هل تخشى المملكة العربية السعودية اللاجئين السوريين؟

الاثنين 28 سبتمبر 2015 11:09 ص

أجبرت الحرب الأهلية العنيفة في سوريا وصعود تنظيم «الدولة الإسلامية» الملايين على الفرار من منازلهم تباعا إلى أوروبا بحثا عن الأمان. وحتى الآن، على الرغم من الأزمة التي تتكشف على عتباتها، كانت استجابة من حكومة المملكة العربية السعودية أبعد ما يكون عن الترحيب.

لماذا إذا كانت المملكة العربية السعودية، الموطن الأكبر لإمدادات النفط في العالم والدولة ذات المساحات الشاسعة من الأراضي الفارغة هي من فعلت أقل القليل من أجل المساعدة؟

العلاقة السعودية مع الأزمة السورية معقدة وتحكمها مجموعة متشابكة من الأولويات المحلية والإقليمية. تريد الرياض إسقاط نظام «بشار الأسد» وأن ترى نفوذ إيران يتراجع في بلاد الشام. لكن في الداخل كانت السياسة السعودية أكثر رجعية ومحافظة حيث عملت بشكل جاد لقمع المعارضة والحفاظ على الاستقرار.

الإنسانية الملفقة

قدمت الجهات المانحة من دول الخليج الأخرى مبالغ كبيرة من المال إلى اللاجئين السوريين، ولكن المملكة العربية السعودية فشلت حتى في الاعتراف بالمفهوم القانوني لوضع اللاجيء، لم تقبل رسميا أي لاجئين. تدعي المملكة أنها قد قبلت الملايين، لكنها لم تفعل ذلك تحت المسمى الرسمي للاجئين.

هذا في حد ذاته ليس من المستغرب، حيث إن المملكة العربية السعودية ليست طرفا في اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين. لكن الأمر أكبر من مجرد كونه مسألة قانونية، هناك مخاوف ديموغرافية خطيرة في المملكة العربية السعودية تقع في قلب حساباتها الأمنية.

عدد سكان البلاد متوسط وفق المعايير العالمية. ويتراوح حاليا حول 30 مليون نسمة. ولكن تغيير التوازن المحلي من خلال توفير ملجأ لأولئك الفارين من سوريا، بغض النظر عن أيديولوجيتهم أو ميولهم السياسية يمكن أن يخل بشكل عنيف بالتوازن السياسي والاقتصادي للبلاد.

المملكة أيضا حريصة على الحفاظ على التوازن بين النظام والمجتمع، والموازنة في ظل التقلبات الطائفية المتزايدة. يمثل السنة 90% من سكان المملكة مع أقلية شيعية يتراوح عددها بين 1.5 إلى 2 مليون نسمة يشكلون الجزء الأكبر من النسبة الباقية. الأمر يحتم على المملكة الحفاظ على الحلفاء الإقليميين السنة في السلطة والاستفادة من أي فرصة للإطاحة بالمنافسين.

الوضع الذي تواجهه الرياض يعاني من عدم استقرار بشكل متزايد، بداية من انخفاض أسعار النفط، إيران  النشطة في المنطقة، إلى الصراع في اليمن وتمدد «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. آخر ما تحتاج إليه المملكة العربية السعودية أن تعاني اضطرابات داخلية.

الشرعية الهشة

يشعر آل سعود بالعرب من تمدد تنظيم «الدولة الإسلامية». القراءة الأصولية العنيفة التي يتبناها التنظيم للإسلام تتشابه بشكل كبير مع قراءة علماء الوهابية، الذين يشكلون نسيج «الدولة الإسلامية».

في وجه المعارضة لحكمهم، تعتمد عائلة آل سعود على تحالف قائم منذ قرون مع رجال الدين الوهابيين لتوفير الشرعية المحلية التي تشتد الحاجة إليها. آل سعود أيضا يصدرون أنفسهم باعتبارهم حماة الحرمين الشريفين المسجد الحرام في مكة المكرمة ومسجد الرسول في المدينة المنورة.

ففي حين أن الدافع وراء السعي للشرعية الدينية في المقام الأول كان يستهدف القضايا الداخلية، إلا أنه تم توظيفه طويلا في السياسة الخارجية وخاصة منذ الثورة الإيرانية عام 1979، حيث كانت الرياض تعاني جنون العظمة بشأن طموحات إيران للهيمنة الإقليمية.

