"ترك والده في الرعاية المركزة لحضور التحقيق مع الناشط علاء عبدالفتاح، ليتم اعتقاله ويتفاجأ بعدها بضمه لنفس القضية".
بهذه الكلمات تحدثت "نعمة هشام" زوجة المحامي المصري المعتقل "محمد الباقر"، عما قامت به السلطات المصرية مع زوجها المحبوس احتياطيا في سجن "العقرب 2"، منذ 20 شهرا على ذمة قضية، كان يدافع عن متهمين فيها.
تقول زوجته: "لا أعرف لماذا يتم الانتقام من زوجي على هذا النحو؟، هل لأنه يحب جميع الناس ويرغب بالوقوف إلى جوارهم؟، هل هذه جريمة يستحق أن يسجن من أجلها 20 شهرا من دون السماح له بأبسط حقوقه مثل التريض والقراءة؟".
وتضيف: "أزوره خلالها مرة واحدة شهريا من وراء القضبان وعلى مسافة 3 أمتار لـ20 دقيقة فقط".
وبعد اعتقال "الباقر" بحوالي 3 أسابيع، توفي والده، ولم يستطع وداعه، حسب زوجته، ثم تم تدويره في قضية أخرى بعدها بعام، ووضع على "قائمة الإرهاب".
وأضافت: "لزوجي أحلام يريد تحقيقها، نريد أن ننجب أولادا وأن يكمل دراسته، وأن يعتني بوالدته بعد وفاة والده كونه ابنها الوحيد".
وتابعت: "آخر ما كنت أتوقعه أن يمضي زوجي 600 يوم في السجن من دون تهمة حقيقية".
هكذا كانت حكاية "الباقر"، المحامي والحقوقي ومؤسّس مركز عدالة للحقوق والحریات.
وتأسس مركز "عدالة للحقوق والحريات" في عام 2014، بوصفه مركزاً حقوقيًا غير حكومي، وركز على 3 برامج رئيسية، هي برنامج التعليم والطلاب، وبرنامج العدالة الجنائية فيما يخص أوضاع أماكن الاحتجاز، وضمانات المحاكمة العادلة، والمعاملة الجنائية للأطفال؛ والبرنامج الثالث يخص اللاجئين والمهاجرين.
واعتقل "الباقر" في 29 سبتمبر/أيلول 2019، من داخل مقر نیابة أمن الدولة العليا في منطقة التجمع الخامس (شرقي القاهرة) أثناء حضوره التحقيق مع الناشط "علاء عبدالفتاح".
وضُم "الباقر" وموكله للقضیة نفسها، وهي القضية رقم 1356 لسنة 2019، إذ اتُھما بالانتماء لـ"جماعة إرھابیة"، وتمویل تلك الجماعة، ونشر أخبار كاذبة، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر تلك الأخبار.
وتعرض "الباقر" خلال احتجازه إلى عدد من الانتهاكات، بدأت بالترهيب المعنوي، والاعتداء البدني في لحظة وصوله إلى مقر احتجازه بسجن "طرة 2 شديد الحراسة"، فضلًا عن تردي أوضاع احتجازه.
ووفق محاميه، فإن إدارة السجن تصر على حرمانه من "التريض" والقراءة، في مخالفة صريحة لقانون تنظيم السجون، ما تسبب في تعريض صحته للخطر.
وفي أغسطس/آب 2020، تم تدوير "الباقر" بإدراجه على ذمة قضية جديدة، وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تم إدراجه على قوائم الكيانات والأشخاص الإرهابية.
وعلى مدار 20 شهرًا من الاحتجاز، تقدمت هيئة الدفاع عن "الباقر"، بمذكرات لطلب إخلاء سبيله وإثبات بطلان استمرار حبسه، إلى جانب تقديم طعن على إدراجه على قوائم الكيانات الإرهابية، فضلًا عن عدد من الطلبات والشكاوى من أسرته.
كما أقامت الهيئة دعوى قضائية لتمكينه من تلقي اللقاح المضاد لفيروس "كورونا" داخل محبسه، وهو ما لم يتم حتى الآن.
وبعد شهر من اعتقاله، أعرب المتحدث الرسمي باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عن قلقه الشديد إزاء حملة الاعتقالات الواسعة التي طالت عددا من الفاعلين في المجتمع المدني، ومن بينهم "الباقر".
وفي الشهر نفسه، أدان الاتحاد الأوروبي استخدام مصر للحبس الاحتياطي التعسفي بحق "الباقر"، وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان.
وتكرر ذلك في يوليو/تموز 2020، حين قام 12 من المقررين الخواص بالأمم المتحدة بمخاطبة السلطات المصرية للإفراج عن "الباقر"، ضمن عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان.
وعقب مرور عام على احتجازه، فاز "الباقر"، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بجائزة حقوق الإنسان المقدمة من اتحاد النقابات والجمعيات القانونية في أوروبا، ودعت منظمات وشخصيات دولية السلطات المصرية للإفراج عنه.
وبالتزامن مع مرور 20 شهرًا على اعتقاله، دعت 11 منظمة حقوقية مصرية، للإفراج عنه.
ودعت المنظمات، السلطات المصرية لوقف الانتهاكات ضد "الباقر"، وباقي المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين لديها فورًا، وتوفير أبسط حقوقهم الإنسانية الأساسية في محبسهم.
وشددت المنظمات على أنه لا سبيل لإنصاف "الباقر" وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان إلا بالإفراج عنهم فورًا، وإسقاط التهم الموجهة إليهم، وتوفير المناخ المناسب لهم لأداء عملهم الحقوقي السلمي بشكل آمن وفعال.