«الفساد لا يعرف جنسية ولا يفرق في أضراره بين إنسان وحيوان .. الفساد عادل وظالم في نفس الوقت..الصعق الكهربائي فتك بهم»، هكذا علق مواطن سعودي علي غرق مدينة جده الثلاثاء الماضي بمياه الأمطار والسيول، ومقتل 5 مواطنين، اثنين منهم عبر صعقا بالكهرباء، علي غرار ما حدث في مدينة الاسكندرية وبعض محافظات مصر، معلقا علي عدم محاسبة مسئولي المحليات وأمانة جدة، في المرات السابقة، ما تسبب في تكرار الأخطاء بصورة أبشع مما مضى.

أزمات سيول جدة شهدت الجزء الأول منها عام 2009، والجزء الثاني 2011، وجاء الجزء الثالث هذا العام 2015 لتتكرر نفس الأخطاء، وكان من نتائج هذا الإهمال، وفاة طفل وأحد ذويه في حي الفيصلية نتيجة صعق كهربائي ناتج عن وجود كابل كهربائي على الأرض في الأمطار.

 #»جدة_تغرق» كان هو الهاشتاج الذي عبر من خلاله السعوديون عبر مواقع التواصل والفضاء الالكتروني من شكوتهم من تكرار الأخطاء في كل مرة تغرق فيها جدة، فبعد غياب لبضع سنوات، عاد المطر ليغرق جدة مرة أخرى، مستحضرا الكوارث الماضية حين فشلت مشاريع الصرف في استيعاب كميات المطر وسط مطالبات من الأهالي بحساب وعقاب المتسببين، وعودة الجدل والخلاف بين «أمانة جدة» و«أرامكو» حول المسؤولية.

الفساد مستمر

قبل 4 سنوات، ظهر أمين محافظة جدة الدكتور «هاني بن محمد أبو راس»، في مقطع فيديو عند افتتاح مشروع تقاطع الأمير «ماجد» مع شارع الروضة بجدة ليجيب عن العديد من الأسئلة؛ ومنها السؤال المتعلق بخطة عمل الأمانة لدَرْء مخاطر الأمطار والسيول عن محافظة جدة، وتحدث عن إسناد مخطط عام للأمطار والسيول لشركة «أرامكو»، ومع هذا مرت أربع سنوات ولا تزال جدة تغرق.

وكان الخلاف قد اشتد أواخر العام الماضي، عندما تبرأت أمانة جدة من مسؤولية تنفيذ مشاريع السيول والأمطار، وأشارت إلى أن الموضوع يقع ضمن اختصاص «أرامكو» بموجب الأمر الملكي.

وقد طالب أهالي جدة في وسائل التواصل الاجتماعي، بمعاقبة المسؤول عن تأخر المشاريع وغرق جدة، مؤكدين أن ما حدث أعاد للأذهان كارثة 2009، والذي شهد ردة فعل ضخمة وإنشاء مشاريع ملياريه لدرء خطر السيول عن جدة، في حين تأخرت مشاريع تصريف المطر وهو ما أدى لغرق جدة مرة أخرى.

حيث شهدت شوارع المحافظة أمواجا من مياه الأمطار لم تحتملها شبكات التصريف، وتسببت في إغلاق الشوارع الرئيسية والفرعية، وملأت الأنفاق الجديدة بالمياه، وأدت إلى اختناقات مرورية وصعق مواطنين بسبب وجود كابل كهرباء عار.

أما السبب فهو أن مشاريع تصريف الأمطار لا تغطي سوي قرابة 40% من أحياء جده والمشاريع الجديدة متوقفة، ما يدل على فشل ذريع وإهمال تسبب في قتل خمسة من الأبرياء.

وقد أدى سوء الأحوال الجوية إلى تعليق الدراسة يومي اﻷربعاء والخميس في جميع مدارس منطقة مكة المكرمة ومحافظاتها، وفق ما أعلنت الإدارة العامة للتعليم، كما شهدت حركة الملاحة الجوية اضطرابات جراء الأمطار التي تساقطت على مناطق عدة في السعودية.

مواقع التواصل و«المواطن الصحفي»

وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي السعودية دور «المواطن الصحفي» في نشر العشرات من البلاغات حول مواطنين محاصرين، إضافة إلى بث صور ومقاطع فيديو لغرق الشوارع ودخول المياه إلى البيوت، في مشاهد قد لا تبدو مألوفةً لدى سكان المملكة.

وقد سارع عناصر من الدفاع المدني وأمانة جدة لنقل وإنقاذ عدد من المواطنين الذين علقت سياراتهم على الطرق، وأصدر مركز الأزمات في مدينة جدة والدفاع المدني السعودي، عبر حسابهما الرسمي على «تويتر»، إعلانات للسكان طلب منهم فيها عدم مغادرة منازلهم إلا للضرورة القصوى، وذلك إثر ازدياد غزارة الأمطار وغق الشوارع.

أجواء لندنية وشوارع بنغالية

وقد أبدى العديد من السعوديين غضبهم على الإهمال والفساد وتضارب تصريحات المسؤولين، وكتبوا يصفون أحوال جدة بأنها (أجواء لندنية وشوارع بنغلاديشية).

وكتب «سعود الحربي» يقول أن ميزة الأمطار أنها تعري الفساد بلا رتوش قائلا: «ميزة المطر أنه يتفقد المشاريع دون "بشت"، ولا يرهق ميزانيتك بحفل خطابي ولوحات ترحيب، وفوق كل هذا دقيق في تفقده».

وانتقد مغردون سعوديون التصاميم الهندسية قائلين: «أقصى تقدير لأمطار جدة التي هطلت اليوم يُشير إلى هطول 30 ملم فقط ومع ذلك وقعت الكارثة. مشكلة #جده_الآن ليست سماوية بل أرضية».

وقال آخر، «جده_الان هي نفسها جدة الأمس وربما جدة غداً كان الله في عونها من جهل "المتهندسين».

وعبر مغرد عن استيائه من «فشل» مشاريع السيول، «2009 غرقت جده، 2010 مشاريع سيول، 2011 مشاريع سيول، 2012 مشاريع سيول، 2013 مشاريع سيول، 2014 مشاريع سيول، 2015 غرقت جدة».

بالمقابل تفاعل آخرون مع الأمر بسخرية ونشروا صورا لهم بالقوارب وأطفال يلهون في المياه التي تملاء الشوارع كأنهم في بحر، وغرد أحدهم يقول: «أهل جدة المفروض يصرفون لهم بدل نقل قوارب» وكتب آخر لزملائه يصف عنوان قائلا: «تقاطع نهر التحلية مع نهر الأربعين، خامس جزيرة علي البحر على يدك اليمين».