التصعيد الإسرائيلي ضد الأقصى.. هل يفجر انتفاضة ثالثة؟

الاثنين 18 أبريل 2022 10:11 ص

يتواصل التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال شهر رمضان المبارك، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع، واندلاع انتفاضة ثالثة دفاعا عن المسجد الأقصى.

ويلجأ الاحتلال الإسرائيلي لسياسات استفزازية بإخلاء ساحات الأقصى من المصلين، استعدادا لتسهيل اقتحامات المستوطنين للمسجد، بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي.

وخلال الأيام الماضية، تواصل اقتحام شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى، واعتقال المئات من المعتكفين الشباب، واستشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين.

كذلك أغلقت السلطات الإسرائيلية، الإثنين، المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية أمام المصلين، وفتحته أمام المستوطنين، في خطوة جديدة ترفع وتيرة التوتر بين الجانبين.

باب العامود

يعد باب العامود، أحد الأبواب المؤدية إلى المسجد الأقصى، وله مكانة رمزية كبيرة في وجدان الفلسطينيين، إذ يتجمع عنده عدد كبير من المقدسيين، لا سيما في ساعات الليل.

ومع حلول عيد الفصح اليهودي، يبرز المسجد الأقصى باعتباره هدفا للمستوطنين الإسرائيليين و"جماعات الهيكل" اليهودية، التي تعمل على حشد أكبر عدد من المقتحمين للمسجد، وذبح قرابين الفصح داخله.

وعلى الرغم من تعهد الشرطة الإسرائيلية، بعدم السماح بانتهاك النظم المتبعة في المسجد الأقصى، فإن صب الزيت على النار يتواصل مع تهديد عضو الكنيست المتطرف "إيتمار بن غفير"، بفتح مكتب له في باب العامود في القدس المحتلة.

ومع توالي تساقط الشهداء والجرحى الفلسطينيين، في عدد من مدن الضفة الغربية المحتلة، قد يدفع التصعيد الإسرائيلي باتجاه انفجار وشيك، مقابل دعوات للنفير العام قد تتطور لاحقا إلى انتفاضة جديدة على غرار انتفاضتي الحجارة عام 1987، والأقصى عام 2000.

ومنذ بداية العام، قتلت إسرائيل 45 فلسطينيا (بينهم 4 من فلسطينيي 48)؛ كذلك منهم 16 منذ بداية شهر أبريل/نيسان الجاري، و13 استشهدوا برصاص الاحتلال من مدينة جنين وحدها.

أهداف إسرائيلية

وفق وزير الشتات الإسرائيلي "نحمان شاي"، فإن اقتحام الأقصى وإخلاء المعتكفين من ساحاته، جاء لمنع عمليات قتل كانت ستهدد علاقات إسرائيل بكل من الأردن وتركيا والخليج.

وتفيد تقارير عبرية، بأن مخطط الاقتحام واعتقال المئات من المعتكفين الشباب كان معدا مسبقا، في محاولة "تنظيف" تضمن تقليص فرص اندلاع المزيد من المواجهات داخل المسجد.

لكن المختص بالشأن الإسرائيلي "عادل شديد" يرى أن عملية "كسر الأمواج" التي أطلقها الاحتلال على حملته بالضفة، تأتي ردا على العمليات الفدائية التي ضربت تل أبيب، وأوقعت قتلى وجرحى إسرائيليين، بحسب "الأناضول".

وتدور خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن السماح بتمرير خطوة "ذبح القرابين" داخل الأقصى، بين اتجاه يسعى لتشريع هذه الخطوة وآخر يراها خطوة ذات عواقب وخيمة، بحسب المحلل المختص في الشأن الإسرائيلي "نهاد أبو غوش".

وسنويا تقام طقوس ذبح القرابين قريبا من القدس، لكن الإقدام على الذبح داخل المسجد الأقصى لم يحدث من قبل، وقد يكون نوعا من اختبار ردة الفعل المحلية والعالمية.

ويبدو أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي "نفتالي بينيت"، تريد المزايدة بهذا التصعيد، بعد خسارة الأغلبية في الكنيست، إثر انسحاب النائبة "عيديت سيلمان"، ما تسبب في تساوي عدد مقاعد حكومة "بينيت" مع عدد مقاعد المعارضة.

ويبرز اقتحام الأقصى، وربما شن عملية ضد الفلسطينيين، كخيار يرفع شعبية "بينيت"، ويحفظ تماسك ائتلافه الحكومي من جانب، وثانيا يحفظ ماء وجهه أمام الخسائر البشرية الفادحة التي تكبدها المواطن الإسرائيلي، خلال الأسابيع الأخيرة، في عملية تل أبيب، وعملية بني براك، وعملية الخضيرة، وعمليتي بئر السبع.

موقف المقاومة

على الرغم من التحذيرات الصادرة عن الفصائل الفلسطينية من مغبة التصعيد الإسرائيلي، فإن بوصلة المقاومة تتجه نحو التهدئة، أو بالأصح لا تريد الانجرار إلى معركة جديدة، قبل أقل من عام من المواجهة العسكرية مايو/أيار الماضي.

