كيف أمّنت الصين موطئ قدم لها في سلطنة عمان؟

الجمعة 7 يناير 2022 08:28 م

"رأت الصين في سلطنة عُمان فرصة لتوسيع موطئ قدمها، والتي تعتبر أرضا مهمة ومركزا بحريا ضمن مشروعها الجيلي المتعدد طريق واحد وحزام واحد".. بهذه الكلمات حلل تقرير لموقع "أويل برايس"، نشاطات الصين في منطقة الشرق الأوسط.

التقرير الذي أعده "سايمون واتكينز"، قال إن الاستثمارات الصينية في عمان، وتحركها في الدعم المالي لاستكمال مصفاة الدقم، وهو أحد المشاريع الاستراتيجية في السلطنة، دفعت عمان إلى اتجاه المحور الصيني- الإيراني.

ودلل التقرير بالمحادثات الأخيرة بين مساعد قائد هيئة الأركان العماني للعمليات والتخطيط العميد الركن "عبدالعزيز عبدالله المنذري"، مع رئيس هيئة الأركان للقوات الجوية المسلحة في إيران الجنرال "محمد باقري"، وقال إنها "ربما مرحلة جديدة في التعاون العميق والواسع بين عُمان وإيران".

ونقل التقرير عن مصدر إيراني يعمل مع وزارة النفط، قوله: "قام البلدان بتنظيم عدد من المناورات البحرية في السنوات الماضية، وفي إطار تأمين المعابر البحرية في الخليج الفارسي إلى خليج عُمان وحمايتها من التهريب والتهديدات الأخرى، بما في ذلك الإرهاب".

وتابع: "لكن المحادثات الأخيرة تعلقت بتوسيع التعاون أبعد من القوات العسكرية المشتركة في التعامل مع تهديدات التهريب والتعامل مع الإرهاب".

وحسب التقرير، فإن "المشكلة الأساسية التي عجلت بتحرك عُمان نحو محور إيران- الصين، هي افتقادها للمصادر الطبيعية الضرورية لتوليد التمويل المطلوب لكي يستمر اقتصادها متحركا بدون إنشاء صناعات أخرى غير الصناعة التي تتطلع إليها في عمليات التنويع، وهي البتروكيمات، والتي تحتاج لاستثمارات مالية كبيرة قبل أن تعطي ثمارها".

وبوجود احتياط نفطي بـ5 مليارات برميل بشكل يضعها في المرتبة 22 عالميا، واحتياط أقل من الغاز الطبيعي، استكشفت عُمان العديد من الخيارات لسد الثغرة المالية، لكن مشاكلها المالية ساءت بسبب حرب أسعار النفط في الفترة بين 2014- 2016 و2020.

ولأن السلطنة مصممة للحفاظ على العجز بطريقة تتمكن من إدارتها، فإنها لم تتخذ فقط إجراءات تشمل خفض النفقات على الرواتب والمنافع والدعم والدفاع ورأسمال الاستثمار من الوزارات المدنية، بشكل خفض النفقات في عام 2016 بنسبة 8% من الناتج المحلي العام، ولكنها تحركت للتحكم بالنفقات المتعلقة بالهيدروكربونات.

وفي هذا السياق قام مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة النفقات العامة وطرق تخفيضها.

وأكدت الحكومة العمانية أنها ستتبنى سياسة صفرية في التعامل مع الميزانيات في الخطة الخمسية التاسعة والموافقة على المخصصات المتعلقة بمشاريع التنمية والتي لن يتم الموافقة عليها إلا بعد استكمال كل دراسات الجدوى والتحليل الحقيقي للثمن.

وأكد المجلس أنه قام بالتأكيد على ضرورة تجنب مطالب إضافية لتمويل المتعهدين بعد بداية العمل بأي مشروع.

لكن مشاكل عُمان المتعلقة بمصفاة دقم زادت سوءا عام 2016 عندما قالت شركة الاستثمارات البترولية الدولية الإماراتية إن مشروع دقم لم يعد مناسبا لإستراتيجية الاستثمار العامة، وفي ضوء الاندماج الوشيك، حيئنذ بين الشركة الدولية وشركة مبادلة للتنمية، ولهذا قررت الانسحاب من المشروع.

مع أن الانسحاب  تبعه توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النفط العُمانية وشركة النفط الكويتية للتعاون في بناء المصفاة.

وفهمت المجلة أن هذا لم يوفر حتى نصف الكلفة المقدرة وهي 6 مليارات دولار أمريكي.

