تصاعدت خلال الساعات القليلة الماضية التحليلات الغربية التي ترجح أن يكون تفجير بقنبلة وراء تحطم طائرة الركاب الروسية في سيناء المصرية يوم السبت الماضي، وأن يكون تنظيم «الدولة الإسلامية» نفذ الهجوم بالتعاون مع عناصر من تنظيم «القاعدة»، حسب تقرير نشرته، اليوم الخميس، النسخة العربية لصحيفة «هافينغتون بوست» الأمريكية.
وتراوحت السيناريوهات المفترضة لتنفيذ الهجوم إما عبر «قنبلة مجهرية» تم ذرعها في جسد أحد ركاب الطائرة، أو تسريب حقيبة تحوي مادة متفجرة إلى داخل الطائرة وإخفائها عبر استخدام مادة «السيليكون» التي تُستعمل في الجراحات التجميلية.
وقالت بريطانيا، اليوم، إن هناك احتمالاً كبيراً؛ لأن تكون جماعة مرتبطة بتنظيم «الدولة الإسلامية» وراء هجوم يشتبه في أنه بقنبلة على طائرة الركاب الروسية، والذي أودى بحياة 224 شخصاً.
فيما رجحت مصادر استخباراتية أمريكية، أمس الأربعاء، أن يكون سقوط الطائرة الروسية جاء جراء زرع قنبلة موقوتة داخلها قبل إقلاعها، من قبل عناصر تابعة لـ«الدولة الإسلامية»، أو مرتبطة بها.
وإن صحت تلك الفرضيات فإن الطائرة الروسية تعد أول طائرة مدنية يفجرها تنظيم «الدولة الإسلامية»، وتثير القلق من احتمال امتلاك التنظيم ما يُسمّى بـ«المتفجرات المجهرية» التي ارتبط اسمها بـ«إبراهيم العسيري»، مهندس تنظيم القاعدة في اليمن.
وعبّرت الاستخبارات المركزية الأمريكية عن قلقها تجاه احتمال استخدام السيليكون الذي يُستعمل في الجراحات التجميلية لإخفاء متفجرات لا يمكن اكتشافها.
والمعروف أن «ماسحات الأجسام» تُستخدم في المطارات الأوروبية، لكنها نادراً ما تُستخدم في العالم العربي، وشرم الشيخ ليس استثناءً.
لذا تخشى أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية من أن «العسيري»، أو أحد تلامذته الذين انضموا إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، قام بزرع هذه المتفجرات في جسم شخص استطاع ركوب الطائرة الروسية ومن ثم تفجيرها لعقاب روسيا على تدخلها في سوريا.
صحيفة «لاستامبا» الإيطالية قالت إن التصريحات البريطانية والتسريبات الأمريكية، مساء أمس الأربعاء، والتي تحدثت عن «احتمال تفجير الطائرة الروسية» في سيناء تصب في اتجاه تثبيت رواية تبني «الدولة الإسلامية» للحادث، مرجحة أن يكون الحادث تم عبر تسريب حقيبة تحوي مادة متفجرة إلى داخل الطائرة.
الصحيفة وصفت في تقرير لها الحادث بـ«الخطير»، مشيرة إلى أنه يعد تحولاً استراتيجياً على ساحة الإرهاب الدولي، مضيفة أن هناك احتمالين لوقوعه: إما تحالف تنظيمي بين «الدولة الإسلامية» و«القاعدة»، أو استخدام «الدولة الإسلامية» كوادر من «القاعدة» في العملية.
مسؤول مصري كان قد أشار إلى أن التحقيقات جارية حول وجود آثار لمواد متفجرة على بقايا الطائرة والتربة حيث مكان سقوطها.
وقالت الصحيفة إنه إذا ثبت تفجير الطائرة من الداخل فإن ذلك سيكون التفسير المنطقي الوحيد لإصرار تنظيم «الدولة الإسلامية» على تبني التفجير في تسجيلين صوتيين له، وعد في الأخير بالكشف عن طريقة إسقاط الطائرة.
تحول في فكر «البغدادي»
كما اعتبرت الصحيفة أنه لو ثبتت فرضية التفجير فإن ذلك يعني حسب الخبراء، تحولاً استراتيجياً في تفكير «أبوبكر البغدادي»، زعيم التنظيم، بالتقارب والتنسيق مع «القاعدة» بعد دعوة «أيمن الظواهري» الأخيرة إلى توحيد التنظيمين ضد الروس بعد تدخل موسكو في سوريا.
«لاستامبا» أشارت أيضاً إلى احتمال أن تكون العملية قد تمت بعد استقطاب «البغدادي قيادات العمليات البارزة في صفوف القاعدة، وبخاصة مهندس التفجيرات في الفرع اليمني للقاعدة السعودي «إبراهيم العسيري»، المطلوب الأول لدى الرياض على قائمة الـ85 مطلوباً أمنياً، منذ سنوات طويلة.
الصحيفة في تحليلها للموقف رجحت التحاق آخرين مع «العسيري»، وقالت إنه إذا سلمنا أن الطائرة سقطت بعد تفجيرها، فإن ذلك سيفتح آفاقاً جديدة ومرعبة من عمليات الإرهاب، ويرفع من حدة التحديات الأمنية في المنطقة.
وإذا صحت هذه النظرية فإن ذلك يعني، حسب الصحيفة، أن «الدولة الإسلامية» استفاد من تحالفه مع «القاعدة،» أو من انشقاق بعض تلاميذ «العسيري» الخبراء بهذه التقنية المتطورة، لتكون عملية سيناء «باكورة عملياته الجديدة» ضد روسيا وضد مصر بشكل عام.
وكان لنجاحات العسيري «التقنية» باعتماد القنابل المجهرية التي لا تتطلب سوى عشرات الغرامات التي يُمكن وضعها في الأحذية، وحتى في الجسم البشري، دوره الحاسم في اعتماد الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، ما يعرف بتقنية الماسحات للأجسام البشرية، التي أثارت الكثير من الجدل منذ اعتمادها في 2010، قبل أن تسحبها في 2013، لقلة فاعليتها من جهة، وللرفض الكبير والجدال الذي أثارته في مختلف أنحاء العالم.