وخلال عملية "حارس الأسوار"، وهو اسم أطلقته إسرائيل على معركة عسكرية مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بين 10 و21 مايو/أيار 2021، استشهد وجرح مئات الفلسطينيين، فيما ردت الفصائل بإطلاق آلاف الصواريخ تجاه المدن الإسرائيلية.

رئيس حركة "حماس" في الخارج  "خالد مشعل "، كان صريحا حينما كشف عن اتصال وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" برئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، "إسماعيل هنية"، وإخباره بأنّ الاحتلال لا يريد التصعيد، وأن "هنية" رد بأن غزة لا تريد التصعيد.

لكن "حماس" وضعت لأطراف الوساطة القطرية والمصرية الساعية للتهدئة، خطوطا حمراء، أبرزها أن ذبح القرابين في الأقصى ممنوع، وكذلك اقتحام مخيم جنين.

ومطلع الشهر الجاري، تعهدت 6 فصائل فلسطينية في بيان بتوسيع رقعة المقاومة بجميع أشكالها ضد إسرائيل، محذرةً من أن "أي فعل إجرامي من الاحتلال، سيقابله شعبنا ومقاومته بمقاومة أقوى وأشد".

ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية "صالح النعامي"، أن إسرائيل لا تبدو متحمّسة لشن حملة عسكرية واسعة على الضفة الغربية، رغم دعوات الكثير من النخب اليمينية لتنفيذ مثل هذه الحملة.

وتخشى إسرائيل، إمطار مدنها ومطاراتها بوابل من صواريخ المقاومة، واستهداف المرافق الحيوية  والتشويش على نمط حياة الجمهور الإسرائيلي بشكل كبير؛ مع كل ما يترتب عليه الأمر من تداعيات اقتصادية واستراتيجية.

وساطة مصرية

إلى جانب قطر، تجري وساطة مصرية مكثفة يقودها نجل الرئيس المصري "محمود السيسي"، لنزع فتيل التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويقود نجل "السيسي" وهو مسؤول ملف الاتصالات مع إسرائيل في الحكومة المصرية، فريقا من المخابرات المصرية لتنسيق تحقيق تهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والضغط على  "حماس" لضبط الأوضاع في قطاع غزة، وعدم الانجرار إلى التصعيد، والحفاظ على جهود إعادة إعمار القطاع.

وتفيد قناة "i24" الإسرائيلية بتوصل مصر إلى اتفاق بين الجانبين بشأن الفلسطينيين المعتقلين خلال المواجهات الأخيرة في الحرم القدسي، ويتجاوز عددهم 400 شخص.

بالتأكيد ليس من مصلحة مصر، أو الدول العربية المطبعة حديثا مع إسرائيل (الإمارات والبحرين والمغرب والسودان) اندلاع انتفاضة ثالثة، ستنسف بلا شك مكتسبات التطبيع خلال العام الماضي، ونتائج قمة النقب، الشهر الماضي، إذا استمرت إسرائيل في قمعها للفلسطينيين.

ويرجح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العربية الأمريكية "أيمن يوسف"، أن تشهد المعركة كرا وفرا، بل ربما يمكن أن تتطور ببعض المواقع لكنها ستظل بالمنظور القريب أشبه بالهبة الميدانية، مؤكدا أن حكومة بينيت "الائتلافية الضعيفة" لا تريد الدفع نحو انتفاضة شاملة تخلط الأوراق، بحسب "الجزيرة".

ومع انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها على أسعار النفط والغذاء، لا يبدو أن المنطقة مستعدة لانفجار خلال شهر رمضان في عموم فلسطين من غزة إلى الضفة والقدس المحتلتين، وقد يصل إلى قلب الداخل المحتل.

إجرام إسرائيلي متواصل، ورمضان ملتهب في الأقصى، ووساطات قطرية ومصرية للتهدئة، وإشارات حمراء بإمكانية انفجار الأوضاع، وصولا إلى انتفاضة ثالثة، ستحمل نتائج لا تحمد عقباها للمحتل وداعميه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المسجد الأقصى عيد الفصح إسرائيل مصر انتفاضة ثالثة حماس نفتالي بينيت ذبح القرابين

إسرائيل تغلق المسجد الإبراهيمي أمام المسلمين

إيران: التطبيع مع إسرائيل فاقم الاعتداءات على الفلسطينيين

التصعيد بالقدس يثير مخاوف إسرائيلية من تداعيات إقليمية خطيرة

مباحثات أردنية مع قطر والإمارات ومصر إثر تصاعد أحداث الأقصى

بوتين يؤكد لعباس رفض الممارسات الإسرائيلية في الأقصى

مفتي عمان يهاجم العرب المتخاذلين عن نصرة المسجد الأقصى

لليوم الثالث.. إخلاء الشرطة الإسرائيلية للأقصى واقتحام عشرات المستوطنين

رائد صلاح يزور المسجد الأقصى

مخاوف إسرائيلية من انتفاضة فلسطينية جديدة