ما حدث في الاتحاد اليوغوسلافي أيضاً. ويجري الآن الترويج لنظرية سياسية تقول إن الدول الجديدة التي انبثقت عن تلك التمزقات تتعامل بواقعية مع الأمر الواقع الجديد. وإن هذه الواقعية تحقق لشعوبها ما تصبو إليه من استقرار وأمن وازدهار.

ويجري توظيف هذه النظرية لتمرير مشروع تقسيم العالم العربي أيضاً. وهذا يعني -بالنسبة لهذه النظرية- أن المشاكل الراهنة التي تعيق تقدم المجتمعات العربية لا تعود إلى الصراع مع (إسرائيل)، ولا إلى هدر الأموال على التسلح لمحاربة إسرائيل من دون فائدة أو نتيجة، ولكن هذه المشاكل الاجتماعية والتنموية بكل انعكاساتها السياسية، تنبثق من المعادلات السياسية التي تفرض وحدة إكراهية على بعض هذه المجتمعات!

وهناك ظاهرتان تصبان في هذا الاتجاه. ظاهرة الصراعات الداخلية المتفجرة في بعض الدول العربية، وظاهرة الصراعات البينية بين الدول العربية أيضاً. ومن الثابت أن الصراع المستفحل في الوقت الحاضر بين إيران والعالم العربي لن يخرج منه سوى منتصر واحد هو (إسرائيل). فهل يدرك العرب والإيرانيون نتائج ابتزازهم سياسياً واستنزافهم معنوياً أمام العدو الإسرائيلي المشترك؟

* محمد السماك كاتب وإعلامي - لبنان

  كلمات مفتاحية

إسرائيل الأقصى المسجد الأقصى إيران العرب المسلمين القدس فلسطين الدولة الإسلامية الإرهاب

شرطة الاحتلال تنسحب من باحات «الأقصى» إثر اقتحام محدود

خطيب عرفة يهاجم «الحوثيين» ويدعو لنصرة المسجد الأقصى ويطالب اللاجئين بالصبر

تقرير حقوقي: الاحتلال أبعد 227 مقدسيا عن الأقصى منذ بداية 2015

«أردوغان»: أنقرة لن تسمح بالمساس بالمسجد الأقصى

عاهل الأردن يحذر (إسرائيل): المسجد الأقصى لا يقبل الشراكة أو التقسيم

السعودية تدعو «التعاون الإسلامي» لاجتماع طارئ حول الأقصى و«رائد صلاح» يتوقع انتفاضة ثالثة

الاحتلال يقتحم الأقصى بالأحذية .. ويحطم بوابات الجامع القبلي ويشعل النار داخله

«القسام»: المساس بالمسجد الأقصى سيؤدي لانفجار لا تقدر قوته وتبعاته

44 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة شرطة الاحتلال

كاتب مصري مكررا مزاعم إسرائيلية: «المسجد الأقصى» موجود في السعودية

إسرائيل: فرنسا أوقفت بث فضائية «الأقصى» على «يوتل سات» استجابة لطلبنا