في أعقاب الانتفاضات العربية في عام 2011، تحولت هذه المنافسة إلى صراعات بالوكالة عبر سوريا والعراق واليمن، والبحرين. الانقسامات الطائفية في جميع أنحاء المنطقة تم تسييسها وإخضاعها لاعتبارات أمنية كما حاربت المملكة العربية السعودية للحفاظ على حلفائها في السلطة ومحاصرة التهديد الإيراني.

تخشى المملكة العربية السعودية «الطابور الخامس» في المنطقة الشرقية، منها، أو عبر جسر الملك فهد في البحرين المجاورة، خوفا أن يتم استخدامها كحصان طروادة في التدخل الإيراني. وتتفاقم هذه المخاوف من خلال العدد الهائل من الناس الفارين من العراق وسوريا، الذين يحملون أيدولوجيات غير معروفة للمملكة العربية السعودية.

وقد وضعت «الدولة الإسلامية» نظام حكم آل سعود في مأزق مما اضطرها إلى الاختيار بين الاستقرار الوطني والخطاب المعادي للشيعة وبين مواجهة «الدولة الإسلامية».

تداعيات الظلام

حتى مع وجود تقارير تفيد بأنه لا وجود لأي لاجيء قد تم قبوله رسميا من قبل المملكة العربية السعودية، هناك بعض الالتباس حول كيف وصل وجد العديد من السوريين منزلا لهم في البلاد. وقد ذكرت صحيفة الحياة اللندنية أن حوالي 500 ألف لاجيء سوري يقيمون ويعملون في المملكة منذ بدء الأزمة في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، قدمت المملكة العربية السعودية معونة لبناء مسجد لكل 100 لاجيء سوري في ألمانيا.

من أجل هزيمة «الدولة الإسلامية»، فإنه ينبغي على المملكة العربية السعودية الوفاء بالتزاماتها الإنسانية وأن تفعل ما بوسعها لحل الأزمة السورية. الأزمات الإنسانية ستكون لها عواقب وخيمة لا يمكن بحال تجاهلها.

مع مرور الوقت بينما تفعل المملكة أقل القليل من أجل استيعاب اللاجئين في سوريا والعراق فإن الاستياء الإقليمي من العائلة الحاكمة سوف يواصل النمو. في حين أن المملكة العربية السعودية قدمت تاريخيا كميات ضخمة من المساعدات المالية إلى لبنان واليمن وباكستان، فإن حجم الأزمة السورية يتطلب نمطا مختلفا من الاستجابة.

ينبغي على العائلة الحاكمة أن تقدم استجابة صريحة وأن توفر ملجئا للاجئين الفارين من «الدولة الإسلامية» وبراميل «الأسد» المتفجرة أو الميليشيات الطائفية في العراق. إذا لم يحدث ذلك فإنها ستدفع الثمن من شرعيتها السياسية ليس فقط داخل المملكة العربية السعودية، ولكن أيضا في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

  كلمات مفتاحية

السعودية الأزمة السورية بشار الأسد اللاجئين السوريين سوريا

محنة اللاجئين.. ونفاق الغربيين

«ريحتنا» التي طلعت في أزمة اللاجئين

«واشنطن بوست»: لماذا لا تحاسب دول الخليج الغنية على أزمة اللاجئين السوريين؟

«أردوغان» يتهم دول أوروبا بتحويل البحر المتوسط إلى «مقبرة للاجئين»

«كوارتز»: على السعودية ودول الخليج فعل المزيد من أجل اللاجئين السوريين

مجموعة السبع ودول خليجية تتعهد بتقديم 1.8 مليار دولار للاجئين السوريين

«الاتحاد الأوروبي» يتوصل لخطة تعاون مع تركيا لوقف تدفق اللاجئين

نظام الكفالة وأزمة الهجرة: لماذا لا تستضيف دول الخليج اللاجئين؟

مسؤولة أمريكية تدعو دول الخليج والبريكس لفعل المزيد من أجل اللاجئين السوريين

الهلال الأحمر القطري يبدأ تنفيذ مشروعين للاجئين السوريين والنازحين العراقيين

131 ألف طالب سوري يدرسون في السعودية «مجانا»

الهلال الأحمر القطري يوفر مياه الشرب لأهالي ريف إدلب شمالي سوريا

«الحملة الوطنية السعودية» توفر 450 ألف حقيبة مدرسية لأبناء اللاجئين السوريين

السعودية تسمح للسوريين الزائرين بالعمل عبر بوابة «أجير» الإلكترونية

الأمير «تركي بن طلال»: مليونا سوري في السعودية