ونتيجة للتوقعات السلبية للتصنيفات الائتمانية وتخفيض التصنيفات في السنوات الماضية، فقد ظلت خيارات عُمان للحصول على المال من خلال السندات التقليدية مقيدة، وقلت معها شهية المستثمرين الدوليين لشراء حصص في الجزء المخصص من أي شركة تملكها الدولة العُمانية، وحتى في الشركة الممولة جيدا وهي شركة النفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية.

وعند هذه النقطة، رأت الصين فرصة لتوسيع موطئ قدمها في عُمان والتي تعتبر أرضا مهمة ومركزا بحريا ضمن مشروعها الجيلي المتعدد "طريق واحد وحزام واحد".

وفي نفس الوقت الذي انسحبت فيه شركة الاستثمارات البترولية الدولية من المشروع، قامت الشركة المشغلة لمشروع دقم وهي شركة مصفاة دقم والصناعات البتروكيماوية بالترادف مع شركة النفط العُمانية بتعيين عدد من البنوك الدولية وبقيادة شركة "كريدت أجريكول" لتقديم الاستشارة حول الطرق المثلية للحصول على تمويل للمشروع.

ووجدت هذه المبادرات استحسانا جيدا من الصين، التي وعدت كجزء من استثمارات واسعة في عُمان بتوفير المال المطلوب لاستكمال مصفاة دقم.

لكن الموافقة جاءت بشروط تسمح للصين ببناء مشاريع بنى تحتية ضخمة.

وسارعت الصين التي تمثل 90% من صادرات النفط العمانية وغالبية صادراتها من البتروكيماويات، للاستفادة من الفرصة والتعهد بـ10 مليارات دولار حالا من أجل الاستثمار بالمشروع الملحلق بمصفاة دقم، وذلك بعد فترة من توقيع الاتفاقية النووية مع إيران بداية عام 2016.

وفي ذلك الوقت أعلنت عُمان عن زيادة ميزانية مشروع دقم من 6 مليارات دولار إلى 18 مليار دولار وتشمل كل عناصر المشروع.

وبهذا، فسيزيد الإنتاج من 15 مليون طنا في الوقت الحالي إلى 25 مليون طنا في عام 2030، كما وسيتضاعف حجم مبيعات السلع الأساسية من 21 مليون طن إلى 40 مليون طن بنفس الفترة.

ومع أن استثمار الصين موجه لإكمال مصفاة دقم بما فيها خطوط التصدير من ميناء دقم وخزانات النفط الخام في رأس مركز إلا أن المال الصيني سيستخدم في بناء وإنشاء مركزا صناعيا بمساحة 1.172 كليومتر مربع في دقم ويشمل ثلاث صناعات- ثقيلة وخفيفة واستخدمات مزيجة.

ومنح هذا الصين فرصة لتأمين مناطق استراتيجية في السلطنة الحيوية من الناحية الجيوسياسية.

وبناء على الطريقة المعروفة في الاستثمار، فقد سمحت هذه المشاريع للصين بتعيين مواطنيها فيها من مدراء المشاريع إلى الحرس.

وبناء على هذا المكسب الجديد في مناطق الشرق الأوسط، فستتمكن بكين من تسريع خطوط النقل بين إيران وعُمان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات العمانية الصينية مصفاة دقم عمان المحور الصيني الإيراني الصين

استثمارات صينية في مدينة الدقم بسلطنة عمان بقيمة 10 مليارات دولار

لماذا تقاوم السعودية والإمارات جهود أمريكا لتقليص جذور الصين بالشرق الأوسط؟

التراجع الاقتصادي في عُمان يهدد الإنجازات البيئية التي تركها السلطان قابوس

مبدئيا.. إعفاءات متبادلة من تأشيرات الدخول بين عُمان والصين

اتفاقية النقل الجوي.. أكبر محطات الشراكة الوليدة بين عمان والاتحاد الأوروبي

دراسة تشيد بموازنة عمان في العلاقات بين أمريكا والصين

مسقط وبكين تبحثان ملف القمة العربية الصينية المرتقبة

اتفاقية عمانية صينية لتوريد مليون طن سنويا من الغاز المسال

خطوط أنابيب عمان.. منافسة صينية أمريكية على مركز النفط الحيوي بالشرق الأوسط

خطة صينية لبناء منشأة عسكرية في عُمان.. وأمريكا تراقب